علي محمود خاجه

ما أقصد شي

حقق فاليري لوبانوفسكي كمدرب البطولة الأوروبية للأندية مع فريق ديناموكييف الروسي عامي 1975 و1986 وقاد منتخب الاتحاد السوفياتي إلى نهائي أوروبا في عام 1988، ليأتي بعد ذلك هذا المدرب محملا بتلك الإنجازات إلى منتخب الإمارات ولكنه فشل في تحقيق أي شيء، لينتقل إلى منتخب الكويت ويدربهم ثلاث سنوات كاملة دون تحقيق أي شيء وتمت إقالته. ليحل محله مدرب مغمور لا يملك في رصيده سوى القليل من البطولات المحلية ويحصل مع نفس المنتخب الكويتي الذي فشل لوبانوفسكي في تحقيق النتائج معه، ويحصل المدرب المغمور على بطولتي خليج متتاليتين والمركز الرابع على مستوى القارة.

أما محمد إبراهيم المدرب الكويتي الأفضل على مستوى الإنجازات في تاريخ الكويت على الإطلاق، وصاحب أعلى رصيد بطولات مع نادي القادسية، وعلى الرغم من استعانته بعشرة من لاعبي نادي القادسية حينما درب المنتخب فإنه لم يتمكن من تحقيق بطولة الخليج أو أي إنجاز على مستوى المنتخب أبدا، فيأتي مدرب مغمور لم يدرب فريقاً قط سوى نادي الشباب الكويتي ليحقق مع منتخب الكويت بطولتين في غضون أشهر قليلة.

السؤال هل لوبانوفسكي فاشل؟ أم هل محمد إبراهيم فاشل؟ أم هما غير قادرين على القيادة؟ طيب هل اللاعبون في الفترتين السابقتين سيئيون؟

لا أتوقع أن إجابة غير النفي ستكون منطقية، ولكن الظروف أو العقلية أو الفكر لم تساعد المدربين أو اللاعبين على الانسجام لتحقيق الإنجازات، كما أنه لم يكن من الحكمة أبدا أن تبقي إدارات الاتحادات الكروية السابقة على المدربين السابق ذكرهم، فهم رغم تقديرنا لهم بل حب البعض لهم أيضا فإنهم لم يتمكنوا من التغيير والإنجاز.

لقد أحسنت الإدارة في تنحية لوبانوفسكي بعد سنواته العجاف، ولم يكن هناك بد من ذلك، فاستمراره كان يعني استمرار الوضع السيئ القائم، وقد أحسن محمد إبراهيم في اعتذاره عن الاستمرار مع الأزرق، فقد استوعب عدم تمكنه من تقديم ما هو أفضل للمنتخب، فرحل ليتيح المجال لمن قد يكون أفضل، وقد تحقق له ذلك… فشكرا لإدارة الاتحاد في عهد لوبانوفسكي، وشكراً لمحمد إبراهيم، فقد خدما الكرة الكويتية قبل أن تدخل إلى مرحلة الكوارث التي لا تحمد عقباها.

خارج نطاق التغطية (1):

لا أستطيع أن أكسب أي نقاش مع من هم في صف الحكومة في هذه الأيام، فأنا لن أتمكن أبدا من تغيير فكرة لدى أشخاص مقتنعين بأن رصيفا مسكينا اعتدى على أهل الكويت.

خارج نطاق التغطية (2):

أحمق يقوم بإرسال رسائل نصية يدعي فيها أن رغبة النواب في عدم التعاون مع سمو الرئيس هي بسبب علاقة سموه المتينة مع الجمهورية الإيرانية!!

فعلا لقد أظهرت أزمتنا السياسية الحالية مدى ضحالة عقول الكثيرين من أبناء الكويت للأسف.

محمد الوشيحي

أقرب حمّام 
مغربي

بسبب عمايل حكومتنا، يولد أطفالنا مشوهين فكرياً وخلقياً، يولد الطفل وله «سكسوكة» ويسأل عن أول مربوط في الراتب وأقرب موعد للتقاعد، يولد فيسأل عن فواتير الكهرباء متى ستُلغى، يولد وهو يبحث عن واسطة تتكفل به من المهد إلى اللحد، من تغيير الحفاظة إلى الزواج من نائبة تقوم بتعيينه في منصب حكومي. ومادامت الحكومة تقر الكوادر والزيادات والعطايا، من أموال الشعب (كما يقول المثل: خذ من كيسه وعايده) فهي ليست مطالبة بالقيام بأي عمل آخر، كما يرى هذا الطفل المشوه.

والكويت بناية سكنية خربة، ولو كنتُ المسؤول لاستأجرت جزيرة في المحيط الهادئ، ولنقلت كل مَن على هذه الأرض إليها، وتعاقدت مع شركات تنظيف متعددة، واحدة لقتل الجرذان والقوارض التي ملأت البناية، وثانية لجلي الرخام، وثالثة للصبغ (الطلاء)، ورابعة للتعقيم بالديتول الأصلي، وخامسة لغسل السجاد والكنب والمفروشات وسادسة وسابعة وثامنة…

الكويت بحاجة إلى الدعك الشديد بالصابون حتى تصل الرغوة إلى عنان السماء، الكويت بحاجة إلى أقرب «حمّام مغربي» أو «حمام قبازرد» يتولى تفريكها فيه إيراني «متعافي»، يسمع عن الرحمة ولم يشاهدها.

أشر بإصبعك الكريمة إلى وزارة، أو هيئة مستقلة، وقل لي: هذه الجهة ليست فاسدة، وأراهنك على أن الجهات الصالحة أقل من أصابع اليد الواحدة في أحسن الأحوال والأجواء… وبمناسبة الأجواء، هل تعلم أن هذا الغبار الذي كدّس مرضى الربو في المستشفيات، وأنهك صدور الأطفال، هل تعلم أن علاجه لا يحتاج إلا إلى زراعة بقعتين أرضيتين صغيرتين في شمال غرب البلاد؟ إذ يقول المختصون: «كل الغبار في الكويت مصدره هاتان البقعتان، فإذا تمت زراعتهما بمصدات الرياح… (غدى الشر)»، ومع سهولة الأمر إلا أن شجرة واحدة لم تزرع هناك. بل ويقال إن زراعة طريق المطار التي تمت قبل سنوات، كانت برغبة من صاحب السمو الأمير لا بمبادرة من هيئة الزراعة، التي أمّن رئيسها نفسه و»كسب ود» النواب والصحافيين، فنام.

سيداتي سادتي، التغيير الوزاري ليس إلا منشفة مبللة، تمسح الجزء الظاهر من الوسخ وتترك الجراثيم المزدحمة تحت السجاد وفي المطابخ والغرف (تعريف الجرثومة في قاموسي: هي كل لص يسرق ويفسد في بلده).

الكويت في حالة بهدلة بسبب هذه الحكومة «الرفلة»، وهذا البرلمان الذي لا نعرف أباه، ولن ينقذها إلا نسف الوزارة بمن فيها، وحلّ البرلمان، وتعديل الدستور إلى مزيد من الحريات والمكتسبات الشعبية، وتقليص يد الحكومة الطولى في البرلمان وانتخاباته ولجانه، وتغيير النهج الحكومي، لتأتي حكومة جديدة منتخبة، تعيد بناء الإنسان، وتعيد تشكيل الثقافة من جديد، وتغربل الجهاز الحكومي الفاسد، وتقدم خطة جديدة واقعية بدلاً من خطة أحمد الفهد التي هي كالمكياج الفاقع على وجه الممثلة «إنعام سالوسة».

***

في مصر… تقدمت مجموعة كبيرة من القضاة بشكوى ضد وزير العدل في عهد مبارك يتهمونه بتلقي الرشاوى والتدخل في القضايا لصالح المسؤولين والمتنفذين، وتنوي مجموعة من رجال القانون في تونس التقدم بطلب إعادة فتح القضايا المشبوهة التي حصل فيها المتنفذون، سابقاً، على أحكام بالبراءة، على أن يتم التشهير بالقضاة الذين تولوا تلك القضايا، إذا أدينوا، بتهم «الفساد والإفساد»، وهي تهم تقود إلى حبل المشنقة بعد تجريد المدان من ممتلكاته.

وأرى أنا أن «الدولة التي يحكمها قضاء غير مستقل هي دولة مزورَة هشة العظام سريعة التحطم».

احمد الصراف

“دافنينو سوا يا سيدنا البدوي”

شاع مثل «دافنينو سوا» في دول عدة، ويتعلق بقصة صديقين امتلكا بعيرا صبورا اعتمدا عليه في معيشتهما، وكان وجودهما يرتبط به لما يقوم به من مهام، ولم يكونا يفارقانه. وفي يوم نفق الجمل فجأة، وعلى ظهره حمل ثقيل، فدفناه حيث هو وجلسا بجانبه يندبان حظهما ويبكيان بحرقة خسارتهما فيه، وكان كل من يمر بهما يسأل عن المرحوم فيقولان انه «أبو الصبر»، أبو صبر الخير، أبو البركة، الذي كان يقضي الحوائج ويرفع الثقل ويقرب الصديق ويبعد العدو!
وكان من يسمعهما يعتقد انهما يتكلمان عن ولي صالح وصاحب كرامات فلم يكونوا يكثرون السؤال بل يكتفون بمشاركتهما العزاء، وترك بعض المال والطعام لهما قبل المغادرة، وشيئا فشيئا أصبح عدد الزوار كبيرا وتبرعاتهم أكبر، وهذا أتاح لهما تشييد مبنى فوق القبر، ثم حجرة معيشة لهما، وزاد البناء وارتفع مع زيادة اموال النذورات، فحفرا بئرا لسقي الزوار وأماكن لقضاء الحاجة، وارتفع البناء تدريجيا وخصصت أماكن للضيافة وأخرى للاستراحة وتناول الطعام ومحلات لبيع تمائم وتذكارات دينية وربطات أدعية، وعم خبر كرامات الولي الشفيع (أبو الصبر) الكبير التقي الصالح، الذي يفك الكربات ويداوي الآهات ويزوج العانس ويطلق سراح المسحور، المنطقة كلها، فزادت الزيارات ومعها التبرعات وتحول موقع الدفن البسيط الى مدينة صغيرة تعج بالحركة، وتزايدت ثروة الشريكين، من عطايا السذج التي كانا يتقاسمانها، وفي يوم اختلفا على طريقة القسمة فغضب احدهما من الآخر، ورفع يده طالبا من «أبو الصبر» ان ينتقم منه، فضحك الآخر قائلا: ما احنا دافنينو سوا!
ولو نظرنا لأحوال عالمنا ولكثرة المزارات الدينية فيه، الصحيح منها والوهمي، وما يحيط بزياراتها من شعائر وطقوس، وما يشاع عن قدرة «أصحابها» على اتيان الخوارق والمعجزات ومنح البركات وفك الكروب وتلبية الملهوف واعانة المظلوم، لوجدنا ان الشك يطال الكثير منها في ظل عدم وجود أي معلومات موثقة يعتد بها ويمكن ان تعطي، ولو فكرة عن سيرة «المرحوم»، فالتدوين لم يكن يوما جزءا من تاريخنا الديني أو السياسي! ولو حاولت أي جهة تحري الحقيقة لوجدت أن أشد الناس اعتراضا أولئك الذين يعتنون بتلك المزارات والمدافن والمستفيدون منها، وكم الروايات والأساطير التي تشاع عنها، والتي لا نعرف مدى حقيقتها في ظل كل هذه الأمية التي نعيشها!

***
ملاحظة: سنغيب عنكم مؤقتا حتى منتصف مارس الجاري ونأمل ألا تغيب المقالات من العمود.. وكل عام وأنتم بخير.

أحمد الصراف