سامي النصف

سفن العرب وجبال الجليد الخافية!

في 10/5/2010 كتبت مقالا أسميته «2011 أخطر سنوات العرب» ذكرت في بدايته ان العد التنازلي قد بدأ لدخول عام 2011 الذي قد يصبح الأخطر في تاريخ العرب على الاطلاق، وأنهيت المقال بالقول «ان لعبة الأمم ستكون على أشدها في المنطقة العربية العام المقبل والمشاركة في اللعبة ليست اختيارية بل ان الجميع لاعبون فيها رضوا أو أبوا والمنتصر في اللعبة ـ ان وجد ـ لن يحصد الجوائز بل يكفيه ان يكون قادرا على تحمل خسائرها» انتهى. السؤال: الى متى تستطيع بعض الأنظمة العربية كالحال اليوم في ليبيا واليمن وغدا في سورية والجزائر.. الخ، تحمّل خسائر الانتفاضات الشعبية؟ ومن منهم سيصمد ومن منهم سيسقط في حرب لا يمكن لهم الانتصار فيها حتى لو انتصروا، كونها قد تؤدي الى الفوضى وتفتيت دولهم وتحيلهم من حكام كل دولهم الى حكام جزء منها؟

حال بعض دولنا هذه الأيام كحال جمع من السفن تمخر عباب البحر وسط العواصف والأعاصير وجبال الجليد المنتشرة، شعر ركاب بعض تلك السفن بالحاجة لتغيير القباطنة كونهم لم يحسنوا القيادة وطال الأمد بهم، فتم عزل البعض منهم والآخرون على الطريق، ومن ثم تم الانتهاء من الشق السهل في تلك القضية التي أظهرت بديهية خافية منذ عقود وهي ان أحدا لا يستطيع حكم شعب عن طريق معادلة «أحكمكم أو أقتلكم».

مع عزل قباطنة تلك المراكب بدأ اشكال حقيقي هو الفوضى التي دبت في كابينة القيادة التي امتلأت بالركاب، فهذا يريد توجيه السفينة شمالا والآخر يمينا وثالث بدأ يحفر في قاعها من مبدأ ان عهد ما بعد الثورة على القبطان يمنح الحرية لمن يشاء ان يفعل ما يشاء، كل هذا الهرج والمرج والسفينة تسير دون هدى وسط العواصف وجبال الجليد المنتشرة، والخوف كل الخوف ان يتحول الأمر من اشكالية ماضوية تتلخص في مراكب آمنة ذات قيادات غير مرغوب فيها، الى اشكالية مستقبلية تتمحور حول قيادات مرغوب فيها في.. سفن غارقة!

آخر محطة

(1): تقول الممثلة الشهيرة إلهام شاهين ان عهد الحريات في مصر هو عهد الرئيس مبارك حيث كانت الصحف الخاصة والفضائيات والبرامج الحوارية تتسابق في نقده والتطاول عليه دون ان يمس احد بسوء، وتضيف ان العهد الحالي المسمى بعهد الحريات لا يسمح لأحد بنقده او حتى التحدث عن اي انجازات للعهد السابق!

(2): من ينتقد ادارات الصحف الحكومية والتلفزيون المصري الحكومي على انهم لم يسمحوا في السابق بنقد عهد الرئيس مبارك، يجوز سؤالهم عما اذا كان يسمح هذه الأيام بنقد ثورة 25 يناير او ابداء اي رأي مخالف فيما يخص تقييم أداء الحقبة السابقة؟!

(3): شاهدت حوارا أحزنني على قناة «المحور» المصرية، طالب البعض فيه بأن يقوم الطلبة بانتخاب مديري الجامعات وعمداء الكليات، مما سينتج عنه تدمير كامل للمستوى الأكاديمي والمهني لجامعات عريقة كجامعتي القاهرة والإسكندرية، حيث سيتنافس الأساتذة والدكاترة على منح الدرجات للطلبة (أولياء نعمتهم) لحصد المراكز الإدارية وعمادة الكليات.

احمد الصراف

اعتذار.. تصويب وتعقيب

ذكرنا في مقال سابق أن «جمعية مقومات حقوق الانسان»، التي تدار من جماعة دينية متشددة، ليست مرخصة، وقد أرسل أحد مسؤوليها رسالة إنترنت يعلمنا بأن الجمعية مرخصة منذ 1995. وقد اخبرني صديق، في تعليق له على المقال نفسه، أن ترخيص هذه الجمعية تزامن تقريبا مع الترخيص للجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، وأن الحكومة بموافقتها على الترخيصين أرضت أكثر من طرف. كما أخبرني أن ليس هناك ما يمنع من وجود أكثر من جمعية تعمل في هذا المجال الإنساني، ولكن المهم أن تنسجم مبادئ أي منها مع مبادئ «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، فنحن يجب ألا نفصّل حقوقنا الإنسانية على مقاسنا.
كما كنا أيضا على خطأ عندما ذكرنا في مقال آخر أن طائرات «أباتشي» شاركت في اطلاق النار على متظاهري دوار اللؤلؤة في البحرين، حيث تبين خطأ ذلك، فمعذرة لمن «جرح» هذا الخطأ غير المقصود رقيق مشاعرهم، علما بأن من اصيبوا أو ماتوا في تلك الأيام العصيبة في البحرين الحبيبة لم يكونوا ليهتموا حقا لو كان الرصاص منطلقا من رشاش طائرة هليكوبتر أو بندقية جندي على الأرض.
كما ذكرنا في مقال ثالث أن «المدرسة الوطنية الجعفرية» لم تنل ما تستحقه من ذكر في المصادر، وأن قلة مثلا سمعت بالشاعر «الملا زين العابدين بن حسن باقر»، ما يعني أن التعتيم عليه كان لأسباب ما، وفي هذا الصدد نود توضيح التالي: أولا ورد ذكر للشاعر في الجزء الأول من كتاب «شعراء الكويت في قرنين»، الذي وضعه الشاعر خالد سعود الزيد. كما ورد ذكره في مقابلة تلفزيونية موثقة، على لسان الشيخ يوسف بن عيسى. وثق الأستاذ يعقوب يوسف الغنيم جزءا من حياة الشاعر وبعض قصائده في مدح الملك عبدالعزيز بن سعود في ديوان «كوكبة السعودية» ضمن سلسلة «مصادر تاريخ الجزيرة العربية».
كما أرسل لنا الأستاذ الغنيم كذلك كتاب «مواقع ومشاهد كويتية»، 2004، الذي بين فيه تطرقه للمدرسة الوطنية الجعفرية وانها كانت «أول مدرسة» اهلية على النمط الحديث!
***
• ملاحظة: نطالب الحكومة بتعويض الشعب الكويتي بمبلغ 100 دينار نتيجة اصابتهم بـ«ضيقة خلق»، يوم الجمعة الماضي، واضطرارهم للمكوث في البيت، بعد ان دخل الغبار خشما خشما وزنقة زنقة!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الحرية المفترى عليها

دول وأنظمة وأحزاب وجماعات ومؤسسات وأفراد تتباهى بدعمها للحرية، حرية الكلمة وحرية الرأي وحرية التعبير!!
هذه الادعاءات أثبت الواقع كذبها، وان الحرية التي يعرفونها ويطالبون بها هي الحرية التي تتفق مع مصالحهم وتأتي على مقاسهم، أما ما عداها فهو خطوط حمراء لا يجب تجاوزها، أو أنه ثوابت لا يجوز التعدي عليها!!
ولنبدأ بالمجتمع الغربي الذي يدعم سقوط أنظمة في العالم الثالث، بحجة دعمه للحريات العامة والديموقراطية، فها هي فرنسا قبلة الحريات ونموذجها تذبح الحرية الشخصية بحجة العلمانية التي تتبناها كدستور عندما تمنع المرأة الفرنسية من لبس النقاب، وتضيّق على المحجبات في رزقهن ولقمة عيشهن!! وليت الأمر توقف عند فرنسا بل تبعتها ألمانيا وبلجيكا والنرويج وعدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني الغربي.
أما عندنا في الوطن العربي فحدث ولا حرج!! الأنظمة القومية والتقدمية ما تعرف ربها إلا لما يجيها الموت!! عندما يتحرك المارد الشعبي ويرفع صوته بالله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.. تتسارع قرارات ومراسيم الحرية الاعلامية، وحرية تشكيل الأحزاب، والتعددية، وعدم التجديد لولاية سادسة. واذا جئنا الى الكويت وجدنا العجب العجاب!! أدعياء الحرية وحماتها هم أول من يذبحها ويدوس عليها!! عندما نكتب مقالاً عن شخصية طائفية عاثت في الأرض فساداً وآذت أهل الكويت وحكامها واحرجتهم مع الاشقاء واثبتت الأجهزة الأمنية ارتباطها بالخارج.. عندما تتحدث عن هكذا نموذج يتم التضييق عليك بحجة قانونية المقال!! وعندما يكتب زميل لك عن ملك دولة شقيقة بالنقد ويتهمه بالفساد يعتبر هذا شكلاً من أشكال احترام حرية الكلمة!!
عندما يتقدم تيار إسلامي في البرلمان باستجواب لشخصية سياسية في الحكومة يكون الاستجواب طائفياً شخصياً انتقائياً!! وعندما يتقدم تيار آخر باستجواب للشخصية نفسها يكون استجوابا مستحقاً!!
عندما يطالب الإسلاميون بتطبيق قانون اللباس المحتشم في قاعات الدراسة يعتبر هذا تعديا على الحريات الشخصية!! وعندما تتقدم طالبة للدراسة في كلية الطب يرفض طلبها اذا كانت منقبة!! عندما يطالب التيار المحافظ في الكويت بمنع البرامج التي تمتلئ بالمناظر الفاضحة والمخلة بالآداب تقوم القيامة تباكيا على الحرية واحترام الرأي الآخر، وعندما يبدي أحد المشايخ رأيه في قضية عامة في برنامج تلفزيوني يتسابقون ـــ اياهم ـــ بالمطالبة بإخراسه ومنعه من الاستمرار في الحلقة القادمة بحجة أفكاره التي يبثها وفتاواه التي يطلقها!!
بالمناسبة.. بعض المناضلين القدامى والتيار القومي آنذاك وأكثر المطالبين زورا وبهتانا بحرية الكلمة واحترام الرأي الآخر، كتب مقالاً بالأمس يعتبر الجهاد ضد اليهود والمطالبة بتحرير فلسطين خدعة!! ويطالب بمواجهة المتواجدين في ساحة التغيير ويتهمهم بالكذب على الناس في مطالبهم، عش رجبا.. تر عجبا!!

سعيد محمد سعيد

فواز الشروقي… هل افتقدت القرية؟

 

ذات يوم ليس ببعيد… كان بحارة الحد يجأرون بالشكوى مما فوجئوا به من تدمير لساحلهم ومرفئهم وتعرض أرزاقهم وأرزاق عيالهم جراء ما حل بساحل الحد العريق من مصيبة بسبب ذلك التدمير الناتج عن المشروعات القائمة هناك.

لم يكن البحارة يتمنون أكثر من أن تخصص لهم الجهات المعنية مرفأً مناسباً يطلون به على البحر، وقد حاولوا مراراً وتكراراً عرض شكواهم في الصحافة لكنهم لم يجدوا آذاناً صاغية! في تلك الفترة، كان الزميل الكاتب والأديب والشاعر المبدع فواز الشروقي قد ترك العمل في الصحافة، لكنه مع ذلك، أخذ على عاتقه أن يوصل صوتهم الى المسئولين، ووجدته يتصل بي لإجراء تحقيق صحافي لمعاناة بحارة الحد، وقبل أن أشرع في إعداد الموضوع، وجدت الزميل الشروقي وقد أجرى كل اللقاءات مع البحارة وأرسلها جاهزة للنشر… كل ذلك لأنه كان صادقاً في ايصال معاناة البحارة ولم يألُ في ذلك جهداً.

قبل أيام، كان النص الرائع للشروقي يتحدث عن جاره (أبي محمد) الذي غاب عن الوعي، وفي غمرة المشاعر الحزينة مما تشهده بلادنا من آلام، كان الشروقي يرمز الى النفس الطائفي البغيض الذي ألم بالبعض ممن يسهل اصابته بالفيروسات الطائفية بلا رادع ديني أو وطني أو انساني، وتمنى ألا يفيق (أبا محمد)، وهو البحريني ذو النفس الطيبة المحبة لكل أبناء البلد، حتى لا يصيبه الوجع القاتل لما حل بالبلاد الطيبة، بل وكان الشروقي يخاطب جاره الغائب عن الوعي بما معناه أنه اذا كان سيفيق من غيبوبته، فليكن هو مكانه… أبعد الله عنك وعن أبي محمد وعن كل أهل البحرين كل سوء ومكروه يا بو ريم.

الزميل فواز الشروقي، لم يتغير أبداً منذ أن عرفته صحافياً خريجاً متدرباً في أواخر التسعينيات، وحتى يومنا هذا، فإنني ألقي بثقل الأوجاع والآلام والهموم عليه كلما نزلت بنا نازلة، وهو كذلك يفعل، فهو وأنا نعتز بأخوتنا التي لم تتأثر برياح الطائفية التي تصر جماعات وأفراد وإعلام على بثها في المجتمع البحريني، وفي قناعتي، فإن هذا هو حال كل البحرينيين الشرفاء من الطائفتين الكريمتين الذين لا يرضون لكائن من يكون أن يدمر علاقاتهم الطيبة أياً ما كانت الأزمات والظروف، وفواز، واحد من الكتاب والأدباء الذين لا يرتضون للدعوات المذهبية التفتيتية أن ترتفع وتنال من السلم الاجتماعي.

فواز الشروقي… هل افتقدت القرية؟ لا أعتقد ذلك أبداً، فالقرية البحرينية كما هو يصرح، وهو ابن قرية بحرينية عريقة هي قرية «قلالي»، كيان أصيل يجمع أهل البلد بالحب والكرم والأخوة، حتى أنني لجأت له ذات مرة عندما كنت أحرر صفحة (القرية) استعداداً لكتابة ريبورتاج خاص عن قرية «قلالي» فتحدثت معه وأسعدني كثيراً حينما طلب مني الاتصال بوالده الكريم الذي ملأ مسامعي كلاماً طيباً عن تاريخ قريته الجميلة، وعن علاقات أهالي القرى وتحابهم، وذلك الكلام الطيب ينم عن خلق ديني وبحريني أصيل لا يخلط الحابل بالنابل، ولا يستغل الظروف ليثير النعرات الطائفية بين الناس.

كنت من الناس الذين يحرصون على حضور لقاء في منزل الحاج ميرزا المحاري، والد الزميل جميل ميرزا، في قرية القدم ثاني أيام كل عيد سعيد، وكان فواز معي ومعنا غيرنا من أبناء الطائفتين الكريمتين… فهذه اللقاءات في حقيقتها هي الحصن القوي والصرح الشامخ في وجه كل الأفكار الطائفية أياً كان مصدرها… وعلى أي حال، فإن الكثير من المجتمعات العربية اليوم ستشهد حركات وانتفاضات ولن يسلم منها أي بلد، لكن الخطر كل الخطر، أن يخضع الناس لطائفية الدول ودول الطائفية لينالوا من بعضهم البعض.

فواز… أتذكر أنك قلت لي قبل أيام، أن ما يحدث في البحرين لا يجب أن يدمر المشاعر الأخوية والأسرة الطيبة بين أبناء الطائفتين الكريمتين، وأننا في حاجة إلى أن نضمد الجراح، ونحن قادرون على ذلك، وأصدقك القول يا (بوريم)… أنا معك، ولاشك أن الآلاف من البحرينيين معنا.

وسيبقى شعارنا الحقيقي: «إخوان سنة وشيعة… هذا الوطن ما نبيعه»