سعيد محمد سعيد

لاوحوش في دوار اللؤلؤة

 

بعون الله وتوفيقه، سيتجاوز شعب البحرين الطيب الكريم هذه المرحلة الصعبة ذات التعقيد العالي، فقد بان أثر التلاحم الشعبي الحقيقي في وأد خطابات وممارسات وحركات الفتنة وأخشابها وحديدها، حتى لو توالت وتكررت تلك الصور، فإن مآلها الفشل الكبير لأن شعب البحرين لا يقبل بأصوات الحقد الدفين، ولن تتوانى منظمات المجتمع المدني من جمعيات سياسية وكذلك الشخصيات والوجهاء وشباب 14 فبراير في المشاركة الحقيقية عبر الحوار البناء الذي يقوده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى، لتجاوز هذه المرحلة.

ليعذرني القارئ الكريم، أياً كان انتماؤه المذهبي والسياسي، أن أحذر من الانجرار الى الفتنة المقصودة! نعم هي فتنة مقصودة عندما نفتح التلفزيون الرسمي أو اذاعته، وهما جهازان بالغا كثيراً في تجاوز المهنية، وكذلك بعض الفضائيات الطائفية، وتستمع لمثل هذه العبارات :«الحقونا… سيقتلوننا!والله ثم والله، سأفجر نفسي فيهم… إلى متى السكوت عن أحقادهم وتآمرهم؟ الغوث الغوث الغوث… لقد انكشف خبثهم فعليكم بهم»، أو تستمع لبعض الخطب أو الأدعية التي توحي بأن البلد نزلت عليهم نازلة مدمرة، وستشعر بأنك تستمع الى نداءات قادمة من مدن صبراته أو الزاوية أو بنغازي في ليبيا فرج الله عن أهلها وعن أهل البحرين، فإذا بك في البحرين التي لم ولن تكون إلا بلداً متعدداً يحترم كل الآراء والحقوق الدستورية في أشد الظروف.

على الإعلام الرسمي أن يخجل مما يفعل، وعلى خطباء الفتنة والمحرضين بالأخشاب والحديد أن يعودوا الى صوابهم… على سبيل المثال، صدمت كما صدم الكثير من المستمعين صباح يوم الثلثاء عندما اتصلت مواطنة في الساعة الثامنة و46 دقيقة بالإذاعة تتحدث عن تربية الأطفال وغرس حب الوطن فيهم وتظاهرت بالبكاء والموت في حب الوطن، ثم بعد ذلك انهت مكالمتها (الوطنية الوحدوية العظيمة) بعبارة: «أنا أم الأسود في الدوار السابع»! وحسناً فعلت المذيعة استقلال أحمد بلفت نظرها الى أن تكون المشاركة ذات مغزى وطني… أي أن لا يتم دس السم في العسل.

حسناً، هناك وحوش في المسيرات وفي دوار اللؤلؤة كما يحلو للكثير من أصحاب الولاء المزيف أن يروجوا ويكثفوا، لكن الحقيقة على الأرض غير ذلك! نعم، هناك حجم لا مسبوق من المسيرات المطلبية، لكن صبغتها بحرينية وطنية سلمية خالصة، وأنا من الناس الذين انتقدوا بشدة وقسوة على الشباب في القرى طوال سنوات مضت لرفض الممارسات المطلبية العنيفة من حرق اطارات وحاويات قمامة والإضرار بالممتلكات، وهذا موقف شريحة كبيرة من الأهالي الذين رفضوا العنف وأيدوا الأنشطة السلمية، لكن، من غير المعقول أن نقبل بالهجوم والتشويه والحملات المغرضة لضرب حركة الشباب السلمية! حتى وإن كانت ضخمة بالشكل الذي لم نعهده، لأنها مرحلة حساسة جداً تتطلب صياغة مستقبل البلاد لمصلحة الدولة ومواطنيها.

أعود فأقول، إذا كانت الصورة التي يروجها البعض هي أن المعتصمين في دوار اللؤلؤة والحشود الضخمة المشاركة في المسيرات هم من الوحوش الضارية العدوانية الحاقدة، فما على تلفزيون البحرين، إلا أن يتقدم مشكوراً بتخصيص نقل مباشر ليلياً ولو لمدة نصف ساعة من الدوار، ويكشف للعالم وحشية الوحوش!ويتقدم بشجاعة لتغطية المسيرات الضخمة بكل تفاصيلها ليشاهد القاصي والداني الأدلة الدامغة على (عدم سلمية الحركة) كما يدعون… فما المانع؟!

أحبائي، لن يكون سهلاً ضبط الشعارات، لكن الجمعيات السياسية والمنظمين أثبتوا قدرتهم الفائقة على اظهار سلمية الحركة وجوهرها الوطني وورودها الجميلة، لكن بودي أن ننتبه جميعاً لمحاولات جر الساحة للصدام، كالتواجد بالقرب من اللقاءات الليلية التي تشمل خطابات طائفية نارية يعقبها رفع سيوف وأخشاب واسياخ الحديد… والحذر من الفعاليات التي تجر الناس الى الصدامات التي يتمناها البعض لحدوث التناحر، وبالتالي التأثير على الحركة المطلبية السلمية وضربها بمقتل من خلال تعطيل الحوار.

وللحديث صلة

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *