تحدثت في عمود يوم الخميس الماضي حول موجة الإصرار المريب على ترويج جماعات وأجهزة إعلامية ووسائط وشخصيات وأشباح وخفافيش وأم الخضر والليف ومن لفّ لفها، لأكذوبة الفتنة والانشطار الطائفي في المجتمع البحريني، واعتبرتها من وجهة نظري المتواضعة، تحركاً طبيعياً (فاشلاً) رداً على حالة التلاحم الوطني المشرف للبحرينيين الشرفاء المخلصين الذين أذهلوا العالم بتحركهم السلمي وإصرارهم على المطالب المشروعة التي لا تخدم سوى حاضر ومستقبل الوطن العزيز.
ويبدو أن قاموس أعداء الوطن نَشِطٌ متجددٌ في اختيار المفردات تلو الأخرى بهدف إشعال فتيل الفتنة، فبعد فشل عنوان (الفتنة والانشطار الطائفي)، عمدوا لاستخدام مفردة (الفوضى)، حتى قال قائلهم ذات مساء: «نريد أن نعلمهم بأننا حضاريون ومنظمون نحب البحرين، وهم فوضويون لا تهمهم مصلحة الوطن»، وكتب آخر تحت عنوان الفوضى ما أخرجه عن عقاله، ولن تكون مفردات ذلك القاموس العفن إلا شرارات متطايرة لإيقاع صدامات عنيفة دامية في الشارع، وهذا ما يتوجب على الجميع الالتفات له والتحذير منه، ولتكن حادثة شجار مدينة حمد يوم الخميس (3 مارس/ آذار 2011) أيها الشرفاء مدونة بدقة لدينا جميعاً لكشفها وتعريتها ووأدها، بل ووأد الخطاب الخطير الذي أدى إلى تأجيجها، وكل ذلك، من وجهة نظري المتواضعة أيضاً، ليس سوى مخطط لإفشال الحوار الوطني الذي يقوده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى، عبر قطع الطريق أمام الحوار بإشعال الشارع بالصدامات الدامية، وكما حذر العلماء الأفاضل والمخلصون من أبناء البحرين، يتوجب على الجميع، أخذ الحيطة والحذر لإفشال هذا المخطط.
إخواني… الصورة واضحة! كل الدول العربية والإسلامية بل ودول العالم الثالث، مهيئة لثورات غضب شعبية مقبلة للمطالبة بالحقوق والإصلاحات نظراً لتراكم الممارسات الديكتاتورية وتعنت الحكومات وظلمها واستبدادها، وستكرر الأنظمة ذات الأساليب في التعامل مع شعوبها وستضعها تحت عدة عناوين مكررة: فوضى وتخريب وفتنة – تآمر من الخارج كإيران تارة، وتل أبيب تارة أخرى تدار من أميركا – مخطط إسرائيلي لتقويض الأمة الإسلامية – القاعدة و «طالبان»، وربما عناوين أخرى لست أفقهها! ثم ستنحو تلك الأنظمة إلى: استخدام أقصى أنواع العنف والقوة ضد مواطنيها وستقتل من تقتل بدم بارد – ستحذر وتهدد وتنذر وتزبد – ستستخدم البلطجية والمرتزقة الذين على ما يبدو أعدتهم تلك الأنظمة منذ زمن في أقفاص خاصة تطعمهم وتسمنهم وتربيهم للنيل من شعوبها – ستتراجع وتدعو للتهدئة والحوار وستتباكى على سلامة الوطن واستقراره وأمنه واقتصاده – ستلفّ وتدور حول الحوار – ستسقط الأنظمة المتعنتة المكابرة – ستنجو الأنظمة التي ستظهر بشجاعة وتعترف بأخطائها وتؤمن بأن مطالب الشعوب مشروعة ودستورية فتصل إلى بر الأمان.
لكن، في فقرة قصيرة ليسمح لي القارئ الكريم أن ألفت نظر الجميع إلى عدة نقاط تتعلق بالمجتمع البحريني باختصار: على الجمعيات السياسية والرموز الدينية وأولياء الأمور أن يسهموا في استقرار سير العملية التعليمية وسلامة المدارس وخصوصاً بعد بيان الجمعيات الداعي إلى استقرار المدارس – التصدي بمسئولية وطنية لمن يحاول نشر صور الاحتقان الطائفي بعد أن عجز ثم عاد وشمّر عن ساعديه ليواصل مسعاه الخبيث – احترام كل طرف للآخر، سواء كان موالياً أم معارضاً، بلا إقصاء أو تحريض أو اصطفاف – على الدولة – والأمل معقود على سمو الأمير سلمان الله يوفقه في مهمته الجسيمة – أن توازن في التعامل الإعلامي وتمنح كل طرف حقه في التغطية الإعلامية المتزنة بعينين لا بعين واحدة، وتتصدى بحزم لكل جهاز إعلامي أو منتدى إلكتروني يصب الزيت على النار ويفتح المجال لنشر الكلام المدمر والاتهامات الفاجرة.
أما بالنسبة لشباب 14 فبراير، فقد أثبتوا للعالم أنهم بحرينيون شرفاء يحملون همّ الوطن وصلاحه، وحين يقولون: «لم يخرجوا أشراً ولا بطراً»، إنما يجسدونها على أرض الواقع بصدورهم العارية وزهورهم ودمائهم لا من أجل جرّ البلاد إلى الصدام بخطاب آثم! ولكل من حمل علم البحرين وهتف من أجل حاضر ومستقبل البحرين بصدق، من الموالاة والمعارضة، بعيداً عن المطابخ السرية والتآمر الفاشل… لهم منا كل الشكر والتقدير… لكن يا جماعة، استعدوا للقادم… استعدوا جيداً لمن لا يمتّ بصلة إلى تراب البحرين، ولا يريد سوى التدمير… احذروهم جيداً واستعدوا لهم واكشفوهم بتلاحمكم وبشعاركم المدوّي: «بالروح بالدم نفديكِ يا بحرين»