أمنح كل من يريد أن يقرأ اختيارين لا ثالث لهما: الأول ألا يعير العلاقة بيني وبين ربي أي اهتمام، ولا اسمي ولا مذهبي ولا الأمور التي لا علاقة لأي شخص بها سواي… والثاني إن لم يستطع أن يطبق الاختيار الأول هو أن يعتبرني «جورج» أو «إنطوان» أو «ميخائيل» أو أي اسم لا يشير إلى مذهب مسلم، فإن لم يتمكن القارئ من الاختيار فرجائي ألا يكمل السطور التالية فهي لا تعنيه أبدا. سئمت، أمانة، كلام الوحدة الوطنية المزعوم في الكويت، وأنه لا فرق بين المذاهب والأصول، وعندما تحين أي فرصة للفرقة فإننا نتمترس خلف الطائفة والعائلة والقبيلة، ولنا فيما يحدث في البحرين اليوم وانعكاسه على الكويت برهان ساطع على ما أقول، وسأثبته في هذا المقال. في تحرك تضامني مع حكومة البحرين قبل أيام دعا عضو مجلس الأمة الكويتي وعضو جماعة إلا الدستور أيضا الدكتور وليد الطبطبائي إلى دولة خليجية واحدة مركزها المملكة العربية السعودية الشقيقة، وقد حظي هذا الاقتراح بالتصفيق والتهليل من جمع الحضور الموجودين في ساحة التغيير في ذلك اليوم!! ولم أجد إلى اليوم استنكارا شديدا من قبل أبناء وطني إلا ما ندر لهذا الأمر غير الدستوري، والساعي إلى إلغاء كيان الدولة بمنتهى البساطة؛ بشكل يتعارض مع أولى مواد الدستور على الإطلاق، «الكويت دولة عربية مستقلة ذات سيادة تامة، ولا يجوز النزول عن سيادتها أو التخلي عن أي جزء من أراضيها». نعم، لا يجوز النزول عن سيادة الدولة مهما كانت النوايا، وأي مطالبة بهذا الأمر تعني التنازل عن الدولة والدستور وكياننا ككويتيين، ويفترض، أقول يفترض، أن يلقى المطالب بذلك كل نبذ ورفض من كل الكويت بحكومتها ومجلسها وشعبها، وهو ما لم يحدث، والأمر أعزوه بيقين قاطع إلى تلك الطائفية البغيضة التي أعمت عيوننا وجعلتنا نقبل اللامعقول بل يصل بنا الأمر إلى أن ندوس سيادة الكويت نكاية بطائفة ومذهب. هذا جانب أما الجانب الآخر فهو المدعوة سميرة رجب التي أطلت علينا قبل أيام في مؤسسة إعلامية كويتية لتدلي بشهادتها حول أحداث البحرين، ويأتي نائب آخر هو الفاضل جمعان الحربش «عضو في إلا الدستور أيضا» ليستشهد بكل حروف سميرة على الرغم من أنها هي من كتبت عن صدام «رحم الله سيد شهداء العصر، وعهد على الشرفاء أن يبقى رمزاً للنضال وحافزاً للصمود أبى إلا أن يموت شهيداً، وما كان سيموت إلا شهيداً»، وقالت أيضا «سيبقى صدام حسين الشهيد رمزاً لكل المناضلين في وجه قانون القوة والغطرسة»، واستطردت «وهو من بنى أقوى جيش عربي قادر على منازلة الطامعين في أرضنا وثرواتنا»، كل هذا وأكثر قالته سميرة يا نائبنا الموقر، وأنا هنا لا ألوم المؤسسة الإعلامية على ترحيبها بسميرة، فلولا صدام ما كانت تلك المؤسسة موجودة أصلا، ولكن أستهجن، وهو ما يتوجب أن يكون حال كل كويتي، أن يفكر شخص كويتي عاقل بأن تكون سميرة مصدره ومرجع أفكاره وآرائه. لو لم تعمي الطائفية عيون الكويت لما كان من الممكن أبدا أن يكون إلغاء سيادة الدولة أطروحة تقال بشكل عام أو حتى فكرة تتولد في أي عقل، ولو لم نكن طائفيين لما تجرأ أحد على أن يرحب بعقل سميرة الذي صنف الكويت كطامعة بالثروة ومتغطرسة، ومجدّ قاتلنا ومغتصبنا. مصابنا جلل ولن تجديه أي كلمة للوحدة الوطنية إن لم تقرن بفعل ونهج حقيقيين يبدآن من المدارس، ونبذ كل من ينظر إلى الكويتيين وعقابهم على أساس أصولهم وعقائدهم. خارج نطاق التغطية: العزيزة نادية الشراح المتوقفة عن الكتابة والمكتفية بالقراءة كما تقول هاتفتني مستنكرة انعدام الثقافة المرورية، وإهانة الطريق من قبل قائدي المركبات، فلا إشارة تحترم ولا حارة أمان تمنح حقها، ولا قانون حازما يردع، وأنا أشاطرها نفس الرأي، فالبلد أصبح يفتقد إلى أبسط أمور قيام المجتمعات والتعايش المحترم للأسف.
اليوم: 28 مارس، 2011
كشك مبارك وأسواقنا التراثية
زرت قبل مدة كشك الشيخ مبارك، وكان جميلا وجود تحف ووثائق وموروثات تاريخية داخله وضعها بشكل مؤقت صاحباها الأخوان الفاضلان صالح خالد المسباح ومحمد علي كمال، هذه المجموعات الخاصة هي التي تحفظ هذه الايام ما تبقى من تراثنا وتاريخنا، والسؤال هو: لماذا لا تشتري الدولة تلك المجموعات من هذين الاخوين الفاضلين وغيرهما ثم تضعها بأسمائهم تقديرا لجهودهم في أماكن عامة، كالكشك والمتحف الوطني وبيت خزعل وبيت ديكسون كي يمكن للمواطنين والمقيمين والسواح والزائرين مشاهدتها بدلا من بقائها ضمن الملكيات الخاصة.
ونرجو أن تخلق الدولة أسواقا تراثية كحال خان الخليلي في مصر وسوق الحميدية في سورية وأسواق واجف في قطر يمكن لمحبي التراث أن يشتروا منها ما يشاؤون ويزينون بها بيوتهم بدلا من السوق التراثي الوحيد الموجود حاليا في سرداب إحدى العمارات القديمة بالسالمية والذي لا يعلم بوجوده أحد.
هذه الاطنان من الاغذية الفاسدة المصدرة للكويت ومعها عشرات الاطنان من اللحوم والاسماك والدواجن ومنتجات الالبان ومختلف أنواع الاغذية والمعلبات التي تنتهي صلاحياتها مع كل يوم يمر في الجمعيات التعاونية والسوبر ماركت والبقالات وغيرها من منافذ بيع، والتي يتم ارجاعها في أغلب الاحيان للمورد أين تذهب؟! لا أعتقد أنها تحرق أو تدمر، والأرجح أن لها منافذ بيع أخرى توصلها رغم انتهاء صلاحياتها للمستهلك، خاصة أن أضرارها لا تظهر بشكل فوري.
ويخبرني أحد المختصين بأنها تتسرب الى مطاعم وشركات أغذية، كثير منها غير مرخص، خاصة من يكتفي بوضع أرقام هواتفه في الجرائد الاعلانية دون وجود مقر رسمي يمكن مراقبته، وتمكنهم تلك الاغذية المنتهية الصلاحية التي يشترونها بثمن بخس من إعطاء أسعار متهاودة لصالات الافراح والحفلات الخاصة، كما يستخدم البعض الآخر من تلك الاغذية المنتهية الصلاحية من قِبل «بعض» البيوت الخاصة التي تطبخ وتوصل الغذاء الى زبائنها دون رقابة.
قام بيت التمويل مشكورا بتعيين سيدة كويتية ضمن أعضاء مجلس ادارته، وهو ما يثبت أن حصول المرأة على حقوقها السياسية مهد للحصول على حقوقها الوظيفية والاجتماعية والأسرية، يتزامن هذا العمل الحسن مع صدور تشريع لمجلس الأمة يمنع المرأة الكويتية من أن تكون قاضية رغم تسلم المرأة المسلمة لرئاسة أكبر الدول الاسلامية مثل اندونيسيا وباكستان وبنغلاديش، نرجو أن يرفع التشريع للمحكمة الدستورية لإسقاطه لعدم دستوريته وتعارضه مع المادة 29 من الدستور التي تنص على أن: «الناس سواسية لا تمييز بينهم بسبب الجنس.. إلخ».
آخر محطة: «القذافية» التي رأست البرلمان العربي قبل النائب الفاضل علي الدقباسي هي مجرمة من الدرجة الاولى، حيث تظهر أشرطة لها وهي تقتل السجناء السياسيين بالرصاص وتشد أرجل من يتم إعدامهم للتأكد من موتهم!
ماذا لو كنا دولة كرتونية؟
لو قامت «اليونيسكو» بإجراء دراسة عن مستوى التعليم في الكويت وتوصلت لنتيجة مفزعة، وهي أننا نقع في مؤخرة دول العالم، وإن كارثة تعليمية ستحل بالمخرجات خلال فترة قصيرة، ومعالجة الأمر تتطلب صرف مليار دينار لرفع مستوى أكثر من 300 الف من طلاب وطالبات، وأن هذا المبلغ سيتم جمعه من خلال فرض ضريبة على وقود السيارات، وهذه لن تفرض إلا من خلال استفتاء عام، فما النسبة التي ستوافق على فرضها وإنقاذ التعليم من الانهيار التام؟
ولو قامت منظمة الصحة العالمية بإجراء دراسة تتعلق بمستوى الخدمة الطبية في البلاد، واكتشفت أنها في تدهور خطير، وستتوقف الخدمات خلال أشهر، وان الأمر يتطلب استقطاع نصف المنحة المقررة للشعب الكويتي في السنة المقبلة مثلا، للصرف منها على رفع مستوى الخدمة الطبية، وهنا أيضا يتطلب الأمر إجراء استفتاء، فما هي النسبة التي ستوافق على التنازل عن نصف المنحة، التي لم تكن تتوقعها أو تحتاج اليها أصلا؟
لا شك أن النتائج ستكون مخيبة لآمال الكثيرين، فنسبة من يشكل التعليم أو الصحة الجسدية والنفسية والعقلية أهمية لديهم لا تكاد تذكر، وبالتالي فإن الغالبية ستختار إبقاء المنحة على حالها ولتدبر الحكومة الأمر، وإن عجزت فليذهب التعليم والصحة إلى الجحيم، فشراء هاتف نقال جديد، والسفر إلى دبي أكثر أهمية من مثل هذه الأمور، وهذا يعني أننا كحكومة وشعب فشلنا، من خلال نظامنا التعليمي، في نصف القرن الماضي، في خلق مواطن صالح!
وفي سيناريو مماثل لذلك قامت وزارة التجارة قبل فترة قصيرة بالإعلان عن بدء صرف مخصصات المواد الغذائية، وكان لافتا للنظر منظر طوابير «المواطنين» الطويلة بانتظار استلام حصتهم المجانية من هذه المواد ومن يرهم يعتقد أننا نعيش في مجاعة، ولكن الحقيقة أن غالبية هؤلاء يتسابقون لاستلام حصتهم لبيعها في السوق «البنفسجية»! وحدث ويحدث ذلك لأن أعدادا متزايدة من «مواطنينا» يعتقدون أننا نعيش في حالة أو دولة «مؤقتة»، وان عليهم «أخذ ما أتخذ»!!
***
ملاحظة: يقول خالد القشطيني: لو دعا المثقفون الليبراليون في العراق الى تظاهرة ضد غلق النوادي الثقافية ومنح المواطنين حقوقهم المدنية فلن يشارك في هذه التظاهرة أكثر من مائتي شخص. ولكن بعدها بأيام ستتدفق ملايين الناس في مسيرات العزاء!
أحمد الصراف