سامي النصف

البحرين.. سنوات مضيئة ودموع حزينة

لا يمكن لنا في الكويت ان ننسى مواقف العز والشرف والأخوة الصادقة لمملكة البحرين قيادة وحكومة وشعبا عندما ارسلت سرايا دباباتها ومشاتها لتحرير الكويت عام 91 ومرة أخرى للدفاع عنها ضمن درع الجزيرة عام 2003، مستذكرين مشاركة سلاحها الجوي في مئات الطلعات إبان معارك التحرير وتسخيرها كافة مرافقها لخدمة الكويتيين إبان الغزو الغاشم، وقبل ذلك مشاركة بوارجها البحرية في إزالة الألغام التي كانت تعترض ناقلات النفط الكويتية إبان الحرب العراقية ـ الإيرانية 8(7)1988.

مع تولي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم في 6/3/1999 اعلن انه يرغب في أن يحكم شعبا سعيدا لا ان يحكم شعبا مقهورا، وبدأ منذ اللحظة الأولى في العمل الجاد لتحويل ذلك الحلم الى حقيقة، فأصدر عفوا عاما عن كل المعتقلين والمبعدين واعاد الجنسية لمن اسقطت عنهم، كما سمح بتأسيس النقابات العمالية والجمعيات السياسية لتعزيز أسس المجتمع المدني وزيادة المشاركة الشعبية، وألغى قوانين ومحاكم أمن الدولة.

في 14/2/2001 وافق الشعب البحريني الشقيق بنسبة 98.4% على ميثاق العمل الوطني وبدأت حياة سياسية وديموقراطية حرة في المملكة يحسدهم عليها الكثيرون، كما تم إنشاء معهد «التنمية السياسية» الأول من نوعه في الخليج بقصد تنمية الوعي السياسي بين المواطنين، كما فتح الباب لأي مواطن بحريني لأن يطعن امام المحكمة الدستورية في أي تشريع يشعر بعدم دستوريته حتى لو اقر التشريع المعني من قبل الحكومة والمجلس البرلماني.

كما صدر الأمر الملكي بإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وفازت البحرين وبأغلبية ساحقة بعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعد التحقق من سجلها، وأصبحت المملكة تتصدر المؤشرات العالمية في الحريات السياسية والاعلامية والشفافية الاقتصادية، وزاد معدل الدخل تباعا ما بين 2002 و2008 الى ما يقارب الضعف (من 4708 دنانير للفرد الى 7527) كما زاد الناتج القومي من 3.1 مليارات دينار عام 2006 الى 7.2 مليارات دينار عام 2009 وهي ارقام ونسب اقرب للإعجاز في الانجاز ولم تتحقق لأغلب دول العالم الأخرى.

وطالت النهضة وبرامج الاصلاح جميع أوجه الحياة ضمن برنامج رؤية البحرين 2030 القائمة على ترسيخ اسس العدالة والتنافسية والتنمية المستدامة، كما عممت تجربة مدارس المستقبل والتعليم الالكتروني وتوسعت اعمال التدريب المهني (البوليتكنيك) ضمن اصلاح المسار التعليمي، وأنشئ المجلس الأعلى للمرأة وعزز دور ديوان الرقابة المالية وأقيمت عشرات آلاف الوحدات السكنية كما خضعت الخدمة الصحية لرقابة البورد الكندي، كما اقيمت العديد من مشاريع التنمية الضخمة على اراض مسترد اغلبها من البحر مثل ميناء خليفة ومدينة سلمان الصناعية وحلبة البحرين وجسر سترة وغيرها من انجازات كبرى عززت من وجه البحرين الحضاري ودعمت بشكل كبير الدور المالي والمصرفي للمملكة بهدف زيادة الدخل وتحقيق الرفاه وتقليل الاعتماد على النفط.

أخيرا.. إن آخر ما تحتاجه مملكة البحرين الشقيقة ضمن مسار العشر سنوات المضيئة الماضية هو ادوار خفية حالية تستهدف استقرارها السياسي وامنها الوطني، ان المطالب الوطنية في الانظمة الديموقراطية تمر عبر الحوار الجاد تحت قبة البرلمان لا خارجه، فكتلة الوفاق تحتل ما يقارب نصف مقاعده اي انها ليست كتلة مهمشة ولا تحتاج للجوء للشارع وهو امر يضر بالاقتصاد الوطني ويضرب كل انجازات الماضي ويرجع الجميع الى المربع الأول اي مرحلة ما قبل الميثاق، فهل هذا هو القصد والطلب؟!

آخر محطة:

(1) تعاملت هيئة الاعلام البحرينية بقيادة شيخها الشاب فواز بن محمد بشكل محترف مع الاحداث الجارية.

(2) افضل ما يقدم لمملكة البحرين هذه الايام هو دعوات التهدئة والمصالحة بين الاطياف السياسية للحفاظ على المكتسبات الضخمة التي تحققت خلال العقد الماضي، واسوأ ما يقدم هو دعوات التأجيج وتحريض البحريني على البحريني.

(3) العزاء الحار لمملكة البحرين قيادة وشعبا بالشهداء الذين سقطوا في أحداث دوار اللؤلؤة، راجين العودة للحوار لتعزيز السلم الأهلي، فما يضر البحرين يضرنا وما يصيبهم يصيبنا والحكمة الحكمة، فالمتربصون كثر.

احمد الصراف

يستاهلون أهل الكويت!

يقول المفكر الأميركي أفرام تشومسكي «إن وسائل الإعلام العالمية تسعى إلى تشجيع الشعوب على استحسان الرداءة».
***
تتراكم لدى الحكومة منذ عقود فواتير استهلاك كهرباء وماء واتصالات مستحقة على بعض المواطنين تبلغ المليار دولار! وفي محاولة للمزايدة على المطالب النيابية أرسلت الحكومة اشارات تبين استعدادها لمناقشة امر اسقاطها، وفي تعليق للشيخ احمد الفهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، قال ان قرار اسقاط الديون سيعرض على الحكومة وان «أهل الكويت» يستاهلون كل خير!
ونحن إذ نشكر الشيخ احمد مقدما على هذا الكرم والتدليل اللذين لم تنلهما امة في التاريخ، نتساءل من دون براءة: لماذا هذا السعي المحموم لمكافأة المتخلف عن السداد والمتهرب من واجبه كمواطن ومعاقبة من دفع المستحق عليه من التزامات مالية للدولة؟ ولماذا يكون الخير دائما في دفع المال نقداً وليس في التربية والتعليم؟ وإن كان اهل الكويت يستحقون كل خير، فلماذا لم يتمثل ذلك في اداريين اكفاء؟ ولماذا لا يستاهل اهل الكويت بيئة نظيفة ومستشفيات حديثة ومدارس متقدمة، وتسريعاً لمعاملات المواطنين، ومخافر نظيفة وعدالة سريعة التنفيذ؟ ولماذا فقط يستاهل السراق المزيد من المال النقدي من اموال الشعب؟ ألا يستاهل اهل الكويت أن نعلمهم ولو لمرة واحدة، ان من حق الوطن عليهم، وعلى ابنائهم، ان يقوموا بسداد ما عليهم من ديون؟ الا يستحق اهل الديرة ان نبين لهم معنى الشرف في التعامل وأهمية كسب ثقة الآخر، وخلق بيئة يحترم فيها المدين دينه ولا ييأس الدائن من الحصول على حقه؟ ألا يستحق اهل الكويت احترام انسانيتهم وحفظ كرامتهم، من خلال عدم مكافأة المسيء، وحفظ اموال اجيالهم القادمة التي لا تعبأ فئة من المواطنين بها، إما بسبب الجهل أو عدم الثقة ببقاء الدولة بعد رحيلهم وابنائهم عنها؟

***
ملاحظة: سؤال لأي رجل دين مسلم: لو علمنا أنه يحرم قتل النفس العمد، فما هو حكم الشهيد التونسي «البوعزيزي» الذي أشعل بانتحاره، بقصد أو بغيره، شرارة ثورتين طالما اشتقنا لما يماثلهما روعة؟ هل سيكون مآله النار وبئس القرار؟ ام انه سؤال بلا جواب؟

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

بنت العنب… هي السبب

ما الذي يحدث؟ هل تناولت الحكومة كؤوساً من عصير العنب، أو «بنت العنب» كما أسماها الخليفة الأموي المزاجنجي «الوليد بن يزيد»؟ ما الذي دهاها لتفسفس فلوسنا؟ هل يحق لنا الحجر عليها؟

تكفون، من كان منكم على علاقة قرابة مع الحكومة فليخبرها أن ما تفعله مستفز، على أنني أحد المؤمنين بضرورة تدليل الشعب وترفيهه إذا كانت الدولة مقتدرة، لكن بالعقل وعبر زيادات مقبولة ومدروسة لا تؤثر على مستقبل البلد ومستقبل عيالنا، والأهم أن توقف السرقات وتحاسب اللصوص، وتقيم المشاريع الضخمة الفخمة، وتعيد طلاء البيت المتهالك، وتوفر المستشفيات المتطورة، والمدارس الحديثة المناهج والمباني، ووو، لا أن تنثر الأموال على الناس بعبط كي يغضوا الطرف عن فشلها ويتغاضوا عن فسادها.

دعوا عنكم حكاية التنمية فهي «قصور في الهواء»، وكذبة كبرى، سوّقتها الحكومة فصدقناها، إذ إن أول شروط التنمية هو وجود وزراء على كفاءة عالية، يتبعهم قياديون متميزون، وثانيها محاسبة الفاسدين، وأكبر فساد هو إغراق البلد بالأطعمة الفاسدة، وأن يقصفنا العدو بقنابل «النابالم» أهون علينا من أن نعيش على أطعمة فاسدة، فالنابالم سيحرقنا ونموت في لحظتنا، أما الأطعمة الفاسدة فتميتنا تحت التعذيب والألم المتواصل. وتخيلوا ماذا كان سيصيب أبناءنا لو أن أطنان الحليب الفاسد فلتت من الرقابة.

والله لو كانت حكومتنا تحترمنا لعقدت اجتماعاً علنياً مفتوحاً، تطلعنا فيه على تطورات أبشع صفقة فساد في الكويت، وتكشف لنا سر إدخال كل هذه الكميات في وقت وجيز، وكيف كانت الرقابة وآليتها قبل تعيين هذه المديرة النشيطة في البلدية، ثم تكشف لنا عن أسماء تجار الدم، وتحيلهم إلى محكمة الجنايات بسرعة، بتهمة «الشروع في القتل الجماعي»، وترفق بملف التهمة أسماء النواب الذين يستميتون لـ»طمطمة» الموضوع. وهنا نسأل النائبة د. رولا دشتي، رئيسة اللجنة البرلمانية المختصة: «لماذا لم تصرحي بأسماء هؤلاء السفاحين للشعب ليكويتي (كما تنطقينها)؟».

* * *

منتدى الشبكة الوطنية يتبنى حملة إنسانية رائعة تحت عنوان «إلى متى» يطالب فيها المسؤولين بتبديل مبنى المعاقين الحالي، الذي يؤذي المعاقين وأهليهم ويفتقد الشروط الدنيا المطلوبة لمباني المعاقين، بمبنى يراعي ظروف المعاق ويحترمه…

تابعوا الموضوع على هذا الرابط وتمعنوا الصور وحسبلوا وحوقلوا…

http://www.nationalkuwait.com/vb/showthread.php?t=171177

* * *

تلقيت اتصالاً من «عمر العجمي» الذي تحدث عنه الرئيس السعدون والنائب د. فيصل المسلم ونواب آخرون، وذكروا أنه تعرض لتهديد عبر «مسج» هاتفي… ويقول عمر إنه تلقى التهديد بعد أن كتب موضوعاً في منتدى الشبكة الوطنية بعنوان «إسطبل الشهيد الراعي الرسمي لجريدة الآن»، وهذا هو الرابط لمن أراد الاطلاع على الموضوع…

http://www.nationalkuwait.com/vb/showthread.php?t=169875

ويضيف عمر في اتصاله: «وصلتني رسالة تهديد أخرى، مضمونها (أنت لين الحين ما لغيت الموضوع؟ هذا آخر تهديد لك»! عمر أبلغني خشيته من أن يوضع له حشيش أو مخدرات في سيارته أو بيته لتسهل إدانته وتشويه سمعته وسمعة أهله.

لا أظن أن الأمور تسير بهذا الشكل في الكويت يا عمر، وإن كنت لا أرى الأجهزة الأمنية بفساتين بيضاء وورود ملونة… على أية حال، الناس الآن تتابع الموضوع بوعي وتركيز، فنم قرير عين يا عمر، وإن تعرضوا لك، فهذا يعني أن مؤسسات الدولة سقطت، وعلى كلّ منا الاعتماد على زنده الكريم.

احمد الصراف

رجوع الشيخ إلى صباه

بابا الحبيب، سأخاطبك بصراحة كما عودتني، فأنت أعز وأحسن أب. دعني أبثك خلجات نفسي، فهذا ما كنت تطلبه مني دائما. قبل فترة، وقبل أن أبلغ العشرين، شاركت في أحد المؤتمرات الإسلامية، وألقيت مداخلة نالت الاستحسان، وتقدم لي وقتها العلامة «ي.ق» وأشاد بي، وقال إنه مهتم بأمري، وأهداني بعض كتبه، وأخذ يراسلني بمحبة أولا، ثم تحوّلت إلى شوق ثم إلى حب جارف، وأصبحت أشعاره الصريحة التي يظهر فيها هيامه وشوقه ورغبته في الاقتران بي تلاحقني، ومنها قصيدة من 75 بيتا قال فيها: أترى أطمع أن ألمس من فيك الجوابا؟… أترى تصبح آهاتي ألحانا عذابا؟… أترى يغدو بعادي عنك وصلا واقترابا؟… آه ما أحلى الأماني وإن كانت سرابا!… فدعيني في رؤى القرب وإن كانت كذابا!… وافتحي لي في سراديب الغد المجهول بابا!
كما تغزل بي بالقول: يا حبيبي وطبيبي هل لدائي من دواء؟… لا تدعني بالهوى أشقى، أترضى لي الشقاء؟!… لا تدعني أبك.. فالدمع سلاح الضعفاء!… كيف يحلو لي عيش ومقامي عنك ناء؟! لا سلام لا كلام لا اتصال لا لقاء… أنا في الثرى وليلاي الثريا في السماء!
ولكني يا والدي أنا مترددة.. خاصة بعد أن علمت مدى الفارق الكبير بين عمرينا، فهو أواخر ستينياته وله زوجة وابناء، ويكبرني أحفاده بسنوات. لا أدري هل أرفض أم أقبل؟ فهو كرجل دين له أسلوب حياة، وأنت يا والدي علّمتنا أن نعيش منطلقين، إضافة إلى فارق السن والزوجة والأولاد، هناك الغربة واختلاف العادات والتقاليد والثقافة، كما أن له مسؤولياته وسفره المستمر، غير ارتباطاته والتزاماته الدينية والاجتماعية، فما الذي تنصحني به يا والدي العزيز؟
***
ورد في (CNN) العربية نقلا عن «الخبر» الجزائرية أن القضاء القطري سينظر في قضية طلاق الشيخ يوسف القرضاوي البالغ 85 سنة ورئيس مؤتمر علماء الإسلام، من السيدة الجزائرية أسماء بن قادة، وهي قضية الطلاق التي أثارت جدلا إعلاميا كبيرا في الفترة الأخيرة.
ونقلا عن المصدر الموثوق فإن شيخ الأزهر، أحمد محمد الطيب، تدخل لدى القرضاوي لإنهاء الخلاف مع السيدة أسماء بشكل سريع وإعطائها حقها، لما للموضوع من إساءة لمكانة الشيخ، وسوء تداعياتها على صورة علماء المسلمين.
الخبر أعلاه صحيح، حسب مصادره، ولكن ما سبقها من رسالة فهي غير ذلك! فقد تخيلت فيها عما سيكون فيه رد القرضاوي لو أن ابنته هي التي وقع كهل وشيخ دين متزوج ويكبرها بكثير في حبها ويريد الزواج منها، فهل كان سيقبل؟ وهل يجوز لمن في مثل مكانته إرسال قصائد الحب تلك لمن لا تمتّ له بصلة ومحرّمة عليه؟ قد يقول البعض يجوز، وهنا نتساءل: لماذا يحرّمونها على غيرهم إذاً؟

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

البحرين عزيزة… دماء أهلها عزيزة أيضاً!

 

يبدو أنه يتوجب على بعض زملائنا الإعلاميين الأفاضل، وخصوصاً في تلفزيون البحرين، التريث ووزن ما يقولون وما ينقلون من كلام يسيء أكثر ما يطيب، ويفرق أكثر مما يجمع واللبيب بالإشارة يفهم… ففي الوقت الذي يسمع فيه شعب البحرين أجمل كلمات التواضع والقرب من الناس من جلالة الملك حفظه الله، ويجدون فيه موقفاً مواكباً للحوادث للتحقيق في أسباب وفاة شابين واعتذار (شجاع) من قبل وزير الداخلية، وتصريح مهم لنائب رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة الخاصة للتحقيق، نجد بعض الزملاء وضيوفهم وقد خلطوا الحابل بالنابل والأسود بالأبيض… وليسمح لي القارئ الكريم أن انتقل معه الى عدة مشاهد بعد هذه المقدمة:

* المشهد الأول: يوم الأحد الثالث عشر من شهر فبراير/ شباط الجاري، كانت المشاعر والآراء من قبل عدد من المسئولين والمواطنين من القراء الذين تفاعلوا مع ما كتبته هنا تحت عنوان: «أحضان البحرين المفتوحة بالخير»، فالكل كان متفقاً على أننا قادرون على تجاوز الأزمات والمحن، وإزالة الاحتقان الذي تشهده البلاد بالعودة الى أجواء الميثاق في العام 2001 وفتح قنوات الحوار ومنح الرموز الدينية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني دورهم في صياغة الحلول للخروج من هذا الاحتقان.

*المشهد الثاني: مساء يوم الإثنين كان مساءً حزيناً ومقلقاً ومخيباً للآمال في آن واحد! صبيحة ذلك اليوم، وهي الذكرى العاشرة لميثاق العمل الوطني، كانت هادئة أما فترة العصر فقد شهدت الكثير من المسيرات السلمية (وإن كانت غير مرخصة) للمطالبة بإصلاحات سياسية كفلها الدستور شهدت مصادمات عنيفة في عدد من مناطق البلاد، والمحذور الأخطر في ذلك اليوم هو سقوط أحد أبناء البلاد الشاب علي عبدالهادي المشيمع وإصابة الكثيرين في مسيرات سلمية كانت ترفع علم البحرين… في ليل ذلك اليوم عم هدوء غريب مريب… لندخل بذلك مرحلة خطيرة جداً لا يعلم عواقبها إلا الله سبحانه وتعالى، وفي يوم تشييع الشاب مشيمع (صباح الثلثاء 15 فبراير 2011)، قدم شاب آخر من أبنائنا هو الشاب فاضل متروك دمه لبلده… ليفتح الطريق أمام تشييع حاشد وتجمهر كبير اتجه ليستقر في دوار اللؤلؤة.

*المشهد الثالث: البحرين عزيزة، ودماء أهلها عزيزة أيضاً! ولطالما الكل متفق على أنه لا مكان للعنف والتخريب والإضرار بالبلد وبأبناء البلد والحفاظ على الأمن والاستقرار والتلاحم الوطني، فإن الكل متفق أيضاً على شرعية المسيرات والاعتصامات السلمية وحق جميع فئات البلد ومن بينهم الشباب بالطبع في طرح مطالبهم وتطلعاتهم التي يودون ايصالها الى قيادة البلد، دون حاجة الى استخدام للقوة المفرطة والتعامل العنيف مع المواطنين، والاعتماد على المسئولين الأمنيين الوطنيين من الضباط الشرفاء القادرين على التعامل مع هذه الظروف بحكمة ومسئولية، وليس أولئك الذين لا يدركون مخاطر قراراتهم في التعامل مع مظاهر التعبير السلمي، فبدلاً من اعطاء صورة حضارية لتعامل الدولة الديمقراطية مع الاحتجاجات السلمية، يتجهون نحو الوحشية والقمع وسفك الدماء وتشويه صورة الدولة في الداخل والخارج.

المطالبة بالإصلاح السياسي في البلد ليست جريمة، فدستور البلاد منح الجميع حق التعبير عن الرأي، لكن الجريمة هي تلك التي تحرم المواطنين من إبداء الرأي والتعبير في الاحتجاجات السلمية ولصق الاتهامات لهم بالعمالة والخيانة، وتقصد تحويل أي مظهر سلمي الى مواجهة عنف، وتشغيل (مكينة) جاهزة من الأصوات النشاز لشب فتيل الفتنة اعلامياً.

الحكومة اليوم أمام مسئولية وطنية في التحقيق ومساءلة المتورطين في استخدام الرصاص والعنف والقمع والتعاون مع القوى السياسية لإزالة جميع أشكال الاحتقان والتأزيم، وربما بدأت هذه الخطوة بتشكيل لجنة التحقيق الخاصة برئاسة الأستاذ جواد بن سالم العريض وبما أعلنه وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بالتحفظ على المتسببين في مقتل الشابين، لكن الكل كان يتمنى أن تكون الذكرى العاشرة لميثاق العمل الوطني منطلقاً لتجديد مسيرة الإصلاح التي دعمتها كل شرائح المجتمع ومنظماته المدنية، لا أن تكون عودة مقلقة الى حقبة من القمع والوحشية وسفك الدماء… دماء شباب البلد عزيزة لأن عزها من عز البحرين، وهي القربان الذي يقدم من أجل رفعة الوطن.

سامي النصف

مصر والعرب إلى أين؟!

قبيل الانتخابات الاميركية الاخيرة، استضافنا الزميل د.عبدالله الشايجي ضمن برنامجه الشائق «الطريق الى البيت الابيض» للحديث حول تلك الانتخابات المرتقبة، ومما قلناه ان كتاب الباحث وبستر غرفن تاربلي المعنون بـ «السيرة غير الرسمية لاوباما» يوضح ان مستشار الامن القومي الاسبق د.زبنغيو بريجنسكي سيكون عراب المرحلة، ومن ثم فإن معرفة المستقبل تقتضي منا العودة إلى الماضي وقراءة ما كتبه وما فعله الداهية بريجنسكي.

 

وقد تنبأنا في ذلك الوقت المبكر بتساقط الانظمة الموالية للولايات المتحدة كما حدث في فترة هيمنة بريجنسكي السابقة ابان حكم الرئيس كارتر (1977 ـ 1981) ومعها على الارجح حدوث فوضى عارمة في منطقتي الشرق الاوسط واوراسيا كما ذكر المستشار ضمن مجموعة كتبه واهمها كتاب «الفوضى على اعتاب القرن الواحد والعشرين»، لذا يمكنني القول ان المنطقة ستشهد تساقط المزيد من الانظمة والمزيد من الفوضى السياسية والامنية العارمة.

 

واذا بدأنا بمصر، فإن السيناتور التفاؤلي الذي يظهر ان ارض الكنانة ستصبح الدولة القدوة في المنطقة بالممارسة الديموقراطية والحرية والحراك الاقتصادي (تعيد إلى الاذهان مقولة العراق الدولة القدوة عام 2003) هو احتمال لاتزيد نسبته بنظري عن 10 الى 15%، اما باقي النسبة فستذهب الى سيناريوهات مرعبة او غير طيبة في حدها الادنى لها اسبابها ومبرراتها، فالحالة المالية في مصر هذه الايام ـ ولأجل غير معلوم ـ تشهد رحيل السائحين والمستثمرين ومحاكمة رجال الأعمال المصريين وتوقف المصانع ووسائل الانتاج وتدهور اسعار البورصة مع مطالب جميع القطاعات بزيادات تصل في حدها الأدنى الى 100%.. و«منين يا حسرة»؟!

 

مصر ام الامة العربية بحاجة ماسة الى مشروع مارشال عربي ينشئ مئات معاهد التدريب والتأهيل لشبابها ورجالها ونسائها وقيام مصانع ومراكز سياحة وخدمات كما حدث في الصين، ودون ذلك ستفقد الامة العربية رجالها في مصر كما فقدت اراضيها في السودان وستصبح رغم فرحة هذه الايام امة تعيسة لا بواكي لها.

 

فمعروف تاريخيا ان الثورات تبدأ بشكل جيد ومفرح وموحد ضد الخصم الواحد الذي ما ان يزاح حتى تبدأ الخلافات والصراعات تتزايد بين الكتل والتوجهات السياسية والاجتماعية والدينية والمناطقية، وحتى بين الشعب والجيش، فيما يسمى مرحلة اكل الثورة لابنائها، ويزيد الطين بلة خيبة امل 90% من الناس ممن سيصدمون بحقيقة ان رحيل الرئيس السابق لم يحل شيئا من مشاكلهم المعيشية، بل قد تتفاقم بإحجام السائحين وهروب المستثمرين المصريين والخليجيين والعرب والاجانب بسبب عمليات الحجز والسجن والمصادرة التي يتعرض لها هذه الايام من جل ذنبهم انهم استثمروا أموالهم في بلدهم في تكرار لما حدث بعد ثورة 1952.

 

الدول الخليجية والعربية ستواجهه مشكلة اخرى هي احتمال الانخفاض المستمر لاسعار النفط في المرحلة المقبلة، وهو ما سيصيب بالضرر المباشر المجتمعات النفطية وغير المباشر المجتمعات العربية التي تعتمد بشكل كبير على «البترودولار»، تلك المصاعب الاقتصادية ستفتح الباب واسعا لمرحلة عدم الاستقرار السياسي والامني الذي سيدخل منه تنظيم القاعدة والتنظيمات المتطرفة الاخرى كما حدث في العراق ولن تنجون كثير من دول المنطقة من الحروب والاضطرابات والتشطير والتفتيت وقانا الله جميعا شر تلك المخاطر التي من اولى دلالاتها بدء الانخفاض المستمر لاسعار النفط.

 

آخر محطة: خير ألف مرة ان تحتاط لأسوأ السيناريوهات ويحدث أحسنها بدلا من العكس.

احمد الصراف

عودة مؤقتة أم دائمة؟

بكيت بحرقة في يونيو 1967 بسبب سذاجتي وقلة خبرتي، بعد أن عرفت حجم الهزيمة والكارثة اللتين حلتا بنا في حرب الأيام الستة مع إسرائيل! ولم يمر وقت طويل لأكتشف كم كنت مخدوعا لأنني كنت أقرأ لفكر واحد وفي اتجاه واحد، وبالتالي لم يكن مستغربا أن يقع الطلاق بيني وبين محيطي، وهو الطلاق الذي دام 44 عاما، إلى أن أعادتني، إلى حد ما، احداث تونس وثورة مصر، الى المحيط القديم الذي طال رفضي له لسوء كيانه وتخلف تكويناته. أقول ذلك بحذر شديد، فقد علمتني الأيام أن ليس كل ما نراه صحيحاً وليس كل ما نتمناه سنحصل عليه أو سيستمر، فنهاية هذه الثورة تكمن في طهارتها وعفويتها، ولن يطول الوقت قبل أن تجهض أو على الأرجح تختطف من قبل جهة ما وتجيرها لمصلحتها، حدث ذلك في روسيا وقبلها في فرنسا وبعدها في إيران وعشرات الأماكن الأخرى! نقول ذلك من دون أن نبخس الشباب الحق في ما اثبتوه من أن ليس بالإمكان الضحك على الأمم وإنكار حقوقها في الحرية والديموقراطية إلى الأبد، ولكن هذه نادرا ما تأتي مع الجيش أو المخابرات! ولو طالعنا ما أصبح ينشر ويبث على الإنترنت من مستندات وأفلام وتسجيلات قديمة تتعلق بأحداث الأيام الماضية، لشاهدنا كيف انقلبت آراء الكثير من رجال السياسة والإعلام، من امثال عمرو اديب وعمرو خالد وعمرو موسى وغيرهم، من النقيض إلى النقيض، وكيف أن أحلام الشباب يمكن أن تختطف بسهولة من الفئات المنافقة والمتسلقة، ليحلوا محل من سبقهم من الفاسدين. وبالتالي فإن الثورة الشبابية المصرية بحاجة للتحصين، وهذا لا يمكن أن يأتي بغير كشف هؤلاء والتحذير منهم، كما حدث لأحد المطربين الذي حاول الاستفادة من الأحداث والمشاركة في التظاهرات، فكشف هؤلاء سابق مواقفه المشينة من ثورتهم، وناله ما يستحق من عقاب. كما يجب الحذر من أية رغبة يبديها النظام العسكري الحالي للبقاء في السلطة أكثر مما يتطلبه التحضير لنظام مدني عصري جديد، نقول هذا مع تقديرنا الشخصي الكبير للقيادة العسكرية المصرية التي رفضت الانجرار لطلبات القيادة السابقة، وحقنت دماء أبناء الشعب بقدر الإمكان، وكان لها الفضل الكبير في نجاح ثورة الشباب.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

ضعنا بين التهديد والعناد

الكويت ليست تونس.. والنظام في الكويت ليس نظام حسني مبارك، هذه حقائق لا ينكرها احد، لذلك نتمنى ألا يزايد احد على احد في هذه الحقائق. هذا أولاً.. أما ثانيا فإن التكسب الشعبي والانتخابي لا يجوز ان يكون على حساب المصلحة العامة.. فعندما يسرّ قطب حكومي كبير لبعض السياسيين من ان هناك نية لاجراء تغييرات جذرية في الحكومة بعد الأعياد، لا يجوز لهؤلاء أن يقيموا ندوة ليصرحوا بها أن حكومة الشيخ ناصر لن تبقى بعد احتفالات فبراير بل يحددوا تاريخ 3/8!! ويصل الأمر بأحدهم الى التهديد اذا بقيت فسنسقطها، وكأنه يريد ان يستبق الأحداث ليسجل له التاريخ انه من اسقط حكومة الكويت بتهديده الذي ارجف النظام!
كلنا نعرف ان النظام لن يقبل التهديد.. فالتهديد واستباق الاحداث جعلا د. عبيد الوسمي يبقى في السجن طوال تلك الفترة!! والتهديد قد يخيف الحكومات، لكنه بالتأكيد لن يخيف النظام.. لذلك نتمنى ألا نعطي فرصة للنظام للعناد والتحدي على حساب المصلحة العامة ومن اجل الايحاء بأننا أرعدناهم وخوفناهم.

لفتة كريمة
التزمت طوال الفترة الماضية بنصيحة الاخوة في القبس وبعض المحبين بأن أترك هذا «الشخص» لحاله واتفرغ لما ينفع الناس. لكن المذكور أبى إلا استمراره في الكذب والافتراء علي دون رادع من ضمير أو خلق!! بالامس ذكر أنني بنيت بيتا دون ترخيص او مخالفا لانظمة البناء مما اضطر البلدية الى وقف البناء عندي، فأظهرت للمشاهدين في احدى القنوات الفضائية تقريرا حديثا من البلدية يؤكد عدم وجود مخالفات في المبنى!! ثم اتهمني بأنني ممنوع من دخول مصر فاجرى تلفزيون الكويت معي مقابلة أثناء عودتي من القاهرة الشهر الماضي، واستنكر حصولي على ترخيص مكتب هندسي وانا مهندس ميكانيك، فاذا بي احصل على رئاسة المكاتب الهندسية العربية قبل اسبوعين!! واليوم يتهمني بانني اخذت ارضا زراعية مصرية مع احد المستثمرين المصريين من دون وجه حق وورطت الناس بها، علما بأنني استدعيت لرئاسة الشركة المالكة للارض بعد ان اصبحت الارض ملكا لها ولم أكن طرفا في شرائها.
اقول هذا الكلام نزولا عند رغبة اخ قال ان تكرار الاتهامات يؤثر في الناس ما لم يكن هناك رد، وأقول عندي لهذا الدعيّ ملف كامل عنه فيه 30 قضية صدرت ضده فيها احكام قضائية تدل على ان مجاراته والرد عليه مضيعة للوقت، لذلك سأرجع إلى التزامي السابق بأن اكتفي بما كتبته.

محمد الوشيحي

شعبٌ… مفعولٌ به

الشعوب الأوروبية ذات الهيبة يتنافس مسؤولوها على إرضائها، والشعوب العربية ذات الخيبة تتنافس على إرضاء مسؤوليها… والشعب الأميركي الشامخ تهابه حكومته وتتمسح بحذائه، والشعب العربي الماصخ يهاب حكومته ويتمسح بحذائها… والشعب الياباني الصادق يتسابق وزراؤه على وسائل الإعلام لتبيان مواقفهم ورؤاهم، وتُخصص كل وزارة متحدثاً باسمها يملأ وسائل الإعلام حركة، ويجيب عن كل الأسئلة، وينزع كل علامات الاستفهام من أذهان اليابانيين، ويخنق الشائعة وهي في مهدها، والشعب العربي المنافق تضع حكومته متحدثاً باسمها كـ»عازل الضوء» كي تتمكن من النوم، وتدفع للمرتزقة من الإعلاميين ليتولوا مهمة «عازل الصوت»، الذين ينثرون الكذب على الناس وعلى الحكومة ذاتها.
الشعوب الكريمة إذا استمرأ قياديوها ارتكاب الخطايا سحبت الواحد منهم من قفاه الكريم، وزجّت به في السجن العتيم، والشعوب العربية إذا استمرأ قياديوها ارتكاب الآثام العظام وأهانوا الكرام وأعزوا اللئام، بررت لهم وبحثت عن أعذار تنجيهم من عذاب النار، واعتلى خطباؤها المنابر «اللهم أصلح البطانة».
الشعوب الشامخة تختار لبرلمانها خيرة القوم، «وإذا الحكومة في أمها خير» فلتحاول أن تتدخل لمصلحة هذا أو لعرقلة ذاك، كي ينقلب الشعب الهادئ إلى شعب مؤزم، أما الشعوب الراكعة ذلاً فيلعب في حسبة انتخاباتها وزير أو تاجر كبير، فيساعد هذا المرشح المتدين كي يفتي لاحقاً لمصلحة ولاة الأمر، ويساعد ذاك المرشح الليبرالي، أو المرشحة الليبرالية «يا تؤبرني» كي تصوّت معه في الوقت الذي تسلّ فيه منشارها وتنتشر في مؤسسات البلد الاقتصادية، هي وأقاربها، وهات يا هبش وهات يا مشاريع ألذ من أطباق «التبولة».
الشعوب الأوروبية الأبيّة تسيطر على جمعيات النفع العام وتحوّلها إلى عصا غليظة فوق رؤوس الأنظمة، والشعوب العربية الغبية تسيطر حكوماتها على جمعيات النفع العام، و»تعيّن» أعضاء مجالس الإدارات أو تشتريهم وتحوّلهم إلى عصيّ غليظة فوق رؤوس الشعوب البليدة العبدة.
الشعوب الفاعلة تنتفض غضباً على أجهزة الأمن إذا تمادت في غيها، والشعوب المفعول بها تنتفض هلعاً من أجهزة الأمن كلما زاد غيّها… الشعوب العظيمة تنشئ وسائل إعلامها الخاصة، والشعوب «البهيمة» تُجبر على تناول علف «وزارات الإعلام»، ولا يسمح لها بإنشاء وسائل إعلامها إلا إذا كان نباحها يطرب الأذن الحكومية.
شعوب تختلف عن شعوب، والحمد لله أن الشعب الكويتي من الشعوب الكريمة العظيمة الشامخة الأبية… كح كح كح، عفواً. 
 ***
الرئيس أحمد السعدون يحلّق ويبدع على صفحات تويتر… يتحدث عن المقترح الفلاني الذي تقدم به، وما حدث بخصوصه، ويبلغ المتابعين نتائجَ هذا المقترح وذاك المشروع، بكل ثقة وصدق… أما حكومتنا فلا تريد أن تتسخ يداها عند الكتابة للشعب «واي ويع».
  ***
الزملاء المصريون هاتفوني يسألون عن مشاريع «لصوص الكويت» المقامة على أرض مصر، ويطلبون أي معلومة قد تفيدهم في «عملية التطهير والاسترداد»… لذا أتمنى على كل من يملك معلومة مؤكدة، أو شبه مؤكدة، أن يراسلني على الإيميل المنشور هنا في هذه الصفحة، أو على موقعي في تويتر «@alwashi7i»… مع الشكر والنفاذ.
ونصيحة قبل أن أنسى… «توتروا» يا أيها المؤمنون، ففي «تويتر» لا يردك إلا لسانك، وها أنا ذا أتحدث مع أكثر من 11000 «متابع» وجهاً لوجه… توتروا لا أم لكم. 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

حسن العيسى

لا نريد هدايا بل نطلب حقاً

سحب طلب التفسير من الحكومة وتنازلها عن الدعاوى، سواء تلك التي رفعها سمو رئيس مجلس الوزراء أو التي حركتها وزارة الإعلام ضد أصحاب الرأي، مسألة تستحق التقدير والشكر للحكومة، وبصرف النظر عما كان يمكن أن تنتهي به الأحكام في تلك الدعاوى لمصلحة المشكو في حقهم أو ربما ضدهم فإن ممارسة الملاحقات السياسية حين تلبس رداء القانون هي بذاتها سياسة تسلطية تتنافى مع أبسط مبادئ حقوق التعبير ونقد الشخصيات العامة. يبقى ما هو أهم من تلك الهدايا الوقتية التي قدمتها الحكومة إلى المشكو في حقهم. فليست هي قضية محمد الجاسم أو عبيد الوسمي وماذا قالا في ندوة أو كتبا في مدونة ما- فتلك مسائل فردية وإن مدت بظلالها على كل صاحب رأي حر- بل يبقى آخر الأمر تلك القوانين الجائرة مثل قانون المطبوعات والنشر وبعض نصوص قانون الجزاء وأمن الدولة وما يتبعها مثل قانون المرئي والمسموع… فتلك القوانين فتحت أبواب جهنم على أصحاب الرأي، وهي  التي شدت من أزر السلطة لتأديب أصحاب الرأي وتدجين الإعلام بشكل عام، فخلقت بذلك الوحش القبيح واسمه «الرقيب الذاتي» في قلب كل كاتب حر، وأضحينا نحسب لكل كلمة حسابها، وما إذا كانت تهز أركان «الدولة وأمنها وطوائفها وثوابتها» أم لا! وما إذا كانت تسيء إلى علاقتنا بدول صديقة أو شقيقة أم لا…! طبعاً في عرفنا الشرقي الدول الشقيقة والصديقة هي «ممشة زفر» لتحصين أنظمتها السلطوية الفاسدة من النقد…! وخير مثال حالة التيه التي أصابت معظم كتابنا أيام ثورة 25 يناير العظيمة بمصر أو قبلها بتونس، فلا يمكن نقد قيادة الرئيس حسني مبارك، ولا يمكن طبعاً أن نفعل أي شيء حتى تستقر الأمور ونعرف من هو الملك القادم، لنهلل له حين تهلل الحكومة أو نصمت بخجل حين تصمت الحكومة. 
«البلوي» القادمة، وكأن سلطتنا لا تعرف شيئاً عن ثورة التويتر والفيس بوك وغوغل، هي مشاريع القوانين التي قدمتها الحكومة لزيادة حجم العقوبات على وسائل الإعلام الخاصة، وأعدت غرامات بأرقام فلكية وعقوبات بالحبس لأي تفكير عقلي حر إذا كان يمس يقينيات طوائف أهل الخير والصلاح…! تلك وصمة عار لبلد يتنطع فيه البعض بحرية الرأي والديمقراطية، متناسين أنها ديمقراطية أعور بين عميان… لا نريد هدايا وتنازلات وقتية… بل نريد حقوقنا الثابتة في التفكير والنقد، ورمي قوانين «دراكو» ومشاريعه في مزبلة التاريخ.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة