محمد الوشيحي

لا نريد البسكويت

هي معركة ضد الحكومة كلها، من الدعامية إلى الدعامية، بنهجها وبصلها وقثائها، وضد البرلمان من المحيط إلى الخليج، وضد الفساد الإداري والمالي، وضد مؤسسات النفع العام الحكومية، وضد الماء الحكومي وضد الرصاص، وضد كل ما هو سيئ في هذا البلد. هي معركة ضد الوضع الذي يدفع بعض الكتّاب إلى «السجود» ومهاجمة المعارضين بحثاً عن منصب وزاري، ضد أن يتحول «ضباط المرور» إلى نجوم شباك سرعان ما يحصلون على عضوية مجلس الأمة، ضد التغاضي عن أخطاء هذا لأنه حبيبنا والتعسف مع ذاك لأنه خصمنا، ضد تحوّل الوزراء إلى وكلاء في وزاراتهم ينقلون هذا وينتدبون ذاك من صغار الموظفين، ضد أن تلقي الحكومة خطابها الأول ثم تغلق سماعة الهاتف في وجه الشعب، فنتصل بها فيرد علينا جهاز الـ«أنسر مشين»: «اتصالك يهمنا» وتلطعنا على الموسيقى.

هي معركة لتكريم الـ«لا» وتمجيدها وشرح فوائدها للوزراء، هي معركة ضد تحويل صحفنا إلى صحف قومية خوفاً وطمعاً، وضد قانون «ساكسونيا» المخصص لمحاكمة علية القوم الأوروبيين في القرون الوسطى، إذ لا يحاكمون المخطئ بل يكتفون بمحاكمة ظله، فإذا أدين نُفِّذَ العقاب على أحد عبيده الأفارقة… هي معركة ضد وضد وضد، ومخطئ من يتوهم أننا نريد فقط تغيير سمو رئيس الحكومة، أو أن بيننا وبين سموه ثأراً بائتاً.

هي ليست ثورة جياع يبحثون عن الخبز، كي تطل حكومة ماري أنطوانيت علينا من الشرفة وهي تضع أصابعها على فمها مذهولة وتستفسر: «ما بهم؟»، فيجيبها الخدم: «يشتكون من عدم توافر الخبز»، فتتساءل ببلاهة: «لماذا لا يأكلون البسكويت إذاً؟»، وبالمناسبة، هذه هي أشهر كذبة في التاريخ، على ذمة المؤرخين، فلم تقل ماري انطوانيت ذلك، لكن الداهية «روبسبيير» قائد الثورة الفرنسية الذي كان يرتدي ملابس النساء ويختبئ بينهن هو الذي أشاع ذلك كي يغضب الناس ويقتحموا القصر، وهو ما تم فعلاً…

معركتنا مع الحكومة ليست هوشة عيال في «براحة مدرسة» خلف البنك من جهة قطعة اثنين، كما كنا نفعل في الصباحية وضواحيها، ولا هي هوشة مصبنة في السوق «ليش تخز وليش تدز»، بل هي مطالب شعب يريد أن يطبق الدستور والمادة السادسة منه «الأمة مصدر السلطات جميعاً…»، وسينجح الشعب في ذلك. صدقيني يا حكومة سينجح.

صحيح أن عدد المعتصمين في يوم «8 مارس» مقارب لعدد حضور مسرحيات طارق العلي (في تقديري… من ألف إلى ألف وخمسمئة مواطن ومواطنة)، لكنه اعتصام البذرة الأولى التي ستنمو وتنمو وتنمو إلى أن تطرح ثمارها.

***

كتّاب الحكومة حكوميون حتى في مواعيد حفلات زفافهم، إذ دعانا كلّ من الزميل الطويل أحمد عيسى والزميل مشعل الذايدي إلى حفلتي زفافهما في يوم الاعتصام نفسه، الأول في العديلية والثاني في الجهراء، وأظنها خطة من تدبير الحكومة لتشتيتنا.

مبروك «اللباس» للزميلين ويقطّعونها بالعافية.

***

الطالب الجامعي الشاعر «صلاح العرجاني» الذي وصل إلى مرحلة متقدمة في مسابقة «شاعر المليون»، يمتلك مفردة مبهرة، وسيقتحم عالم الشعر السياسي بقوة، وستقرأون له قريباً ما يبهركم ويسحركم…

خذوا هذين البيتين من قصيدة له يمتدح فيها ثوار ليبيا وقبائلها الحرة:

«مع قبائل ليبيا عز منحوت // في صدورهم، ما ضيّعته المداين

قبائلْ اتنافس بعَضها على الموت // ما هي تنافس بعْضها في المزاين».

الله الله الله عليك يا ابن العم، وسحقاً لقبائل لا تتنافس إلا في «مزاين الإبل».

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

حسن العيسى

البدون لبستوهم !

اثنان من البدون كانا من المحتجزين في أمن الدولة، وتم الإفراج عنهما في ما بعد، هما طبيبا أسنان وعلى درجة عالية من التفوق في عملهما، وهناك أكثر من طبيب «بدون» يعملون براتب لا يتجاوز 400 دينار، وأخبرني أحد العارفين بجهنم البدون أنه يوجد عدة حراس أمن في القطاع الخاص يحملون شهادات طب!! لكن ليس المهم كفاءة البعض من «المقيمين بصورة غير قانونية» المهم عند أكابر القوم في الديرة هو التركيبة السكانية وعدم اختلالها، وكأن تركيبتنا السكانية أنتجت لنا آينشتاين في الفيزياء وباخ في الموسيقى… والذي حدث أمس الأول في مجلس الأمة كان أكثر من مخجل وكان وصمة عار في جبين نوابنا الذين وجدوا أولويات أخرى لمناقشتها، أما تقرير حقوق البدون بقانون فقد تم تعمد إهماله بسبق الإصرار «والتعصب»، وتناسى هؤلاء النواب أن هناك مندوبين عن جمعيات عالمية لحقوق الإنسان كانوا موجودين في أثناء الجلسة وكانوا يتوقعون أن يناقش المجلس قضية البدون، ولكن هذا لم يحدث وكشفنا عن فضيحة إنسانية أخرى من فضائح «أنا كويتي وعزومي قوية».

الحكومة وعدت بأن تفعل القرارات التي صدرت أخيراً من اللجنة البرلمانية بشأن الأحد عشر حقاً للبدون، وهذا ما بشر به الوزير البصيري ممثلة جمعية حقوق الإنسان الكويتية مها البرجس، لكن لا أدري كيف يصور علية القوم إصدار شهادة وفاة أو شهادة ميلاد للبدون على أنها «رخصة» وتفضل من الدولة واعتبروهما من بعد- واللغة هنا ملتبسة- على أنهما حقان مثل بقية الحقوق التي أقرت من اللجنة البرلمانية…! تلك ليست حقوق عادية يخلقها القانون وهي من باب أولى ليست صدقات تتفضلون بها على «المناكيد» الذين ولدوا في الكويت وعلى ظهورهم وشم كلمة «بدون»، هذه حقوق طبيعية يولد بها الإنسان ومعها يموت، وسواء أقرتها قوانين وضعية أو لم تفعل تظل حقوقاً سندها القانون الطبيعي وأحكام العدالة وهي غير قابلة للنقاش.

لست متفائلاً بأن 11 حقاً سيتم إقرارها بقانون، مادامت عقد الفاشية النفطية معششة في ضمير الكثيرين منا، وستظل على ذلك أوضاع البدون تتأرجح في القرارات الحكومية تخرج من سكة وعد كي تتوه في دروب اللامبالاة ولا تستقر على حال أبداً. المضحك أن الحكومة قالت في تبرير معارضتها إصدار قانون لتقرير حقوق البدون- طبعاً حقوقهم الإنسانية وفق مبدأ الحقوق الطبيعية وليس حقوقهم في الجنسية- إنه لا يمكن معالجة وضعهم غير القانوني بقانون…!! صحيح أن شر البلية ما يضحك، فتعديل حالة اللاقانون أو اعوجاجه دائماً يكون بقانون هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإنه في أحايين كثيرة تكون أسوأ أنواع الظلم هي المقننة بتشريع أو قرار مقنن… نظرة سريعة على تشريعات أمن الدولة في دولنا العربية تقنعكم بالإجابة.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

الوقيان و«الجعفرية»

أنهيت باستمتاع قبل أيام قراءة «الثقافة في الكويت» للأستاذ خليفة الوقيان. وبالرغم من ان طبعته الأولى صدرت في 2006، فإنني سعدت لعدم قراءتي لها في حينه، بسبب الإضافات القيمة للطبعات الثلاث التالية. وقد لفت نظري عند تطرقه في ص113 لتاريخ المؤسسات الثقافية الأهلية ولتاريخ تأسيس المدرسة المباركية عام 1911، والأحمدية عام 1921، تطرقه أو أي مؤرخ من قبله، حسب علمي، بالإشارة، ولو العابرة، للمدرسة الوطنية «الجعفرية»، التي أسست قبل 72 عاما، التي تعتبر من أوائل المدارس الأهلية النظامية، والتي افتتحها الشيخ عبدالله الجابر نيابة عن الشيخ أحمد الجابر، أمير الكويت وقتها. وورد في الموقع الإلكتروني للمدرسة الوطنية، والذي يحتوي على صور جميلة ونادرة، ان مؤسسيها أقاموا حفل الافتتاح بمبناها الأول قرب قصر السيف، قبل أن تنتقل لموقع أكثر اتساعا في شارع الميدان ولثالث في القادسية، وكيف ان جمعا غفيرا من الشيوخ والتجار ورجال الدين، حضروا حفل الافتتاح وكان بينهم المرحوم الشيخ عبدالله النوري الذي ألقى كلمة بليغة في المناسبة.
أدارت المدرسة في البداية لجنة من أحمد محمد حسين معرفي (المؤسس الأول) ومنصور المزيدي وهاشم بهبهاني ومحمد رفيع معرفي (المؤسس الفعلي) وعلي أبل وأحمد المحميد. وبذل هؤلاء وغيرهم الكثير من المال والجهد والوقت لإنجاح الفكرة، ونجحوا في ذلك بشكل بارز، فقد كان خريجوها مميزين بشكل لافت، ولكن المدرسة فقدت شهرتها وبريقها وريادتها التعليمية مع تطور النظام التعليمي الحكومي وتعدد مراحله وغناه في المادة والمبنى والمحتوى، اضافة الى ان الناس أصبحوا أقل ميلا لإلحاق ابنائهم بالمدارس الدينية، علما بانها لم تكن تركز على المواد الدينية كثيرا، حسبما قيل لي.
أكتب ذلك من منطلق علماني، وبعيدا عن تعصب، فالحقيقة انني، ولسبب لا أعرفه، لم استدل يوما على الموقع الأول للمدرسة، كما أزيل الثاني من دون أن اعرفه ايضا، ولكني كنت دائم الإعجاب بمخرجاتها من خلال ما كنت أراه من تفوق هؤلاء عند انضمامهم لنا في المدارس الحكومية. وأتمنى على الأستاذ الوقيان تضمين الطبعات المقبلة من كتابه القيم نبذة عن هذه المدرسة الرائدة التي علمت الكثيرين الكثير من دون تفرقة، خصوصا عندما لم تكن الفروقات «المذهبية» بمثل حدتها في مثل هذه الأيام.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

لاوحوش في دوار اللؤلؤة

 

بعون الله وتوفيقه، سيتجاوز شعب البحرين الطيب الكريم هذه المرحلة الصعبة ذات التعقيد العالي، فقد بان أثر التلاحم الشعبي الحقيقي في وأد خطابات وممارسات وحركات الفتنة وأخشابها وحديدها، حتى لو توالت وتكررت تلك الصور، فإن مآلها الفشل الكبير لأن شعب البحرين لا يقبل بأصوات الحقد الدفين، ولن تتوانى منظمات المجتمع المدني من جمعيات سياسية وكذلك الشخصيات والوجهاء وشباب 14 فبراير في المشاركة الحقيقية عبر الحوار البناء الذي يقوده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى، لتجاوز هذه المرحلة.

ليعذرني القارئ الكريم، أياً كان انتماؤه المذهبي والسياسي، أن أحذر من الانجرار الى الفتنة المقصودة! نعم هي فتنة مقصودة عندما نفتح التلفزيون الرسمي أو اذاعته، وهما جهازان بالغا كثيراً في تجاوز المهنية، وكذلك بعض الفضائيات الطائفية، وتستمع لمثل هذه العبارات :«الحقونا… سيقتلوننا!والله ثم والله، سأفجر نفسي فيهم… إلى متى السكوت عن أحقادهم وتآمرهم؟ الغوث الغوث الغوث… لقد انكشف خبثهم فعليكم بهم»، أو تستمع لبعض الخطب أو الأدعية التي توحي بأن البلد نزلت عليهم نازلة مدمرة، وستشعر بأنك تستمع الى نداءات قادمة من مدن صبراته أو الزاوية أو بنغازي في ليبيا فرج الله عن أهلها وعن أهل البحرين، فإذا بك في البحرين التي لم ولن تكون إلا بلداً متعدداً يحترم كل الآراء والحقوق الدستورية في أشد الظروف.

على الإعلام الرسمي أن يخجل مما يفعل، وعلى خطباء الفتنة والمحرضين بالأخشاب والحديد أن يعودوا الى صوابهم… على سبيل المثال، صدمت كما صدم الكثير من المستمعين صباح يوم الثلثاء عندما اتصلت مواطنة في الساعة الثامنة و46 دقيقة بالإذاعة تتحدث عن تربية الأطفال وغرس حب الوطن فيهم وتظاهرت بالبكاء والموت في حب الوطن، ثم بعد ذلك انهت مكالمتها (الوطنية الوحدوية العظيمة) بعبارة: «أنا أم الأسود في الدوار السابع»! وحسناً فعلت المذيعة استقلال أحمد بلفت نظرها الى أن تكون المشاركة ذات مغزى وطني… أي أن لا يتم دس السم في العسل.

حسناً، هناك وحوش في المسيرات وفي دوار اللؤلؤة كما يحلو للكثير من أصحاب الولاء المزيف أن يروجوا ويكثفوا، لكن الحقيقة على الأرض غير ذلك! نعم، هناك حجم لا مسبوق من المسيرات المطلبية، لكن صبغتها بحرينية وطنية سلمية خالصة، وأنا من الناس الذين انتقدوا بشدة وقسوة على الشباب في القرى طوال سنوات مضت لرفض الممارسات المطلبية العنيفة من حرق اطارات وحاويات قمامة والإضرار بالممتلكات، وهذا موقف شريحة كبيرة من الأهالي الذين رفضوا العنف وأيدوا الأنشطة السلمية، لكن، من غير المعقول أن نقبل بالهجوم والتشويه والحملات المغرضة لضرب حركة الشباب السلمية! حتى وإن كانت ضخمة بالشكل الذي لم نعهده، لأنها مرحلة حساسة جداً تتطلب صياغة مستقبل البلاد لمصلحة الدولة ومواطنيها.

أعود فأقول، إذا كانت الصورة التي يروجها البعض هي أن المعتصمين في دوار اللؤلؤة والحشود الضخمة المشاركة في المسيرات هم من الوحوش الضارية العدوانية الحاقدة، فما على تلفزيون البحرين، إلا أن يتقدم مشكوراً بتخصيص نقل مباشر ليلياً ولو لمدة نصف ساعة من الدوار، ويكشف للعالم وحشية الوحوش!ويتقدم بشجاعة لتغطية المسيرات الضخمة بكل تفاصيلها ليشاهد القاصي والداني الأدلة الدامغة على (عدم سلمية الحركة) كما يدعون… فما المانع؟!

أحبائي، لن يكون سهلاً ضبط الشعارات، لكن الجمعيات السياسية والمنظمين أثبتوا قدرتهم الفائقة على اظهار سلمية الحركة وجوهرها الوطني وورودها الجميلة، لكن بودي أن ننتبه جميعاً لمحاولات جر الساحة للصدام، كالتواجد بالقرب من اللقاءات الليلية التي تشمل خطابات طائفية نارية يعقبها رفع سيوف وأخشاب واسياخ الحديد… والحذر من الفعاليات التي تجر الناس الى الصدامات التي يتمناها البعض لحدوث التناحر، وبالتالي التأثير على الحركة المطلبية السلمية وضربها بمقتل من خلال تعطيل الحوار.

وللحديث صلة