محمد الوشيحي

لو

وتعالوا نضع «لو» قبل كل جملة ونتخيل النتيجة بعد أن نستأذن خبراء اللغة العربية في تركيبة «جواب الشرط»:

• لو كان الشيخ أحمد الفهد وزيراً في أستراليا لأقام مهرجان «مزاين الكنغر» كي يستغفل قبائل أستراليا.

• ولو كان الفهد وزيراً في أستراليا لهاجر خلفه النائب عادل الصرعاوي كي يستجوبه هناك.

• لو نجحت الحركات الشبابية والتيارات السياسية في إقالة الحكومة لطالبتُ بعودة الحكومة كي أجد أحداً أنتقده فلا ينقطع رزقي.

• لو أن ناشر هذه الجريدة الزميل محمد الصقر لا «يفتح دبّة» مقالاتي ويضع المرآة تحت سيارتها ويفتش أدراجها قبل النشر لارتفع سقفي إلى السماء الثالثة، ولما استطعت حصر القضايا التي سيرفعها علي الخيّرون من أبناء هذه الأمة المجيدة.

• لو كنت وزيراً للتربية – لا قدر الله – لأمرت بأن تكون مواد «شعر الغزل» و»الموسيقى» و»قراءة الروايات» مواد أساسية كي أقضي على الطائفية البغيضة والعنصرية المقيتة.

• لو لم أكن كاتباً لكنت مطرباً يشار إليه بالطماطم والشتائم. فأصدقاء السوء يمتدحون حنجرتي وحبالها الصوتية لكنهم يمقتون أذني ويحلفون بالطلاق أنها ليست موسيقية. لا أعلم، لكنني إذا صفّقت بيديّ طرباً في السهرة لخبطت المصفقين وأبكيت العازفين.

• لو تمكن النائب «الحقاني» علي الراشد من الحصول على كرسي رئاسة البرلمان لهربت إلى بوركينا فاسو ومنها إلى «تعز» حيث مسقط رأس الأجداد في غابر الأزمان.

• لو سألني أحد عن عدد النائبات في البرلمان لأجبته على الفور: «ثلاث، والرابعة أخشن من التمساح»، أقصد د. أسيل العوضي! معلش دكتورة تعالي على نفسج شوية كي لا تتساقط القضايا على رأسي.

• لو قرأ النظام السوري تاريخ الاحتلال العثماني لبلاده لأدرك أن «درعا» هي موطن الثوار، ولانتبه إلى ذلك منذ البداية.

• لو كنت من أهل «درعا» لأقمت تمثالاً للقائد التركي العظيم «مصطفى أتاتورك»، الذي أرسلته القيادة، «الباب العالي»، وكان برتبة متوسطة، لدعم الجيش العثماني ضد ثورة أهل «درعا»، فشاهدَ أتاتورك الجيش العثماني يستعد لإحراق المدينة كاملة بأطفالها ونسائها بعد اختباء الثوار، فرفع مسدسه على رأس القائد وأوقف التنفيذ.

• لو كنت مكان إدارة مستشفى الأحمدي لأكملت «جميلي» وأطلقت الرصاص على آباء متقاعدي شركات النفط وأمهاتهم، فالقرار الذي صدر أخيراً بمنع علاج آباء المتقاعدين «ما يبرّد الكبد».

• لو كشفت لنا الحكومة أسماء تجار الأغذية الفاسدة فسنعرف مباشرة أسماء تجار الألعاب النارية التي كدّست الأطفال في مستشفى البابطين للحروق (قوموا بزيارة للمستشفى وشاهدوا بأنفسكم وجوه الأطفال ومناظر عيونهم المحترقة واستمتعوا ببكاء ذويهم، وارفعوا أيديكم بالدعاء للحكومة أو عليها).

• وختامها مع الخالد نزار قباني: «لو أني أعرف أن الحب خطيرٌ جداً ما أحببت… لو أني أعرف أن البحر عميقٌ جداً ما أبحرت… لو أني أعرف خاتمتي ما كنت بدأت…».

حسن العيسى

حكومة أم الريش

كتبت مقالاً أمس الأول بعنوان «سكتوا والله يرحم والديكم» ولم أكن أتصور أن حكومتنا بهذه الدرجة من الخفة، فقد أثبتت بجلاء أنها ريشة بمهب الريح، فكانت حكيمة وواعية في قرارها السابق وأرسلت إلى البحرين بعثة طبية من أطباء وممرضين وممرضات وأدوية بدلاً من الضباط والجنود وطلقات الرصاص، إلّا أن البعثة عادت بسرعة ولم نسمع توضيحاً لذلك، لا من حكومة البحرين ولا من حكومة «الريش» الكويتية! ثم فجأة ومن جديد وبعد أن هدد نواب تورا بورا رئيس الحكومة بالاستجواب، وكذلك بعد إعلان الموقف المشرف للتكتل الشعبي برفض إدراج بند عدم إرسال العساكر إلى البحرين كما طلب النائب خالد السلطان في محاور استجوابهم القادم لرئيس الحكومة، قررت حكومة الريش بحركة كوميدية مباغتة إرسال قوة عسكرية بحرية إلى البحرين! أدرك أنها (قوة الحداقة) لن تقدم ولن تؤخر في أحداث البحرين، وربما كان إرسال الطراد العسكري الكويتي إلى الشواطئ البحرينية إن لم يكن بغرض التزحلق «سيكينج» للسابحين هناك فقد يكون عملاً رمزياً (ربما) أو يهدف إلى ترويع الأساطيل الإيرانية! لا يهم الآن نبش صدر الحكومة لمعرفة حقيقة الهدف الباعث لإرسال أسطول «الحداقة» إلى البحرين، فالبحرين ليست في حاجة بأي حال إلى قواتنا العسكرية، ما يهم حقيقة هذا التردد وتلك الخفة في قرارات حكومة الريش التي غرقت في شبر ماء.

المسألة تخصنا هنا بالكويت، وليست هي قضية إرسال عساكر من عدمه إلى دولة من دول التعاون حسب تفاهمات «درع الجزيرة» المسألة تخصنا الآن لأنها تصب الزيت على النار، فكثيرون في مجتمعنا الكويتي يتسلحون بالهوية الطائفية أو القبلية، ويتلمسون أي مناسبة لفزعات العصبيات، وكانت مظاهرات الشعب البحريني فرصة ذهبية لهذه الجماعات لتصفية حساباتهم وكشف كراهيتهم وعنصريتهم للآخرين. الآخرون طبعاً ليسوا غير «شيعة» الكويت فهؤلاء الشيعة الذين رفعوا رقابهم قليلاً ليروا ويتحدثوا عبر نافذة الإعلام الحر عما يجري في البحرين يجب عدهم عند أمراء أهل السنة والجماعة على أنهم خارجون على الملة، وهم مخالب للقط الإيراني وأطماعه في دول الخليج. وأيا كانت حقيقة المواقف الإيرانية فإن العواطف المذهبية هنا غيبت الرؤية الحقيقية الواعية لكل ما يجري في المنطقة. وطبعاً سنجد ردود الفعل الطبيعية عند الشيعة الكويتيين بعد أن تم حشرهم في زاوية «إن لم تكن معي فأنت ضدي» و»إذا كنت لا تؤيد إرسال قوات إلى البحرين… فأنت غير وطني، وربما عميل».

وهكذا بثت في الأجواء فيروسات العنصرية المذهبية والابتزازات الفجة والطعن في وطنية وانتماءات الغير… ويبدأ معها العد التنازلي لتفجير المجتمع الكويتي من جوفه ومن أعماق الأصولية التي ليست في مجملها غير ضحالة فكرية وجهالة إنسانية.

في مثل تلك الظروف كان يفترض أن تظهر الحكومة صرامة في مواقفها السياسية وتحسم أمورها حين يكون الحديث عن الوحدة الوطنية، وذلك برفض أي ابتزازات من بعض النواب أو الدعاة على كلا الجانبين السني والشيعي، والجانب الأول (السني الأصولي) له حصة الأسد في المراهقة السياسية والتكسب من صولات وجولات العصبية المذهبية… لكن للأسف لم تستقر الحكومة على حال، وتأرجحت قراراتها بالصعود والنزول حسب نفخات وليد الطبطبائي ومحمد هايف وبقية الجوقة على الجمر الطائفي… أليست هذه حكومة الريش أم ماذا تكون…؟

احمد الصراف

شكرا لك يا سيدتي

سيدتي، اعذري تقصيري في عدم التقاط اسمك، عندما أخبروني به، ونحن في ذلك المكان الصاخب، وشكرا لسماحك لي بتقبيل يدك امتنانا لما أدخلته من سرور على قلبي بقليل كلماتك!
عملت في مصرف، موظفا ومديرا وعضوا في مجلس الإدارة، قضيت غالبية الفترة في إقراض الشركات والأفراد، وكنت أجد أمارات الرضا، وأحيانا الامتنان، في عيون زبائني كلما التقيت بهم. مرت السنون وتركت البنك واتجهت للعمل الحر وهواية الكتابة الصحفية التي جرفتني إلى آفاق جديدة، وأصبحت أتلقى قدرا أكبر من الشتائم المبطنة والسباب العلني والتهجم الشخصي، ولكن آثارها كانت سرعان ما تختفي عند سماع كلمة جميلة من قارئ وتحية اجمل من قارئة، وكيف أن صباحهم لا يعني الكثير إن لم يبدأوه بقراءة المقال مع فنجان قهوة أو «سحبة نَفَس» سيجارة.. كلمات قليلة تقال بعيون تلمع محبة أصبحت تنسيني كل مشاعر التعب واليأس، وتزيد بمراحل عن كلمات الشكر التي كنت أتلقاها أثناء عملي المصرفي. فشكرا لك يا سيدتي على إدخال الفرح لقلبي في تلك الليلة ودفعي للاستمرار في الرقص دون تعب مع شريكة دربي، ضاربا عرض حائط ذلك البيت الجميل، بكل الآراء السلبية من حولي، وبكل ذلك التعصّب المذهبي الذي أعمى العيون، وبكل ذلك العنف في التعامل الذي نتج عن عمى القلوب، والذي دفعني مرات، بيني وبين نفسي، للتفكير في التوقف عن الكتابة بعد أن فشلت من التحذير من التطرف الديني والغلو في معاملة الآخر، وبعد أن ذهبت سدى دعواتي إلى التسامح، وبعد أن أصبح أكثر الناس تساهلا يلومني على انتقاداتي على الجمعيات الدينية وعلى نفاق بعض رجال الدين المتطرفين، وسرقات لجانهم الخيرية واحتيالهم في جمع الأموال، وان على الكتابة ونقد «جماعتي»! وكنت أقول لهم إنهم مخطئون، فلم أقصر مع أحد، وأن لا خطر كبيرا من هؤلاء في الوقت الحاضر، ولكنهم سيصبحون كذلك إن زاد الضغط والحصار عليهم، وعندما جاء هذا الوقت أصبح لهذا الفريق عجيب وغريب ثوابته بعد أن عجزنا عن رفض سخيف ثوابت من سبقه!
شكرا لك يا سيدتي على التفاتتك الجميلة في تلك الليلة، وما تسببت به، من غير أن تعلمي، في إصراري على الاستمرار في طريقي، ووقف قرار نقل القلم من كتف المقال إلى كتف الكتاب، ولو إلى حين.
ملاحظة: لا تقل لي ما هو معتقدك أو طائفتك، بل قل كيف تنظر إلي وتعاملني من خلالها!

أحمد الصراف