سعيد محمد سعيد

نعم بالروح وبالدم… نفديكِ يا بحرين!

 

ما كذبتْ هذه النداءات وما كذبتْ هذه الصرخات أبداً… بالروح وبالدم نفديكِ يا بحرين… إخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه… لتندرج تحتها كل المشاعر والمواقف والمبادئ البحرينية الخالصة في سبيل الحركة السلمية المشروعة التي يؤمن بها أهل البحرين بأنها جزء لا يتجزأ من الحقوق، وهي أيضاً بوجه آخر، ركن لا ينفصل من الواجبات.

كم هي عصيبة هذه المرحلة التي ألمت بالبحرين الغالية… عروس الخليج… درة الخليج… منارة الخليج… قلب الخليج، وكم تزداد شدةً وألماً ووجعاً، لكنها، ومع ما يعتريها من دماء زكية ودموع جرية ورياح عاصفة، تبقى هي البلد الكريم بشعبه الوفي الذي زادته المحنة تماسكاً وتعاضداً وحباً.

لست هنا أتحدث عن أولئك الذين ما فتئوا يبذلون قصارى جهدهم في إعلام مهزوز ممجوج وخطابات آثمة طائفية بغيضة ومواقع ومنتديات وجماعات لا تتورع عن إثارة الرعب والدمار بكل ما في أيديهم من موت ووحشية ودموية، لكنني أتحدث عن أهل البحرين، بسنتهم وشيعتهم، الشرفاء الكرماء الذين ضربوا أروع الأمثلة قول كلمة الحق، والوقوف إلى مصلحة الوطن العليا، ولأن الحركة المطلبية السلمية الصادقة، بشبابها ورجالها ونسائها بل وحتى أطفالها، لم تكن ترفع علم البحرين على الرؤوس وحسب، بل تقدم الدماء لتذهل العالم بأنها دماء بحرينية خالصة، لا للشرق ولا للغرب… لا للشمال ولا للجنوب… إنها للبحرين، وتقدم العطاء والخير، حتى أن هذا العطاء والخير لم يعجب من لا يريد للبحرين الخير ويرى شعبها الكريم الوفي صادق في تلاحمه وتماسكه، فمازالت قلوبهم البشعة تريد بالبيت البحريني الجميل شراً، لكن ذلك البيت، وكلما توالت عليه المحن والنوازل، يعبق بشذا الدين والوطن والعروبة والإخلاص.

«دمي فداء وطني»… «سلمية سلمية»… ليستا أكذوبة كما ينعق الناعقون بها للتشكيك في ولاء وانتماء وعروبة بل ودين من ينظر إلى مستقبل مشرق للبلد، لكل البلد ولكل المواطنين…

ما هي المشكلة حين يطالب مواطن بحقه في الحياة الكريمة؟

ما هو الجرم يلزم إراقة دماء من ينتمي إلى البحرين لكنه يطالب بحق من حقوقه المشروعة؟

يا أهل البحرين، هي محنة كبيرة، وكما كنت دائماً وماأزال، مؤمن حتى النخاع بأن البيت البحريني الأصيل لا يتزلزل ولا تهزه النوازل ولا يوفق الله من يريد أن يملأ الآفاق بأكذوبة الفتنة والانشطار الطائفي… والله الذي لا إله إلا هو، فإنه، وعلى سبيل المثال، تترقرق العيون بالدموع وهي تقرأ الرسائل النصية التي يتبادلها أهل البلد من المحرق وسترة والرفاع وكرزكان وسائر بقاع البلد الكريم، يطمئنون على بعضهم البعض ويشدون أزرهم ويرصون الصفوف لأن يبقى البيت البحريني قوياً أبياً بجذوره الضاربة في عمق التاريخ.

في لحظة من اللحظات، جالت بذهني فكرة استعانة الدولة بالشخصيات البحرينية الشهيرة المسكونة بحب الوطن وأهله لصياغة القادم من الأيام، بدلاً من الاستعانة بمستشارين وخبراء ومخططين لم يكونوا صادقين أبداً في قراءة حاضر ومستقبل الوطن العزيز… لدينا عقول بحرينية فذة: الدكتور محمد جابر الأنصاري، الدكتور علي محمد فخرو، الدكتور منصور الجمري، الدكتور إبراهيم جمال الهاشمي، الدكتور فيصل عبداللطيف الناصر، الدكتورة منيرة فخرو، الدكتورة مريم الملا هرمس، الدكتور أحمد اليوشع، الدكتور عبدالله الصادق، الدكتور حسين المهدي… وقائمة من أساتذة الجمعيات والمشايخ والخبراء نتشرف بها من أبناء البحرين لديهم من الأفكار والتصورات ما ينقلنا إلى بر الأمان…

صدقوني أيها الأحبة، سينقلوننا إلى بر الأمان…

نعم، بالروح وبالدم نفديكِ يا بحرين

سامي النصف

ما الذي يجري في الشرق الأوسط؟!

ما الذي يجري في منطقة الشرق الأوسط؟!

٭ بكل بساطة إعادة ترسيم خرائط وتشطير وتفتيت في المنطقة تحت شعارات براقة ودماء هراقة.

هل انتهى كل شيء فيما نرى ونسمع ووصلت الامور الى خواتيمها؟

٭ بالقطع لا، فنحن مازلنا في بداية الطريق لا نهايته، وما سفك من دماء هو قطرة من بحر الدم القادم.

من الرابحون ومن الخاسرون فيما يجري؟

٭ الرابحون هم الدول غير العربية في المنطقة مما سيصبح حال البعض منها كحال الباب العالي في الماضي لا يُتخذ قرار دون المرور بعاصمته، والخاسرون هم الدول العربية الثوري منها والمحافظ.. لا فرق!

ما الموقف الانسب في التعامل الكويتي مع الحالة البحرينية؟

٭ الموقف الصائب هو تحولنا من «طرف» في الحدث البحريني الى «وسيط» فاعل لإطفاء النيران هناك، الموقف الخاطئ هو محاولة بعض النواب والكتاب التخندق والتأجيج ونقل الحالة الخطرة من هناك الى هنا، والوقوف مع المعارضة ضد الحكومة أو مع الحكومة ضد المعارضة في البحرين العزيزة على قلوبنا جميعا.

ما الذي يحدث في ليبيا؟

٭ بكل بساطة.. يستكمل القذافي مسار شقيقيه صدام والبشير القائم على قمع شعوبهما وإشعال الحرب الأهلية في بلديهما كي ينتهي الامر بحالات تقسيم وتشطير وتفتيت وصوملة باتت واضحة للعيان في ليبيا التي انقسمت الى رايتين وعلمين وبلدين عاصمتاهما طرابلس وبنغازي.. والقادم أعظم.

ما الخطأ فيما يجري في مصر الحبيبة؟

٭ أمور عدة منها الانشغال بتوافه المواقف السياسية المفرقة على حساب حقائق الاقتصاد المدمرة، إطلاق سراح المجرمين والمتطرفين مقابل سجن المستثمرين والمطورين وقبول تقديم البلاغات بالآلاف ضد من جل جريمتهم تحويلهم الأراضي الصفراء القاحلة الى مدن وجنات خضراء توفر فرص العمل للملايين والسكن المريح لمئات آلاف المصريين، استغلال الحريات الاعلامية للتدمير وإحياء محاكم التفتيش وقمع كل رأي عاقل معارض، تصدر عملاء القذافي وأيتام صدام لشاشات التلفزة الحكومية والخاصة ومتى كان هؤلاء يحبون مصر أو يعملون لصالح مستقبل أبنائها؟!

أخيرا هل هناك ملاذات آمنة في منطقة الشرق الاوسط؟

٭ المغرب في أقصى الغرب وبعض الدول الخليجية في أقصى الشرق وإسرائيل في الوسط هي بعض الملاذات الآمنة في المنطقة وقد تسبب النزوح من مناطق الاضطرابات السياسية في الاختناقات المرورية الحالية في الكويت وامتلاء فنادق دبي هذه الايام!

آخر محطة:

مع المتغيرات.. ستطل عليكم مقالاتي كالعادة في أيام السبت والاحد والاثنين والاربعاء.. والتحية للقراء الاعزاء واحدا بعد واحد.

احمد الصراف

زلزال الجهل وتسونامي التعصب

وضع جون روكفلر قدمه على كرسي ماسح الأحذية، فسأله هذا، وهو يقوم بعمله عن مستقبل سهم معين، فغمغم الملياردير ببضع كلمات وذهب لمكتبه ليبيع جزءا كبيرا من أسهمه ويخرج من السوق الذي انهار بعدها بأسابيع قليلة، بعد ان شعر بأن هناك شيئا ما ينذر بالقلق بعد دخول ماسح الأحذية للبورصة!
تذكرت تلك القصة، مع الفارق الكبير طبعا، قبل شهرين عندما حضرت ندوة في البحرين، اضطر منظموها، تسهيلا لتنقلنا، الى اسكاننا في فندق متواضع، وعند ذهابي الى الحمام اللوبي فوجئت بامرأة تمسح الأرضية. دفعتني تقاطيعها العربية الى سؤالها فتبين أنها مواطنة من فئة محددة، واستغربت أن يحدث ذلك في منطقة طالما تشدق رجالها، بنفاق واضح، بحرصهم على كرامة المرأة وتشريع مختلف القوانين المكلفة لكي تبقى في بيتها ولا تضطر الى الخروج منه للعمل، وهذه المرأة لا تزال تعمل، في ساعة متأخرة في فندق رخيص يمتلكه آسيوي، في مسح بول الرجال في مملكة عربية خليجية مسلمة ثرية بكل شيء! وقلت لنفسي وقتها ان هناك ما يثير القلق حقا، فالأمر كان يهون لو كان الفندق فخما وبقشيش زبائنه كبيرا، أو أن العمل حكومي ومضمون.
نقول ذلك لنصل إلى جملة حقائق وهي أن هناك فسادا ماليا وتفرقة وظلما في المعاملة وفقرا وبؤسا، وأهم من ذلك فساد سياسي لا يمكن تقبله في تلك الأرض الطيبة. وكما لم يتقبل أحد فساد أنظمة تونس ومصر والمغرب وليبيا وغيرها، يجب ألا نتقبل فساد البحرين، فما دفع الأوضاع فيها الى تلك الحافة الخطيرة هو تمادي جهات محددة في الحكومة في إهمال مطالب الشعب الأساسية، الأمر الذي اعطى قوى المعارضة دفعة قوية للمطالبة بإصلاحات سياسية وتعديلات دستورية تعيد للشعب حقوقه، وهي المطالب التي تعود الى الثلاثينات، وقبل أن تضرب المذهبية بدائها ما تبقى من عقولنا، وكان مرعبا ملاحظة الكيفية التي تعاملت السلطة بها، منذ البداية، مع مطالب المعارضة المسالمة، والتي كان من الممكن احتواؤها بسهولة، ولكن الرصاص الذي انطلق من طائرات «الأباتشي» الحربية، الذي مزق الصدور وفجر الرؤوس وقطع الأجساد البحرينية العربية المسلمة البريئة، حوّل المشهد إلى كارثة ستحرق نتائجها المنطقة بلا شك، وأتمنى أن اكون على خطأ. فنحن أمام سابقة تاريخية، فلأول مرة يقوم عسكريو جيش دولتين للتصدي لبضعة آلاف من المتظاهرين المسالمين، بحجة أنهم اغلقوا طريقا هنا واحتلوا دوارا هناك!
لا تعليق أكثر، فقد انفلت المنطق وغاب العقل وأصبح مصير المنطقة مظلما، بعد أن ضربها زلزال الطائفية وتسونامي الجهل إلى الأبد، وبذا أعطينا النظام الإيراني الذريعة التي يريدها للتدخل في شؤوننا، وكل ذلك لكي تبقى بضعة رؤوس لا تستحق الاحترام في «وظائفها»!!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

هذه هي الشروط

بما أن الأوضاع مقرفة، فسأدخل إلى الموضوع مباشرة برجلي اليسرى، وخير البر عاجله، إذ لا يسمح المزاج اليوم بأن أداعب مفرداتي وأجلسها على حجري وأتغزل بثغرها وسواد شعرها. وبالمناسبة، سحقاً للشقراوات ذوات العيون الخضر أو الزرق. ولا أدري هل يوافقني الآخرون في ذائقتي أم يعارضونني، إنما لكلّ ذوقه واختياره، وأنا والله لا أشعر بأنوثة الشقراوات، عذراً يعني، ولا تروقني عيونهن القططية الملونة، فأنا عربي، أو «عربيّ أنا» كما يقول الفنان الأرمني يوري مرقدي… والعربي لا تجذبه رشاقة المرأة المبالغ فيها، ولا يفتنه شقار الشعر ولا ازرقاق العينين أو اخضرارهما، ولولا أن «الجريدة» تدخل البيوت لكتبت ما ينقض الوضوء عن مواصفات المرأة الجميلة كما أراها.    
على أن القرار لو كان في يدي، لفرضت حظر التجوال على ذوات الكتل الشحمية والكثبان الرملية… وأتذكر ما قرأته عن أحد أمراء المقاطعات الأوروبية، قبل قرون، عندما أصدر أمراً حاسماً بعد انتشار السمنة بين نساء المقاطعة، ما دفع الشبان إلى الزواج من خارج المقاطعة، فتزايدت العنوسة، وكثرت جرائم الانتقام بدافع الغيرة ووو: «في مثل هذا اليوم بعد سنة، سأصدر أمراً بأن تصطف الشابات أمامي، وأكثرهن سمنة ستكون طعاماً لنموري الجائعة»، وكان يربي نموراً في قصره… ومرّت سنة، على رأي محمد عبده، وجاء اليوم الموعود، فإذا نساء المقاطعة عبارة عن هياكل عظمية بالكاد يقوين على المشي… عظام بلا لحم! فشعر بالقرف، واحتار دليله، فأصدر أمراً آخر: «بعد سنة من اليوم، ستحظى الأجمل جسماً برعاية القصر»، فلم تتحمس النسوة لمغريات قصره، وعُدن كما كنّ في السابق.
ما علينا، سأدخل إلى الموضوع لأقول إن اللغط ازداد بين المسجلين الجدد في جمعية حقوق الإنسان، الراغبين في خلع رئيسها وإعادة غسل الجمعية بالديتول الإنساني – بمساعدة بعض أعضاء الجمعية الحاليين – بعد أن تلوثت الجمعية بالأشعة السياسية من جراء رئاسة السيد علي البغلي لها.
وللقضاء على علامات الاستفهام، اتصلت بالزميلة في هذا الجرنال د. ابتهال الخطيب، العضوة في مجلس إدارة الجمعية، واستفسرت منها، فجاءني ردها كالتالي: فعلاً، هناك ملفات لمسجلين جدد في الجمعية، جميع أصحابها مستوفون الشروط، وسيتم قبول الجميع في الاجتماع المقبل الذي سيُعقد في غضون أيام.
طيب يا دكتورة وماذا عن اشتراط إحضار كتاب «حسن السيرة والسلوك»؟ الإجابة: لا تشترط الجمعية ذلك إلا على العسكريين، وهذا بطلب من وزارتهم هم لا برغبة من الجمعية… جميل، وما هي شروط التصويت في الانتخابات المقبلة؟ الإجابة: شرط وحيد وهو أن تمضي على عضوية العضو ستة أشهر على الأقل، فقط لا غير، كما هو الحال في كل جمعيات النفع العام الأخرى، وكما هي نصوص اللائحة الصادرة من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
هذا ما أوضحته الدكتورة ابتهال الخطيب، وعسى أن تكون إجاباتها ماء غزيراً يطفئ حرائق الشكوك في أذهان الشبان… شكراً للزميلة، وشكراً للمسجلين الجدد.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

حسن العيسى

تكلموا خيراً أو اصمتوا

ستنعكس علينا أحداث البحرين (هذه الدولة تحديداً) في الكويت، ومن يتصور أن لديه حكمة لقمان كي نتجنب هوس وتطرف مخابيل الطائفية فهو واهم، فالاستقطابات الطائفية كما يجلس على عروشها أمراء التطرف والنعرات الدينية أخذت تطفو فوق السطح الاجتماعي الكويتي، وليس متطرفو الطائفية وجوهاً جديدة على المسرح السياسي الكويتي، فهم قدماء قدم سياسة التحالف والاسترضاء السلطويين معهم. الجديد الآن هو خطاب الفزعات الأعمى لنظام الحكم في البحرين أو لطلبات القوى المتطرفة في المعارضة البحرينية، فهنا تظهر جلية نعرات التحزب لهذا الطرف أو ذاك، وصب دخول قوات درع الجزيرة من المملكة العربية السعودية للبحرين، بناء على طلب من حكومة البحرين، الزيت على النار، وأضحينا اليوم بين نارين، إما أن نساند «ونفزع» لقوات درع الجزيرة، وهي فزعة «للسنة» البحرينية ونظام الحكم في البحرين، أو نصمت وكأن شيئاً لا يعنينا، وفي هذه الحالة فنحن نقبل ضمناً منطق القوى المتطرفة في المعارضة البحرينية التي تريد دولة جمهورية ربما على غرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية في البحرين وإقصاء العائلة الحاكمة!
كلا الأمرين مرفوض، وقبل ذلك نرفض زج الكويت كما يشتهي طائفيوها في أتون فوضى الدولة في البحرين، فالنظام البحريني أخطأ بداية حين رفض الإنصات لصوت المعارضة السلمية الهادئة، وكانت طلباتها تنحصر في رفع الظلم الاجتماعي عن الأغلبية الشيعية في الدولة، وهذا لا يكون بغير تبديل بعض الأسماء الكبيرة في النظام الحاكم في البحرين، وكان أقصى طلبات تلك المعارضة يتمثل في الملكية الدستورية، وبصرف النظر عن واقعية مثل هذا الطلب الأخير فإنه بحد ذاته كان قابلاً للحوار والتفاوض بين الحكم والمعارضة، وتم رفضه وتناسيه من الحكم، مما شرع الأبواب للمعارضة لرفع سقف مطالباتها بإقصاء العائلة الحاكمة من الحكم، ورافق ذلك رفع صور رموز بعض القيادات الإيرانية في المظاهرات، وهنا تم تشويه الصورة العاقلة لطلبات المعارضة لتحل محلها صورة بغيضة لطلبات كانت عادلة، وفتح صندوق بندورا للشرور الطائفية لتلعب دورها المدمر في البحرين أولاً، وبالتأكيد سيتبعها في دول أخرى بالمنطقة في المرحلة الثانية، وعلينا الدور إذا لم يتم تدارك الوضع بعقل راجح.
الحلول الآن بيد الأنظمة الحاكمة في دولنا، التي يجب عليها أن تنحي من خطابها صيغة «المؤامرة الإيرانية» جانباً، ولو مارس النظام الديني في الجمهورية الإيرانية حقيقة دوراً تحريضياً مستغلاً واقع الظلم للطائفة الشيعية في البحرين، فواجب أنظمتنا اليوم المبادرة إلى إصلاح أوضاعها السياسية وفتح الأبواب لرياح التغيير والحريات التي تهب عاصفة في المنطقة العربية، فالحلول العسكرية لن تجلب غير أنهار من الدماء، وفي الكويت يتعين بداية رفع سقف المشاركة السياسية للشعب، كما يجب إدراك أن الدولة اليوم تسير عبر حقل من الألغام، والطريق الآمن لن يكون بغير الإنصات لصوت العقل، وفي الوقت ذاته يجب على القوى الأصولية المتزمتة، التي تردح الآن وهي تتلاعب بسيوف الحرب ضد الآخر، أن تتعقل قليلاً، فليس هذا وقت فتل عضلات الأكثرية والتحقير من شأن إخوانهم في المواطنة، فليتكلموا خيراً أو يصمتوا.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

جريمتي مذهبي

مواقفي الدينية لم تتغير منذ نصف قرن، دون مبالغة، ومن يعرفني يعلم ذلك جيدا، وسبق أن وضحت آرائي السياسية وغيرها من خلال مختلف الوسائل، وأكدت بإصرار وتكرار عدم تعصبي لأي مذهب أو عرق أو حتى طعام أو لباس، وأنني كويتي بكل خلجات نفسي، وثقافتي ولغتي عربية صرف، وهي التي أتقن أكثر من غيرها، ولكني أصبحت أشعر أكثر وأكثر وكأن علي قطع إحدى ذراعي علنا لكي أدلل على صحة أقوالي وصدق مشاعري نحو وطني، وولائي لنظامه السياسي، وليس لإيران وولاية فقيهها!
ما دفعني لهذا القول، ليس التافه من التعليقات المريضة على مقالاتي، بل ما أصبحت أقرأه وألاحظه من ازدياد وتيرة الاتهام بالطائفية والعنصرية من قبل الكثيرين في حقي، وحق غيري، وبالذات من الذين يفترض ترفعهم عن مثل هذه الصغائر. فإذا علمنا أن «المدرسة الجعفرية» لم تنل ما تستحقه من ذكر في المصادر، أو أن قلة سمعت بالشاعر «الملا عابدين الشاعر»، أو أن قلة أقل لم تعلم بأننا وآباءنا وأجدادنا، وحتى جمال عبدالناصر وبرامج «صوت العرب» لم يعرفوا اسما للخليج غير الفارسي، فما العمل؟ إما أن ننتظر قيام من ليس على رأسه ريشة بالكتابة عن هذه المواضيع إنصافا للتاريخ السياسي والثقافي، وهذا ربما لن يحصل أبدا، أو أن يبادر شخص مثلي بالتطرق إليها، وهنا سوف لن يسلم من سيل الاتهامات بالشعوبية والطائفية وغيرها.
ولا أدري لماذا تصبح الكتابة عن مثل هذه الاختلالات أمرا مقبولا إن كتب عنها من ينتمي إلى طائفة معينة من المواطنين، وتصبح غير مقبولة، وحتى مذمومة إن كتب عنها غيره؟ ألا يستحي هؤلاء من احتكار الوطنية لأنفسهم، ووصم غيرهم بالعنصرية والطائفية من دون دليل، وهم برفضهم لكتابات هؤلاء في مثل هذه المواضيع يصبحون عنصريين وطائفيين، بعلم أو بغير ذلك؟
إننا جميعا بحاجة ماسة إلى إعادة التأهيل في ما تعنيه المواطنة، وأن نتوقف عن الحكم على الآخر من خلال مقال أو موقف. فأين الجريمة في أن يقول أي كائن من كان أن الخليج كان يعرف بفارس، أو أن المدرسة الجعفرية لم تنل حقها من التدوين، أو أن هناك محاباة في التوظيف لفئة غير أخرى، إن كانت تلك هي الحقيقة؟ ولماذا يكون لفرد ما حق احتكار «الوطنية» والتحدث بما يشاء فقط لأنه جاء من هذا الجانب، ولا يحق لغيره لأنه جاء من الجانب الآخر؟ وكيف يمكن أن نقيس المواطنة بغير الدم والمال، وإن صح ذلك، فمن الذي ضحى خلال الغزو والاحتلال بماله ودمه، أكثر من غيره؟ ألا تكفي كل تلك التضحيات لتعطي صاحبها الحق في أن يكتب فيما يشاء دون أن يتهم بالولاء لدولة أخرى، في الوقت الذي يحمل فيه الآلاف من مدعي الوطنية أكثر من جنسية؟
لقد ساقتني الظروف خلال الاحتلال لترؤس لجنة الإعاشة في الرياض، وتسلمت من الحكومة 80 مليون دولار لصرفها على اللاجئين الكويتيين، وأعطيت حق التوقيع على حساب اللجنة منفردا مع المرحوم حمد النخيلان، وعند انتهاء مهمتي سلمت سفيرنا وقتها في الرياض كشفا يحتوي على أسماء 36 ألف «كويتي عربي فحل أصيل» من الذين تلاعبوا بمستنداتهم وسرقوا دولتهم وكذبوا في إفاداتهم، فطلب مني السفير الستر على الأمر. وحدث التلاعب نفسه في منحة الـ500 دينار التي وزعت على الذين بقوا في الكويت أثناء الاحتلال، وتكرر السلب والنهب من «الأقحاح»، الذين يحق لهم الحديث في كل أمر وموضوع دون حساسية، في كل مجال، سواء في الجواخير أو الأعلاف أو المتاجرة بمواد الإعاشة، وكانت آخر فضائح «عيال بطنها» وجود 7000 معاق كذاب وسارق للمال العام!
لا أدعي أنني مواطن صالح أكثر من غيري، ولكن بإمكاني الادعاء بأنني، على الأقل، كفيت وطني من شري، وهذا ما لم يفعله الكثير من الأقحاح من أصحاب الأصول والفصول.
فهل وصلت الرسالة؟ لا أعتقد، فنفوس هؤلاء مملوءة بالشكوك، والعقل في سبات!

أحمد الصراف

احمد الصراف

الأتات والعسل المر

أبلغ وزير الصحة اللبناني(«الأنباء» 2/18) برلمانه أنه قرر سحب استثمار معمل باسم «زين الأتات»، وأن هذا المصنع لم يمنح ترخيصا لتصنيع أدوية وأعشاب طبية، وأن التعليمات صدرت بسحب كل إعلاناته من الطرقات! وذكر رئيس اللجنة الصحية في البرلمان اللبناني أن القانون يمنع الإعلانات الخادعة، خاصة عن الأعشاب، وإن الأتات كان يضمّن أدويته وأعشابه سموما ومواد مسرطنة خطرة على الصحة. وقال ان بعض أصحاب النفوذ يعملون شركاء له ويتسترون عليه ويحمونه. ومعروف جدا أن منتجات هذا الرجل تلقى قبولا كبيرا لدى قطاع كبير من الكويتيين من مرتادي لبنان.
في الكويت تنتشر إعلانات بيع عسل على أنه جيد للقضاء على بلغم الأطفال وحساسيتهم، وأخرى تدعي أن عسلها «معجزة»، وثالثة تعتبر «شايها» صالحا للتخسيس، ورابعة تبيع معجونا لإزالة شحوم البطن وشد الرحم (!) وخامسة تعلن عن «تركيبات» للقولون والسكري وزيت للمتانة (الجنسية؟) وسادسة تبيع منتجا لتبييض البشرة وإزالة الحبوب، وسابعة تعلن عن تركيبات لإزالة تضخم البروستاتا والاحتقان والصديد والالتهابات، وثامنة عن عسل مفيد للمدخنين….إلخ. وقد قمت بتسليم وزيري التجارة والصحة، المعنيين أكثر من غيرهما بالموضوع، صورا عن هذه الإعلانات المخادعة، لعلهما يقومان باتخاذ إجراء ما.
غريب أن نجد لبنان، الذي يشكو من تسيب كبير، قادرا على إغلاق مصنع يقال انه مدعوم من سياسي كبير، ولم تستطع حكومتنا، أو حكوماتنا ومجالسنا النيابية المتتالية، وقف سيل الكذب الإعلاني والدجل والخداع التجاري والعسل المطعم بالكورتيزون، وجبال الأطعمة الفاسدة، وفي الوقت نفسه لا تعجز هذه الجهات عن إقرار قوانين لحى العسكرين، وغير ذلك من غريب التشريعات خلال ايام قليلة، على الرغم من عدم الحاجة اليها لا اليوم ولا بعد ألف سنة. لا ادري متى سنستيقظ من سبات أهل الكهف، ومتى ستهزنا أوضاع المنطقة وتعيد الينا رشدنا؟

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

وما زال الخلل مستمراً

الإعلان المفاجئ عن ثلاثة استجوابات جديدة، الذي بثته وسائل الاعلام بالأمس، والصادر عن التكتل الوطني والتكتل الشعبي والتكتل الشيعي، هذا الإعلان يدل على ان خللا كبيرا في منظومة العمل البرلماني لم نتوصل الى أسبابه بعد!!
النائب الزلزلة، الذي وقف مع مجموعته ضد الاستجوابات ودعا الى التهدئة للإنجاز واتهم المستجوبين دائما بالتأزيم، يعلن اليوم تأييد 27 نائبا لاستجوابه في هذه المرحلة المبكرة منه!
عرّاب التكتل الشعبي النائ‍ب أحمد السعدون فاجأ الجميع بإعلانه استجواب رئيس الحكومة على خلفية بيع «زين» السعودية ووجود تنفيع بالملايين في هذه الصفقة التي لم تتم الا منذ ساعات قليلة، بل ان اجراءاتها لم تتم بعد، ولكن سمعنا ان قراراً قد تم اعتماده لبيعها!
التكتل الوطني أعاد بالأمس اسطوانة استجواب الرياضة المقدم لوزير الإسكان، وهي اسطوانة نسمعها منذ سنتين تقريبا، أي منذ بداية هذا الفصل التشريعي، وكأنها اشاعة تقوى وتضعف حسب طبيعة العلاقة بين أعضاء التكتل والوزير المستجوب!!
أنا لست ضد الاستجوابات، بل أؤيدها بقوة ان كان هناك ما يبررها، لكنني أكون ضدها بقوة ان كانت الأسباب ظنية ولم ترق ــ عند المستجوب على الأقل ــ الى مرحلة القطعية أو التأكيد!! لأنه لو كل نائب سمع عن تهمة أو شبهة على وزير سارع وقدم استجوابا لاستمرت البلاد في دوامات دائمة وليل مظلم لا نهاية له!!
اذاً هناك خلل ما في الممارسة سواء من الحكومة أو من المجلس، واذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا نبحث في أسباب هذا الخلل ونحاول ان نعالجه حتى نضع حدا لهذا الصداع الذي يشكو منه الجميع؟
فان اكتشفنا ان العلة في سمو رئيس الوزراء وقدراته وامكاناته وطريقة ادارته بادرنا الى المطالبة بتغييره!! وان كانت العلة في اللائحة الداخلية التي تجعل أسهل شيء يقوم به النائ‍ب هو تقديم استجواب لوزير يشل من خلاله البلاد ويجعلها تقف على رجل واحدة، عالجنا هذه اللائحة، وان كانت العلة في اداء النائب وتكسبه السياسي على حساب المصلحة العامة، أوجدنا طريقة يفهم بها الناس حقيقة هذه المتاجرة باسم الدفاع عن حقوق المواطن وحقوق الوطن!
بدلا من ان ننتقد أو نؤيد كل استجواب على حدة.. «خلونا» نناقش أسباب هذا الخلل ونضع يدنا على الجرح ليسهل علاجه. ما يحدث اليوم هو ان كل واحد فينا يبني موقفه من الاستجواب وفقا لقرب تيار النائب المستجوب منه أو وفقا لعلاقته بالوزير المستجوب!! وهنا تضيع الطاسة، ويستمر مسلسل الخلل في العلاقة بين السلطتين.
لكن السؤال: ماذا لو كان الخلل من وسائل الاعلام التي تتناول مواضيع الاستجوابات بالتلميع «اذا ما حبتك عيني»، أو بالتشويه «اذا كنت مو من الربع»؟!
هنا يكون المواطن حائرا.. والوطن ضائعا.. وما زال الخلل مستمرا!!

محمد الوشيحي

دا

رحماك يا الله، ما كل هذا الذي تتعرض له اليابان أو «منبع الشمس» كما هي ترجمتها؟ يا رعى الله اليابان واليابانيين، ويا سقى الله الشعب الذي يرتدي الصدق لباساً ويتناول الوفاء طعاماً… اليابانيون شعب «هات من الآخر»، واليابان لا تمزح ولا تتغشمر، وسبق لها وهي الصغيرة المساحة (أصغر من مساحة مصر) أن احتلت الصين المترامية الأطراف.
واليابانيون عشاق الاختصار والاقتصاد، وقد شاهدنا في نشرات الأخبار لقطات لياباني يصرخ أثناء الزلزال «كا تو زي» أي «يالله الخيرة رحنا ملح… تكفون يا عيال»، ويستعد اليابانيون للكوارث فيحتفظ كل منهم بحقيبة تحوي ماء وقليلاً من الطعام وضمادات ووو…
واليابانيون مسالمون، بعكس العربان المتوحشين حتى في تسمية أبنائهم «قذاف الدم، القعقاع (أحد الخليجيين أطلق على ابنه اسم القعقاع وأدخله مدرسة فرنسية فتحوّل اسمه إلى كاكا)، جراح، ضاري، مهاوش، نمر، سيف، مناطح، جاسم، بطّاح»، ليش كل هذا القصف الجوي؟ حرب عالمية؟ في حين تسأل الياباني عن اسمه فيجيبك «سو» وكان الله غفوراً رحيماً، وتستفسر منه عن معنى الاسم فيشرح لك: «ورقة عباد الشمس»، شوف الأناقة والهدوء، وتسأل المصرية عن اسمها فتجيبك بفخر وهي تفرم الملوخية وتنثر الزيت على الحلة ببذخ: «كايداهم»، ويناديها زوجها «الوليّة»، وتسأل اليابانية فتجيبك وهي تمسك بأعواد الأكل وتراقب الساعة: «تي»، ويدلّعها زوجها: «با» أي فديت الزول، وفي أسواق الصرف تعادل «تي» خمساً وثمانين واحدة من «كايداهم»، وتعطس كايداهم «عااااطسو» فترتجّ الأرض ويبكي أطفالها هلعاً، قبل أن تتحلطم «يا لهوي يمة»، وتعطس تي عطسة مختصرة «تس» مع إغماضة العين المغمضة أصلاً، وفي اليابان يولد الطفل فتشتري له أمه جهاز روبوت (الرجل الآلي) يعبث به ويفككه، وفي الجزائر يُهدى المولود قنبلة يدوية، وعند زواجه يهديه أصحابه دانة مدفع (155 ملم)، وفي اليمن يُهدى المولود «جنبية» أي خنجر، فإذا بلغ الفطام أهداه أبوه قذيفة «آر بي جي» يتسلى بها (الكلاشينكوف للبنات فقط، لا يجوز إهداؤه للرجال، عيب). واليمني الأمي يفكك الآر بي جي وهو مغمض العينين، قطعة قطعة، والياباني يقيس أشعة الشمس وهو في تالي الليل، شعاعاً شعاعاً، ويتباهى شعراؤنا بالمعلقات، ويكتب شعراء اليابان سبع كلمات لا تفاخر فيها ولا فشخرة.
ويتقدم الكويتي لخطبة الكويتية فيكون المهر مجوهرات مبالغاً فيها «كرسي جابر وضحكة زايد ولحية فهد»، وقليلاً من التراكي (أقراط الأذن) من ماركة «غمزة سميرة»، (أي والله هذه أسماء بعض ماركات الذهب البلجيكي بعد تغييرها)، ولو أنني خطبت صبية وطلبت أمها مني هذه المجوهرات لاستأجرت قناصاً على سطح منزلي، وبسم الله والله أكبر، طلقة على أذن خطيبتي اليسرى، والأخرى على كراع أمها، كي تولول العجوز وهي تعرج وتحجل كما يحجل الكلب المدهوس جرياً إلى المستشفى (بمناسبة المستشفى، انتشرت نكتة تقول: سيُعيد اليابانيون إعمار اليابان بعد الزلزال قبل أن تبني الكويت مستشفى جابر الذي تم توقيع عقده في 2004)، في حين يذهب الشاب الياباني وأمه لخطبة فتاة يابانية فتشترط عليه أم العروس «اختراع معادلة فيزيائية ومختبر». ولولا بعض المعوقات لتزوجتُ (أنا) يابانية، لكن الخشية أن تطبخ لي عقارب ونملاً، ملعونة الخير.
واليابان فقيرة الموارد، صعبة التضاريس، أرضها جبلية، محاطة بحزام زلزالي هو الأشرس على هذا الكوكب، ومع ذا ها هي تحتل المركز الثاني في اقتصاديات العالم بعد أميركا الغنية الموارد والمتنوعة التضاريس. وعندما أدرك اليابانيون أن أرضهم لا تصلح للزراعة، أقاموا المزارع تحت الأرض! اهبوا هبيتوا (أي لله درهم). ولا يحقد أحد على اليابان أكثر من رئيس تحرير هذه الجريدة، الزميل خالد هلال المطيري، سليل تجار اللؤلؤ، الذي كان سينافس «بيل غيتس» في الثراء لو لم تخترع اليابان اللؤلؤ الصناعي الذي أكسد تجارة أسلافه وجاب عاليها واطيها.
ولو قرر نائب رئيس الوزراء الياباني لشؤون التنمية الاقتصادية، ابن عم رئيس وزراء اليابان، رعاية مهرجانات «مزاين الإبل» و«تطيير الحمام القلابي» قبل أن يعلن طريقة تمويل خطة التنمية، لتمتم اليابانيون بصوت واحد «دا»، (أي يا خرطي يا مالون)، ولعلّقوه على برج اليابان وبجانبه ناقة وحمامة.
عزاؤنا لليابانيين ورحم الله أحوالنا نحن العربان… شعب «دا». 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

حسن العيسى

لتذهب الثوابت إلى الحجيم

عسى أن تكون كلمة حق ولا يراد بها باطل، إلا أن عنوان المطالبة مثير للريبة، كما جاء في صحيفة الدار قبل أيام، فالعبارة كما جاءت بالمانشيت "ثوابت الشيعة: كيف سنعامل إذا قمنا بتجمهر مماثل". بداية لنقل إنه من حق رافعي هذا الشعار أن يقوموا بتجمعاتهم وتظاهراتهم وبناء مساجدهم وحسينياتهم، وإن كان هناك تمييز في التعيين ببعض الوظائف العامة والقيادية من قبل السلطة نحو أهلنا الشيعة فهذا مرفوض، فالتفرقة بناء على الانتماء الطائفي أو القبلي أو العائلي، وكلها عاهات تصب في خانة التعصب "القبائلي"، أمور لا يصح أن يكون لها مكان في دولة سيادة حكم القانون، فحكم القانون لا يعني غير حياد الدولة وسموها فوق اختلافات العقيدة أو الطائفة أو الهوية العرقية… والقول بغير هذا لا يعني غير تكريس الدولة الطائفية، وتغليب المصالح الفئوية على حساب الدولة ووحدة الهوية الوطنية، ولنا في لبنان والعراق وأكاد أقول في جل دولنا العربية أكثر من عبرة… لكن من يعتبر هنا…؟  
في مثل دولنا وهي دول "الموزاييك" البشع يغيب مفهوم الدولة الأمة، وترتفع أعلام القبليات والطوائف، وتكرس السلطات الحاكمة التفرقة بينها لأنها ترى فيها ضرورة بقائها واستمرارها وبها تفتح أبواب المحسوبيات والشللية والتزلف للسلطان على مصاريعها، وعندها يغيب حكم العدل والمساواة ليحل مكانه حكم الفساد والمحاباة. أعود وأسأل رافعي شعار "ثوابت الشيعة": أين سيكون الوطن إن قبلنا بثوابت الأمة.
(والمقصود ثوابت السلفية المتعصبة) ثم ثوابتكم وبعدها ثوابت القبلية وثوابت أهل الثراء وثوابت الأقدمية في التجنيس وأصحاب الأصول والحمولة وغيرها من ثوابت التخلف والجمود من غير بداية ولا نهاية… أين ستكون "الأمة" هنا، وأين مكانها على خارطة المستقبل؟ التزمّت لا ينتج لنا إلا التزمّت المعاكس والتطرف لا يحمل غير تطرف مقابل، والحلول لا تكون بالتهديد والوعيد من منطلق طائفي أو عرقي منغلق على نفسه، وإنما بتبني مبدأ المساواة المطلقة القائمة على حكم القانون العادل، والتميز والارتقاء يكونان على الكفاءة والإنتاج، فلا يمنع أن يكون كل الوزراء وكل القيادات من الشيعة أو بالعكس كلهم من السنة، لأنه بمجرد أن ننظر إلى زيد أو عبيد على أنه محسوب على الشيعة فهنا نفصح عن هويتنا "الطائفية" أو العرقية وننسى الوطن الأم والرحم الحاضن لنا جميعا.
  ليس لنا غير قبول حريات الضمير وحق ممارسة حرية العقيدة والمساواة في المعاملة، كما تمليها الليبرالية الإنسانية المؤمنة بالعدالة الاجتماعية، ولنرم التقوقع الطائفي والعرقي جانباً ولتقتلع كلمة "ثوابت" من أساسها، فالثوابت لا تعني غير الجمود وصب الناس في قالب واحد يعتقد أصحابه أنهم وحدهم أصحاب الحقيقة المطلقة وغيرهم في الجحيم… فلا ثوابت بل تغيير وتطور نحو الروح الإنسانية وكفى.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة