شركتا «التكتل الشعبي» و«تكتل التنمية والإصلاح» البرلمانيتان تتنافسان في خدمة زبونهما «التكتل الوطني» قبل وبعد إعلانه استجواب الشيخ أحمد الفهد، أحد أكبر مورّدي البيضة والحجر في الكويت من المحيط إلى الخليج، إذ تكفل «الشعبي» بتفريك «الوطني» ومساجه وبوديكيره ومانيكيره، وتكفل «تكتل الإصلاح» بتوصيله مجاناً من وإلى المنصة شاملاً الخدمة والضرائب! وكل هذا من باب الاستثمار قصير المدى، فسوف يحتاجانه في القريب الباكر، وأخشى أن يفعل بهما كما فعل في السابق، أو قل السوابق، إذ ما إن يعلن أحدهما تقديم استجوابه لرئيس الحكومة أو لأي من الوزراء حتى يعلن «الوطني» بدء سلسلة اجتماعاته، اجتماع ينطح اجتماعاً، وهات ورقة وقلماً وكشف حساب بأرباح التكتل وخسائره، وتمتد الاجتماعات وتمتط، ويترقب الناس انبعاث الدخان الأبيض، ولا ينبعث إلا قبل الاستجواب بسبع دقائق مما تعدون، بإعلان «تأييد التكتل إلا واحداً» من باب المواءمة والمراقصة والمناغشة.
والحمد لله، أخيراً خرج «الوطني» من عباءة «العقلاء»، وأدرك أن الحكومة «لحم فاسد» ممنوع دخوله البرلمان، وها هو اليوم يستجوب الرياضي الشيخ أحمد الفهد، وغداً سيستجوب وزير الإسكان الشيخ أحمد الفهد، وبعد غد سيستجوب نائب رئيس الوزراء لشؤون التنمية الشيخ أحمد الفهد، ووو، خلاص كرّت السبحة. لكن «الوطني» ارتكب خطأ فادحاً عندما دفع، إلى جانب النائب مرزوق الغانم، بنائبه عادل الصرعاوي إلى الواجهة، وهو (أي الصرعاوي) من يتمتع بسجل حافل ومشرف من الخناقات مع كثير من النواب ما قد يدفعهم إلى الاصطفاف في الجهة المقابلة، وبدلاً من أن يحارب الغانم بيديه الاثنتين سوف يضطر إلى القتال بيد واحدة في حين تنشغل الأخرى بسحب زميله الصرعاوي. ولو كنت مكان «الوطني» لدفعت بحصاني الرابح (الحصان مديح في لهجتي التي أتداولها وأنتم بكيفكم) النائب صالح الملا، ذي المواقف المشهودة المحمودة، وذي الأسهم المرتفعة في كل البورصات، بدلاً من الصرعاوي.
على أن أكثر المتضررين من استجواب «الوطني» للفهد هو النائبة رولا دشتي، فهي تسقي بستانها من النهرين، نهر «الوطني» ونهر الفهد، وإذا خُيّرت بين النهرين فستختار «نهر الفهد»، نهر التنمية المليارية، وأظنها ستتغيب عن الاستجواب بداعي الإصابة في الرباط الصليبي، وقد يتغيب معها النائب علي الراشد بحجة «مرافق مريض»، فهو أيضاً يشجع التنمية.
وعلى حرس المجلس تفتيش النائبين سعدون حماد ودليهي الهاجري والتأكد من أنهما لا يملآن جيوبهما بالصخر. ولا أتمنى شيئاً كما أتمنى أن يتحدث النائب سعدون (نبيل فضل البرلمان) مدافعاً عن الفهد بشتائمه المعهودة، فيحنق الناس على الشيخ ويتزاحم النواب والجمهور على طرح الثقة به.
وها هي الأفراح تعم جماهير «الوطني» باستجوابهم الأول للفهد، وها هم أنصار الوطني يقيمون حفلات دبكة يعجز عنها أهالي جبل لبنان: «وبين العصر والمغرب مرّت لمة خيالة يبا مرّت لمة خيالة، ولا تضربني لا تضرب كسّرت الخيزرانة يبا كسّرت الخيزرانة… وجيب المجوز يا عبود، رقّص أم عيون السود… وأوف أوف أوف ميجانا ويا ميجانا ويا ميجانا، غمزة عيونك علمتني الشيطنا، وميجانا ويا ميجانا ويا ميجانا، ضبّي دجاجاتك فحّر قلبو ديكنا…». وعسى الله يديم الأفراح. وكما قال الأخ العقيد القذافي «غنوا وارقصوا» وانسوا استجوابي عاشور والدويسان اللذين يذكراني بما كنا نقوله عندما كنا أطفالاً: «إما ألعب وياكم أو أخرّب اللعبة».