سعيد محمد سعيد

البحرين عزيزة… دماء أهلها عزيزة أيضاً!

 

يبدو أنه يتوجب على بعض زملائنا الإعلاميين الأفاضل، وخصوصاً في تلفزيون البحرين، التريث ووزن ما يقولون وما ينقلون من كلام يسيء أكثر ما يطيب، ويفرق أكثر مما يجمع واللبيب بالإشارة يفهم… ففي الوقت الذي يسمع فيه شعب البحرين أجمل كلمات التواضع والقرب من الناس من جلالة الملك حفظه الله، ويجدون فيه موقفاً مواكباً للحوادث للتحقيق في أسباب وفاة شابين واعتذار (شجاع) من قبل وزير الداخلية، وتصريح مهم لنائب رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة الخاصة للتحقيق، نجد بعض الزملاء وضيوفهم وقد خلطوا الحابل بالنابل والأسود بالأبيض… وليسمح لي القارئ الكريم أن انتقل معه الى عدة مشاهد بعد هذه المقدمة:

* المشهد الأول: يوم الأحد الثالث عشر من شهر فبراير/ شباط الجاري، كانت المشاعر والآراء من قبل عدد من المسئولين والمواطنين من القراء الذين تفاعلوا مع ما كتبته هنا تحت عنوان: «أحضان البحرين المفتوحة بالخير»، فالكل كان متفقاً على أننا قادرون على تجاوز الأزمات والمحن، وإزالة الاحتقان الذي تشهده البلاد بالعودة الى أجواء الميثاق في العام 2001 وفتح قنوات الحوار ومنح الرموز الدينية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني دورهم في صياغة الحلول للخروج من هذا الاحتقان.

*المشهد الثاني: مساء يوم الإثنين كان مساءً حزيناً ومقلقاً ومخيباً للآمال في آن واحد! صبيحة ذلك اليوم، وهي الذكرى العاشرة لميثاق العمل الوطني، كانت هادئة أما فترة العصر فقد شهدت الكثير من المسيرات السلمية (وإن كانت غير مرخصة) للمطالبة بإصلاحات سياسية كفلها الدستور شهدت مصادمات عنيفة في عدد من مناطق البلاد، والمحذور الأخطر في ذلك اليوم هو سقوط أحد أبناء البلاد الشاب علي عبدالهادي المشيمع وإصابة الكثيرين في مسيرات سلمية كانت ترفع علم البحرين… في ليل ذلك اليوم عم هدوء غريب مريب… لندخل بذلك مرحلة خطيرة جداً لا يعلم عواقبها إلا الله سبحانه وتعالى، وفي يوم تشييع الشاب مشيمع (صباح الثلثاء 15 فبراير 2011)، قدم شاب آخر من أبنائنا هو الشاب فاضل متروك دمه لبلده… ليفتح الطريق أمام تشييع حاشد وتجمهر كبير اتجه ليستقر في دوار اللؤلؤة.

*المشهد الثالث: البحرين عزيزة، ودماء أهلها عزيزة أيضاً! ولطالما الكل متفق على أنه لا مكان للعنف والتخريب والإضرار بالبلد وبأبناء البلد والحفاظ على الأمن والاستقرار والتلاحم الوطني، فإن الكل متفق أيضاً على شرعية المسيرات والاعتصامات السلمية وحق جميع فئات البلد ومن بينهم الشباب بالطبع في طرح مطالبهم وتطلعاتهم التي يودون ايصالها الى قيادة البلد، دون حاجة الى استخدام للقوة المفرطة والتعامل العنيف مع المواطنين، والاعتماد على المسئولين الأمنيين الوطنيين من الضباط الشرفاء القادرين على التعامل مع هذه الظروف بحكمة ومسئولية، وليس أولئك الذين لا يدركون مخاطر قراراتهم في التعامل مع مظاهر التعبير السلمي، فبدلاً من اعطاء صورة حضارية لتعامل الدولة الديمقراطية مع الاحتجاجات السلمية، يتجهون نحو الوحشية والقمع وسفك الدماء وتشويه صورة الدولة في الداخل والخارج.

المطالبة بالإصلاح السياسي في البلد ليست جريمة، فدستور البلاد منح الجميع حق التعبير عن الرأي، لكن الجريمة هي تلك التي تحرم المواطنين من إبداء الرأي والتعبير في الاحتجاجات السلمية ولصق الاتهامات لهم بالعمالة والخيانة، وتقصد تحويل أي مظهر سلمي الى مواجهة عنف، وتشغيل (مكينة) جاهزة من الأصوات النشاز لشب فتيل الفتنة اعلامياً.

الحكومة اليوم أمام مسئولية وطنية في التحقيق ومساءلة المتورطين في استخدام الرصاص والعنف والقمع والتعاون مع القوى السياسية لإزالة جميع أشكال الاحتقان والتأزيم، وربما بدأت هذه الخطوة بتشكيل لجنة التحقيق الخاصة برئاسة الأستاذ جواد بن سالم العريض وبما أعلنه وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بالتحفظ على المتسببين في مقتل الشابين، لكن الكل كان يتمنى أن تكون الذكرى العاشرة لميثاق العمل الوطني منطلقاً لتجديد مسيرة الإصلاح التي دعمتها كل شرائح المجتمع ومنظماته المدنية، لا أن تكون عودة مقلقة الى حقبة من القمع والوحشية وسفك الدماء… دماء شباب البلد عزيزة لأن عزها من عز البحرين، وهي القربان الذي يقدم من أجل رفعة الوطن.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *