محمد الوشيحي

الراجل يختلف عن الريّال

أدينا بندردش، وعليّ النعمة أشعر برغبة في الكتابة سبع سنين بلا انقطاع، فغيوم الفكر ملأى بالمطر، والقلم يجلس على إحدى ركبتيه ويثني الأخرى، كما يفعل العداؤون الأولمبيون قبل صافرة الانطلاق، والولاعة تتحرش جنسياً بسجائر «دافيدوف» وتراودها عن نفسها، والقهوة تغمز لي بطرفها الصنعاني… والله يرحمك يا «طاغور» ويغمد روحك الجنة، يا فيلسوف العالم وشاعر الهند، ما أروعك عندما قلت: «آهات المظلومين كالقطرات، تتكاثر مع كل مظلمة، فإذا تُركت تحولت إلى سيل جارف يقتلع عروش الطغاة»، والذين يشبّهون الأوضاع في الكويت بالأوضاع في مصر وتونس، أقول لهم «تعقبون ويخسأ الخاسئون». ولأن معرفتنا بتونس «معرفة وجه وسلام من بعيد»، فسنقارن أوضاعنا بمصر التي نحفظها ونسمعها عن ظهر غيب.

ولكن لنتفق أولاً على أن الحديث في المقالة عن «البعض» لا «الكل»، أكرر لمن في عينه صمم ومن في عقله رِمَمُ، وأقول بصوت واضح «يلق لق»: «المقالة تتحدث عن البعض لا الكل»… ففي أقسام شرطة مصر، يستقبلك الضابط بكفّ على مقاس قفاك، ويبدأ حواره معك بـ«عامل فيها راجل»، أما في أقسام الشرطة عندنا فلا كف على القفا، بل «شواية»، احتراماً لكرامتك، ولا «عامل فيها راجل» بل «مسوي روحك ريّال». الوضع يختلف.

وفي مصر، قتلت الشرطة شاباً اسمه «خالد سعيد» رحمه الله تحت التعذيب، أما في الكويت فالمقتول شاب اسمه «محمد غزاي»، الاسم يختلف كما هو واضح. وفي مصر ثار الناس مطالبين باستقالة الحكومة انتقاماً للمغدور، ثم تنازلوا فطالبوا باستقالة وزير الداخلية، فردت الحكومة عليهم: «لديكم نواب في البرلمان، فليستخدموا أدواتهم الدستورية»، أما في الكويت فثار الناس ونوابهم القلة، فاستقال الوزير وخرج من الباب الكبير، ثم عاد من البوابة رقم ثلاثة، فغضب الناس، فانزعجت الحكومة وصرخت: «يعني الواحد ما يقدر ينام؟! عندكم نوابكم»، فصرخنا: «نوابك أكثر من نوابنا»، فأشارت إلى أقرب حائط، فتوكلنا على الله ونطحناه. الوضع يختلف.

في مصر، اتهمت الداخلية المغدور خالد سعيد بترويج المخدرات، أما في الكويت فقد اتهموا المغدور بترويج الخمور. والمخدرات تختلف عن الخمور كما تعرفون، لذا فالوضع يختلف. في مصر، ملف خالد سعيد الجنائي كان خالياً من أي تهمة، أما ملف محمد غزاي فكان يحتوي على بعض المخالفات المرورية «ممنوع الوقوف». الوضع يختلف.

وفي مصر، رئيس البرلمان ورئيس الحكومة «صبّه حقنه»، أما في الكويت فـ«حقنه صبّه»، الوضع يختلف… في مصر يقولون «رئيس البرلمان (أشد) علينا من رئيس الحكومة»، ونحن نقول «رئيس البرلمان (أنكى) علينا من رئيس الحكومة». الوضع يختلف… في مصر استحوذ أحمد عز، أمين تنظيم الحزب الوطني الديمقراطي وزعيم الأغلبية، على البرلمان، فساعد هذا وزوّر لذاك، ولعب بالبيضة والحجر، وسلب إرادة الناس، وجاء بنواب يقومون بدور المكنسة الألمانية، أما في الكويت فليس لدينا «أحمد عز» بل «أحمد الفهد»، الذي استورد مكانس صينية. الاسم يختلف، والمصانع تختلف، والوضع يختلف.

في مصر، جمعية حقوق الإنسان ضد الحكومة، لكنها محاربة ومقموعة إعلامياً، أما في الكويت، فجمعية حقوق الإنسان بنت الحكومة، وشقيقة وزارة الداخلية، ورئيس الجمعية يرأس مجلس إدارة شركة استثمارية. الوضع يختلف.

في مصر، استفز سفلة الإعلام الناس، بتشجيع من الحكومة، فانتفخت صدور الناس غيظاً، وفي الكويت، استفز سفلة الإعلام الناس، فتورّمت أكبادهم غضباً. الوضع يختلف. في مصر، تتحكحك أحزاب المعارضة بأقدام النظام، وفي الكويت، تتحكحك غالبية التيارات السياسية بأحذية الحكومة. والأقدام تختلف عن الأحذية، والوضع يختلف. في مصر يدّعي النظام الظالم يومياً أنه يتحسس مشاكل الناس، وفي الكويت تدّعي الحكومة الفاسدة أنها تتلمس مشاكل الناس وتلمّس عليها.

في مصر، تجمعوا في ميدان التحرير يوم 25 يناير، وفي الكويت سنتجمع أمام مجلس الأمة يوم 8 فبراير، المكان يختلف، والموعد يختلف، والوضع يختلف… موعدنا 8 فبراير لنسقط هذه الحكومة، تحت قيادة هؤلاء الشبّان الأحرار، الذين استعانوا بأسلحة الدمار الشامل «الفيس بوك والتويتر»، واستصرخوا فينا «كويتيتنا». يا معين.

حسن العيسى

باي باي لأنظمة البتكس

ببركة شباب تونس ثم شباب مصر نطق الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وتعهد بعدم ترشيح نفسه بعد سنتين، وننتظر أن تمتد عدوى الحريات إلى بقية أنظمة «البتكس»، أي الأنظمة التي يلتصق فيها الحكام على الكراسي بغراء «البتكس» الأبدي ولا يحركهم غير عزرائيل، فهم من الكراسي إلى القبور. فكم نحن مدينون لشباب ساحة التحرير و«عربة خضار» الشهيد «بوعزيزي» بتعبير الزميل خلف الحربي.

رياح التغيير قادمة على المنطقة العربية دون استثناء ولن يوقفها أحد، وهي قد لا تكون في صالح دول الغرب، فأنظمة «البتكس» العربية روجت شعار إما نحن أو الإسلاميون، والدول الغربية وتابعهم «قفة» من أشباه الليبراليين صدقوا هذا الشعار، وعملوا على ديمومة هذه الأنظمة بحجة أن البديل سيكون الأسوأ لدنيا الحريات الفردية وسيكون في غير مصلحة الغرب، وربما يكون هذا صحيحاً إلى درجة ما، لكن ما الحل، غير السكوت على الأنظمة التسلطية والرضا بفسادها وفساد الحاشية الملتفة حولها؟! فهل يمكن القبول بهذا الخيار إلى ما لا نهاية؟!

بعد ثورتي تونس ومصر سقطت ورقة التوت التي يفترض أن تستر عورات الأنظمة، فلا مكان اليوم للتضحية بحريات الشعوب بحجة الاستقرار السياسي، وهو ليس إلا استقرار الفساد حين أنتج لنا طبقة من الأثرياء بثروات خيالية ليست وليدة العمل والجهد الإنساني، بل هي نتيجة صفقات الفساد مع الأنظمة الحاكمة، وهي ناتج أريحية وخيرات الريع وصدقات الحكام الذين يهوون فنون النفاق، ولم تكن تلك الصدقات من جيوب الحكام بل من شقاء وفقر الأغلبية التي لا تعرف التسول عند أبواب القصور.

وصفات الإصلاح لا يجوز قصرها على دعم السلع الاستهلاكية وتوفير فرص العمل للشباب العاطلين حتى ينتقلوا من بطالة حقيقية إلى بطالة مقنعة، فهذه حلول ترقيعية ولن تنفع على المدى الطويل، بل البداية تكون بمحاربة الفساد السياسي والاحتكام إلى دولة القانون والمؤسسات الدستورية، فهل ستعي أنظمة «البتكس» تلك الحقائق أم ستنتظر عاصفة التغيير القادمة لتقلعهم هم وكراسيهم؟!

سعيد محمد سعيد

الخريجون الجامعيون… الثروة المعطلة!

 

من حق الخريجين الجامعيين العاطلين عن العمل أن يطالبوا بحقهم في الحصول على وظائف تناسب تخصصاتهم، ولهم كل الحق أن يواصلوا رفع أصواتهم لتصل الى المسئولين في الدولة سواء من خلال الاعتصام أو من خلال الندوات واللقاءات التي يشرحون فيها معاناتهم القاسية، ومن حقنا أن نتساءل معهم: «لماذا يتوجب على 1912 خريجاً جامعياً أن يعيشوا (بهدلة)؟ ولماذا يتوجب عليهم أن يخضعوا رغماً عنهم لوظائف متدنية وبأجور متدنية والحال أن قطاعات كثيرة لا تزال تستوعب غير البحرينيين وتجزل لهم العطاء؟».

لقد دعمنا بكل قوة توجهات وزارة العمل وديوان الخدمة المدنية في برنامج توظيف العاطلين وإيجاد برامج تدريب وتأهيل لكل العاطلين، من الجامعيين وغيرهم، أملاً في أن تنفرج هذه المعضلة ويبدأ أولئك الآلاف من أبناء الوطن حياتهم المهنية ويكسبوا رزقهم ولقمة عيش ذويهم ويتجاوزوا الكثير من المحن المعيشية التي لا يعلم عنها الكثير من المسئولين.

على سبيل المثال، تابعت شخصياً مع أحد الخريجين الجامعيين، وعلى مدى ثلاث سنوات، أسباب عدم إنهاء اجراءات توظيفه في إحدى الوزارات، على رغم أنه مؤهل للوظيفة بل وقضى فترة تدريب لا بأس بها في الإدارة التي يستعد للعمل فيها، لكن اجراءات توظيفه تأخرت والسبب في ذلك (البصمات)! ومع ذلك، تابعنا معاً قصة البصمات مع وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني، وتبين أن ملفه سليم ولا توجد أي مشكلة تعوق توظيفه! فما هو السبب يا ترى في تجميد توظيف ذلك الخريج؟ ثم عدنا من جديد للمتابعة مع الإدارة التي وعدته بتوظيفه بعد أن تبين عدم وجود مشكلة، ولكن جهد السنوات الثلاث عاد الى المربع الأول بإعادة أوراقه من جديد الى ديوان الخدمة المدنية!

هذه القصة غيض من فيض!فهل يتوجب على أبناء البلد من الخريجين الجامعيين وسائر العاطلين أن يواجهوا هذه البهدلة وظروفهم المعيشية تزداد سوءاً؟ ولماذا لا يحترم بعض المسئولين توجيهات القيادة الرشيدة بإيجاد الوظائف المناسبة للباحثين عن عمل على وجه السرعة؟ لماذا تبقى هذه الثروة معطلة على رغم استعدادهم للعمل في حين يحظى بعض الوافدين بوظائف وأجور مجزية لا يحلم بها البحريني؟ نحن لسنا ضد حق كل من جاء الى بلادنا في أن يكسب رزقه، لكن من غير المعقول أن يكون أولئك هم المقدمون على أبناء البلد.

لقد عاد العاطلون الجامعيون يوم أمس الأول الثلثاء (1 فبراير/ شباط 2011) للاعتصام أمام مجلس النواب… لا من أجل (التسلية) وقضاء وقت الفراغ في (برنامج) يروق لهم، بل لأنهم، وبعد انتظار شهور كثيرة أملاً في تنفيذ الوعود بتوظيفهم، وجدوا أنفسهم صفر اليدين!فلا وظائف جيدة عرضت عليهم، ولا تحرك ملموس يطمئنهم بأن هناك شواغر في القطاعين العام والخاص، وبأجور مجزية، ستكون من نصيبهم.

وفق ذلك، نضم صوتنا الى صوت الخريجين المطالبين بإصلاح آلية التوظيف والتقييم في كل الوزارات، ومحاسبة أي طرف تسبب في تعطيل توظيفهم، فكل طرف تقاعس عن مسئوليته الوطنية تجاه أولئك الخريجين والعاطلين عموماً، لابد وأن يتعرض للمساءلة وخصوصاً من جانب مجلس النواب، فأكبر خطأ هنا هو مخالفة توجيهات قيادة البلاد الرشيدة في توظيف أبناء البلد الباحثين عن عمل.

احمد الصراف

فضائح الإنترنت

بلغ عدد مستخدمي الإنترنت عام2007 ثلاثمائة مليون، منهم نصف مليون في الصين. أما الآن فقد وصل عددهم في الصين وحدها 470 مليوناً. ويعتبر اليوتيوب والشركات التي تقدم خدمات مماثلة لها، من أقوى المراجع على النت سواء للحصول على المعلومة أو التسلية، هذا غير الفيسبوك والتويتر. ومثلما ساهمت أشرطة الكاسيت في الترويج لثورة الخميني في نهاية السبعينات، فقد ساهمت الإنترنت، ومشتقاتها، في الترويج لثورة تونس، وربما لغيرها! وقد تحول اليوتيوب مع الوقت من أداة تسلية إلى مرجع لتوثيق المعلومات، سهل الرجوع إليه والبحث فيه، نقول هذا على الرغم من إمكانية التلاعب في بعض مواده وإظهارها على غير حقيقتها. وكمثال بسيط جداً فإن من الممكن من خلال  www.criticalpast.com، مشاهدة أكثر من 57 ألف فيلم وثائقي يعود بعضها إلى عام 1890، ومنها فيلم عن نزول الجيوش البريطانية في الكويت لمواجهة تهديد عبدالكريم قاسم بغزوها في 1960. كما يمكن مشاهدة ملايين الصور المتنوعة من خلال الموقع نفسه. كما تتضمن الإنترنت مواقع عديدة لتزيل الكثير من الكتب المهمة والنادرة، ومنها موقع مكتبة الإسكندرية الذي يتضمن 20 ألف كتاب جاهز للتنزيل مجاناً. وفي حال وجود شك في أي معلومة أو قصة أو خبر على الإنترنت فيمكن التأكد من مصداقيته من خلال إدخال معلوماته إلى موقع:  www.snopes.com.
كما أصبح اليوتيوب يتسبب في الكثير من الإحراج، خصوصاً للسياسيين من أصحاب الذكرة الضعيفة والذمة الأضعف، ففي أحداث المواجهة الأخيرة بين الشرطة ورواد ديوانية النائب الحربش، صرح النائب الطبطبائي في مقابلة تلفزيونية بأن ما تعرض له من قبل الشرطة الكويتية لا يوازي ما ناله من الإسرائيليين من ضرب عندما كان على سفينة الحرية! وقد التقط البعض هذا التصريح وفضحه من خلال بث تصريحاته بعد عودته من أحداث السفينة التركية، وكيف اتهم الإسرائيليين بالوحشية والقتل واستخدام القوة المفرطة والقنابل الدخانية والغازية! وحدث الأمر ذاته مع النائب الوعلان الذي صرح بعد أحداث الديوانية بأن ما رآه من أحداث في تلك الليلة فاق ما اقترفه الجنود العراقيون من إجرام في فترة الغزو والاحتلال! وهنا أيضاً تم الرد عليه وإسكاته وإظهار مدى المبالغة في كلامه.
فيا سياسيين، خذوا حذركم، فاليوتيوب لكم بالمرصاد.

أحمد الصراف