حسن العيسى

استجواب أم فش غل؟

ماذا يريد النائب صالح عاشور من استجوابه لوزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح، فهو وزير في الدولة الكويتية لا وزير في مملكة البحرين! وبصفته هذه هو يجلس على قمة إدارة تمثيل الدولة في الخارج ورعاية مصالحها، وليس من شأنه ولا يحق له أن يفرض سيادة الدولة الكويتية على البحرين وغير البحرين، ولا يجوز للكويت ولو كانت دولة عظمى أن تملي إرادتها على دولة أخرى وأجهزتها الإعلامية، بإمكان النائب عاشور مقاضاة تلفزيون البحرين وفق قانون هذه الدولة، ولكن ليس من حقه كنائب في مجلس الأمة أن يفرض أجندته الخاصة على السياسة الخارجية للدولة.

تكررت عبارات مثل «عدم التدخل في الشؤون الداخلية» في استجواب النائب لوزير الخارجية، وجاءت في غير مكانها الصحيح، العكس هو الصحيح، وإذا اعترضت الخارجية الكويتية على ما بثه تلفزيون البحرين فهذا يعد تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، الآية مقلوبة هنا يا حضرة النائب، فما تريده في استجوابك وما تريد إملاءه مسبقاً على الخارجية الكويتية يعد تدخلاً في شؤون دولة أخرى. يمكن تفهم غضب النائب وسخطه على المواقف السياسية للكويت في مظاهرات الشعب البحريني، فالدولة تعاملت مع «الأشقاء» في البحرين كنظام، والنظام في الأعراف الاستبدادية هو الحكم وهو الشعب ولا فرق بينهما، الدولة هنا تبتلع المجتمع، والدولة هي النظام الحاكم بصرف النظر عن طبيعته ومشروعيته، لكن أياً كانت مواقف الدولة هنا التي ترددت وضاعت حكومتها في حيص بيص مظاهرات البحرين وعدم تبصرها بأن شرار النار الطائفية قد تمتد إلى البيت الكويتي، بعدما تركت جماعات الهوس الديني من الضفتين يتلاعبون بمواقفها الرسمية، فإن حتى ذلك بالمنطق الصرف لا يسبغ على استجواب النائب عاشور أي مشروعية دستورية، فهذا الاستجواب مجرد رد فعل غاضب صب جامه على الشخص الخطأ.

احمد الصراف

بيت وخسارة وربح

كأي رجل أعمال، ولو انني أصبحت على مشارف التقاعد، تأثرت ماديا بشكل كبير نتيجة ما اصاب اقتصادات الدول الخليجية، والكويت، من ضرر مالي هائل، إن نتيجة أوضاعها الداخلية أو بسبب انهيار قيمة استثمارات الكويت في دول مثل تونس ومصر والبحرين وغيرها. ولكني مع هذا لم أشعر بنفس الحسرة أو الخيبة أو الحزن على الخسارة هذه المرة كما في المرات السابقة، خلال ما يقارب نصف القرن من العمل والاستثمار، لأنني أحسست أن الخسارة المادية، رغم فداحتها، كان لها جانب إيجابي، ولو غير مباشر. فما جرى في تونس ومصر وما يجري في اليمن وليبيا والبحرين والسعودية والكويت وسوريا وغيرها، وبالدور يا عرب، سيصب في نهاية الأمر في مصلحة شعوب المنطقة ورفاهيتها المعيشية والفكرية وحقوقها الإنسانية. ومهما كان حجم الخوف من إمكانية سيطرة قوى دينية متشددة على مقاليد الأمور في بعض الدكتاتوريات السابقة إلا أن من الإنصاف القول ان الوضع تغير إلى حد كبير، وأصبح من الصعب الاستمرار في الضحك على الشعوب إلى الأبد بشعارات عقائدية أو دينية أو غير ذلك، وقد شاهدنا كيف أن حزب الإخوان المسلمين الحاكم في تركيا، التي زرتها قبل أيام، وهي الخامسة خلال 37 عاما، لم يستطع فعل الكثير لتغيير علمانية الدولة واضطرار الحزب للتعايش مع الوضع، مع تغييرات شكلية بسيطة. كما أن قيادة الحزب أصبحت تعلم ان استمرارها في الحكم مرتبط باستمرار ازدهار الاقتصاد التركي وليس لأسباب عاطفية او دينية أخرى، هي والوهم سواء.
دعونا نستبشر خيرا ونأمل في الأحسن، فما حدث من تغير في بضع دول عربية كبير وهائل ويستحق التضحية بالكثير من الجميع، وإن مرغمين!!

أحمد الصراف