محمد الوشيحي

صيحوا تصحّوا

الكاتب المصري اللذيذ عمر طاهر، وهو من سكان قصر العيني، يروي لنا بعض التفاصيل المضحكة في ثورة الأحرار في مصر، ويحدثنا عن منصور «فتوّة» قصر العيني، الذي كان يصرخ في المظاهرة «الشعب يريد إخصاء النظام». يبدو أنه لم يفهم كلمة «إقصاء» فاستبدلها بكلمة يعرفها جيداً.
ولم أتمنّ شيئاً كما تمنيت أن يكون عمي الوحيد، واسمه – يا للصدف – منصور أيضاً، يعيش بيننا الآن، رحمه الله، ويشارك في مظاهرات مصر، أو في التجمع الذي ينوي الشباب إقامته في بداية مارس للإطاحة بالحكومة… والمرحوم لا يمكن أن ينطق جملة واحدة بصياغة سليمة. خذ عندك من الكرم ما يتحدث به الركبان، وخذ من الإقدام ما يرعب عنترة والزير، ولا تطلب غير ذلك من «أبو حسين»، فهو الذي قال «في سباق التحسس والتلسس»، واكتشفنا بعد لأيٍ شديد أنه يقصد «مع سبق الإصرار والترصد»،  ولو كان موجوداً بين المصريين الذين يرددون «الشعب.. يريد.. إسقاط النظام» لارتفع صوته مع ارتفاع قبضته «العيش.. حديد.. عليكم السلام»، المهم أن تكون الصيحة متماشية مع القافية والوزن.
وما أجمل المظاهرة التي تضم منصور الوشيحي ومنصور فتوة قصر العيني، الله على الفصاحة، الله على الصيحات التي لن يعرف أحد هل هي ضد الحكومة أم معها، الله على منظرهما وهما يتكاتفان في بداية المظاهرة ويتلاكمان في نهايتها، والله على الشعب الذي لا يكتفي بالتحلطم والجلوس مع «العجايز» لغزل السدو، بل يتحرك لتهتز الأرض تحت أقدامه.
ولو علمت الشعوب مدى قوتها لما عرفت البشرية معنى الطغيان ولا الاستحواذ. وقبل يومين كتبت في موقع «تويتر» أننا في حاجة إلى التسجيل في جمعية حقوق الإنسان لاستعادتها من قبضة الحكومة، وهي التي كانت في عصمة الشامخ «سامي المنيس»، رحمه الله، فآلت إلى «علي البغلي» في هذا الزمن الغريب… فتجاوب الناس مع الدعوة بحماسة، ولو تُرجمت حماستهم إلى فعل لأصبحت جمعية حقوق الإنسان «أغنى» جمعية على وجه الكوكب، إذ سيدفع كل مشترك 15 ديناراً رسوم التسجيل، في مقابل تكفّل البعض، من أنصار الحكومة، برسوم تسجيل أنصارهم، ولا أقول أزلامهم! المعركة بدأت، والنصر دائماً للشعوب ضد الحكومات وأتباعها.
على أنني لن أترشح للرئاسة كما يروّج الأخ المشفوح، بل سأدعم أي شخصية تكون موضع ثقة، فالمهم أن يتغير نهج الجمعية الحالي، وإذا طُلِب مني طرح أسماء كمرشحين فسأميل إلى واحد من هؤلاء (د. عبيد الوسمي لما لاسمه من رمزية تشكلت في الأذهان، صلاح المضف أو راكان النصف، اللذان استقالا احتجاجاً على سلوك رئيس الجمعية الحالي، د. ثقل العجمي، د. عودة الرويعي، خالد الفضالة، صالح الشايجي، وآخرون كثر لم نعهدهم تجار حرب ولا سماسرة دماء).
***
همسة في أذن الشيخ أحمد الحمود بعد توليه منصبه الجديد في قيادة وزارة الداخلية: احذر من الجلوس بين أكياس الفحم كي لا تتسخ ثيابك، وتذكّر ما قاله الشاعر الخالد الشريف بركات: «الحر مثلك يستحي يصحب الديك … وإن صاحبه كاكا مكاكاة الأدياك».
احذر يا شيخ فالشعب أمسك بالورقة والقلم وشرع يسجل المخالفات لمعاقبة مرتكبيها… احذر… فالشعب تغيّر… وكان الله في عون أيتام وزير الداخلية السابق، وفي عونه هو بعد فتح الملفات، وتشكيل لجان التحقيق.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

أنا كويتي وأفتخر (!!)

يقال ان اللجنة المختصة باحتفالات عيدي الوطني والتحرير طلبت 50 مليون دينار للصرف على المناسبة، وخفض الى خمسة ملايين، واضطرت بالتالي الى طلب تعاون الشركات في تزيين الطرق، ولكن من الملاحظ أن غالبية زينتها قبيحة وتفتقد الذوق، كما كان قرار السماح لها بوضع إعلاناتها التجارية على أعمدة الإنارة مقابل قيامها بلف بعض أسلاك الإضاءة، التي لا يزيد طولها على 5 أمتار، أمرا غير صائب! وسنفترض هنا أن اللجنة المختصة، التي لا نشك في حسن نواياها، لا تمتلك الخبرة، وتشكو من ضيق ذات اليد، وبالتالي نتمنى الأفضل مستقبلا.
ما دعاني للكتابة في الموضوع هو قيام إحدى الجهات بتضمين زينة الدائري السادس جملة «أنا كويتي وأفتخر»! وهي عبارة تحمل قدرا من العنصرية، فجميل أن نحب وطننا وأن نضحي من أجله، ولكن من الواضح أننا فشلنا في القيام بواجباتنا الأخرى تجاهه. ففي الكويت مليونا وافد مقابل مليون كويتي، ولم يكن ليتواجد غالبية هؤلاء لو «كان فينا خير» لوطننا. فعجز، أو رفض، الكثيرين منا القيام بأعمال يدوية شريفة وتفضيل البطالة عليها مقابل التافه من دعم الدولة أمر مشين! فكيف نكون كويتيين ونفتخر بكويتيتنا ونحن بهذا الكسل؟ وإذا كنا نفتخر فقط لأننا كويتيون فما الذي تركناه للشعوب التي ساهمت في إنتاج كل منجزات البشرية الطبية والغذائية والاختراعات العظيمة والأدوية؟ وماذا عن مستوى خدماتنا المتدني في مجالي التعليم والطب، والتي يهرب منها كل مقتدر، مواطنا أو مقيما؟ وكيف لا تزال غالبية أرصفتنا متربة ومخافرنا قذرة وجامعتنا مهلهلة وأكثر وزاراتنا تستأجر مبانيها، والرياضة متدهورة، فبماذا نفتخر إذا؟ أليس من الأفضل بالتالي، ونحن على كل هذا التواضع في المكانة والأداء، احترام انفسنا وقدراتنا دون عنجهية وعنصرية بغيضة؟

أحمد الصراف