سامي النصف

موقعة الجمل

مع الفارق الكبير بالطبع، في عام 1988 اضطرت ايران لوقف الحرب مع العراق واعلن صدام حسين حينها انتصاره الكبير وكان بامكانه ان يتقاعد انذاك ويجعل التاريخ يحفظ له انجازه ويغفر له زلاته، الا انه وفي اقل من عامين قام بغزو جار آمن آخر هو الكويت مما جعله يفقد كل ما انجزه.

ذكرنا في مقال الاربعاء الماضي ان على المحيطين بالرئيس حسني مبارك ان يحافظوا على تاريخه الناصع كأحد اكبر الحكام المنجزين في تاريخ مصر الا ان البعض من هؤلاء ابى الا ان يشوّه صورة القيادة المصرية عبر اعمال «البلطجة» التي شهدها ميدان التحرير وخاصة مع دخول الخيول والجمال «الكرنفالي» لارعاب الحشود.

وواضح ان امثال هؤلاء لا يهتمون كثيرا بسمعة وتاريخ الرئيس حسني مبارك بقدر اهتمامهم بمصالحهم الخاصة ومحاولتهم اعادة العجلة الى الخلف، ولو كانوا حريصين على تلك السمعة والسيرة الحسنة لنصحوه باصدار قرارات تاريخية تقدم وتبكر من تاريخ اعتزاله الحكم فقد امتلأت حقبة 30 عاما بالانجازات الكبرى ولن يضيف لها شيئا على الاطلاق سبعة اشهر اخرى من الحكم.

وكان بالامكان كذلك سحب البساط بأكمله من تحت ارجل المعارضة حتى لا يبقى لها سبب للتجمهر والتظاهر عبر اصدار قرارات اخيرة من قبل الرئيس مبارك قبل اعتزاله الحكم تفرض تشكيل حكومة وحدة وطنية يناط بها اجراء انتخابات حرة باشراف القضاة والمراقبين الدوليين خلال الشهرين المقبلين، يتلوها قيام المجلس النيابي الجديد بتعديل الدستور لفتح الباب لمن يريد الترشح لرئاسة الجمهورية دون قيد او شرط ومعه إلغاء قانون الطوارئ.

ثم يستريح القائد حسني مبارك في شرم الشيخ بلده المفضل وأحد انجازاته الكبرى «وما اكثر انجازاته» دون حاجة لاصدار قرار عفو عام كونه ليس مدانا بشيء حيث لم يرتكب اي جريمة ولا توجد مقابر جماعية في مصر، ولو ثبت وقوع اخطاء في السجون فالمسؤول عنها هو فاعلها لا رئيس الجمهورية كالحال في الولايات المتحدة وغيرها من الدول، ويترك مبارك الجمل بما حمل للحكومة الجديدة التي سيكتشف الشعب المصري وخلال فترة قياسية قصيرة انها غير قادرة على حل مشاكل الفقر والبطالة والفساد والقمع والصحة والتعليم.. الخ، وان الاوضاع ستزداد سوءا!

آخر محطة:

التهنئة القلبية لمدير الجامعة الجديد د.عبداللطيف البدر الذي هو بحق الرجل المناسب في المكان المناسب حيث عرف عنه الكفاءة الشديدة وعدم المجاملة في الحق والمطلوب فقط تركه يعمل لرفع مستوى اداء الدكاترة والطلبة.

احمد الصراف

20 و50 سنة

بينت دراسة قامت بها مجلة «الإيكونوميست» البريطانية مؤخرا، أن الوضع السياسي لــ 167دولة في العالم يثير القلق، وأن الديموقراطية في انحسار، وهي الديموقراطية التي تعتمد أساسا على مدى عمق الحريات المدنية في كل دولة وطريقة عمل الحكومات، واتساق نطاق المشاركة السياسية، وثقافة الدولة السياسية، والنظام الانتخابي المعمول به، وبناء عليه تم تصنيف الدول لأربعة أنظمة: ديموقراطيات كاملة، ديموقراطيات ناقصة، ديموقراطيات هجينة، وأنظمة سلطوية. وعلى الرغم من أن الانتخابات الحرة والعادلة وتوافر الحريات المدنية أمران ضروريان لأي ديموقراطية، فإنهما غير كافيين إن لم تصاحبهما شفافية عالية وحكومة فعالة ومشاركة سياسية مدعومة بثقافة سياسية. كما لا يمكن الركون الى استقرار ديموقراطية في مجتمع من غير توفير ما يصونها ويحميها، فهي إن اهملت تآكلت وخربت، كما حدث في الكويت ربما! ومنذ ما يتعارف عليه بـ«الموجة الثالثة» التي بدأت في 1974 وما تبع ذلك بأقل من عقدين من انهيار جدار برلين، كان تقدم الديموقراطية وانتشارها مبهرين في العالم، ولكن، وعلى الرغم من تمتع نصف دول العالم الآن بنوع ما من الديموقراطية، أو الحرية السياسية، فإن الديموقرايطة، ومنذ 2008 بدأت بالتراجع، وقد ساعد الانهيار الاقتصادي العالمي الأخير في زيادة أزمتها.
بيَّن جدول «الإيكونوميست» أن الديموقراطية الكويتية مثلا تقع، طبقا لشروط المجلة وتصنيفاتها، ضمن الأنظمة السلطوية، وفي مرتبة متدنية جدا تتبعها بقية الدول العربية والإسلامية بمراتب ادنى بكثير، ولا تسبق الكويت، من بين مجموعتنا، إلا ديموقراطية ماليزيا وبنغلادش ولبنان وتركيا وتونس وباكستان والعراق! وقد فوجئت قليلا بوضعنا المتدني، ولكن بعد تطبيق معايير الصحيفة الدقيقة التي على أساسها تم تقسيم الأنظمة ودرجة ديموقراطيتها، مقارنة بأوضاعنا في الكويت وبمن سبقنا ومن لحق بنا، وجدت أننا لا نستحق تصنيفا أفضل، وهذا أمر قد يدعو للأسف بعد نصف قرن من الوهم، ونحن على أبواب الاحتفال بعشرين سنة تحرير وخمسين سنة استقلال، ولكنه يجب أن يكون هذا حافزا لنا لكي نعمل على زيادة ترسيخ الديموقراطية في وطننا، ولكن هذا موضوع آخر!

أحمد الصراف