حسن العيسى

باي باي لأنظمة البتكس

ببركة شباب تونس ثم شباب مصر نطق الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وتعهد بعدم ترشيح نفسه بعد سنتين، وننتظر أن تمتد عدوى الحريات إلى بقية أنظمة «البتكس»، أي الأنظمة التي يلتصق فيها الحكام على الكراسي بغراء «البتكس» الأبدي ولا يحركهم غير عزرائيل، فهم من الكراسي إلى القبور. فكم نحن مدينون لشباب ساحة التحرير و«عربة خضار» الشهيد «بوعزيزي» بتعبير الزميل خلف الحربي.

رياح التغيير قادمة على المنطقة العربية دون استثناء ولن يوقفها أحد، وهي قد لا تكون في صالح دول الغرب، فأنظمة «البتكس» العربية روجت شعار إما نحن أو الإسلاميون، والدول الغربية وتابعهم «قفة» من أشباه الليبراليين صدقوا هذا الشعار، وعملوا على ديمومة هذه الأنظمة بحجة أن البديل سيكون الأسوأ لدنيا الحريات الفردية وسيكون في غير مصلحة الغرب، وربما يكون هذا صحيحاً إلى درجة ما، لكن ما الحل، غير السكوت على الأنظمة التسلطية والرضا بفسادها وفساد الحاشية الملتفة حولها؟! فهل يمكن القبول بهذا الخيار إلى ما لا نهاية؟!

بعد ثورتي تونس ومصر سقطت ورقة التوت التي يفترض أن تستر عورات الأنظمة، فلا مكان اليوم للتضحية بحريات الشعوب بحجة الاستقرار السياسي، وهو ليس إلا استقرار الفساد حين أنتج لنا طبقة من الأثرياء بثروات خيالية ليست وليدة العمل والجهد الإنساني، بل هي نتيجة صفقات الفساد مع الأنظمة الحاكمة، وهي ناتج أريحية وخيرات الريع وصدقات الحكام الذين يهوون فنون النفاق، ولم تكن تلك الصدقات من جيوب الحكام بل من شقاء وفقر الأغلبية التي لا تعرف التسول عند أبواب القصور.

وصفات الإصلاح لا يجوز قصرها على دعم السلع الاستهلاكية وتوفير فرص العمل للشباب العاطلين حتى ينتقلوا من بطالة حقيقية إلى بطالة مقنعة، فهذه حلول ترقيعية ولن تنفع على المدى الطويل، بل البداية تكون بمحاربة الفساد السياسي والاحتكام إلى دولة القانون والمؤسسات الدستورية، فهل ستعي أنظمة «البتكس» تلك الحقائق أم ستنتظر عاصفة التغيير القادمة لتقلعهم هم وكراسيهم؟!

سعيد محمد سعيد

الخريجون الجامعيون… الثروة المعطلة!

 

من حق الخريجين الجامعيين العاطلين عن العمل أن يطالبوا بحقهم في الحصول على وظائف تناسب تخصصاتهم، ولهم كل الحق أن يواصلوا رفع أصواتهم لتصل الى المسئولين في الدولة سواء من خلال الاعتصام أو من خلال الندوات واللقاءات التي يشرحون فيها معاناتهم القاسية، ومن حقنا أن نتساءل معهم: «لماذا يتوجب على 1912 خريجاً جامعياً أن يعيشوا (بهدلة)؟ ولماذا يتوجب عليهم أن يخضعوا رغماً عنهم لوظائف متدنية وبأجور متدنية والحال أن قطاعات كثيرة لا تزال تستوعب غير البحرينيين وتجزل لهم العطاء؟».

لقد دعمنا بكل قوة توجهات وزارة العمل وديوان الخدمة المدنية في برنامج توظيف العاطلين وإيجاد برامج تدريب وتأهيل لكل العاطلين، من الجامعيين وغيرهم، أملاً في أن تنفرج هذه المعضلة ويبدأ أولئك الآلاف من أبناء الوطن حياتهم المهنية ويكسبوا رزقهم ولقمة عيش ذويهم ويتجاوزوا الكثير من المحن المعيشية التي لا يعلم عنها الكثير من المسئولين.

على سبيل المثال، تابعت شخصياً مع أحد الخريجين الجامعيين، وعلى مدى ثلاث سنوات، أسباب عدم إنهاء اجراءات توظيفه في إحدى الوزارات، على رغم أنه مؤهل للوظيفة بل وقضى فترة تدريب لا بأس بها في الإدارة التي يستعد للعمل فيها، لكن اجراءات توظيفه تأخرت والسبب في ذلك (البصمات)! ومع ذلك، تابعنا معاً قصة البصمات مع وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني، وتبين أن ملفه سليم ولا توجد أي مشكلة تعوق توظيفه! فما هو السبب يا ترى في تجميد توظيف ذلك الخريج؟ ثم عدنا من جديد للمتابعة مع الإدارة التي وعدته بتوظيفه بعد أن تبين عدم وجود مشكلة، ولكن جهد السنوات الثلاث عاد الى المربع الأول بإعادة أوراقه من جديد الى ديوان الخدمة المدنية!

هذه القصة غيض من فيض!فهل يتوجب على أبناء البلد من الخريجين الجامعيين وسائر العاطلين أن يواجهوا هذه البهدلة وظروفهم المعيشية تزداد سوءاً؟ ولماذا لا يحترم بعض المسئولين توجيهات القيادة الرشيدة بإيجاد الوظائف المناسبة للباحثين عن عمل على وجه السرعة؟ لماذا تبقى هذه الثروة معطلة على رغم استعدادهم للعمل في حين يحظى بعض الوافدين بوظائف وأجور مجزية لا يحلم بها البحريني؟ نحن لسنا ضد حق كل من جاء الى بلادنا في أن يكسب رزقه، لكن من غير المعقول أن يكون أولئك هم المقدمون على أبناء البلد.

لقد عاد العاطلون الجامعيون يوم أمس الأول الثلثاء (1 فبراير/ شباط 2011) للاعتصام أمام مجلس النواب… لا من أجل (التسلية) وقضاء وقت الفراغ في (برنامج) يروق لهم، بل لأنهم، وبعد انتظار شهور كثيرة أملاً في تنفيذ الوعود بتوظيفهم، وجدوا أنفسهم صفر اليدين!فلا وظائف جيدة عرضت عليهم، ولا تحرك ملموس يطمئنهم بأن هناك شواغر في القطاعين العام والخاص، وبأجور مجزية، ستكون من نصيبهم.

وفق ذلك، نضم صوتنا الى صوت الخريجين المطالبين بإصلاح آلية التوظيف والتقييم في كل الوزارات، ومحاسبة أي طرف تسبب في تعطيل توظيفهم، فكل طرف تقاعس عن مسئوليته الوطنية تجاه أولئك الخريجين والعاطلين عموماً، لابد وأن يتعرض للمساءلة وخصوصاً من جانب مجلس النواب، فأكبر خطأ هنا هو مخالفة توجيهات قيادة البلاد الرشيدة في توظيف أبناء البلد الباحثين عن عمل.

احمد الصراف

فضائح الإنترنت

بلغ عدد مستخدمي الإنترنت عام2007 ثلاثمائة مليون، منهم نصف مليون في الصين. أما الآن فقد وصل عددهم في الصين وحدها 470 مليوناً. ويعتبر اليوتيوب والشركات التي تقدم خدمات مماثلة لها، من أقوى المراجع على النت سواء للحصول على المعلومة أو التسلية، هذا غير الفيسبوك والتويتر. ومثلما ساهمت أشرطة الكاسيت في الترويج لثورة الخميني في نهاية السبعينات، فقد ساهمت الإنترنت، ومشتقاتها، في الترويج لثورة تونس، وربما لغيرها! وقد تحول اليوتيوب مع الوقت من أداة تسلية إلى مرجع لتوثيق المعلومات، سهل الرجوع إليه والبحث فيه، نقول هذا على الرغم من إمكانية التلاعب في بعض مواده وإظهارها على غير حقيقتها. وكمثال بسيط جداً فإن من الممكن من خلال  www.criticalpast.com، مشاهدة أكثر من 57 ألف فيلم وثائقي يعود بعضها إلى عام 1890، ومنها فيلم عن نزول الجيوش البريطانية في الكويت لمواجهة تهديد عبدالكريم قاسم بغزوها في 1960. كما يمكن مشاهدة ملايين الصور المتنوعة من خلال الموقع نفسه. كما تتضمن الإنترنت مواقع عديدة لتزيل الكثير من الكتب المهمة والنادرة، ومنها موقع مكتبة الإسكندرية الذي يتضمن 20 ألف كتاب جاهز للتنزيل مجاناً. وفي حال وجود شك في أي معلومة أو قصة أو خبر على الإنترنت فيمكن التأكد من مصداقيته من خلال إدخال معلوماته إلى موقع:  www.snopes.com.
كما أصبح اليوتيوب يتسبب في الكثير من الإحراج، خصوصاً للسياسيين من أصحاب الذكرة الضعيفة والذمة الأضعف، ففي أحداث المواجهة الأخيرة بين الشرطة ورواد ديوانية النائب الحربش، صرح النائب الطبطبائي في مقابلة تلفزيونية بأن ما تعرض له من قبل الشرطة الكويتية لا يوازي ما ناله من الإسرائيليين من ضرب عندما كان على سفينة الحرية! وقد التقط البعض هذا التصريح وفضحه من خلال بث تصريحاته بعد عودته من أحداث السفينة التركية، وكيف اتهم الإسرائيليين بالوحشية والقتل واستخدام القوة المفرطة والقنابل الدخانية والغازية! وحدث الأمر ذاته مع النائب الوعلان الذي صرح بعد أحداث الديوانية بأن ما رآه من أحداث في تلك الليلة فاق ما اقترفه الجنود العراقيون من إجرام في فترة الغزو والاحتلال! وهنا أيضاً تم الرد عليه وإسكاته وإظهار مدى المبالغة في كلامه.
فيا سياسيين، خذوا حذركم، فاليوتيوب لكم بالمرصاد.

أحمد الصراف

سامي النصف

ليالٍ غاب فيها القمر عن مصر

الرئيس محمد حسني مبارك عزيز علينا في الكويت بسبب موقفه التاريخي والشجاع إبان الغزو الصدامي لبلدنا، ومصر والشعب المصري أغلى منه لأن الشعوب هي الباقية والأفراد زائلون، لذا فمقالنا اليوم هو لمصر ولشعبها قبل ان يكون لقيادتها وللحقيقة وللتاريخ أيضا.

يحسب لحقبة الرئيس مبارك انها استرجعت أرض مصر التي فرط فيها من ترفع صورهم هذه الأيام، ويحسب له كذلك انه أوقف استنزاف ثروة مصر في الحروب والمعارك التي تنتهي بالهزائم المروعة، كما يحسب له توثيقه لعلاقات مصر مع الدول العربية والإسلامية والغربية والمجتمع الدولي بعد ان ساءت كثيرا إبان عهود سلفيه ناصر والسادات، ما أتاح الفرصة لعمل ملايين المصريين في الخارج، كما فتح الباب واسعا لعودة رؤوس الأموال المصرية المهاجرة.

كما يحسب للرئيس مبارك عمليات التنمية الضخمة التي لم تشهد لها مصر مثيلا منذ نشأتها الأولى، وفتح الأبواب للاستثمارات الغربية والعربية والخليجية والمصرية في طول البلاد وعرضها، وفتحه المجال للإعلام الحر من صحف وفضائيات الذي انفرد بشتم النظام واستقصاء الرئيس مبارك وتسويد صورته دون ان يحاسب او يسجن او يعدم من يقوم بذلك كحال عهود من سبقه.

وإبان نظام الرئيس مبارك ارتفع عدد السائحين من أقل من مليون الى 15 مليونا، كما حافظ على ارتفاع سنوي لمؤشر التنمية الاقتصادية يتجاوز 5% حتى في أحلك الظروف المالية العالمية (2008 وما بعدها)، حيث لم يتأثر الاقتصاد المصري المتين بها، وفي عهده حصل كثير من المصريين وللمرة الأولى في تاريخ مصر على العديد من جوائز نوبل، كما حصدوا العديد من البطولات الرياضية الإقليمية والقارية والعالمية.

هذا الإنجاز التاريخي غير المسبوق يوجب من الرئيس مبارك ان يحسب خطواته القادمة بميزان الذهب، كي لا يخدش هذا السجل الرائع الذي اعتقد ان قرونا ستمضي قبل ان يحقق رئيس آخر إنجازا مثله، ان الحفاظ على تاريخ الرئيس يجب ان يكون الشغل الشاغل لمن حوله، فوصفات و«روشتات» الأيام الأخيرة لم تكن بمستوى الأحداث والمتغيرات، والخطوة «الصح» ان تأخرت تحولت الى خطأ.

آخر محطة:

(1) وصول حكم ديني سني مؤدلج في مصر قد يمهد لانفصال الأقباط وغيرهم كما سيتسبب في إساءة العلاقة مع اثيوبيا القبطية المتحكمة في منابع النيل والنزاع مع إيران الشيعية.

(2) كيف يمكن تقبل حقيقة ان المتحف المصري الذي يحتوي على أغلب آثار العالم لا يملك أجهزة حراسة إلكترونية متقدمة تقفل الأبواب والشبابيك بشكل أوتوماتيكي، وعيب يا زاهي حواس، أما كفاك سرقة لوحة زهرة الخشخاش قبل أشهر؟!

(3) إحدى أكثر الجرائم الغامضة التي أثارت حنق الشارع المصري هي جريمة قتل الفنانة سوزان تميم، وإن خروج او هروب هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري هذه الأيام ضمن الاضطرابات الحالية يعطي دلالات واستنتاجات خطيرة لتلك الجريمة غير المفهومة.

احمد الصراف

تعقيب وإعلان

تعقيباً على ما ذكرته عن طريقة تعامل قناتي أبوظبي والعربية معي، اتصل بي صديق ليخبرني بأنه أجرى اتصالا بقناة ابوظبي الفضائية لتزويده بشريط مقابلة سبق أن أجرتها القناة مع المفكر الراحل أحمد البغدادي، لتضمينها فيلما وثائقيا يتم انتاجه عن حياة الفقيد، فطلبت القناة مبلغ 17 الف دينار، أو 60 ألف دولار، مقابل ذلك، علما بأن الفيلم ينتج تطوعا، ولا يهدف منتجوه الى تحقيق ربح من ورائه. وعندما اتصل بقناة «الحرة» وطلب تسجيلا مماثلا، ارسلت له القناة الشريط من واشنطن من دون مقابل.
كما اخبرني زميل معروف بظهوره على القنوات الفضائية بأنه عندما كان يتم الاتصال به لإجراء مقابلة، ويتصادف وجوده في القاهرة مثلا، فإن القناة هناك تقوم بدفع مبلغ يقارب عشرة أضعاف ما يدفع له مقابل المقابلة نفسها ان أجريت في الكويت! وقال ان هذا يعني ان القنوات العربية، بشكل عام، تحسب حساب وقت الضيف وتدفع له ما يستحقه، وانها لا تعتقد أن هذا يسري على الضيف أو المعلق ان كان في الكويت!
نتمنى أن يتبرع أحد من قناة «العربية»، التي نكن لها الاحترام، بإعطاء تفسير لهذه الازدواجية في التعامل مع ضيوفها في الكويت وفي غيرها من العواصم العربية!
كما أخبرني زميل في القبس بأنه تعرض للمقلب ذاته مع قناة أبو ظبي التي {أكلت} عليه حقوقه، كما ذكر اسم صديق له تعرض لمقلب مماثل. الأسماء موجودة لدي إذا تطوع احد من القناة للسؤال عن صحة ادعاتنا!
ملاحظة: أعلنت «نفط الكويت»، اكبر شركات المنطقة، عن مسابقة تصوير يبلغ اجمالي جوائزها 400 دينار، وهو مبلغ يقل عن تكلفة الاعلان في صحف عدة! على أن يسلم المشاركون فيها الصور على اقراص مدمجة، مع الاصل والنيغاتيف بقياس 40X30، باليد في مقر الشركة، علما بأن الصور المشاركة غير قابلة للرد، مع حق الشركة في استخدامها في أعمالها المتعددة!
كنا نتمنى من شركة نفطنا «العزيزة» أن تكون اكثر كرما في مثل هذه المواضيع.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

عودة الغنوشي

لنبتعد قليلاً عن أحداث مصر ونرجع الى تونس ـــ ملهمة الثوار ـــ لنرقب عودة راشد الغنوشي، مؤسس حركة الاخوان المسلمين فيها، والذي حكم عليه الطاغية بن علي بالاعدام لترؤسه حزباً دينياً في دولة ليس للدين فيها أي اعتبار، مما اضطره إلى السفر خلسة هارباً من بلاده الى بلاد اخرى عاش فيها عشرين عاماً ويزيد، وعينه على تونس ينتظر الفرج ويحدوه الأمل بأن الباطل مهما استشرى وطغى فلا بد ان يتغير ولا بد لليل ان ينجلي ولا بد للصبح ان يعود.
«وتلك الأيام نداولها بين الناس» صدق الله العظيم.
وتدور الأيام، وينفذ الله حكمته ويطرد الشعبُ الطاغيةَ شر طردة! ويهرب كما هرب الغنوشي خلسة، لكن الفرق ان الغنوشي وجد كل الدول تفتح له أبوابها، بينما بن علي لم يجد غير أرض الحرمين تستقبله لانها أرض الأمن والأمان.
ويعود الغنوشي بعد 21 عاماً، ويستقبله الآلاف استقبال الأبطال ولسانه يقول «والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون».
عندما فتح المسلمون بلاد فارس وتهاوت مدنها واحدة تلو الأخرى، وجدوا فيها كنوز الأرض وخيراتها التي تركها الفرس غنيمة للمسلمين، وتقدم قائد المسلمين يؤم المسلمين في الصلاة، فقرأ قوله تعالى «كم تركوا من جنات ونعيم وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوماً آخرين فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين». فبكى القائد وبكى المسلمون خلفه وهم يرون ارادة الله تعالى تتحقق على أرض الوقع «ولن تجد لسنة الله تبديلاً».
نعم، انها سنة الله في الأرض، مهما طغى الطاغية وتكبر، ونسي ان الله الذي يهب الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء، وانه سبحانه يعز من يشاء ويذل من يشاء، عندما ينسى الحاكم هذه السنن الكونية ويعتمد على دعم اميركا له وحرص اسرائيل على بقائه، عندما يعتمد على اعلامه الفاسد الذي يشوه عمل الصالحين ويزين عمل المفسدين، عند ذلك ينفذ الله فيه امره «إن أخذه أليم شديد».
عودة الغنوشي فيها من العبرة والمعاني ما ينفع كل ذي قلب سليم.

***
لفتة كريمة
لو كل شعب يعاني من الظلم والقهر يثور على حكامه، أتوقع ما يبقى من دول بني يعرب إلا الخليج وأهله، الله يعزك يا كويت.

محمد الوشيحي

بين السامسونايت والشرشف

خلونا نتفق من الآن أن على كل من يقدّم استقالته من النواب أو الوزراء أن يدفع «عربون»، أو «رعبون» كما يقول اللبنانيون، ويتسلم إيصالاً بذلك، يحتفظ هو بالنسخة الصفراء وتبقى البيضاء عندنا. إذ ليس من المعقول أن يحرر الصحافيون الخبر، ويكتب الكتّاب، وتتحدث الفضائيات، ثم بعد ذلك يخرج لنا المستقيل من خلف الجدار «بخ»! خلاص، من اليوم ورايح إيدك على جيبتك وهات عربونك واثنين شهود قبل أن تتقدم باستقالتك.

لكن بعيداً عن هذا، دعني «أنظّر» قليلاً و»أتفلسف» على مخك الكريم، وألتفت إلى الوطن العربي وأقول إن «الديمقراطية مثل حقيبة السامسونايت»، وإذا أعطيت طفلاً هدومك وطلبت منه أن يضعها في الحقيبة، فسيكدسها كيفما اتفق، وسيعجز عن إغلاق الحقيبة وسيتذمر من الحقيبة وصناعتها، في حين سترتّب أنت الملابس وتوزعها بذكاء في مساحات الحقيبة، فتتمكن من إغلاقها بسهولة، وهنا الفرق، فالحكومة البريطانية، مثلاً، استطاعت طيّ الهدوم وترتيب الحقيبة، في حين تشتكي حكومتنا ومستشاروها وكتّابها من الحقيبة، ويطالبون بإلغائها والعودة إلى زمن «شرشف المَهَرَة» (المَهَرة، ومفردهم مهري، هم فئة من الشعب اليمني، معروفون بالأمانة والصدق والبعد عن المشاكل، تخصصوا في بيع الملابس الشعبية التي كانوا يحملونها على ظهورهم في شراشف، ويدورون بها على مناطق ذوي الدخل المحدود).

والشعوب العربية صبرها من الطراز الأيوبي الفاخر، وحكوماتنا ترتدي عباءة الديمقراطية أمام الغرب وأمام عدسات المصورين، وما إن ينفض المصورون وينام الغرب، حتى تُخرج أسلحة الحكم الشمولي من تحت عباءتها وتطلق نيرانها على شعوبها، فتزور الانتخابات وتساعد هذا وتحارب ذاك، وتتلاعب بالقضاء، وتتعسف مع خصومها، وتغسل أيدي اللصوص وأبناء علي بابا، ووو، وإذا سألتها قالت لك: «كله بالقانون»، فتصبر الشعوب، وتحتمل وهي تمسح دموعها، فتتمادى الحكومات وتتجاوز الحدود الدنيا، فيثور الناس لكراماتهم، فتبدأ الحكومات الاستجداء.

والحكم في مصر الآن يتدلى من أعلى البناية، ويتمسك بالجدار بأطراف أصابعه، ويخفي ملامح الألم بابتسامة مزوّرة تظهره بمظهر «الواثق بأمر الله»، وفي كل خمس دقائق يرمي إحدى أوراقه، ويعزل هذا ويقرّب ذاك، إرضاءً للشعب، وهو ما يدل على أنه كان يعرف ما يرضي الشعب وما يغيظه، لكنه كان سادراً في غيّه.

على أن اللافت هو تشكيل الحكومة المصرية الجديدة من البقية الأحياء من «قوم نوح» الذين شاركوه، عليه السلام، في بناء سفينته، واستعان بهم الحكم الحالي ليعالجوا مشاكل الشباب، وليبنوا له سفينة تنقذه من الغرق في طوفانهم الغاضب… لكن معلش الطوفان قادم.

وقد أدرك طبّالو الحكومة هناك وراقصاتها أنها غارقة لا محالة، فأخذوا يتقافزون من المركب، كلٌّ بطريقته، فقد ظهر علينا أمس الأول أحد طبالي السلطة من الصحافيين، يزايد ويشتم العابثين بأراضي الدولة وأملاكها، وينتقد نظام «بي أو تي» ويطالب بإلغائه، وهو الذي كان يردح له قبل أيام! يا للهول، وخمسين يا للهول.

وحكاية نظام «بي أو تي» ذكرتني بالأراضي الممتدة التي استحوذ عليها ملياردير السلطة المعروف «هشام طلعت مصطفى»، المسجون بتهمة قتل الفنانة «سوزان تميم»، وأظنه الآن قد غادر مصر بعد أن تم تهريبه من السجن، كذلك ذكرتني حكاية «بي أو تي» بالعبث الذي يحدث، أو كان يحدث، عندنا في الكويت، قبل أن يتقدم الرئيس أحمد السعدون وكتلة العمل الشعبي بقانون يحلق شوارب اللصوص ويفسح المجال أمام المستثمرين الصادقين.

خلاص، دارت عجلة الشعوب، بعد أن استطعمت نكهة الحرية، وعسى ألا تقوم ثورتان لشعبين عربيين في وقت واحد، كي لا تسحب إحداهما أضواء الإعلام من الأخرى، أو تتعثر إحداهما فتؤثر على شقيقتها. بالدور يا شباب، اسحب «رقم» من الماكينة وانتظر دورك.

***

سنبدأ في الأيام القليلة المقبلة حملة تدعو إلى «استقلال القضاء»… إيدكم معانا. يا معين.

حسن العيسى

ماذا تنتظر أنظمتنا؟

يتساءل اليوت ابرامز في «واشنطن بوست» معلقاً على ثورة الشباب في مصر: «… أي دروس يمكن أن تتعلمها الأنظمة العربية مما يحدث؟ هل ستبدأ تلك الأنظمة مشوار الإصلاح الثابت الذي يعني التغيير السلمي لهذه الأنظمة، أم أنهم سيصلون إلى قناعة بأن زين العابدين بن علي اخطأ حين لم يأمر بضرب المتظاهرين وينهي الثورة؟ وهل ستتعلم حكوماتنا أن الأنظمة الدكتاتورية لا يمكن أن تكون ثابتة؟! فهناك تحت السطح الهادئ لتلك الدول التي تجثم فوقه قوى الأمن غليان ينمو ويتصاعد وقد ينفجر في أي لحظة لأعمال عنف رهيبة متطرفة، وعندها ستوصد الأبواب عن أي نقاش عقلاني يحكم المنافسة السياسية».

صحيح ماذا ستختار الأنظمة العربية اليوم وغداً… فما يجري في مصر اليوم ستكون له نتائجه الخطيرة على هذه الأمة التي كانت ساكنة وصامتة صمت أهل الكهف ولم تعد كذلك… مشهد آلاف المتظاهرين وقد يرتفع العدد للملايين يتجمعون في القاهرة والإسكندرية ومعظم المناطق المصرية يرفعون شعاراً واحداً، يصرخون بنبرة واحدة تهز أركان الدولة بكلمة «كفاية» ليس بالمشهد العادي، فلأول مرة يرد الشعب العربي المصري لدول الغرب وللفقهاء المنظرين بأن للصمت نهاية ولصبرنا حدوداً، وإذا كنتم تقولون في الغرب إن شعوبنا هي آخر الشعوب التي تنتفض ضد الحكام وضد الإدارة الرديئة، فقد أخطأتم، وراهنتم على حصان خاسر. لأول مرة في تاريخنا الحديث ومنذ بداية عصر الاستقلال في خمسينيات القرن الماضي شعوبنا هي التي تتحرك من ذاتها، تنتفض تنشد التغيير والتقدم والإصلاح… شبعت شعوبنا من أنظمة لا تتعدل ولا تتبدل، ولا تعرف قواميسها كلمات مثل «إصلاح وتغيير»! لأول مرة الشعوب هي التي تغير النظام بعد أن ذاقت مرارة الظلم، ولم تنتظر ضابطاً مغامراً فوق دبابة يستولي على الحكم ويصادر الدولة له لتصير مزرعة خاصة به وبجماعته… الشعب العربي اليوم لم يعد «مسطولاً» يهرول خلف لقمة العيش يوماً بعد يوم… اليوم يطالب بحقه بالوجود الإنساني وبالكرامة وبالديمقراطية التي عمت معظم مناطق العالم وتناست منطقتنا… فاليوم… في مصر حيث يقطن ثلث العرب، تبدأ موجة التغيير القادمة… مصر ليست مركز القومية العربية تاريخياً، لكنها مركز الثقل الثقافي والقوة للعرب، وما يحدث في مصر اليوم، سيمتد إلى شقيقاتها الصغيرات مهما حاولت أنظمتنا صد موجة التغيير فمصيرها الأكيد الفشل، فمصر ليست العراق، هنا الحديث يكون عن «الدولة» المتجانسة بتاريخ عريق يمتد إلى آلاف السنين، والبركان المصري مهما حاولت أنظمتنا كتم ذلك البركان بوعود الإصلاح وبالتغيرات الشكلية التي لا تقرب موضع الداء، والداء هو الاستبداد، والفقر، وهدر الكرامات وغياب العدالة الاجتماعية، فلن يجدي ذلك نفعاً.

الطوفان المصري قادم إلى المنطقة دون جدال، وليس على الأنظمة العربية سوى المبادرة بالإصلاح ببناء الدولة الدستورية الديمقراطية الحقيقية… لا وقت للانتظار… فكل لحظة تمر هي خسارة للنظام العربي المهترئ وكسب لروح الحرية والتقدم.

احمد الصراف

توثيقات عبدالمحسن الخرافي

تتسم كتابات الزميل عبدالمحسن، خصوصا تلك التي تتعلق برثاء شخص معروف والكتابة عن مناقبه واعماله وخصاله، بقدر كبير من حسن النية والطيبة ودماثة الخلق إلى درجة المبالغة بمآثر الفقيد أو الفقيدة! ولا أتذكر أنني قرأت له أبدا رثاء يتضمن نقدا لصفة سلبية في الفقيد، أو حتى دفاعاً عما أشيع عن مثالبه، وكأننا جميعا لا نشكو من أي خصلة غير حسنة، وأننا نتساوى تقريبا في حسن الخلق والصبر والبشاشة والتسامح والطيبة، وأحيانا الكرم! ولم يكن بإمكاني لفت نظره الى هذه النقطة لعدم معرفتي الدقيقة بمن كان يكتب عنهم، ولكنه عندما قام قبل ايام برثاء المرحوم الأستاذ خميس نجم، ووصفه بأنه كان مثال النظام والمحافظة على المواعيد والتسامح والصبر والبشاشة، هنا رأيت، ومن واقع معرفتي الشخصية بالمرحوم الذي درسني اللغة الإنكليزية لسنوات في مدرسة الصديق في نهاية خمسينات القرن الماضي، والذي لا تزال ملامح وجهه المتجهمة راسخة في ذهني إضافة لخشونة تعامله «الفوقي» معنا ونقده المستمر لكل عاداتنا، وما أكثر السيئ منها، فإنني استطيع الادعاء، بدون تردد وبكل صدق، أنه كان ابعد ما يكون عن التسامح والصبر والبشاشة، مع عدم إنكار صفاته الطيبة الأخرى من النظام والمحافظة على المواعيد والجدية، فقد كان عصبيا شديدا في تعامله بغير معنى، ولم يكن يخفي كرهه للجميع، وسخريته طوال الوقت من قلة فهمنا لمادته، وكان كلامه محبطا، ولو لم ينقذني مدرس فلسطيني آخر مما رسخه في ذهني من كراهية للغة الإنكليزية لبقيت العقدة معي حتى اليوم. كما لم يكن يتصف بالتسامح ابدا وكان دائم الانتقاد لاوضاعنا المعيشية «وكسلنا واهمالنا وقذارتنا وعدم القيام بواجباتنا» وكان يتمنى لنا تغير الحال وان نعود فقراء لكي يرى ما سنقوم بفعله من غير مال.
لا أقصد هنا التهجم على من أصبح في ذمة التاريخ، ولكني اضطررت لكتابة هذا المثال لأبين أننا كشعب كويتي، والمرحوم خميس منا، لنا جميعا نقاط ضعفنا، وأن عملية التوثيق والتدوين لا تتم بالعاطفة والمحبة فحسب بل بسرد الحقيقة كما هي، وإن تعذر ذلك فعلى الأقل سرد شيء مقارب لها، وإن تعذر هذا أيضا فالأفضل عدم المبالغة في المدح.
لا نقصد هنا التدخل في حق الزميل في أن يرثي من يشاء كيفما يشاء، ولكن ما يكتبه يعاد طبعه في كتب توثق هذه المراثي وتصبح بعد فترة مراجع للبعض، وتضمين هذه المراجع مثل هذه المبالغات أمر لا يجوز بحق المؤلف ولا حتى بحق من تم رثاؤه، فالكتابة في مثل هذه المواضيع ليست تطييبا للخواطر، ولكنها توثيق وتأريخ وهي مسؤولية كبيرة، ونتمنى على الزميل الكريم أخذ ملاحظاتنا بسعة صدره، التي اشتهر بها.

أحمد الصراف