سامي النصف

الإطفائي وكرة النار

في هذه الاوقات الصعبة عربيا وخليجيا، كان هناك تحرك موفق من صاحب السمو الامير للم الشمل الخليجي الذي يمهد تمزقه لسقوط دولنا الواحدة تلو الاخرى، وان يؤكل شمال الخليج في اليوم الذي نسمح فيه بأكل جنوبه او وسطه، دور اطفائي الخلافات المشتعلة والذي يوفر في النهاية الجهد والدم والمال، هو اختصاص متصل لسموه منذ ان تدخل قبل حوالي نصف قرن لاطفاء نار الخلاف الدموي الذي قام بين بعض دولنا الخليجية والعربية على معطى حرب اليمن.

منذ ان ارسلت السيدة هيلاري كلينتون رسالتها الواضحة لبعض الحكام العرب منتصف شهر يناير الماضي بأن يتغيروا قبل ان يتم تغييرهم، والرسالة تصل متأخرة احيانا كما حدث في تونس ومصر، سبب التأخير هو الاختيار الخاطئ للاشخاص والذي يوصل بالتبعية لقراءات خاطئة للمتغيرات مما يؤدي في النهاية لقرارات خاطئة او متأخرة لم تعد اثمانها تنحصر في ازمة سياسية او تقتصر على دفع كلفة مالية.

هل حكم اهل الدماء الحمراء من البسطاء والفقراء، كما يقال، ارحم وافضل من حكم من يسمون بأصحاب الدماء الزرقاء، اي اصحاب الحكم الوراثي؟! الاجابة واضحة وجلية عبر متابعة احداث تاريخنا السياسي المعاصر، فقد تم اسقاط الانظمة الوراثية في مصر والعراق وليبيا على دعاوى مظالم لم تقتل احدا إبان حكم الملكيات، ودعاوى مفاسد ـ لو صدقت ـ لا تتعدى مبالغها الواحد من مليون من ميزانيات تلك الدول والباقي كان يصرف على تنمية شعوبها، وجميعها تعتبر ممارسات ملائكية عندما تقارن بما فعله من يفترض ان يكون رحيما بالبسطاء والفقراء من شعبه كونه اتى منهم.

فقد قتل وأباد الحكام الثوريون الذين اتوا على انقاض الانظمة الوراثية،الصغير قبل الكبير، والفقير قبل الغني، وزجوا بشعوبهم في حروب خارجية خاسرة او داخلية دموية، ونهبوا ميزانيات بلدانهم «كاملة» فأصبحوا من اصحاب المليارات ولم يبقوا لبلدانهم شيئا عدا الفقر والمرض والجهل واليتم والمباني المهدومة الخاوية في وقت لم يعرف فيه شيء قريب من هذا الثراء الفاحش عند من تبقى من اسر الملك فاروق او فيصل الثاني او ادريس السنوسي الذي لم يكن يملك مالا يدفع به ثمن اقامته في فندق باليونان، بينما تتجاوز ثروة الثائر عليه ما يقارب 200 مليار دولار هي نتاج سرقة جُل ميزانية دولة نفطية لمدة 42 عاما دون ان يصرف منها شيئا على شعبه.

آخر محطة:

1 ـ ابان فورة اليسار والثورية ودعاوى القومية في الخمسينيات والستينيات، صمدت الكويت عندما تساقطت الانظمة الاخرى بسبب الذكاء والتعامل الايجابي مع متطلبات تلك المرحلة، وعندما تحول العالم والمنطقة معه للنهج الديني والمحافظ في السبعينيات والثمانينيات تعاملت الكويت بحكمة مع ذلك المتغير وتجاوبت كذلك مع متطلباته واستحقاقاته.

2 ـ يتعرض بلدنا هذه الايام لتحديات لا تخفى على احد ولدينا ثقة تامة بالحكمة الكويتية في التعامل مع تلك المتغيرات الحادة وغير المسبوقة، واننا سنشهد قراءات وقرارات تدل على الفهم العميق لما يجري واستحقاقاته.

3 ـ لدينا قناعة شخصية بأن كرة النار التي «تتنطط» بالمنطقة لن تتوقف عن تحركها او تطفأ نيرانها في المستقبل المنظور، فمازالت بعض دول المنطقة العربية والخليجية مستهدفة وبقوة من تلك الكرة الجهنمية التي يمكن ان تسدد احيانا للدول المقصودة مباشرة او عن طريق تسديدها لدول قريبة منها بقصد الاضرار بها بالتبعية.

احمد الصراف

نتائج «ساينوفيت» المخيبة

عماد أي دولة مثقفوها ومفكروها فهم قادة الرأي فيها ورصيدها الحاضر، كما الشباب رصيدها المستقبلي، والمثقف او المفكر لا يخلقه المسرح ولا التلفزيون ولا أي وسيلة تعليمية او تثقيفية اخرى غير القراءة، فخلق المعرفة وتجميعها لا يتأتيان إلا بالقراءة، وهي الفيصل في تخلف شعب او جماعة، وحتى فرد وتقدم آخر! وقد اظهر بحث اجرته Synovate، وهي مؤسسة متخصصة بأبحاث التسويق، ان عادة القراءة في خمس دول هي: مصر وتونس والمغرب والسعودية ولبنان تتشابه، ولكن مع فوارق بسيطة. فغالبية ما يطالعه قراء هذه الدول يتركز على السياسة والاحداث الجارية من الصحف والمجلات، كما ان متصفحي الانترنت لهم الاهتمامات نفسها، فقد اجاب غالبية قراء مصر بالقول انهم يقرأون القرآن اكثر من غيره، اما قراء لبنان فلم يظهروا ميلا لكتاب محدد، مع اهتمام بكتب جبران، وشارك قراء السعودية ميول اقرانهم في مصر، اضافة لقراءتهم للكتب الدينية الاخرى كالسيرة، اما في المغرب، وبالرغم من وجود نسبة من قراء الفرنسية، كما في لبنان وتونس، فانهم يركزون على القصص الكلاسيكية، واظهروا ميلا لروايات نجيب محفوظ، وفي تونس كان هناك ميل واضح لقراءة شروح القرآن وتفاسيره. كما تبين فيها جميعا ان اكتساب عادة القراءة بدأ مع سنوات الدراسة الاولى. وظهر ايضا ان الكثيرين في المرحلة العمرية من 19 الى 25، اما هجروا القراءة، واما زادوا منها، وهذه الفترة هي فترة الدراسة الجامعية والتخرج والبحث عن عمل وتكوين اسرة.
ومن عوامل التشجيع على القراءة لدى البعض حصولهم على كتب تثير الاهتمام، وذكر الكثيرون انهم يقرأون لزيادة معارفهم الدينية، وانهم يحصلون على معلوماتهم عما يستحق القراءة من الأهل والاصدقاء ومن رجال الدين ومن اصحاب المكتبات، ولكن ليس في السعودية. كما تبين ان معارض الكتب لا تلقى اقبالا من القراء في مصر، بعكس الدول الاربع الاخرى، اما في السعودية فيتم ارتيادها للتسلية، كما تحصل نسبة كبيرة من القراء على كتبها بالاستعارة من صديق او قريب، اما الاستعارة من المكتبات العامة فلا تكاد تذكر!
الدراسة جادة وفيها تفاصيل كثيرة، ويرجى من الراغبين في الحصول على نسخة منها الكتابة الينا.
***
ملاحظة: ورد في تقرير صادر عن مؤسسة الفكر العربي (2011/1/18 CNN) ومن خلال مسح على الانترنت لمدة شهر، ان غالبية العرب كانوا يبحثون عن كتب الطبخ واشهر الطباخين، وعن مواقع الجنس والافلام الاباحية وينفقون الكثير على شراء كتب الجنس وافلامه!

أحمد الصراف