سامي النصف

نواب الأمس ونواب الغد

ما يولّد الأزمات في الكويت هو ثقافات سياسية خاطئة قبلناها وتوارثناها حتى أضحت أعرافا سياسية «خاطئة» تختص بها الديموقراطية الكويتية المتعثرة، ولن تحل الأزمات المتلاحقة التي تعطل حال البلد ما لم تحل تلك المفاهيم شديدة الخطأ، وأولى تلك الثقافات او الأعراف القبول بمبدأ الاستجواب على «الهوية» لا «القضية» الذي لا يقوم على مصلحة عامة بل على انتقام شخصي خاص، وقد قبل معه ان يعطل نائب واحد يمثل 2% من عدد الأعضاء عبر اعلانه عن استجواب كرنفالي، أعمال الدولة، وان يعلن النواب دون خوف او وجل من المحاسبة مواقفهم من الاستجوابات حتى قبل ان تقدم.

بعد تفشي عمليات الاستجواب على الهوية، تدافع النواب للدفاع عمن ينتمي لهم فئويا او طائفيا او قبليا لشعورهم بمظلمته، حتى اصبح استجواب الوزير القبلي او الشيعي او الحضري او السني من الصعوبة او الاستحالة بمكان، وبات استجواب الوزراء الشيوخ هو الاستجواب الوحيد المسموح به، واصبحت حيدتهم ووقوفهم على مسافة واحدة من الجميع وبالا عليهم بدلا من ان تكون اضافة لهم.

وللحقيقة وللتاريخ فإن اول من شجّع نهج استجواب الوزراء الشيوخ هم الشيوخ أنفسهم الذين دعموا وحرضوا على مثل تلك الاستجوابات بسبب خلافاتهم وتخندقاتهم، وهو أمر ساعد على كسر هيبتهم والتطاول عليهم وجعل أمراء المستقبل لا يخلون من التجريح عند ممارستهم لعملهم الوزاري الذي يفترض ـ كما نص على ذلك الدستور المتباكى عليه ـ ان يكون وسيلة اعداد ـ لا خدش ـ لهم لتولي مسند الإمارة مستقبلا.

وقد استغلت مقولة حاجة الحكومة لأكثرية نيابية في المجلس أسوأ استغلال، حيث فتحت الباب على مصراعيه للافساد التشريعي الذي باتت رائحته تزكم الأنوف من قبل نواب تحولت جيوبهم الى محلات صرافة من كثر ما يرمى بها من اموال محلية وعملات أجنبية، وكان واجب الحكومة ان تبدأ مسارها الاصلاحي بمحاربة ذلك النهج الذي انتهى بانقلاب نواب «القبض» عليها، واستبداله بالنهج القائم في جميع الديموقراطيات الأخرى من اختيار وزراء أكفاء يستطيعون مقارعة الحجة بالحجة واللجوء لوسائل الإعلام لشرح مشاريع الدولة التي هي مشاريع الشعب لا مشاريعهم الخاصة، حتى اذا منع النواب مشروعا ما قام الناخبون بمحاسبة هؤلاء النواب في الدواوين وعبر صناديق الاقتراع.

آخر محطة

(1): الاختيار الصحيح للمسؤولين سواء على مستوى الوزراء او غيرهم يعني قلة الأخطاء ووفرة الانجاز مما يسهل عملية الدفاع عن اعمال الحكومة، والعكس بالطبع صحيح.

(2): مقال الغد «حكومة الأمس وحكومة الغد»!

احمد الصراف

العوضي وبشارة.. تحية ورجاء

عقد في أسطنبول قبل أيام مؤتمر عالمي لجراحة المخ والأعصاب، ومثل الكويت د. يوسف العوضي، بصفته رئيس قسم جراحة المخ، وبكونه الرئيس الجديد لجمعيات جراحة المخ والأعصاب العربية. وقد اشاد رئيس الوزراء التركي بجهود الكويت ودورها الرائد في عالم جراحة المخ، وبجهود د. العوضي بالذات في هذا المجال، وكان ذلك بحضور كبار اساتذة هذا العلم الطبي المعقد في أميركا وأوروبا. وقد ذكرني ذلك التكريم بمقوله أحد السياسيين المصريين، وربما كان محمد فريد، الذي قال فيه انه لو لم يكن مصريا لتمنى أن يكون كذلك، ود. يوسف العوضي لو لم يكن طبيبا جراحا لتمنى أن يكون طبيبا جراحا! فعندما تختلط بهذا الرجل وتتداخل أفكارك مع أفكاره وتتبادل معه حميم الحديث، يتبين لك مقدار ما يسكنه من حب لمهنته يبلغ درجة الهوس، وبكل الإنسانية التي تكتنف جوارحه وتتملكه بحيث لا يستطيع التفكير في امر خلاف ما يشعر به من واجب اتجاه عمله، وان هذا الواجب هو فوق مستوى المصالح الشخصية والأمور المادية. فتحية من القلب لهذا الرجل الكريم بخلقه والكبير بعلمه.
وطالما نحن بصدد مخاطبة العلماء فإننا نتمنى على الزميل السابق والصديق أحمد بشارة، المسؤول عن ملف مشروع إنتاج الطاقة النووية في الكويت، أن يقص الحق من نفسه، ويبادر بإغلاق هذا الملف الشائك والمرعب، وخاصة بعد الكوارث الزلزالية والتسونامية التي أصابت اليابان مؤخرا، والتي نتج عنها، ضمن نتائج كارثية أخرى، تسرب الاشعاعات النووية من مفاعلاتها، والذي يعني انتهاء علاقة اليابان بمصدر الطاقة هذا إلى الأبد، إضافة لما أقدمت عدة دول أوروبية غربية من وقف لكل برامج التوسع النووي في مجال الطاقة النووية بالرغم من تقدمها التقني الكبير، مقارنة بعجزنا التام عن إصلاح مكنسة كهربائية، إن خربت، فكيف بإصلاح تسرب نووي من محطة إنتاج كهرباء لا تبعد أكثر من 50 كيلومترا من أية منطقة سكنية في الكويت.

أحمد الصراف