ستنعكس علينا أحداث البحرين (هذه الدولة تحديداً) في الكويت، ومن يتصور أن لديه حكمة لقمان كي نتجنب هوس وتطرف مخابيل الطائفية فهو واهم، فالاستقطابات الطائفية كما يجلس على عروشها أمراء التطرف والنعرات الدينية أخذت تطفو فوق السطح الاجتماعي الكويتي، وليس متطرفو الطائفية وجوهاً جديدة على المسرح السياسي الكويتي، فهم قدماء قدم سياسة التحالف والاسترضاء السلطويين معهم. الجديد الآن هو خطاب الفزعات الأعمى لنظام الحكم في البحرين أو لطلبات القوى المتطرفة في المعارضة البحرينية، فهنا تظهر جلية نعرات التحزب لهذا الطرف أو ذاك، وصب دخول قوات درع الجزيرة من المملكة العربية السعودية للبحرين، بناء على طلب من حكومة البحرين، الزيت على النار، وأضحينا اليوم بين نارين، إما أن نساند «ونفزع» لقوات درع الجزيرة، وهي فزعة «للسنة» البحرينية ونظام الحكم في البحرين، أو نصمت وكأن شيئاً لا يعنينا، وفي هذه الحالة فنحن نقبل ضمناً منطق القوى المتطرفة في المعارضة البحرينية التي تريد دولة جمهورية ربما على غرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية في البحرين وإقصاء العائلة الحاكمة!
كلا الأمرين مرفوض، وقبل ذلك نرفض زج الكويت كما يشتهي طائفيوها في أتون فوضى الدولة في البحرين، فالنظام البحريني أخطأ بداية حين رفض الإنصات لصوت المعارضة السلمية الهادئة، وكانت طلباتها تنحصر في رفع الظلم الاجتماعي عن الأغلبية الشيعية في الدولة، وهذا لا يكون بغير تبديل بعض الأسماء الكبيرة في النظام الحاكم في البحرين، وكان أقصى طلبات تلك المعارضة يتمثل في الملكية الدستورية، وبصرف النظر عن واقعية مثل هذا الطلب الأخير فإنه بحد ذاته كان قابلاً للحوار والتفاوض بين الحكم والمعارضة، وتم رفضه وتناسيه من الحكم، مما شرع الأبواب للمعارضة لرفع سقف مطالباتها بإقصاء العائلة الحاكمة من الحكم، ورافق ذلك رفع صور رموز بعض القيادات الإيرانية في المظاهرات، وهنا تم تشويه الصورة العاقلة لطلبات المعارضة لتحل محلها صورة بغيضة لطلبات كانت عادلة، وفتح صندوق بندورا للشرور الطائفية لتلعب دورها المدمر في البحرين أولاً، وبالتأكيد سيتبعها في دول أخرى بالمنطقة في المرحلة الثانية، وعلينا الدور إذا لم يتم تدارك الوضع بعقل راجح.
الحلول الآن بيد الأنظمة الحاكمة في دولنا، التي يجب عليها أن تنحي من خطابها صيغة «المؤامرة الإيرانية» جانباً، ولو مارس النظام الديني في الجمهورية الإيرانية حقيقة دوراً تحريضياً مستغلاً واقع الظلم للطائفة الشيعية في البحرين، فواجب أنظمتنا اليوم المبادرة إلى إصلاح أوضاعها السياسية وفتح الأبواب لرياح التغيير والحريات التي تهب عاصفة في المنطقة العربية، فالحلول العسكرية لن تجلب غير أنهار من الدماء، وفي الكويت يتعين بداية رفع سقف المشاركة السياسية للشعب، كما يجب إدراك أن الدولة اليوم تسير عبر حقل من الألغام، والطريق الآمن لن يكون بغير الإنصات لصوت العقل، وفي الوقت ذاته يجب على القوى الأصولية المتزمتة، التي تردح الآن وهي تتلاعب بسيوف الحرب ضد الآخر، أن تتعقل قليلاً، فليس هذا وقت فتل عضلات الأكثرية والتحقير من شأن إخوانهم في المواطنة، فليتكلموا خيراً أو يصمتوا.
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة