محمد الوشيحي

عندما يلمع الغباء

ذكرتها سابقاً وأكررها الآن: «أشعر أن كلمة (وزير إعلام) شتيمة قبيحة»، وأشعر أن من ينادي الوزير «يا وزير الإعلام» كأنه يقول «يا وزير الكذب والتدليس» أو «وزير الصكصكة» على رأي أهل جدة.

ويا سبحان الله، بعدما هاجت ثورة تونس وماجت اعترف أذيال الرئيس التونسي المخلوع: «إعلامنا الحكومي ليس على مستوى الحدث»، ولم يكن عند الناس وقت كي يقولوا لهم «لأن الإعلام الحكومي حكاية أكل عليها الدهر وبصق، ولم تعد موجودة إلا في الصومال والغابون وما شابههما من الدول التي لا تملك شعوبها قيمة الستلايت»، والأمر ذاته تكرر مع وصول الثورة المصرية إلى الذروة، إذ ظهر أذيال النظام المنزوع على الشاشات واعترفوا «الإعلام الحكومي لم يستطع استقطاب المشاهدين أثناء الثورة»، وأمس الأول يعلن المجنون الصغير «سيف الإسلام القذافي» في كلمته التي تشبه وجه أبيه: «إعلامنا الحكومي فشل في ملء مكانه»، والحبل على الجرار، وسيخرج الرئيس المخلوع المقبل، أي رئيس مقبل، ليردد الغباء نفسه والثوارة عينها.

هذا الصنف من البشر يعتقد أن الشعب كله مصاب بداء «الرعاش» – مع احترامي وانحنائي للمرضى المصابين بهذا الداء – وأن المواطنين لا يقوون على المسك بـ«الريموت كنترول» والتنقل بين قنوات التلفزيون، هذا الصنف من البشر لا يعرف أن أقماراً صناعية عديدة تحوم فوقنا «عربسات» و«نايلسات» و«هوت بيرد» ووو (كتبت «ووو» لأنني لا أعرف أسماء البقية لكنني متأكد أن ثمة بقية، وأتوقع أن تؤسس مصر «المتحررة حديثاً» قناة إخبارية تفوق ميزانيتها ميزانيتي الجزيرة والعربية مجتمعتين وتساهم في تحرير بعض الشعوب العربية المحتلة من حكوماتها الغبية)، هذا الصنف من البشر يعتقد أن الأسر تجتمع كل «عصرية» لمشاهدة تلفزيون الدولة، ومتابعة الخطب والبيانات التي يلقيها المسؤولون على شاشته، فإذا صرح مسؤول: «النهوض بالشباب هو أولى الأولويات» صرخ أفراد الأسرة: «هييييه»، هؤلاء لا يعرفون أن الناس قد يصدقون مسيلمة ولا يصدقون تلفزيون الدولة… يا لغبائهم اللمّاع.

وها هي حكومة مصر بعد تحررها ترمي حقيبة وزارة الإعلام في سلة القمامة، ليش؟ لأنها تعلم أن الشعب سيضع قليلاً من الفلفل والليمون عليها وينهشها (ينهش الحكومة) إذا فكرت في ذلك، وسيدهسها على الخط السريع كما تدهس السيارات الكلاب، فتهرب وهي تحجل برجل واحدة و«تصوي»، وتعلم أن الشعب المصري خلااااص «استيقظ» من غبائه.

الناس لا تصدق المذيع المختوم بختم الحكومات العربية، ولا الصحيفة المطبوعة بحبر حكومي… متى تفهم حكومات العربان؟ لا أدري.

الأمر ذاته نقوله للأخ وزير الداخلية الذي أصبحت بيانات قيادات وزارته مثاراً للتندر والتهكم بسبب سياسات سلفه، ونذكره بأن وزارة الداخلية المصرية بدأت حملة تحسين سمعتها التي تشوهت بسبب الكذب، وأولى خطواتها في ذلك كانت إبعاد كل من كذب عن الواجهة، واعتماد الصدق والشفافية فوراً، ولا أخفيك سراً معالي الوزير، الناس لم تعد تثق ببيانات الداخلية ولا بأفلام قياداتها، بعد حادثتي «الحربش والميموني»، وليتك تفكر في إعادة طلاء الوزارة، وتعيد تحسين سمعتها في الحارة.

***

الأخ وزير النفط… كثرت شكاوى مراجعي مستشفى شركة النفط على المدير الذي يتهمونه بالشللية والتفرقة المذهبية والعنصرية. أرجو التأكد من هذا الأمر.

حسن العيسى

مشجب للبدون

«محرضون في الخارج، مؤامرات تحاك في الدول الغربية، الصهيونية وعملاء الصهاينة، الإخوان المسلمون»، مثل هذه العبارات السابقة هي المشاجب التي يعلق عليها أهل النظام والفاشلون كل مآسي بلدانهم، فالقذافي وعلي عبدالله صالح وقبلهما زين العابدين وحسني مبارك وبقية شلل حكام «البتكس» وجدوا في «الخارج» والمؤامرة الأجنبية عذرها وتفسيرها لكل أسباب الثورة ضد أنظمتهم التسلطية، وهي أنظمة الفشل التي تتساقط اليوم مع ثورة الشباب العربي.

سؤالي ما إذا كانت عدوى المشاجب لا عدوى الثورات والانتفاضات قد أصابتنا هنا في الكويت؟ فقد صرح أكثر من عضو برلماني وكتب عدد من كتاب «الحكومة دائماً أبخص» من الذين يدعون دائماً «الاستقامة السياسية» للنظام مهما كان، بأن مظاهرات البدون هذه الأيام هي بتحريض من الخارج، وأوضاع البدون عند الحزب «الإنساني» الكويتي وهي ولله الحمد كاملة وغير ناقصة، فهم يتعلمون في أحسن المدارس، ويعالجون في أفضل المستشفيات، والدولة تكفلت بسكنهم وبكل صغيرة وكبيرة في حياتهم، ولا ينقصهم غير كرت صغير مكتوب عليه كويتي، وعدا ذلك فهم كذابون ومزورون قدموا للكويت بطريق «التهريب» بحراً أو عبر قوافل البدو الرحل براً، واستقروا هنا ثم مزقوا جوازاتهم ووثائقهم الأصلية وقالوا إنهم «بدون»… ومن أهل الكويت…!

يا ترى قبل صدور قانون الجنسية كيف كنا نفرق بين البدون وأهل الحمايل؟ ثم في حملات التجنيس السياسي التي تمت في سنوات الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات من القرن الماضي كيف منحت جناسي الجنة الكويتية للبعض منهم وكيف حرم غيرهم؟ الجواب عند أهل العلم والدراية بالعرق الكويتي وجماعات المحافظة على «ثروة تقاسم الكعكة الكويتية» على أهل الكويت وحدهم طبعاً بامتيازات «هبش» خاصة للقلة الدائرين بفلك السلطة وبالفتات لمن تبقى. فهم يرددون بأن كعكة الامتيازات الكويتية بقي منها القليل، وبالكاد تكفي شخصية «أنا كويتي وعزومي قوية»، فهل من المعقول أن نقبل صرف ما تبقى من ثروة الأجيال على «عوير وزوير» من بدون الكويت! أما كفانا فساد وطيش الحكومات المتعاقبة ومعها نواب الأمة في مجالس كثيرة حتى يأتي اليوم ونطالب بالاشتراكية في ثروة العطايا والمنح والمناقصات مع البدون؟

إذن ما الحل… غير بقاء الأحوال على حالها المائل… فلا زمن يمضي ولا شيء غير الثبات والسكون… وغطس الرؤوس بالرمال، وليس للبدون، غير انتظار نهاية إجراءات البحث والتقصي عن أصولهم وعروقهم ولو نبشناها في قبور أهل عاد وثمود…؟

تبقى لي ملاحظة على جماعة العمل الوطني الذين قالوا إن الجنسية من أعمال السيادة…! وبالتالي حسب هذا الفهم القاصر، فالسلطة التنفيذية وحدها التي تختص بالمنح والحرمان دون معقب ودون رقابة، والقانون الذي انتزع من القضاء سلطة النظر في مسائل الجنسية يصبح دستورياً وفوق الدستور عند إخوان العمل الوطني، فشكراً كثيراً لوطنيتهم ولعمق فهمهم لمعنى الشرعية الدستورية.

احمد الصراف

جرس برجس البرجس

دق رئيس الهلال الأحمر، السيد برجس البرجس، ناقوس الخطر عندما صرح بأن أعداد المصابين بفيروس C الوبائي بين الوافدين قد وصلت إلى ارقام مخيفة، وأن هناك 5741 حالة تعرفها الجمعية وتقدم لها العون منذ سنوات!
التصريح خطير والأخطر منه ما لم يقله السيد البرجس! فهؤلاء أو أغلبيتهم على الأقل حصلوا على موافقات رسمية بالإقامة والعمل في البلاد خلافاً لقانون عام 1997 الذي يمنع منحهم تصريحاً بالعمل، بسبب خطورة مرضهم القاتل والمعدي، وبالتالي لا بد أنهم جميعاً، أو أغلبيتهم على الأقل، قدموا رشاوى بملايين الدنانير لمسؤولين حكوميين لغض النظر عن نتائج فحوصاتهم، فمن المسؤول عما تسببوا وسيتسببون فيه من إصابة غيرهم بهذا المرض، ودفع جمعية إنسانية كالهلال الأحمر لصرف مبالغ طائلة عليهم كأدوية ومساعدات؟
وما لم يقله رئيس الهلال الأحمر أيضاً هو أن الــ 5741 مريضاً الذين تحملت الجمعية تكاليف علاجهم لا يمثلون حتماً كامل عدد المصابين بهذا المرض الخطير! فلا شك أن العدد الحقيقي أكثر من ذلك، وليس كل مصاب، سبق أن دفع رشوة لاستثنائه من الفحص، يمتلك الشجاعة لزيارة مركز الهلال الأحمر للحصول على الدواء أو المعونة منه، هذا على افتراض معرفته بالمكان.
وعليه يتطلب الأمر من وزير الصحة، الذي لا نشك في رغبته في إجراء الإصلاح، التحقيق في الأمر، ولا صعوبة في ذلك، فالمصابون بهذا المرض لا يمكن أن يبقوا على الحياة طويلاً من دون الحصول على الدواء، والمكلف جداً، وهذا لا يتوافر مجاناً من غير مصادره الرسمية، ويمكن بتتبع حالة عشرة مرضى مثلاً معرفة الجهة أو الجهات التي وافقت على منح شهادة «خلو من الأمراض المعدية» لهؤلاء!

أحمد الصراف