كأي رجل أعمال، ولو انني أصبحت على مشارف التقاعد، تأثرت ماديا بشكل كبير نتيجة ما اصاب اقتصادات الدول الخليجية، والكويت، من ضرر مالي هائل، إن نتيجة أوضاعها الداخلية أو بسبب انهيار قيمة استثمارات الكويت في دول مثل تونس ومصر والبحرين وغيرها. ولكني مع هذا لم أشعر بنفس الحسرة أو الخيبة أو الحزن على الخسارة هذه المرة كما في المرات السابقة، خلال ما يقارب نصف القرن من العمل والاستثمار، لأنني أحسست أن الخسارة المادية، رغم فداحتها، كان لها جانب إيجابي، ولو غير مباشر. فما جرى في تونس ومصر وما يجري في اليمن وليبيا والبحرين والسعودية والكويت وسوريا وغيرها، وبالدور يا عرب، سيصب في نهاية الأمر في مصلحة شعوب المنطقة ورفاهيتها المعيشية والفكرية وحقوقها الإنسانية. ومهما كان حجم الخوف من إمكانية سيطرة قوى دينية متشددة على مقاليد الأمور في بعض الدكتاتوريات السابقة إلا أن من الإنصاف القول ان الوضع تغير إلى حد كبير، وأصبح من الصعب الاستمرار في الضحك على الشعوب إلى الأبد بشعارات عقائدية أو دينية أو غير ذلك، وقد شاهدنا كيف أن حزب الإخوان المسلمين الحاكم في تركيا، التي زرتها قبل أيام، وهي الخامسة خلال 37 عاما، لم يستطع فعل الكثير لتغيير علمانية الدولة واضطرار الحزب للتعايش مع الوضع، مع تغييرات شكلية بسيطة. كما أن قيادة الحزب أصبحت تعلم ان استمرارها في الحكم مرتبط باستمرار ازدهار الاقتصاد التركي وليس لأسباب عاطفية او دينية أخرى، هي والوهم سواء.
دعونا نستبشر خيرا ونأمل في الأحسن، فما حدث من تغير في بضع دول عربية كبير وهائل ويستحق التضحية بالكثير من الجميع، وإن مرغمين!!
أحمد الصراف