محمد الوشيحي

شعبٌ… مفعولٌ به

الشعوب الأوروبية ذات الهيبة يتنافس مسؤولوها على إرضائها، والشعوب العربية ذات الخيبة تتنافس على إرضاء مسؤوليها… والشعب الأميركي الشامخ تهابه حكومته وتتمسح بحذائه، والشعب العربي الماصخ يهاب حكومته ويتمسح بحذائها… والشعب الياباني الصادق يتسابق وزراؤه على وسائل الإعلام لتبيان مواقفهم ورؤاهم، وتُخصص كل وزارة متحدثاً باسمها يملأ وسائل الإعلام حركة، ويجيب عن كل الأسئلة، وينزع كل علامات الاستفهام من أذهان اليابانيين، ويخنق الشائعة وهي في مهدها، والشعب العربي المنافق تضع حكومته متحدثاً باسمها كـ»عازل الضوء» كي تتمكن من النوم، وتدفع للمرتزقة من الإعلاميين ليتولوا مهمة «عازل الصوت»، الذين ينثرون الكذب على الناس وعلى الحكومة ذاتها.
الشعوب الكريمة إذا استمرأ قياديوها ارتكاب الخطايا سحبت الواحد منهم من قفاه الكريم، وزجّت به في السجن العتيم، والشعوب العربية إذا استمرأ قياديوها ارتكاب الآثام العظام وأهانوا الكرام وأعزوا اللئام، بررت لهم وبحثت عن أعذار تنجيهم من عذاب النار، واعتلى خطباؤها المنابر «اللهم أصلح البطانة».
الشعوب الشامخة تختار لبرلمانها خيرة القوم، «وإذا الحكومة في أمها خير» فلتحاول أن تتدخل لمصلحة هذا أو لعرقلة ذاك، كي ينقلب الشعب الهادئ إلى شعب مؤزم، أما الشعوب الراكعة ذلاً فيلعب في حسبة انتخاباتها وزير أو تاجر كبير، فيساعد هذا المرشح المتدين كي يفتي لاحقاً لمصلحة ولاة الأمر، ويساعد ذاك المرشح الليبرالي، أو المرشحة الليبرالية «يا تؤبرني» كي تصوّت معه في الوقت الذي تسلّ فيه منشارها وتنتشر في مؤسسات البلد الاقتصادية، هي وأقاربها، وهات يا هبش وهات يا مشاريع ألذ من أطباق «التبولة».
الشعوب الأوروبية الأبيّة تسيطر على جمعيات النفع العام وتحوّلها إلى عصا غليظة فوق رؤوس الأنظمة، والشعوب العربية الغبية تسيطر حكوماتها على جمعيات النفع العام، و»تعيّن» أعضاء مجالس الإدارات أو تشتريهم وتحوّلهم إلى عصيّ غليظة فوق رؤوس الشعوب البليدة العبدة.
الشعوب الفاعلة تنتفض غضباً على أجهزة الأمن إذا تمادت في غيها، والشعوب المفعول بها تنتفض هلعاً من أجهزة الأمن كلما زاد غيّها… الشعوب العظيمة تنشئ وسائل إعلامها الخاصة، والشعوب «البهيمة» تُجبر على تناول علف «وزارات الإعلام»، ولا يسمح لها بإنشاء وسائل إعلامها إلا إذا كان نباحها يطرب الأذن الحكومية.
شعوب تختلف عن شعوب، والحمد لله أن الشعب الكويتي من الشعوب الكريمة العظيمة الشامخة الأبية… كح كح كح، عفواً. 
 ***
الرئيس أحمد السعدون يحلّق ويبدع على صفحات تويتر… يتحدث عن المقترح الفلاني الذي تقدم به، وما حدث بخصوصه، ويبلغ المتابعين نتائجَ هذا المقترح وذاك المشروع، بكل ثقة وصدق… أما حكومتنا فلا تريد أن تتسخ يداها عند الكتابة للشعب «واي ويع».
  ***
الزملاء المصريون هاتفوني يسألون عن مشاريع «لصوص الكويت» المقامة على أرض مصر، ويطلبون أي معلومة قد تفيدهم في «عملية التطهير والاسترداد»… لذا أتمنى على كل من يملك معلومة مؤكدة، أو شبه مؤكدة، أن يراسلني على الإيميل المنشور هنا في هذه الصفحة، أو على موقعي في تويتر «@alwashi7i»… مع الشكر والنفاذ.
ونصيحة قبل أن أنسى… «توتروا» يا أيها المؤمنون، ففي «تويتر» لا يردك إلا لسانك، وها أنا ذا أتحدث مع أكثر من 11000 «متابع» وجهاً لوجه… توتروا لا أم لكم. 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

حسن العيسى

لا نريد هدايا بل نطلب حقاً

سحب طلب التفسير من الحكومة وتنازلها عن الدعاوى، سواء تلك التي رفعها سمو رئيس مجلس الوزراء أو التي حركتها وزارة الإعلام ضد أصحاب الرأي، مسألة تستحق التقدير والشكر للحكومة، وبصرف النظر عما كان يمكن أن تنتهي به الأحكام في تلك الدعاوى لمصلحة المشكو في حقهم أو ربما ضدهم فإن ممارسة الملاحقات السياسية حين تلبس رداء القانون هي بذاتها سياسة تسلطية تتنافى مع أبسط مبادئ حقوق التعبير ونقد الشخصيات العامة. يبقى ما هو أهم من تلك الهدايا الوقتية التي قدمتها الحكومة إلى المشكو في حقهم. فليست هي قضية محمد الجاسم أو عبيد الوسمي وماذا قالا في ندوة أو كتبا في مدونة ما- فتلك مسائل فردية وإن مدت بظلالها على كل صاحب رأي حر- بل يبقى آخر الأمر تلك القوانين الجائرة مثل قانون المطبوعات والنشر وبعض نصوص قانون الجزاء وأمن الدولة وما يتبعها مثل قانون المرئي والمسموع… فتلك القوانين فتحت أبواب جهنم على أصحاب الرأي، وهي  التي شدت من أزر السلطة لتأديب أصحاب الرأي وتدجين الإعلام بشكل عام، فخلقت بذلك الوحش القبيح واسمه «الرقيب الذاتي» في قلب كل كاتب حر، وأضحينا نحسب لكل كلمة حسابها، وما إذا كانت تهز أركان «الدولة وأمنها وطوائفها وثوابتها» أم لا! وما إذا كانت تسيء إلى علاقتنا بدول صديقة أو شقيقة أم لا…! طبعاً في عرفنا الشرقي الدول الشقيقة والصديقة هي «ممشة زفر» لتحصين أنظمتها السلطوية الفاسدة من النقد…! وخير مثال حالة التيه التي أصابت معظم كتابنا أيام ثورة 25 يناير العظيمة بمصر أو قبلها بتونس، فلا يمكن نقد قيادة الرئيس حسني مبارك، ولا يمكن طبعاً أن نفعل أي شيء حتى تستقر الأمور ونعرف من هو الملك القادم، لنهلل له حين تهلل الحكومة أو نصمت بخجل حين تصمت الحكومة. 
«البلوي» القادمة، وكأن سلطتنا لا تعرف شيئاً عن ثورة التويتر والفيس بوك وغوغل، هي مشاريع القوانين التي قدمتها الحكومة لزيادة حجم العقوبات على وسائل الإعلام الخاصة، وأعدت غرامات بأرقام فلكية وعقوبات بالحبس لأي تفكير عقلي حر إذا كان يمس يقينيات طوائف أهل الخير والصلاح…! تلك وصمة عار لبلد يتنطع فيه البعض بحرية الرأي والديمقراطية، متناسين أنها ديمقراطية أعور بين عميان… لا نريد هدايا وتنازلات وقتية… بل نريد حقوقنا الثابتة في التفكير والنقد، ورمي قوانين «دراكو» ومشاريعه في مزبلة التاريخ.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

محامي الشيطان

كانت الكنيسة الكاثوليكية تعيّن من يقوم بالبحث في سيرة من تود تطويبه ورفعه لمرتبة القداسة، والتأكد من صحة ما نسب له من معجزات، وكان من يقوم بهذا يسمى محامي الشيطان Devil’s Advocate. ولو اعتبرنا اسرائيل عدوة لنا، مع العلم أننا أشد عداء بعضنا لبعض، وعلى ضوء أحداث الثورة التونسية والمصرية، واحتمالات وقوع ما يماثلها في دول أخرى، وما يعنيه ذلك من احتمال اعادة النظر أو حتى الغاء الاتفاقيات والمعاهدات السابقة، فان رفض اسرائيل المسبق للسلام معنا على طريقتنا يبدو أمرا مبررا، وشكها في مكانه من أنظمتنا، فاصرارها على مناقشة أدق التفاصيل في أية اتفاقية يمكن قبوله! ولو كان الفلسطينيون مكان الاسرائيليين لما فعلوا غير ما تفعل! فكيف يمكن لدولة بمثل وضعها الاستراتيجي الهش الوثوق بمن لا يثقون بأنفسهم وأنظمة حكمهم، خاصة بعد أن ربطت غالبية الدول العربية نفسها بالقضية الفلسطينية، أو العكس؟ وكان الأمر يهون لو تُرك الفلسطينيون لتدبير أوضاعهم مع اليهود منذ البداية، لانتهت مشاكل الطرفين منذ زمن، ولكن هذا الربط العربي بفلسطين جعل اسرائيل تخاف السلام مع أنظمة غير مستقرة متعددة المصالح والأهواء، وبالتالي فان الصلح بيننا وبينها لن يتم حتى نتصالح نحن مع أنظمتنا، وتصبح شعوبنا حرة، وقتها ستزول اسرائيل أو تذوب في المحيط الأكبر، ان رفضت السلام، وحتى ذلك اليوم دعونا «نغني» مع أحمد مطر:
أنا السببْ، في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ. سلبتكم أنهاركم والتين والزيتون والعنبْ. أنا الذي اغتصبت أرضكم، وعرضكم، وكل غال عندكم، أنا الذي طردتكم من هضبة الجولان والجليل والنقبْ. والقدس، في ضياعها كنت أنا السببْ. نعم أنا.. أنا السببْ. أنا الذي لما أتيت المسجد الأقصى ذهبْ، أنا الذي أمرت جيشي في الحروب كلها بالانسحاب فانسحبْ. أنا الذي هزمتكم، أنا الذي شردتكم وبعتكم في السوق مثل عيدان القصبْ، أنا الذي كنت أقول للذي يفتح منكم فمه Shut up. نعم أنا .. أنا السببْ. في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ وكل من قال لكم، غير الذي أقوله، فقد كذبْ، فمن لأرضكم سلبْ؟ ومن لمالكم نهبْ؟ ومن سواي مثلما اغتصبتكم قد اغتصبْ؟ أقولها صريحةً بكل ما أوتيت من وقاحة وجرأة وقلة في الذوق والأدبْ، أنا الذي أخذت منكم كل ما هب ودبْ، ولا أخاف أحدا، ألست رغم أنفكم، أنا الزعيم المنتخبْ؟ لم ينتخبني أحد لكنني اذا طلبت منكم في ذات يوم طلباً هل يستطيع واحد منكم أن يرفض لي الطلبْ؟ أشنقه، أقتله، أجعله يغوص في دمائه حتى الركبْ، فلتقبلوني، هكذا كما أنا أو فاشربوا «من بحر العربْ»، ما دام لم يعجبكم العجبْ ولا الصيام في رجبْ، فلتغضبوا اذا استطعتم بعدما قتلت في نفوسكم روح التحدي والغضبْ، وبعدما شجعتكم على الفسوق والمجون والطربْ، وبعدما أقنعتكم، أن المظاهرات فوضى ليس إلا وشغبْ، وبعدما علمتكم أن السكوت من ذهبْ، وبعدما حولتكم الى جليد وحديد وخشبْ، وبعدما أرهقتكم، وبعدما أتعبتكم، حتى قضى عليكم الارهاق والتعبْ، يا من غدوتم في يدي كالدمى وكاللعبْ، نعم أنا.. أنا السببْ، في كل ما جرى لكم فلتشتموني في الفضائيات ان أردتم والخطبْ، وادعوا عليّ في صلاتكم ورددوا: تبت يداه مثلما تبت يدا أبي لهبْ!!
**
ملاحظة: نشكر الحكومة على تعيين امين عام جديد للمجلس الوطني ونتمنى ان يكون احسن من سلفه، ونشكر الشيخة امثال على ازالة لوحة «انا كويتي وافتخر» المعيبة من زينة الطريق السادس.

أحمد الصراف