كانت الكنيسة الكاثوليكية تعيّن من يقوم بالبحث في سيرة من تود تطويبه ورفعه لمرتبة القداسة، والتأكد من صحة ما نسب له من معجزات، وكان من يقوم بهذا يسمى محامي الشيطان Devil’s Advocate. ولو اعتبرنا اسرائيل عدوة لنا، مع العلم أننا أشد عداء بعضنا لبعض، وعلى ضوء أحداث الثورة التونسية والمصرية، واحتمالات وقوع ما يماثلها في دول أخرى، وما يعنيه ذلك من احتمال اعادة النظر أو حتى الغاء الاتفاقيات والمعاهدات السابقة، فان رفض اسرائيل المسبق للسلام معنا على طريقتنا يبدو أمرا مبررا، وشكها في مكانه من أنظمتنا، فاصرارها على مناقشة أدق التفاصيل في أية اتفاقية يمكن قبوله! ولو كان الفلسطينيون مكان الاسرائيليين لما فعلوا غير ما تفعل! فكيف يمكن لدولة بمثل وضعها الاستراتيجي الهش الوثوق بمن لا يثقون بأنفسهم وأنظمة حكمهم، خاصة بعد أن ربطت غالبية الدول العربية نفسها بالقضية الفلسطينية، أو العكس؟ وكان الأمر يهون لو تُرك الفلسطينيون لتدبير أوضاعهم مع اليهود منذ البداية، لانتهت مشاكل الطرفين منذ زمن، ولكن هذا الربط العربي بفلسطين جعل اسرائيل تخاف السلام مع أنظمة غير مستقرة متعددة المصالح والأهواء، وبالتالي فان الصلح بيننا وبينها لن يتم حتى نتصالح نحن مع أنظمتنا، وتصبح شعوبنا حرة، وقتها ستزول اسرائيل أو تذوب في المحيط الأكبر، ان رفضت السلام، وحتى ذلك اليوم دعونا «نغني» مع أحمد مطر:
أنا السببْ، في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ. سلبتكم أنهاركم والتين والزيتون والعنبْ. أنا الذي اغتصبت أرضكم، وعرضكم، وكل غال عندكم، أنا الذي طردتكم من هضبة الجولان والجليل والنقبْ. والقدس، في ضياعها كنت أنا السببْ. نعم أنا.. أنا السببْ. أنا الذي لما أتيت المسجد الأقصى ذهبْ، أنا الذي أمرت جيشي في الحروب كلها بالانسحاب فانسحبْ. أنا الذي هزمتكم، أنا الذي شردتكم وبعتكم في السوق مثل عيدان القصبْ، أنا الذي كنت أقول للذي يفتح منكم فمه Shut up. نعم أنا .. أنا السببْ. في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ وكل من قال لكم، غير الذي أقوله، فقد كذبْ، فمن لأرضكم سلبْ؟ ومن لمالكم نهبْ؟ ومن سواي مثلما اغتصبتكم قد اغتصبْ؟ أقولها صريحةً بكل ما أوتيت من وقاحة وجرأة وقلة في الذوق والأدبْ، أنا الذي أخذت منكم كل ما هب ودبْ، ولا أخاف أحدا، ألست رغم أنفكم، أنا الزعيم المنتخبْ؟ لم ينتخبني أحد لكنني اذا طلبت منكم في ذات يوم طلباً هل يستطيع واحد منكم أن يرفض لي الطلبْ؟ أشنقه، أقتله، أجعله يغوص في دمائه حتى الركبْ، فلتقبلوني، هكذا كما أنا أو فاشربوا «من بحر العربْ»، ما دام لم يعجبكم العجبْ ولا الصيام في رجبْ، فلتغضبوا اذا استطعتم بعدما قتلت في نفوسكم روح التحدي والغضبْ، وبعدما شجعتكم على الفسوق والمجون والطربْ، وبعدما أقنعتكم، أن المظاهرات فوضى ليس إلا وشغبْ، وبعدما علمتكم أن السكوت من ذهبْ، وبعدما حولتكم الى جليد وحديد وخشبْ، وبعدما أرهقتكم، وبعدما أتعبتكم، حتى قضى عليكم الارهاق والتعبْ، يا من غدوتم في يدي كالدمى وكاللعبْ، نعم أنا.. أنا السببْ، في كل ما جرى لكم فلتشتموني في الفضائيات ان أردتم والخطبْ، وادعوا عليّ في صلاتكم ورددوا: تبت يداه مثلما تبت يدا أبي لهبْ!!
**
ملاحظة: نشكر الحكومة على تعيين امين عام جديد للمجلس الوطني ونتمنى ان يكون احسن من سلفه، ونشكر الشيخة امثال على ازالة لوحة «انا كويتي وافتخر» المعيبة من زينة الطريق السادس.
أحمد الصراف