يا من لا ترد أي نداء صادر من القلب والعقل، إليك نرنو بعد أن أصبح الخطر ماثلا وقريبا، وبعد أن بدأت نار الطائفية تحرق زرعا خيرا طالما رعيتموه وحفظتموه على مدى قرون من عاديات الزمان والإنسان، وفي محيط لا يرحم، يتربص بنا جميعا.
لا أنتمي يا سيدي لأي فريق أو جهة أو طائفة غير فريق الوطن، ولا أكتب إلا دفاعا عنه، فهو الملاذ الآمن للجميع، ولا أمثل إلا نفسي وقناعاتي، ولكني على ثقة بأن مشاعر الكثيرين، ممن ليس في وسعهم قول الكثير علنا، يقفون معي، ويحز في نفوسهم ونفس كل مخلص لوطنه أن يروا المستوى الخطر الذي وصل له الشحن الطائفي والعنصري، وكيف أصبح التخوين والتربص بالآخر ديدن الكثيرين، وهذه المرة من الشباب، الذي أصبح كل طرف يخون غيره ويطعن في ولائه ويشكك في محبته لتراب هذا الوطن، وكيف أصبح المقياس مذهب هذه الجماعة أو سابق أصولهم، وليس بمقدار ما يقدمونه للوطن، وما يحققونه من إنجازات ونجاحات. وقد أصبحنا نرى جميعا، وبأسى، كيف أمست التصريحات الطائفية والعنصرية هي لغة المخاطبة السائدة، لكن الحقد الأعمى لن يكتفي بذلك ويقف عند حد معين، بل ستمتد المقاطعة الى غيرهم، وهكذا. وبعدها ستدور الدوائر على هؤلاء في اليوم التالي وستحرق نيران الكراهية والحقد الجميع، وأحد لن يخرج منها سالما.
في هذه الأجواء الموبوءة، الملوثة بأنفاس غير طيبة، سيكون الوطن العزيز، هو الخاسر الأكبر، وسيصاب بمقتل، ولن يبقى لنا بعدها سوى الحسرة والندم على ما اقترفه السفهاء منا.
الأمر بيدك أيها الحكيم، على الرغم من اننا كلنا معنيون بالعمل على وقف هذا السيل الخطر من الاصطفافات الطائفية والعنصرية العمياء، التي ستأخذنا جميعا إلى مهاوي الردى، ونغدو كعصف مأكول، تذروه الرياح، ولا معين.
أحمد الصراف