ببركة شباب تونس ثم شباب مصر نطق الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وتعهد بعدم ترشيح نفسه بعد سنتين، وننتظر أن تمتد عدوى الحريات إلى بقية أنظمة «البتكس»، أي الأنظمة التي يلتصق فيها الحكام على الكراسي بغراء «البتكس» الأبدي ولا يحركهم غير عزرائيل، فهم من الكراسي إلى القبور. فكم نحن مدينون لشباب ساحة التحرير و«عربة خضار» الشهيد «بوعزيزي» بتعبير الزميل خلف الحربي.
رياح التغيير قادمة على المنطقة العربية دون استثناء ولن يوقفها أحد، وهي قد لا تكون في صالح دول الغرب، فأنظمة «البتكس» العربية روجت شعار إما نحن أو الإسلاميون، والدول الغربية وتابعهم «قفة» من أشباه الليبراليين صدقوا هذا الشعار، وعملوا على ديمومة هذه الأنظمة بحجة أن البديل سيكون الأسوأ لدنيا الحريات الفردية وسيكون في غير مصلحة الغرب، وربما يكون هذا صحيحاً إلى درجة ما، لكن ما الحل، غير السكوت على الأنظمة التسلطية والرضا بفسادها وفساد الحاشية الملتفة حولها؟! فهل يمكن القبول بهذا الخيار إلى ما لا نهاية؟!
بعد ثورتي تونس ومصر سقطت ورقة التوت التي يفترض أن تستر عورات الأنظمة، فلا مكان اليوم للتضحية بحريات الشعوب بحجة الاستقرار السياسي، وهو ليس إلا استقرار الفساد حين أنتج لنا طبقة من الأثرياء بثروات خيالية ليست وليدة العمل والجهد الإنساني، بل هي نتيجة صفقات الفساد مع الأنظمة الحاكمة، وهي ناتج أريحية وخيرات الريع وصدقات الحكام الذين يهوون فنون النفاق، ولم تكن تلك الصدقات من جيوب الحكام بل من شقاء وفقر الأغلبية التي لا تعرف التسول عند أبواب القصور.
وصفات الإصلاح لا يجوز قصرها على دعم السلع الاستهلاكية وتوفير فرص العمل للشباب العاطلين حتى ينتقلوا من بطالة حقيقية إلى بطالة مقنعة، فهذه حلول ترقيعية ولن تنفع على المدى الطويل، بل البداية تكون بمحاربة الفساد السياسي والاحتكام إلى دولة القانون والمؤسسات الدستورية، فهل ستعي أنظمة «البتكس» تلك الحقائق أم ستنتظر عاصفة التغيير القادمة لتقلعهم هم وكراسيهم؟!