ما كذبتْ هذه النداءات وما كذبتْ هذه الصرخات أبداً… بالروح وبالدم نفديكِ يا بحرين… إخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه… لتندرج تحتها كل المشاعر والمواقف والمبادئ البحرينية الخالصة في سبيل الحركة السلمية المشروعة التي يؤمن بها أهل البحرين بأنها جزء لا يتجزأ من الحقوق، وهي أيضاً بوجه آخر، ركن لا ينفصل من الواجبات.
كم هي عصيبة هذه المرحلة التي ألمت بالبحرين الغالية… عروس الخليج… درة الخليج… منارة الخليج… قلب الخليج، وكم تزداد شدةً وألماً ووجعاً، لكنها، ومع ما يعتريها من دماء زكية ودموع جرية ورياح عاصفة، تبقى هي البلد الكريم بشعبه الوفي الذي زادته المحنة تماسكاً وتعاضداً وحباً.
لست هنا أتحدث عن أولئك الذين ما فتئوا يبذلون قصارى جهدهم في إعلام مهزوز ممجوج وخطابات آثمة طائفية بغيضة ومواقع ومنتديات وجماعات لا تتورع عن إثارة الرعب والدمار بكل ما في أيديهم من موت ووحشية ودموية، لكنني أتحدث عن أهل البحرين، بسنتهم وشيعتهم، الشرفاء الكرماء الذين ضربوا أروع الأمثلة قول كلمة الحق، والوقوف إلى مصلحة الوطن العليا، ولأن الحركة المطلبية السلمية الصادقة، بشبابها ورجالها ونسائها بل وحتى أطفالها، لم تكن ترفع علم البحرين على الرؤوس وحسب، بل تقدم الدماء لتذهل العالم بأنها دماء بحرينية خالصة، لا للشرق ولا للغرب… لا للشمال ولا للجنوب… إنها للبحرين، وتقدم العطاء والخير، حتى أن هذا العطاء والخير لم يعجب من لا يريد للبحرين الخير ويرى شعبها الكريم الوفي صادق في تلاحمه وتماسكه، فمازالت قلوبهم البشعة تريد بالبيت البحريني الجميل شراً، لكن ذلك البيت، وكلما توالت عليه المحن والنوازل، يعبق بشذا الدين والوطن والعروبة والإخلاص.
«دمي فداء وطني»… «سلمية سلمية»… ليستا أكذوبة كما ينعق الناعقون بها للتشكيك في ولاء وانتماء وعروبة بل ودين من ينظر إلى مستقبل مشرق للبلد، لكل البلد ولكل المواطنين…
ما هي المشكلة حين يطالب مواطن بحقه في الحياة الكريمة؟
ما هو الجرم يلزم إراقة دماء من ينتمي إلى البحرين لكنه يطالب بحق من حقوقه المشروعة؟
يا أهل البحرين، هي محنة كبيرة، وكما كنت دائماً وماأزال، مؤمن حتى النخاع بأن البيت البحريني الأصيل لا يتزلزل ولا تهزه النوازل ولا يوفق الله من يريد أن يملأ الآفاق بأكذوبة الفتنة والانشطار الطائفي… والله الذي لا إله إلا هو، فإنه، وعلى سبيل المثال، تترقرق العيون بالدموع وهي تقرأ الرسائل النصية التي يتبادلها أهل البلد من المحرق وسترة والرفاع وكرزكان وسائر بقاع البلد الكريم، يطمئنون على بعضهم البعض ويشدون أزرهم ويرصون الصفوف لأن يبقى البيت البحريني قوياً أبياً بجذوره الضاربة في عمق التاريخ.
في لحظة من اللحظات، جالت بذهني فكرة استعانة الدولة بالشخصيات البحرينية الشهيرة المسكونة بحب الوطن وأهله لصياغة القادم من الأيام، بدلاً من الاستعانة بمستشارين وخبراء ومخططين لم يكونوا صادقين أبداً في قراءة حاضر ومستقبل الوطن العزيز… لدينا عقول بحرينية فذة: الدكتور محمد جابر الأنصاري، الدكتور علي محمد فخرو، الدكتور منصور الجمري، الدكتور إبراهيم جمال الهاشمي، الدكتور فيصل عبداللطيف الناصر، الدكتورة منيرة فخرو، الدكتورة مريم الملا هرمس، الدكتور أحمد اليوشع، الدكتور عبدالله الصادق، الدكتور حسين المهدي… وقائمة من أساتذة الجمعيات والمشايخ والخبراء نتشرف بها من أبناء البحرين لديهم من الأفكار والتصورات ما ينقلنا إلى بر الأمان…
صدقوني أيها الأحبة، سينقلوننا إلى بر الأمان…
نعم، بالروح وبالدم نفديكِ يا بحرين