سامي النصف

الشعب الليبي باقٍ وعمر الطغاة قصير

السكوت الدولي المريب عن حرب الابادة التي يشنها النظام الدموي في ليبيا على شعبه الأعزل يثبت صحة ما ذكرناه في مقال الاحد الماضي عن ازدواجية المعايير في التعامل العالمي مع ثورات الشعوب الحالية، فالسماح للقذافي باستخدام الطائرات في ابادة شعبه هو تكرار سيئ للسماح لنظام صدام بقمع انتفاضة

الـ 14 محافظة من الجو في ربيع عام 91 وهو ما أبقى حكمه البغيض لاثني عشر عاما لاحقة، وهو ما قد يحدث لنظام الحكم الليبي بعد اجهاض الثورة الشعبية القائمة.

في يوم أغبر وليل أظلم قام انقلاب مشبوه على حكم الملك العادل محمد ادريس السنوسي ورئيس حكومته ونيس القذافي بتاريخ 1/9/1969، وقد استدعى رأس النظام الجديد على وجه السرعة شخصيتين لهما ارتباطات غامضة ليدرباه على عمليات القمع والخداع والكذب والزيف هما د.سعدون حمادي الذي أرسله صدام من العراق ومحمد حسنين هيكل الذي حضر من مصر، وقد ابتدأ النظام الثوري ومنذ أعوامه الاولى بعمليات القتل والقمع الوحشي، حيث أعدم الطلبة في الجامعات والمصلين في المساجد والمحجوزين في السجون وتم تسميم المعارضة في الخارج بشكل فريد وغير مسبوق بالتاريخ.

ويتهم بعض المطلعين على خفايا الامور القذافي بدس السم البطيء للرئيس عبدالناصر إبان زيارته لطرابلس صيف عام 70 حيث توفي بعدها بأيام قليلة، كما قام النظام نفسه باختطاف الامام موسى الصدر وصحبه بإيعاز كما يقال من أحد الزعامات اللبنانية (!) واستمر مسلسل الجرائم التي شوهت سمعة العرب وصورة المسلمين أمام العالم أجمع حتى يومنا هذا.

ففي ديسمبر 88 قام النظام الليبي بتفجير طائرة البان ام الاميركية 103، وفي العام الذي يليه فجّر الطائرة الفرنسية «أوتا» فوق النيجر، وقد اعترف لاحقا بتلك الجرائم وعوض الضحايا بالمليارات عام 2003. وفي ديسمبر 1992 قام بتغيير رقم الرحلة الليبية المتجهة من بنغازي الى طرابلس من 403 الى 1103 (نفس رقم البان ام) وقام بتفجيرها في وضح النهار وقتل 160 من ركابها بعد أن تم انزال رجال الأمن منها وملئها بالطيارين المدنيين المعارضين وعلى رأسهم قائد الطائرة الصديق الكابتن علي الفقيه الذي أرغم على أخذ الرحلة بعد أن سحب منها قائدها الاصلي الكابتن حمد بوخشيم، وقد تمت ازالة ركام الطائرة في اليوم التالي دون تحقيق أو حتى تعويض ركابها وملاحيها.

وقد اعلنت هذه الايام قبائل ليبيا وحاضرتها رفضها استمرار حكم صاحب الكتاب الاخضر الذي تحول الى الاحمر القاني من كثرة دماء الابرياء التي أوغل فيها بمساعدة مرتزقته من ذوي القبعات الصفراء الذين أحضرهم «أمين» القومية العربية من 6 دول غير عربية لقتل أبناء شعبه العرب. لقد ابتدأت الشرارة في بنغازي البطلة وتجاوبت معها طرابلس العزيزة التي رفع أهلها شعار «بنغازي مش بروحك نحن ضمادين جروحك»… إن‍ الشعب الليبي باق وعمر الطغاة قصير!

آخر محطة:

(1) يتساءل الشعب الليبي عن الصفة التي تحدث بها ابن القذافي في تلفزيون الدولة والذي مثل «التوريث» بأجل صوره، كما ردوا على دعاويه باحتمال قيام حرب أهلية بأن هذا الاحتمال لم يسمع به ابان الحكم الملكي ومن ثم فهو نتاج حكمهم الابادي الكريه.

(2) تتجاوز ثروة القذافي التي ترفض صحيفة «الغارديان» الحديث عنها 200 مليار دولار الناتجة عن استيلائه على مداخيل النفط لمدة 42 عاما متواصلة دون حسيب أو رقيب مما جعل رئيس وزراء ايطاليا يقبل يده طمعا في عطاياه ورشاويه!

(3) صرح الزعيم الثوري الآخر عمر البشير بأنه لن يترشح لدورة رئاسية جديدة بعد أن أضاع الجنوب بسبب تشبثه بالحكم ورفضه ترشيح حزبه لجنوبي لرئاسة السودان في الانتخابات السابقة كوسيلة لطمأنة الجنوبيين وابقائهم ضمن مشروع الدولة الواحدة، بالطبع هناك 9 مليارات وهي سبب وجيه لذلك الاعتزال الذي دافعه الاول هو الاستمتاع بصرف تلك المليارات.. وعاشت الثوريات العربية من قومية وإسلامية!

(4) حَكم القذافي إبان فترة حكم الرئيس نيكسون واستمر ابان حكم فورد وكارتر وريغان (دورتين) وبوش الاب وكلينتون (دورتين) وبوش الابن (دورتين) وأوباما، لذا فهو أحد أقدم الحكام في العالم كما ان فترة حكمه البغيض هي الاطول في تاريخ ليبيا منذ عام 1550.

احمد الصراف

الفرسان الأربعة

تصرفات الحكومة أصبحت أقرب للمثل القائل «ضربة صائبة على المسمار، وأخرى أو أكثر خائبة على الحافر»، ومع ازدياد الضربات على الحافر بشكل لافت في الفترة الأخيرة، فقد أصبح الجميع في حالة من التيقظ لما هو أسوأ. فالقرار الأخير بترقية أربعة من موظفي وزارة الإعلام لوكلاء مساعدين أثار ردود فعل عنيفة داخل الوزارة وخارجها، ولا أعتقد أن أوضاعهم ستمر على خير، أو أنهم سينتجون شيئا، خاصة أن جهات ذكرت، ومنها «الشاهد»، (16/2)، أن وزير الإعلام، الشيخ أحمد الصباح، لا يعلم شيئا عن الأسماء التي تم اختيارها، ولم يُستشر بشأنها، وفوق ذلك حتى الشيخ أحمد الفهد، المعني الآخر بالأمر، كنائب لرئيس الوزراء، وزير التنمية الإدارية، لم يعلم عن القرار، وفوجئ بهذه الترشيحات، كما فوجئ بها وكيل الوزارة، ومفاجأته سببت استقالته التي رفضها مجلس الوزراء بـ«خشونة واضحة». ويقال إن الجميع كان ينتظر تفكيك وزارة الإعلام، وخصخصة بعض أنشطتها، وإذ بها تصبح حكومية أكثر.
نعود للوكلاء الأربعة، ونقول إننا لو بحثنا في الخلفيات العلمية والوظيفية لهؤلاء وأحقيتهم بهذه المناصب، مقارنة ببقية الكفاءات في الوزارة، لوجدنا أن غالبيتهم قد تم تعيينهم ارضاء لتسويات وحسابات سياسية تخص عدداً من النواب، وتتعلق بدفع فواتير الصراع السياسي، وبالتالي لا يستحقون الترقية، وغيرهم أحق بها. كما أن هؤلاء الذين تمت ترقيتهم لم يتواجد عدد منهم في الوزارة منذ سنوات أربع، وآخر عليه علامات استفهام «مخفرية» وغير ذلك.
نتمنى من «الإعلام» أن تعلمنا بحقيقة الوضع، وسكوتها المتوقع دليل على صحة ما يشاع عن أسباب تعيين، أو ترقية هؤلاء في مثل هذه المناصب الحساسة.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الكويت غير

يخطئ من يظن أن الكويت بدأت تسير على خطى تونس ومصر أو حتى البحرين!
الكويت غير..
صحيح أن في الكويت مظالم.. وفساداً.. وانتهاكاً لحقوق الإنسان.. لكنها دولة.. فيها الغث والسمين.. وفيها المسؤول الصالح والفاسد.. وفيها المواطن الصالح والطالح.. وفيها كغيرها من الدول كل المتناقضات.
لكنها تظل.. غير!
الكويت بلد يحكمه آل صباح بالتراضي والقبول من كل أطياف المجتمع الصغير المتناقض في أفكاره، المتحد في نظرته للحكم. لم يأت صباح الأول راكباً دبابة أو متوشحاً سيفه.. أو نازلاً بالبراشوت، بل جاء للحكم بإجماع أهل الكويت الصغير آنذاك .
عندنا فساد ما تحمله البعارين.. لكن عندنا منابر للإصلاح والدعوة إلى تصحيح الأمور تعالج هذا الفساد، عندنا رموز فاسدة ومفسدة تتولى مناصب عليا.. لكن عندنا مراكز تعبير عن الرأي يجد كل معارض فيها متنفساً لافكاره.
الكويت غير.. لأن كل كويتي يعيش عليها.. عنده عقيدة بأن هذه الأسرة عنصر استقرار لهذا المجتمع الذي يحوي كل التناقضات.. يكفي أن كل كويتي يجمع على احترام هذه الأسرة، ومن حبه لها يغلظ عليها بالقول، ويعنف أكبر رأس فيها حتى لو كان رئيس الحكومة، ويمارس معه أقسى أدوات الرقابة والمحاسبة.. حباً له، ورجاء أن يصلح أمره ، فبصلاحه صلاح للأمة والمجتمع!
ملاحظة أخيرة..
مع تأكيدنا أن الكويت غير.. إلا أن هذا لا يمنع أن نستفيد مما يجري حولنا.. فلو تركنا «البدون» يتجمعون ويسيرون في تيماء إلى دوار النادي، ويخطبون وينفسون عما في صدورهم، ومما يعانون ثم ينصرفون من دون تدخل من قوات الداخلية، لو كانت البداية هكذا، لما وجد الدخلاء بينهم والمتطرفون أي فرصة لممارسة الشغب، ولما تدخلت وسائل إعلام خارجية لمزيد من التحريض. «البدون» مثل الكويتيين فيهم الصالح وفيهم غير ذلك، ولا يجوز تعميم الشر كما لابد من الإحساس بمعاناتهم التي أخرجت البعض من طوره وخلّته يهذي لا يعلم ما يقول من شدة البؤس الذي يعيشه! لكن رب ضارة نافعة.
•••
«فتة كريمة»
من يقرأ مقالات منصور المحارب في «المستقبل» يفهم معنى قوله تعالى «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض».
ويتذكر القول المأثور «كل آفة عليها من الله آفة».