محمد الوشيحي

هذه هي الشروط

بما أن الأوضاع مقرفة، فسأدخل إلى الموضوع مباشرة برجلي اليسرى، وخير البر عاجله، إذ لا يسمح المزاج اليوم بأن أداعب مفرداتي وأجلسها على حجري وأتغزل بثغرها وسواد شعرها. وبالمناسبة، سحقاً للشقراوات ذوات العيون الخضر أو الزرق. ولا أدري هل يوافقني الآخرون في ذائقتي أم يعارضونني، إنما لكلّ ذوقه واختياره، وأنا والله لا أشعر بأنوثة الشقراوات، عذراً يعني، ولا تروقني عيونهن القططية الملونة، فأنا عربي، أو «عربيّ أنا» كما يقول الفنان الأرمني يوري مرقدي… والعربي لا تجذبه رشاقة المرأة المبالغ فيها، ولا يفتنه شقار الشعر ولا ازرقاق العينين أو اخضرارهما، ولولا أن «الجريدة» تدخل البيوت لكتبت ما ينقض الوضوء عن مواصفات المرأة الجميلة كما أراها.    
على أن القرار لو كان في يدي، لفرضت حظر التجوال على ذوات الكتل الشحمية والكثبان الرملية… وأتذكر ما قرأته عن أحد أمراء المقاطعات الأوروبية، قبل قرون، عندما أصدر أمراً حاسماً بعد انتشار السمنة بين نساء المقاطعة، ما دفع الشبان إلى الزواج من خارج المقاطعة، فتزايدت العنوسة، وكثرت جرائم الانتقام بدافع الغيرة ووو: «في مثل هذا اليوم بعد سنة، سأصدر أمراً بأن تصطف الشابات أمامي، وأكثرهن سمنة ستكون طعاماً لنموري الجائعة»، وكان يربي نموراً في قصره… ومرّت سنة، على رأي محمد عبده، وجاء اليوم الموعود، فإذا نساء المقاطعة عبارة عن هياكل عظمية بالكاد يقوين على المشي… عظام بلا لحم! فشعر بالقرف، واحتار دليله، فأصدر أمراً آخر: «بعد سنة من اليوم، ستحظى الأجمل جسماً برعاية القصر»، فلم تتحمس النسوة لمغريات قصره، وعُدن كما كنّ في السابق.
ما علينا، سأدخل إلى الموضوع لأقول إن اللغط ازداد بين المسجلين الجدد في جمعية حقوق الإنسان، الراغبين في خلع رئيسها وإعادة غسل الجمعية بالديتول الإنساني – بمساعدة بعض أعضاء الجمعية الحاليين – بعد أن تلوثت الجمعية بالأشعة السياسية من جراء رئاسة السيد علي البغلي لها.
وللقضاء على علامات الاستفهام، اتصلت بالزميلة في هذا الجرنال د. ابتهال الخطيب، العضوة في مجلس إدارة الجمعية، واستفسرت منها، فجاءني ردها كالتالي: فعلاً، هناك ملفات لمسجلين جدد في الجمعية، جميع أصحابها مستوفون الشروط، وسيتم قبول الجميع في الاجتماع المقبل الذي سيُعقد في غضون أيام.
طيب يا دكتورة وماذا عن اشتراط إحضار كتاب «حسن السيرة والسلوك»؟ الإجابة: لا تشترط الجمعية ذلك إلا على العسكريين، وهذا بطلب من وزارتهم هم لا برغبة من الجمعية… جميل، وما هي شروط التصويت في الانتخابات المقبلة؟ الإجابة: شرط وحيد وهو أن تمضي على عضوية العضو ستة أشهر على الأقل، فقط لا غير، كما هو الحال في كل جمعيات النفع العام الأخرى، وكما هي نصوص اللائحة الصادرة من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
هذا ما أوضحته الدكتورة ابتهال الخطيب، وعسى أن تكون إجاباتها ماء غزيراً يطفئ حرائق الشكوك في أذهان الشبان… شكراً للزميلة، وشكراً للمسجلين الجدد.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

حسن العيسى

تكلموا خيراً أو اصمتوا

ستنعكس علينا أحداث البحرين (هذه الدولة تحديداً) في الكويت، ومن يتصور أن لديه حكمة لقمان كي نتجنب هوس وتطرف مخابيل الطائفية فهو واهم، فالاستقطابات الطائفية كما يجلس على عروشها أمراء التطرف والنعرات الدينية أخذت تطفو فوق السطح الاجتماعي الكويتي، وليس متطرفو الطائفية وجوهاً جديدة على المسرح السياسي الكويتي، فهم قدماء قدم سياسة التحالف والاسترضاء السلطويين معهم. الجديد الآن هو خطاب الفزعات الأعمى لنظام الحكم في البحرين أو لطلبات القوى المتطرفة في المعارضة البحرينية، فهنا تظهر جلية نعرات التحزب لهذا الطرف أو ذاك، وصب دخول قوات درع الجزيرة من المملكة العربية السعودية للبحرين، بناء على طلب من حكومة البحرين، الزيت على النار، وأضحينا اليوم بين نارين، إما أن نساند «ونفزع» لقوات درع الجزيرة، وهي فزعة «للسنة» البحرينية ونظام الحكم في البحرين، أو نصمت وكأن شيئاً لا يعنينا، وفي هذه الحالة فنحن نقبل ضمناً منطق القوى المتطرفة في المعارضة البحرينية التي تريد دولة جمهورية ربما على غرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية في البحرين وإقصاء العائلة الحاكمة!
كلا الأمرين مرفوض، وقبل ذلك نرفض زج الكويت كما يشتهي طائفيوها في أتون فوضى الدولة في البحرين، فالنظام البحريني أخطأ بداية حين رفض الإنصات لصوت المعارضة السلمية الهادئة، وكانت طلباتها تنحصر في رفع الظلم الاجتماعي عن الأغلبية الشيعية في الدولة، وهذا لا يكون بغير تبديل بعض الأسماء الكبيرة في النظام الحاكم في البحرين، وكان أقصى طلبات تلك المعارضة يتمثل في الملكية الدستورية، وبصرف النظر عن واقعية مثل هذا الطلب الأخير فإنه بحد ذاته كان قابلاً للحوار والتفاوض بين الحكم والمعارضة، وتم رفضه وتناسيه من الحكم، مما شرع الأبواب للمعارضة لرفع سقف مطالباتها بإقصاء العائلة الحاكمة من الحكم، ورافق ذلك رفع صور رموز بعض القيادات الإيرانية في المظاهرات، وهنا تم تشويه الصورة العاقلة لطلبات المعارضة لتحل محلها صورة بغيضة لطلبات كانت عادلة، وفتح صندوق بندورا للشرور الطائفية لتلعب دورها المدمر في البحرين أولاً، وبالتأكيد سيتبعها في دول أخرى بالمنطقة في المرحلة الثانية، وعلينا الدور إذا لم يتم تدارك الوضع بعقل راجح.
الحلول الآن بيد الأنظمة الحاكمة في دولنا، التي يجب عليها أن تنحي من خطابها صيغة «المؤامرة الإيرانية» جانباً، ولو مارس النظام الديني في الجمهورية الإيرانية حقيقة دوراً تحريضياً مستغلاً واقع الظلم للطائفة الشيعية في البحرين، فواجب أنظمتنا اليوم المبادرة إلى إصلاح أوضاعها السياسية وفتح الأبواب لرياح التغيير والحريات التي تهب عاصفة في المنطقة العربية، فالحلول العسكرية لن تجلب غير أنهار من الدماء، وفي الكويت يتعين بداية رفع سقف المشاركة السياسية للشعب، كما يجب إدراك أن الدولة اليوم تسير عبر حقل من الألغام، والطريق الآمن لن يكون بغير الإنصات لصوت العقل، وفي الوقت ذاته يجب على القوى الأصولية المتزمتة، التي تردح الآن وهي تتلاعب بسيوف الحرب ضد الآخر، أن تتعقل قليلاً، فليس هذا وقت فتل عضلات الأكثرية والتحقير من شأن إخوانهم في المواطنة، فليتكلموا خيراً أو يصمتوا.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

جريمتي مذهبي

مواقفي الدينية لم تتغير منذ نصف قرن، دون مبالغة، ومن يعرفني يعلم ذلك جيدا، وسبق أن وضحت آرائي السياسية وغيرها من خلال مختلف الوسائل، وأكدت بإصرار وتكرار عدم تعصبي لأي مذهب أو عرق أو حتى طعام أو لباس، وأنني كويتي بكل خلجات نفسي، وثقافتي ولغتي عربية صرف، وهي التي أتقن أكثر من غيرها، ولكني أصبحت أشعر أكثر وأكثر وكأن علي قطع إحدى ذراعي علنا لكي أدلل على صحة أقوالي وصدق مشاعري نحو وطني، وولائي لنظامه السياسي، وليس لإيران وولاية فقيهها!
ما دفعني لهذا القول، ليس التافه من التعليقات المريضة على مقالاتي، بل ما أصبحت أقرأه وألاحظه من ازدياد وتيرة الاتهام بالطائفية والعنصرية من قبل الكثيرين في حقي، وحق غيري، وبالذات من الذين يفترض ترفعهم عن مثل هذه الصغائر. فإذا علمنا أن «المدرسة الجعفرية» لم تنل ما تستحقه من ذكر في المصادر، أو أن قلة سمعت بالشاعر «الملا عابدين الشاعر»، أو أن قلة أقل لم تعلم بأننا وآباءنا وأجدادنا، وحتى جمال عبدالناصر وبرامج «صوت العرب» لم يعرفوا اسما للخليج غير الفارسي، فما العمل؟ إما أن ننتظر قيام من ليس على رأسه ريشة بالكتابة عن هذه المواضيع إنصافا للتاريخ السياسي والثقافي، وهذا ربما لن يحصل أبدا، أو أن يبادر شخص مثلي بالتطرق إليها، وهنا سوف لن يسلم من سيل الاتهامات بالشعوبية والطائفية وغيرها.
ولا أدري لماذا تصبح الكتابة عن مثل هذه الاختلالات أمرا مقبولا إن كتب عنها من ينتمي إلى طائفة معينة من المواطنين، وتصبح غير مقبولة، وحتى مذمومة إن كتب عنها غيره؟ ألا يستحي هؤلاء من احتكار الوطنية لأنفسهم، ووصم غيرهم بالعنصرية والطائفية من دون دليل، وهم برفضهم لكتابات هؤلاء في مثل هذه المواضيع يصبحون عنصريين وطائفيين، بعلم أو بغير ذلك؟
إننا جميعا بحاجة ماسة إلى إعادة التأهيل في ما تعنيه المواطنة، وأن نتوقف عن الحكم على الآخر من خلال مقال أو موقف. فأين الجريمة في أن يقول أي كائن من كان أن الخليج كان يعرف بفارس، أو أن المدرسة الجعفرية لم تنل حقها من التدوين، أو أن هناك محاباة في التوظيف لفئة غير أخرى، إن كانت تلك هي الحقيقة؟ ولماذا يكون لفرد ما حق احتكار «الوطنية» والتحدث بما يشاء فقط لأنه جاء من هذا الجانب، ولا يحق لغيره لأنه جاء من الجانب الآخر؟ وكيف يمكن أن نقيس المواطنة بغير الدم والمال، وإن صح ذلك، فمن الذي ضحى خلال الغزو والاحتلال بماله ودمه، أكثر من غيره؟ ألا تكفي كل تلك التضحيات لتعطي صاحبها الحق في أن يكتب فيما يشاء دون أن يتهم بالولاء لدولة أخرى، في الوقت الذي يحمل فيه الآلاف من مدعي الوطنية أكثر من جنسية؟
لقد ساقتني الظروف خلال الاحتلال لترؤس لجنة الإعاشة في الرياض، وتسلمت من الحكومة 80 مليون دولار لصرفها على اللاجئين الكويتيين، وأعطيت حق التوقيع على حساب اللجنة منفردا مع المرحوم حمد النخيلان، وعند انتهاء مهمتي سلمت سفيرنا وقتها في الرياض كشفا يحتوي على أسماء 36 ألف «كويتي عربي فحل أصيل» من الذين تلاعبوا بمستنداتهم وسرقوا دولتهم وكذبوا في إفاداتهم، فطلب مني السفير الستر على الأمر. وحدث التلاعب نفسه في منحة الـ500 دينار التي وزعت على الذين بقوا في الكويت أثناء الاحتلال، وتكرر السلب والنهب من «الأقحاح»، الذين يحق لهم الحديث في كل أمر وموضوع دون حساسية، في كل مجال، سواء في الجواخير أو الأعلاف أو المتاجرة بمواد الإعاشة، وكانت آخر فضائح «عيال بطنها» وجود 7000 معاق كذاب وسارق للمال العام!
لا أدعي أنني مواطن صالح أكثر من غيري، ولكن بإمكاني الادعاء بأنني، على الأقل، كفيت وطني من شري، وهذا ما لم يفعله الكثير من الأقحاح من أصحاب الأصول والفصول.
فهل وصلت الرسالة؟ لا أعتقد، فنفوس هؤلاء مملوءة بالشكوك، والعقل في سبات!

أحمد الصراف