علي محمود خاجه

في ذكرى الفالنتاين

لا أحد ينكر أنه أجمل شيء في الوجود على الإطلاق، فهو بكل أشكاله جميل، وهو بكل حالاته رائع، لعل ما يميزه هو أنك تتذوق من خلاله طعم الحياة فتذوق الفرح والحزن والمرارة والشوق والحنان والزعل وغيرها من أطباق الحياة الشهية.

نعم هو الحب، الذي لا يوجد مخلوق في الدنيا إلا يبحث ويناضل من أجل الحصول عليه والوصول إليه.

إن ما يميز الحب عن غيره من أمور أنه لا يخضع للوائح أو قوانين بل إن لذته هي أن يكون بلا قانون، حراً طليقاً لا يعرف قيداً أو أسراً، هي أن تجده يأتي فجاة ولا يرحل وإن رحل جسدك، هي أن تبتسم لا إرادياً متى ما مرّت كلمة حب أو صورة جميلة تذكرك بمن تحب، هي أن تغمرك الفرحة حينما ترى من تهواه في مكان دون أن تتوقع أنك ستراه، هي أن تكتشف طعماً فريداً لا تشبعه.

ولكي تكتمل صورة الحب بأبهى صورها فهي تستوجب أن يجد الإنسان أن من يهواه بجنون يبادله الإحساس نفسه، فمن منا لم يحب؟ ومن منا لم يتمنَّ أن يكون شخصاً ما هو نصفه الآخر؟! وكم منكم يتخيل شخصاً ما بعينه وهو يقرأ هذي الكلمات، أعتقد أن مسألة الحب غير مقتصرة على مدى حبنا للطرف الآخر أو مدى استعدادنا لمنحه كل ما تزخر به أفئدتنا من عاطفة، بل هو مقدار ما هو ممكن من أن نتبادل العطاء معا لا أن يكون هناك مانح، وهناك متلق فحسب، وهنا تكمن المعادلة الصعبة جدا، قد يعتقد البعض أن حبه للطرف الآخر من الممكن أن يجبر ذلك الطرف على أن يبادله نفس الحب، ولكننا سنعود بذلك إلى نقطة البداية وهي الإجبار على الحب، وهو أمر غير صحيح، فكما قلنا إن الحب لا يخضع لقانون أو معادلة رياضية.

«اعشق بجنون+ قدم كل ما تستطيع لمن تحب= أن يعاملك من تحب بنفس الطريقة».

هذه المعادلة غير صحيحة أبداً في الحب، وكذلك هي الحال مع «لكل فعل ردة فعل» لنيوتن، فهو أمر لا ينطبق على الحب، فلا يكابر أحدكم ويعتقد أنه سيجبر من يحب على أن يحبه، اصرفوا النظر عن هذه الحالة التي إن نجحت فسوف تكون زائفة وغير واقعية أبداً.

الحل إذن أن تجد من يستهويك قلبه بقدر ما يستهويه قلبك، وهو بحث قد يكون شاقاً للبعض، وقد يكون سهلاً للبعض الآخر، ولكنه الحل الوحيد وتبعاته تفوق الوصف في الروعة.

آخر الكلام:

(الحب إنسان… وعنده لسان… ويتكلّم… ويعرف يفرح ويتألم… بس يختلف عن بقية البشر… ما يعرف يخون… ولا عمره غدر… وعنده إحساس.. . قدر «وايد» يحطم ناس… كان الخوف عنوانهم… وكلمة ياس نيشانهم… «بس اهوا» ما يعرف الياس… ولا يعرف له أي عنوان.

الحب إنسان… فيه بركان… من الشوق ومن الذوق… وحرية ما لها أي طوق… الحب «غريبة أطباعه»… ولا يهمّه «منو باعه»… و«إهو زعلان… يظل فرحان».

الحب إنسان… ما يعرفك لمصلحة… ولا بفلوسك تربحه… و»محّد قدر» يلغيه أو يمسحه… وما يسلاك لمّا تموت… ولا يعتبرك من الماضي تمر وتفوت… ولا يعرف أبد نسيان.

الحب إنسان… الحب حلم وواقع… ومهما صار يظل عن نفسه يدافع… هذا الحب يا السامع… ياليت منّه تتعلم… «كيف الواحد يكون إنسان»).

ملاحظة: الأسطر السابقة مقال قديم لي في مجلة «أبواب» العزيزة مع بعض التعديلات رأيت أن يوم 14-2 موعداً مناسبا لنشرها… وكل عام ومن نحب بخير.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

لماذا حدث ما حدث في مصر؟!

الجماهير الملايينية التي خرجت تطالب مبارك بالرحيل تعادل في عددها الجماهير الملايينية التي خرجت إما لتطالب عبد الناصر بالعدول عن استقالته (يونيو 1967)، او لتودعه عند رحيله (سبتمبر 1970)، الغريب ان المعادلة الصحيحة والمنطقية كانت تقتضي العكس، فقد خسر ناصر السودان وبعدها سورية وسيناء وغزة مرتين، وأدخل مصر في سلسلة حروب وهزائم عسكرية وقمع وزوار فجر، وكان مستوى العيش لـ 20 مليون مصري يقل كثيرا عن مستوى عيش 84 مليون مصري إبان حكم مبارك الذي حرر الأرض وأوقف الحروب وأدار عجلة التنمية والاستثمار بأقصى سرعتها وزاد عدد السائحين من عشرات الألوف إبان عهد ناصر الى عشرات الملايين في عهده.فما سبب نجاح الأول وفشل الثاني؟! (واضح ان الانجاز ومنح الحريات لا يكسب بذاته قلوب شعوبنا التي تحركها العاطفة لا العقل).

أول أسباب ما حدث مؤخرا هو «متوازية الفساد وحرية الإعلام» ففي عهد عبدالناصر كان فساد المشير عامر وصلاح نصر وزمرة ضباطه أكثر استشراء واتساعا دون مردود على الدولة، الا ان الشعب لم يغضب او يثر، كونه لا يعلم عنه شيئا لسيطرة النظام على الإعلام، بينما سمح عهد مبارك بالحريات الإعلامية من صحف وفضائيات التي تابعت كشف ـ بحق او باطل ـ قضايا الفساد دون رد من النظام بتصحيح المسار او بتفنيد الادعاءات، حتى تكونت صورة شديدة القتامة والسواد عن العهد، اختفت داخلها انجازاته ولم يسمع احد صوت وزير الإعلام أنس الفقي قط حتى سقوط النظام إلا عندما اتصل بالأمس ليرد على د.مصطفى الفقي.

(تجارب الشاه وبن علي ومبارك تدل على ان دعاوى الفساد هي الأكثر اثارة لمشاعر وغضب العامة حتى مع وفرة الانجاز حيث يصدق الناس أحيانا ما يسمعون ويكذبون ما يرون).

سبب آخر هو عدم استخدام العقلاء والحكماء والأذكياء للقراءة الصحيحة للأحداث وخلق ما هو أشبه برادارات الانذار المبكر، مما نتج عنه قراءات خاطئة تماما لأحداث تونس التي لو بدأ الاصلاح مبكرا ومتوازيا معها لتغيرت الأوضاع بشكل جذري، ومثل تلك القراءات الخاطئة لتداعيات تزوير نتائج الانتخابات الأخيرة والحصول على 100% من الكراسي النيابية مما أثار ضيق وغضب الشارع وقواه السياسية، وفي مرحلة لاحقة خطأ ارسال البلطجية والخيول والجمال الى ساحة التحرير، وسحب رجال الأمن من الشوارع، وخطب الرئيس الخاطئة في المضمون والتوقيت وأفضل منها لو انه تنحى ـ كما كتبنا في مقال سابق ـ في وقت مبكر وخرج محافظا على سمعته وكرامته وانجازاته.

ومن الأمثلة الصارخة على نجاح عمليات تسويد الصورة بشكل غير معقول، تصديق الشعب المصري لاكذوبة جريدة «الغارديان» الغوبلزية التي يقصد منها زيادة النار اشتعالا بأن الرئيس مبارك اختلس 70 مليار دولار (420 مليار جنيه مصري) علما بأن الميزانية المصرية تدقق من قبل 6 جهات رقابية يرأسها الشريف جودت الملط، بينما لم تثر للمعلومة الشعوب على حكومات «ثورية» في المنطقة يستولي بعضها على دخل النفط بأكمله وبعضها الآخر على ميزانية الدولة بأكملها، كما ان مشاريع الوزراء أحمد المغربي وزهير جرانة هي في الأعم اقامة مدن اسكانية خاسرة في الأغلب فكيف لهم ان يكوّنوا المليارات المدعاة؟ (ان الأنظمة لا تنهار فجأة بل تتآكل تدريجيا مع كل دعوى فساد او اخفاق لا تحارب او ترد او تصحح).

وقد استطاع عبدالناصر بالأمس وإيران اليوم تعويض اخفاقات الداخل بنجاحات السياسة الخارجية، لذا كان ناصر والثورة الايرانية مؤثرين بشكل مباشر في أوضاع العراق وسورية ولبنان وفلسطين واليمن وباقي دول المنطقة، في وقت اختفى فيه دور مصر الخارجي في أفريقيا والمنطقة العربية في السنوات الأخيرة حتى أصبح لا يزيد عن دور دول عربية صغيرة كجيبوتي وغيرها (الشعوب لا تمانع أحيانا ان تبيت جائعة لو وعدتها الأنظمة بالكرامة والأحلام الوردية المستقبلية).

آخر محطة

(1): أظهر مؤشر عدم الاستقرار لدول المنطقة في عدد مجلة الايكونومست الانجليزية الرصينة ان اليمن (88%) وليبيا (72%) يأتيان في مقدمة البلدان المرشحة لعدم الاستقرار القادم وقطر والكويت في آخرها بنسب تقارب (20%) (طبق الأصل).

(2) مع سقوط دولة الوزير حبيب العادلي نرجو ان يماط اللثام عن مصير زميلنا في «الأنباء» والأهرام الصحافي الميت الحي رضا هلال فلم يعد هناك سر في مصر.

(3) صدر عن الاخوان المسلمين بيان رائع أكدوا فيه دعوتهم للدولة المدنية وان الدولة الدينية ضد الإسلام فكيف يقفون معها؟ أفلحوا ان صدقوا.

(4) من الدروس المستفادة حاجة الدول المنجزة المستقرة الى عمل اعلامي مدروس ومنظم لتحسين الصورة، فالانجاز وحده لا يكفي.. والحديث ذو شجون!

احمد الصراف

دورك يا وزير الداخلية

معالي وزير الداخلية، لا شك لدي في اخلاصك واخلاص من سبقك. وأعتقد، من سابق خبرتك، أنك تعرف أن الداخلية مخترقة من محترفي دفع الرشوة ومن العناصر الفاسدة، وما نقرأه يوميا عن مخالفات رجال الأمن، ومنها قضية الميموني، إلا مثال صارخ على مدى تردي وضع الوزارة وضرورة تدخلك لوضع حد لكل هذا التشدد المفرط في جهات، ولين مفرط في جهات أخرى. فقرارات الوزارة مثلا تمنع دخول جنسيات معينة للبلاد إلا ضمن أضيق الحدود. كما تتشدد في منح استمارة أو إجازة قيادة مركبات لفئات من المقيمين، وتمنع التعليمات تعذيب المتهمين، وأخرى تمنع دخول المتسولين، وغير ذلك الكثير. ولكننا نرى أن كل هذه غير معمول بها بصورة سليمة، فالمركبات غير الصالحة تملأ الطرقات، ومنح الاستمارات وإجازات القيادة لغير مستحقيها مستمر، و«غير المرحب» بهم من جنسيات محددة يملأون البلاد، كما يسرح المتسولون من اصحاب «المشاريع الخيرية» في كل مكان ومناسبة دينية، ويحدث كل ذلك بلا شك، أكرر بلا شك، لأن هناك من يدفع وهناك من يقبض، أو لوجود واسطة، ولوجود من لا يتردد في مخالفة التعليمات وتعذيب المعتقلين في المخافر وجهات التحقيق وضمن جدران المباحث وسجون أمن الدولة!
نحن لا ننادي هنا بفتح أبواب الزيارة أمام المتسولين ومواطني الدول «المزعول عليها»، وإعطاء إجازة القيادة لكل طالب لها، والتراخي في التعامل مع المتهمين، ولكن نطالبكم من موقعكم الحساس بالعمل على القضاء، أو البدء في القضاء على الفساد المستشري في وزارة الداخلية، من خلال تخفيف إجراءات الزيارة وتطوير عملية مراقبة الزوار من خلال أحدث التقنيات، فلا يعقل أن يرفض طلب زيارة ابناء لوالديهم من دون دفع المقسوم أو التعرض لمذلة الواسطة! والقصص المماثلة كثيرة، وما عليك سوى تشكيل لجنة للنظر في الموافقات الحالية لتعرف من الذي يقبض ويسهل ما ستتشدد أنت، أو من سبقك في المنصب، فيه!
أما اللين فيكمن في طريقة التعامل مع تجاوزات العاملين في وزارة الداخلية، سواء ما تعلق بتجاوزاتهم الأمنية التي تملأ صفحات الحوادث يوميا، أو ما يتعلق بانتهاكات حقوق المتهمين الإنسانية، وطريق الإصلاح واضح ومعروف ولا يحتاج الأمر غير السير فيه، عدم الرد على اعتراضات أصحاب المصلحة في بقاء الأوضاع على ما هي عليه.

أحمد الصراف