حسن العيسى

أراجوزات شكوكو

وجدت الجماعات الأصولية في قضية شبكة التجسس الإيرانية جنازة ليشبعوا فيها لطماً، ولو أنهم يلطمون أنفسهم لكنا انتهينا منهم، لكنهم يلطمون الآن كرامة إخوانهم في المواطنة، ويشككون في ولائهم للدولة. حكم المحكمة الابتدائي بتهم شبكة التجسس لإيران شرع لهم الأبواب كي تطفح من مجاريها العفنة أرثوذكسيتهم المتطرفة تجاه الآخر، أحدهم لمز بمقال له قبل يومين يطالب الدولة بالتأسي بإسرائيل في معاملتها لمواطنيها العرب حين أقصتهم عن بعض الوظائف الأمنية والحساسة، وعلينا كما كتب ذلك الفذ معاملة بعض الكويتيين مثل معاملة إسرائيل لعربها! طبعاً المقصود بعرب إسرائيل عند ذلك الكاهن «المتسامح» هم شيعة الكويت، فهم في عرف هذا الكاتب ومشايخ فكره مفترض فيهم ومحكوم عليهم مسبقاً بالولاء لإيران حتى يثبت العكس، شيعتنا هنا أو ربما في أي جزء من بلدان الثقافات الأصولية الحاكمة في مجتمعاتنا لا هوية قومية لهم غير هوية الانتماء إلى الثورة الإيرانية، فهم «فرس» يحلمون بعودة الأمجاد الساسانية، ولو كانوا من أعرق القبائل العربية، فالكويتي والخليجي الحقيقي عند هؤلاء الإقصائيين لابد أن يكون مسلماً عربياً سنياً، وإلا فلا مكان لهم تحت قباب المواطنة.
نواب السلفية الجديدة بدورهم يطالبون بمعاملة أشد مع إيران غير مكتفين بما اتخذته الخارجية الكويتية بعد حكم المحكمة، ويكادون يطالبون بإعلان الحرب على إيران متخيلين أن الكويت حقيقة دولة عظمى يمكن لها أن تثير عرب الأهواز- وليس كل العرب الأهواز بل سنتهم فقط عند أئمة السلفية- ضد دولتهم، وأن بإمكان الأساطيل الكويتية أن تحرر سنة إيران من حكم الملالي، وتخلص جزر الإمارات العربية من الاحتلال الإيراني…! ومن جوف تصريحاتهم وعرضاتهم بسيوف الحرب نلمس لمس اليد الروح الفاشية ليس ضد إيران، كما يروجون، بل ضد المواطنين الشيعة في الكويت، فالكلام عن إيران شكلاً والمقصود شيعة الكويت مفهوماً ومضموناً… ففي ثقافة نواب البؤس هؤلاء لابد أن يبقى شيعة الكويت تحت المراقبة الأمنية الدائمة، ومن قرصته حية البحرين فعليه أن يخشى حبل الكويت (الحبل الجعفري).
ليحذر مشايخ الكراهية وأتباعهم ومريدوهم فيما يقولون ويصرحون به، فما يفعلونه الآن هو الدخيل البشع على «عاداتنا وتقاليدنا»، وهذه اسطوانتهم التي يرقصون مشاعر الناس عليها. فالكويت وغيرها من دول الخليج بحكم موقعها الجغرافي موانئ بحرية تجارية، وكانت ملتقى لثقافات شتى من دول مجاورة تنصهر فيها أعراق مختلفة، مما خلق طابعاً «ليبرالياً» متواضعاً في ثقافتنا الشعبية… وما يطالب به عتاة السلفية المنغلقة اليوم هو دعوة صريحة إلى تفتيت الوطن لتنهض مكانه خيم الطائفيات والقبليات المتناحرة… وكي تعود علينا حروب داحس والغبراء، فلنغلق ستائر مسارح الزير سالم والمهلهل وجساس فأبطالها اليوم في حقيقتهم هم أراجوزات ودمى شكوكو.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

العوضي أسطورة البيئة الإقليمية

اشتكى وانتقد الكثيرون بقاء زعامات سياسية كثيرة في مناصبها لفترات طويلة بعد الوصول اليها بالانتخاب أو الانقلاب(!) ولكن لو نظرنا حولنا لوجدنا أن عادة التمسك بالكرسي متأصلة لدى الكثير من الاداريين ورؤساء جمعيات وغيرهم، فشؤون بيئة الكويت مثلا تسلم أمرها عام 1980 د. عبدالرحمن العوضي عندما كان وزيرا للصحة، ليصبح رئيسا للمجلس الأعلى للبيئة، وهو في قمة «عطائه»، وبعدها بسنة، وحتى استقالته من الصحة وتسلمه حقائب وزارية أخرى وخروجه من الوزارة، اصبح، بحكم علاقاته ومناصبه، في عام 1981 سكرتيرا تنفيذيا للمنظمة الاقليمية للبيئة، ولا يزال، وبعد بلوغه تقريبا الخامسة والسبعين من العمر، على رأس المنظمة لثلاثين سنة متواصلة، فهل نلوم بعدها بن علي وأبو علاء؟.
ولكن، بالرغم من طوال فترة حكم وتحكم د. العوضي بالبيئة، محليا واقليميا، فانني شخصيا لم اسمع بأي دور له في كل المشاكل والكوارث البيئية التي واجهت الكويت والمنطقة في الثلاثين سنة الماضية، سواء ما تعلق باحتراق آبار النفط أثناء فترة الغزو العراقي وبعد التحرير، أو ما تشكل من بحيرات نفطية، اضافة لكارثة مشرف، مرورا بمشاكل مدافن القمامة في الكويت، هذا غير مشاكل دول المنطقة الأخرى التي تقع ضمن نطاق مسؤوليته، أو في حادثة تسرب الغاز في منطقة الظهر السكنية نتيجة بناء بيوتها على قواعد مدافن نفايات قديمة، أو حتى حادثة تسرب الغاز الأخيرة في منازل مدينة الأحمدي. وأعتقد بالتالي انه آن الأوان لأن يطالب الدكتور، وبكل قوة واخلاص، الأمم المتحدة باعفائه من منصبه، فقد أعطى الرجل ما عنده منذ فترة طويلة واستحق أن يتقاعد، فهل يفعلها ويقص الحق من نفسه ويستقيل؟

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

النوايا صادقة… فليكن العزم صادقاً!

 

لا شك في أن الزملاء الأفاضل من الكتاب الصحافيين والإعلاميين الذين كتبوا المقالات أو تحدثوا في المنابر الإعلامية أو المجالس محذرين من مخاطر تشطير المجتمع في مرحلة من أكثر مراحل بلادنا حساسية…لا شك في أنهم صادقون فيما يقولون، وخصوصاً أن ارتفاع أصوات الانتقام الناشزة وتلك التي تدعو الى التخوين واشعال البغضاء بين أبناء المجتمع، تستوجب من جميع المخلصين أن يقفوا وقفة أمانة للوطن وللمواطنين، فهذه الوقفة، التي تعكس نفسية الخير والصلاح والإصلاح وحماية النسيج الاجتماعي، هي التي تعكس صدق الولاء للقيادة وللوطن ولأبناء الوطن.

هناك نوايا صادقة، وهذا هو المحور الذي أود أن أتناوله اليوم للتحذير من سلاح الطائفية الذي لا يمكن أن يكون مدمراً لوطن دون آخر، أو طائفة دون أخرى، فمتى ما أشهر هذا السلاح واستخدمت طلقاته المميتة، فإن التدمير يكون شاملاً لعيناً بغيضاً، ولهذا، فإنني من الناس الذين حرصوا على التواجد في مختلف المحافل واللقاءات التي تجمع مختلف فئات المجتمع وشرائحه… تواجدت في الدوار، وحضرت لقاءات تجمع الوحدة الوطنية بل وتوليت مسئولية تغطية بعضها وتواصلت مع أعضائه، وحضرت اللقاءات الأهلية، وشاركت في بعض الاجتماعات التي هدفت الى رأب الصدع بين أبناء المجتمع، وبالفعل، وجدت أن هناك خلافات في الأفكار والتوجهات والمطالب سياسياً، لكن على المستوى الوطني الاجتماعي، فإن الوطنية والإنسانية والأصالة البحرينية هي التي تشرك الجميع في اتجاه واحد… يختلف تماماً عن التشعبات والاختلافات في المواقف السياسية والمطالب والشعارات والفعاليات.

لكن مع شديد الأسف، وليسمح لي الاخوة، دون ذكر أسماء، ممن استضافوا اللقاءات الأولى لانطلاق هذا الجهد الكريم الهادف الى التصدي لأخطر ما يهدد السلم والاستقرار في مجالسهم، والأهالي يثقون في صدق نواياهم، لم يثبتوا أن العزم قوي في هذا الاتجاه وليس هناك ما يمنع وخصوصاً أن الأهداف أهلية إنسانية وطنية صادقة ولا علاقة لها بالسياسة… وليسمح لي القارئ الكريم أن ألفت نظره إلى نقطة مهمة… وهي أن تلك المجالس استضافت شخصيات من الطائفتين الكريمتين، وعلى رغم أن هناك خلافات في المواقف السياسية بينهم تجاه قضايا وملفات مختلفة، لكنهم تجاوزوا ذلك ونحوه جانباً وركزوا على (سلامة البيت البحريني)، لأنهم يعلمون جيداً أن الحراك السياسي قد يثمر يوماً ما على توافق بين الدولة ومختلف المكونات من موالاة ومعارضة ومنظمات مجتمع مدني ولابد من تجاوز كل الخلافات والأزمات، ويعلمون، في الوقت ذاته، أن الشق والخلاف والتناحر بين أبناء الوطن، إن زادت هوته، وتحول الى سلوك وممارسة وقناعات ومواقف متشددة، فإن البلوى لا تماثلها بلوى، ولن تنفع الحلول كيفما كانت في جمع الأهل تحت سقف واحد والقلوب ملأى بما فيها مما لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى، والتي لا نتمنى مكانها الا الخير والمحبة.

ما لا يمكن أن نتغافل عنه أبداً، وفي شدة الشدة التي تمر بها بلادنا والتي نسأل الله جل وعلا أن تزول قريباً ليحل محلها النور والضياء والمواطنة والتلاقي بين القيادة والشعب بكل مكوناته… ما لا يمكن أن نتغافل عنه هو أن القلوب البحرينية الصادقة في حمل مسئوليتها الشرعية والوطنية في الدفاع عن النسيج الاجتماعي، لم تلقِ هذه المسئولية أو تتجاهلها، بل هي التي حملتها أمس وتحملها اليوم وستحملها غداً…لأنها تدرك بأن تفتيت المجتمع البحريني هو الطامة الكبرى