سامي النصف

قوات الدرع وقوات الردع

دخول 4 جيوش خليجية للبحرين (قوات الدرع) بناء على دعوة حكومتها الشرعية، شبيه بدخول 5 جيوش عربية (قوات الردع) للبنان منتصف السبعينيات ومن ضمنها قوات سعودية وإماراتية، ولم نسمع من نوابنا الأفاضل اعتراضا على ذلك الدخول الذي استمر 30 عاما، وفي كلتا الحالتين كان القصد هو إطفاء نيران الفتن الفئوية والطائفية ومنع الحرب الأهلية، وقد تكون ميزة دخول قوات الدرع أنها وصلت قبل اشتعال الحريق لا بعده كما حدث مع قوات الردع.

علينا أن نحصر اعتراضنا على استخدام أي قوة بحرينية أو خليجية العنف ضد المتظاهرين والعكس بالطبع صحيح، هذا الاعتراض يجب ألا يمتد لـ «مبدأ» تحرك قوات درع الجزيرة ضمن أراضي دولنا الخليجية حتى لمواجهة اضطرابات «الداخل» لا أخطار «الخارج» فقط، فأغلب دولنا، كما يعلم الجميع، يمثل مواطنوها أقليات تصل أحيانا إلى 10% من مجمل السكان مقابل أغلبيات آسيوية وغيرها مدربة عسكريا وتنتمي لدول كبيرة، وقد تحدث اضطرابات مستقبلية تستدعي تحرك قوات الدرع لحماية المنشآت وفرض الأمن وحماية المواطنين في هذه الدولة أو تلك، فلا تقيدوا التحرك حتى لا يطمع فينا الآخرون وتتساقط دولنا الواحدة تلو الأخرى.

تسبب الانفعال والاستعجال في تصريحات النواب هذه الأيام في إظهار تناقض أقوالهم ومواقفهم اللاحقة مع السابقة، ومن ذلك رفضهم لمشروع الحكومة الشعبية في الكويت وهو موقف صائب إلا أنهم يدعون لعكسه في البحرين، ويرفضون النزول للشارع في الكويت وهو موقف صائب آخر إلا أنهم يدعون في الوقت ذاته للنزول للشارع في البحرين، ويرفضون استجوابات الآخرين ويقولون إنها تعطل التنمية ويسمون من يقومون بها بـ «نواب التأزيم»، إلا أنهم يتسابقون لتقديم الاستجوابات لنفس الحكومة مما يسقط حججهم أمام الناخبين، أصبحت مواقف بعض النواب تتغير مع تغير الأجواء والأنواء فتارة صيف وتارة شتاء.. على سطح واحد!

آخر محطة: ردا على مقالة أمس للزميل الثوري العزيز محمد الوشيحي «بكري» الكويت، نسبة إلى الثوري مصطفى بكري صاحب جريدة الأسبوع، نقول في هذه العجالة: يبقى مثلث التعقل الذي وضعتنا فيه (مبارك، سرايا، النصف) أكثر إنجازا وأقل دمارا من المثلث الثوري (القذافي، عطوان، الوشيحي)، ونذكر العزيز أبوسلمان بأن العهد السابق لم يمنع المصريين من التوجه لصناديق الاقتراع بل العكس، وورث مصر عامرة لمن أتى بعده، أطلب أن يخرج الزميل الوشيحي من مراكز الاستفتاء التي لا يغير شيئا حضور 5 آلاف أو 50 مليونا لصناديقها فالنتيجة واحدة وهي تغيير الدستور، لينقل لنا صورا حقيقية مؤثرة هذه المرة من الشوارع والطرق والمناطق والفنادق والبنوك والشركات والمصانع والمزارع والمخافر والمتاحف والمستشفيات وأرقام العاطلين والسائحين والمستثمرين التي لا تكذب، وليخبرنا بصدق إن كان هناك الآلاف من الإنجازات التنموية لعهد مبارك التي تبرر الثناء عليه ثم ليقارنها بكل تجرد بما هو قائم وما هو قادم، لا تصدق يا بوسلمان كل ما يقال، فبالخبز وحده يحيا الإنسان لا بالشعارات الثورية والغوغائية، والخوف مما لا تراه من ثورة جياع قادمة لا تبقي ولا تذر، أخيرا لا اعتقد أن التعقل يسبب تخلف الأوطان إلا أنني على يقين في المقابل بأن التثوير والقادة الثوريين هم الذين يدمرونها، وسير صدام والقذافي وعرفات ومن لف لفهم تحكي لنا آلاف القصص التي تشيب البشر وتبكي الحجر.

احمد الصراف

ستيريوتايب المصري.. وثرواته

يعني Stereotype، أو الفكرة النمطية، الاعتقاد العام، غير الدقيق غالبا، بصحة ظاهرة ما عن مجتمع أو أفراد، لتأثر الفكرة بعوامل عدة أخرى. فطوال 60 عاماً رسخت الأنظمة العسكرية المصرية، بوعي أو بغير ذلك، وحتى ما قبل اسابيع قليلة، في الاذهان فكرة نمطية عن المواطن المصري، من خلال مختلف وسائل الإعلام الموجه أو السينما والمسرح، وما يصاحب مباريات كرة القدم وحفلات أم كلثوم من ظواهر سلبية، من أنه إنسان اتكالي وقليل الإنتاجية ولا يؤدي عمله إلا بالتهديد والضرب!
هذه الصورة النمطية لا يمكن إلا أن تخلقها الدكتاتوريات، وتطبخها الطغمة العسكرية التي تضع أمنها الشخصي وبقاءها في الحكم في الصدارة، مما يعني أن كرامة المواطن ولقمة عيشه تأتيان دائما تاليا. وهكذا تم مع الوقت خلق صورة نمطية سلبية عن الشعب، تبرر للأجهزة الأمنية ما كانت تقوم به من بطش بالمواطنين ودفعهم الى الهجرة، أو العمل في الخارج، قسرا بحجة عدم كفاية موارد البلاد الشحيحة لاطعامهم. ولو تمعنا في التقارير التي بدأت بالتسرب عن ثروات الرئيس السابق حسني مبارك وأفراد أسرته، وآخرها ما تعلق بقيام سلطات أكثر من دولة غربية بالحجز على حسابات الرئيس السابق، فما هو حجم ثروته في بنوك العالم، من نقد وغيره؟ وإذا كان الرئيس، المفترض انشغاله بـ«إدارة الدولة»، يمتلك مثل هذه الثروات الهائلة، فما مقدار ثروات جمال وعلاء وزوجته؟ وماذا عن ثروات بقية الشلة، الأكثر ذكاء وحرفنة من الرئيس واسرته بمراحل في كيفية تكوين الثروات؟ هذا غير الأموال الطائلة التي استولى عليها عشرات آلاف الوزراء والنواب والسياسيين والضباط على مدى ستة عقود في دولة لم تعرف الشفافية والعدالة طريقهما لمؤسساتها، التي حكمت من مباني وزارة الداخلية والدفاع أكثر من القصر الجمهوري والمجالس التشريعية الصورية!
ومن هنا نجد أن ما انتشر على الإنترنت من أن المبالغ التي قام هؤلاء بنهبها، في عهد مبارك فقط، قاربت مئات مليارات الدولارات ليس ببعيد عن الحقيقة، مما يعني أن ما حاولت الأنظمة العسكرية المتتالية من خلقه عن نمطية المواطن المصري وكسله وقلة انتاجيته كان غير دقيق، فمن أين سرق هؤلاء كل هذه الثروات لو لم تكن مما أنتجته الأيدي المصرية؟
ولو نظرنا إلى ما قام به «شباب ميدان التحرير» من عمل بطولي غير مسبوق في قلب نظام الحكم، ومحافظته على النظام والنظافة طوال أسابيع، بالرغم من عددهم الكبير، لوجدنا هنا أيضا عدم صحة تلك النمطية عن الإنسان المصري.

أحمد الصراف