احمد الصراف

ثورة محمد البوعزيزي

ما إن نجح الخميني في قيادة ثورة الشارع الإيراني من منفاه على حكم الشاه حتى انتابتني مشاعر متضاربة وتوجس وخوف من المصير القاتم الذي ينتظر المنطقة، بعد تولي رجل دين صارم لقيادة واحدة من أكبر واكثر دول المنطقة طموحا، ولكن ما حصل بعد ذلك من أهوال فاق توقعاتي! وبالرغم من ذلك لا يمكن إلا الاعتراف بأن ثورة الشعب الإيراني الأعزل وغالي تضحياته هما اللذان أديا في النهاية الى الإطاحة بواحد من أشرس الأنظمة، وتعتبر الثورة الشعبية الثالثة من نوعها في التاريخ الحديث بعد الثورة الفرنسية والروسية! أحداث تونس الأخيرة التي استطاع فيها الشعب الأعزل، ومن خلال تضحيات الكثيرين من أبنائه بأرواحهم ودمائهم، من اسقاط نظام مخابراتي فاسد، سوف تعتبر بحكم التاريخ مقاربة في مظاهرها الثورة الإيرانية، فالبدايات الاجتماعية لانتفاضة الشعب التونسي هي التي أدت للنهايات السياسية على الساحة، والتي قضت على خرافة الاستقرار السياسي والاقتصادي لتونس! وإن ما حصل ما هو إلا نتيجة لفشل القيادة في قراءة معطيات عصر الاتصالات السريعة والإنترنت الذي نعيشه، الذي جعل من الصعب على اي حاكم الاستمرار في نكران حقوق شعبه في الحرية والكرامة والعمل، أسوة بما تتمتع به غالبية دول العالم! فقيام محمد البوعزيزي، الذي ادت تضحيته الغالية التي تمثلت بإشعال النار في نفسه أمام بلدية منطقته، بعد أن تعرض للإهانة ومصادرة عربة نقل الخضار التي يرتزق منها، وهو الخريج الجامعي العاطل عن العمل، أدت الى اطلاق شرارة ثورة الشارع التونسي، وكشف الواقع البائس الذي يعيشه نصف مليون شاب عاطل ومحروم من كافة حقوقه الإنسانية والسياسية منذ عقود طويلة، فالإنسان لا يحيا بالخبز وحده، وانتحار البوعزيزي ورفاقه حرقا أدى الى هرب زين العابدين بن علي، رجل المخابرات القوي، الى الخارج، بعد أن عاث في وطنه فسادا وكاد ينجح في قتل كرامتهم التي انتفض من أجلها البوعزيزي ورفاقه!
إن ما حصل في تونس، التي كان البعض، وإلى وقت قريب، يعتقد أنها واحة حرية وأمان، يجب ان يكون درسا لكل دكتاتور يعتقد أن وضعه استثنائي وأنه في مأمن من كل خطر، ففي هذا العالم الذي نعيش فيه تسبق الحرية أمور حيوية كثيرة، ولا يمكن استمرار أي نظام قمعي إلى الأبد، فكيف يسمح رئيس لنفسه بالاستمرار في السلطة، وهناك مئات الآلاف الذين لا يجدون ما يسد رمقهم، وكيف يرضى بالبقاء في السلطة من دون انتخاب ولا ديموقراطية ولا خيار شعبي إلى الأبد، خاصة أن اسلوب القتل والضرب أصبح غير مضمون النتائج في عالم اليوم، ونهاية صدام خير مثال، ويفوز فوزا عظيما من اتعظ من أخطاء غيره! لكن الخوف الآن من سيطرة الاحزاب الدينية.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

عربة بقدونس دهست فرعون تونس

وإذا استشارني ثوار تونس فسأشير عليهم أن يبحثوا عن المسؤول الذي أمر بنقل بوعزيزي من المستشفى المتهالك، بعد أن أحرق نفسه، إلى أكبر مستشفيات تونس تحضيراً لزيارة الفرعون المخلوع، ثم سأشير بأصبعي إلى قضاة فرعون ومستشاريه القانونيين، الذين غلّفوا جرائم ربّهم بغلاف من القانون.

على أن المسؤولين الجبناء يتفقون على أمر واحد، مهما اختلفت جنسياتهم، وهو سرعة التضحية بالأعوان، الواحد تلو الآخر، لضمان البقاء.

ويا ويل الحكومات التي تتحدى الشعوب وتنتهك كراماتها، ويا ويل المسؤولين الذين يجيّرون أجهزة الدولة الأمنية لخدمتهم. يا ويلهم من الشعوب التي تنتظر لحظة إزالة «مسمار الأمان» من على رأس القنبلة.

قاعة محمد غزّاي المطيري

بعد مضي أيام من موت المغدور محمد غزاي الميموني تحت تعذيب المباحث، أستغربُ كيف لم تعتذر الحكومة إلى هذه اللحظة ولم تُدِن الجريمة! بل حتى وزير الداخلية لم يعتذر إلى الشعب ولا إلى أهل المغدور، في حين أنها الحكومة نفسها التي سارعت إلى استنكار «الاعتداء» على أحد المستفزين من أتباعها في بيانها الرسمي، وهو الذي تعرض لسجحات وكدمات، في مسرحية مكشوفة الفصول… يبدو أن سجحة هذا أغلى من دم ذاك. تبّاً لميزان الحكومة، وتبّاً لمستشاريها الذين لم ينصحوها بتدارك الموقف، وأظنهم قريباً سيندمون بعد أن «يفور الإبريق» فتتخلى عنهم الحكومة وتتهمهم بـ»تضليلها» كما هي الموضة في العالم العربي هذه الأيام، قبل أن تعلن رضوخها وإذعانها لمطالب الناس العادلة، لكن بعد أن يسقط «غطاء الإبريق» الحكومي من قوة البخار.

عموماً، لسنا بالسذاجة التي تجعلنا ننتظر من القاتل إدانة نفسه، لكننا سنطلب من نوابنا أن يطلقوا على قاعة لجنة الداخلية والدفاع في مجلس الأمة اسم «قاعة محمد غزّاي الميموني»، كي يقرأها كل وزير داخلية لاحق فور دخوله القاعة، فيتذكر جيداً حقوق المتهمين.
ويا محمد غزّاي، أقسم لك بالله أن هول الصدمة مايزال يهز أيدينا بعدما هزّ قلوبنا وعقولنا، ومازالت دموع النساء والصبايا تنهمر بعد أن تكشفت لهن التفاصيل، فقط نتمنى عليك أن تمهلنا حتى نسترد اتزاننا، وعهدٌ علينا أن نجفف دموعك في قبرك بعد أن نجبر الحكومة على تسديد الفاتورة كاملة… كاش.

سامي النصف

هل بدأ تفكيك دول المنطقة؟!

في عز فرحة شعوبنا بوصول الرئيس أوباما إلى سدة الحكم كتبت وذكرت ضمن عدة مقالات ولقاءات ان علينا العودة إلى الماضي لقراءة ما سيجري مستقبلا في المنطقة فالإدارة الأميركية الحالية «عرابها» الرئيسي هو من يمثل فكر اليسار الأميركي « زبنغيو بريجنسكي» مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس كارتر (1977 ـ 1981) الذي دعم عمليات إسقاط سلسلة من الأنظمة اليمينية وعلى رأسها نظام شاه إيران الذي رفضت عدة دول صديقة للولايات المتحدة استقبال الطائرة التي تقله قبل ان ينتهي به المطاف في مصر حيث دفن.

وتذكر صحيفة الديلي ميل البريطانية واسعة الانتشار وذات التوجه اليميني ان سقوط نظام الرئيس التونسي هو أول انعكاسات تسريبات وثائق الخارجية الأميركية (ويكيليكس) حيث تحدثت عن الفساد مما أثار حنق الشارع وحرك نقابات العمل.

ان على من استعجل وأبدى فرحه المسبق بما يجري في تونس ان ينتظر، فالتغيير الوحيد المسموح به في المنطقة هو من السيئ إلى الأسوأ، وسلسلة كتب بريجنسكي تتحدث عن الفوضى وتفكيك العديد من دول أوراسيا والشرق الأوسط وحدوث اضطرابات وحروب قد تستخدم فيها الأسلحة غير التقليدية و.. رب يوم بكيت فيه فلما صرت في غيره بكيت عليه.

ان استفتاء السودان التي أسميناها يوغوسلافيا الجديدة لن يتوقف عن خيار الدولتين بل سيمتد إلى طلب تقرير المصير لبقية أقاليم السودان وانتشار الفوضى والحروب فيه لتمتد بعد ذلك الى بقية دول منطقة الشرق الأوسط الملتهبة والتي ستستبدل الأمر الإلهي للشعوب والقبائل (لتعارفوا) بـ «لتعاركوا» ولا حول ولا قوة إلا بالله.

آخر محطة:

هناك ضرر مباشر على الكويتيين من تحول تونس العلمانية الليبرالية المستقرة سياسيا واقتصاديا الى حالة الفوضى العارمة لحقيقة وجود استثمارات كويتية عامة وخاصة في تونس تقارب الـ10 مليارات دولار.. واقبض من..!

احمد الصراف

حلمك معنا يا سيدي

تتطلب شروط النشر كتابة المقال قبل يومين، ولا أدري ما سيحدث بين ساعة كتابة وارسال هذا المقال للجريدة ونشره، ولكن تعليقا على حادثة وفاة المواطن «المطيري» في أحد المخافر، وما سبقته من وفيات أخرى ربما، لمواطنين ومقيمين لم نسمع بها، وما تبع ذلك من استقالة وزير الداخلية لفشله في «تنظيف» وزارته، فانني أعتقد أن الوزير جابر الخالد الصباح واحد من أكثر وزراء الداخلية اخلاصا وفهما لعمله، واستقالته دليل على ذلك، فقد امتلك الشجاعة لأن يسجل سابقة في تاريخ الكويت، وأن يعترف بفشله! وهنا أعتقد أن من الصعب على أي وزير قادم اصلاح هذه الوزارة التي تراكمت مشاكلها على مدى نصف قرن، من دون امتلاك التفويض الواضح من القيادة العليا بتغيير ما يشاء، مع امتلاك القدرة والنية والعلم على احداث التغيير! وأعتقد أن علة الداخلية الأساسية تكمن في ثلاث مشاكل، الأولى: جزر النفوذ المستقلة والمتعددة داخلها والتي يسيطر عليها ابناء الأسرة الحاكمة، والذين يتجنب أي وزير اغضابهم أو التدخل في عملهم، الا في أضيق الحدود لأنهم مدعّمون. ومن المهم بالتالي التقليل من هذه السياسة الى الحد الأدنى، فمحاسبة غيرهم اسهل بكثير، ويكونون عادة أكثر تمسكا بالقوانين!
والمشكلة الثانية تكمن في تشدد الوزارة غير المبرر في الكثير من الأمور، وهو التشدد الذي نراه يتكسر يوميا على صخور الرشى، مثل التشدد في اعطاء اجازات قيادة مركبات، ومنع جنسيات معينة من الزيارات العائلية وغيرها الكثير، والتي ليس من الصعب وقفها، ان توافرت النية! أما الثالثة فتكمن في التساهل المخيف وغير المبرر في التعامل مع مرتكبي المخالفات، وحتى الجرائم، نتيجة تدخل متنفذ أو توسط نائب، وقد رأينا مؤخرا كيف تدخل النائب «محمد الهايف» للافراج عن متهم باغتصاب أطفال، وغير ذلك. وطوال نصف قرن ونحن نسمع عن مئات من جرائم تهريب شحنات من الممنوعات، ولم نقرأ مرة اسم المواطن الذي أرسلت له. كما نشاهد صور مهربي مخدرات في المنافذ، ولكن ولا مرة قرأنا اسم من كفل هؤلاء وسهل قدومهم! كما يعلم الجميع بوجود متاجرين بالبشر بيننا، ولكن ولا مرة كشفت اي جهة اسم متورط واحد، فهل نحن شعب من الملائكة؟ وماذا عن كل هذا التساهل في جرائم الأمن الخطرة مثل الاعتداء المسلح على المخافر ورجال الشرطة واتلاف مركباتهم، والتي لم نسمع بتقديم أحد من اطرافها للمحاكمة حتى الآن، وطوال السنوات العشر الأخيرة على الأقل!
ومن هنا يبدأ الاصلاح!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

استقالة الخالد.. بلد يحترم شعبه

بعد أحداث ديوان الحربش.. صار عند الناس في الداخل والمراقبين في الخارج، انطباع ان المواطن في الكويت مهان، وأنه لا كرامة له خاصة بعد ان شاهدوا رجال القوات الخاصة يضربون نواب الامة، ويسحلون أساتذة الجامعة، ويداهمون البيوت الآمنة، مما اضطر عددا كبيرا من هؤلاء النواب إلى أن يتقدموا باستجواب لرئيس الحكومة لوضع حدّ لتجاوزات رجال الأمن على المواطنين، وقد وصلت رسالة النواب الى أولي الأمر من خلال نتيجة التصويت على طلب عدم التعاون، ولكن يبدو أن الله أراد أن يعجّل بالانتصار لكرامة البشر، فقدر سبحانه ما كان من ضرب مواطن كويتي ضربا افضى الى الموت، مما يعدّ انتهاكا صارخا لحقوق المواطنين وتعدياً على كراماتهم، فما كان من الأخ وزير الداخلية إلا أن يحترم تعهدا تعهد به أمام مجلس الأمة، ويقدم استقالته.
استقالة معالي وزير الداخلية لها عدة مدلولات:
ــ الأول أن الوزير يحترم تعهداته، عندما قال «لا أتشرف بإدارة وزارة تعذب المواطنين».
ــ الثاني أن الاستقالة رسالة قوية إلى كل رجال الأمن ان مثل هذه التصرفات غير مقبولة ومرفوضة في بلد ديموقراطي، المواطن فيه يمارس حقوقه وواجباته وفقا للدستور.
ــ الثالث أن هذه الاستقالة ستعطي انطباعا عند كل المراقبين في الخارج ان الكويت بلد يحترم شعبه، وان المواطن فيه له قيمة وكرامة، وأي مساس بهما يعتبر خطا احمر، وان ادى الى استقالة وزير الداخلية ابن الاسرة الحاكمة!
انا اعرف ان الشيخ جابر الخالد ذو خلق ودين، لكن هذا لا يكفي!
انا اعرف ان الشيخ جابر الخالد لديه النية الصادقة لحفظ الامن واستتبابه، لكن هذا وحده لا يكفي، انا اعرف انه جاد في تطوير اجهزة الوزارة وتحسين ادائها، لكن هذا ايضا لا يكفي! فالنية الطيبة والقلب الطيب.. كل هذا مطلوب، لكنه وحده لا يحقق المراد، بل لا بد من ارادة وعزيمة وحزم وسيطرة شاملة على كل اجهزة الوزارة حتى يتحقق الهدف المطلوب.
شيخ طيب نعم.. وزير محترم نعم.. لكن من الواضح ان بعض القيادات لا تخضع له! لذلك اعتقد أن قبول استقالته اصبح امرا حتميا، اذا اردنا ان نحفظ الأمن.
***
لفتة كريمة
رحم الله شهيد خفر السواحل، وألهم ذويه الصبر والسلوان، وغفر الله لضحية مخفر الشرطة.. وعظم أجر ذويه.
قال تعالى: «وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا» صدق الله العظيم.

سعيد محمد سعيد

يا حكام العرب… الاضطرابات قادمة!

 

(الخبز خط أحمر)… ذلك هو الشعار الذي رفعه آلاف الأردنيين يوم أمس الأول الجمعة في عمان ومدن أخرى في موجة احتجاجية على البطالة وغلاء الأسعار، وكانت المحطة الأولى لانطلاق تلك الموجة الاحتجاجية هي فترة ما بعد صلاة الجمعة.

ويوم الجمعة ذاته، الرابع عشر من يناير/ كانون الثاني 2011، شهد أولى وأكبر مفاجآت العام الجديد في العالم العربي، بعد أن أطاحت الانتفاضة الشعبية التي شهدتها تونس بالرئيس زين العابدين بن علي، ليتولى رئيس الوزراء محمد الغنوشي السلطة في تونس بشكل مؤقت، وعد فيها بتنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أعلن عنها مسبقاً بالتشاور مع قوى المعارضة.

ويبدو أن الكثير من الحكام العرب على موعد مع الاضطرابات الشعبية بعد أن ضجّت الشعوب العربية من مسكنات الألم (المؤقت) لكل الأوجاع التي تعاني منها تلك الشعوب بدءاً من الخبز انتهاءً بحقوقهم الكاملة في الحياة، وقد أوجزت صحيفة «البلاد» الجزائرية في افتتاحيتها القصيرة يوم الجمعة أيضاً التحذير من اتساع نهر الدماء في تونس وتساءلت عن سبب اغتياظ الحكومات العربية من مطالب الشعوب، فتزايد سقوط الضحايا والإفراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين مؤشر على أن الأوضاع تتفاقم من يوم لآخر، وطرحت الصحيفة عدة تساؤلات: «لماذا تغتاظ الحكومات في بلادنا العربية من مطالب الشعوب المنادية بالديمقراطية وفتح المجالين السياسي والإعلامي؟ لماذا تنفتح هذه الحكومات اقتصادياً وتنغلق سياسياً؟ ولماذا تزيد الديمقراطية من قوة الأمم والشعوب في الغرب بينما يعتبرها الحكام العرب عاملاً من عوامل تقويض الوحدة والانقسام؟

ولعلني أشرت في عمود يوم الخميس الماضي: «طبائع الاستبداد العربي المزمن… كأكبر خطر لانعدام الاستقرار»، إلى أن لا مناصّ من أن تدرك كل الأنظمة بأن تحقيق الأمن والاستقرار لا يتأتى إلا في ظل إرساء الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية… لكن ما يثير القلق بدرجة أكبر، هو أن غالبية المشاركين الخليجيين والعرب أجمعوا على أن النتيجة الحتمية هي ظهور المزيد من الاضطرابات والصدامات والتوترات خلال السنوات المقبلة، لأن الأنظمة العربية لن ولن تسمح بأن تغيّر طبائع الاستبداد.

التحذير للحكام العرب جاء واضحاً في بيان (البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان) الصادر في مطلع شهر يناير الجاري والذي أعرب فيه عن القلق البالغ لتطورات الأوضاع في عدد من البلدان العربية على خلفية ازدياد حالات الفقر وتدهور الأوضاع الاقتصادية لجموع المواطنين العرب والغلاء الفاحش، وجاء في بيان البرنامج: «في ظل انتهاج الحكومات العربية المختلفة لسياسات اقتصادية ظالمة متحيزة لفئات بعينها داخل البلدان ولا تضع في حسبانها الغالبية الساحقة فضلاً عن عجز الموازنات الحكومية العربية بسبب الفساد والرشوة والاختلاس وغيرها من الجرائم، لن يؤدي إلا لمزيد من الاحتقان الموجود أصلاً بسبب الأنظمة السياسية القابعة على قمة الهرم السياسي منذ عقود، فضلاً عن الانتهاك الممنهج واليومي لحقوق الإنسان في العالم العربي، وهو الأمر الذي ينذر بثورة جياع حقيقية لا يستطيع الأمن القبض على زمام الأمور فيها».

والنقطة الأهم في بيان برنامج النشطاء هو النداء الموجه إلى الأنظمة العربية، حيث ناشدها بضرورة المراجعة والإصلاح الحقيقي النابع من القاعدة الشعبية، وفتح حوار جاد مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني لإقرار إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي يزيل الاحتقان من جذوره، ويعيد الطمأنينة والثقة للمواطنين على اعتبار أنهم شركاء في أوطانهم

سامي النصف

أن تعي معنى التضحية

الساعة الثامنة والنصف ليلة قبل البارحة الخميس، واشباح مكونة من الزملاء عدنان الراشد وعصام الفليج ووائل الحساوي واحمد الكوس ومحمد البحر وسامي الخليفي، تتحرك في احد أزقة حي الشجاعية المظلمة في غزة الصامدة للقاء خنساء فلسطين السيدة ام نضال فرحات لتروي لنا قصة استشهاد ابنائها الثلاثة: نضال ومحمد ورواد وزوج ابنتها اضافة الى استشهاد «اسطورة غزة» عماد عقل في بيتها عام 93.

ولم تكتف ام نضال بذلك بل ارسلت ابنها الرابع وسام للقيام بعملية استشهادية قائلة له: انت غالٍ الا ان الاسلام اغلى منك، وقد فشلت العملية الاستشهادية وحكم عليه بالسجن المؤبد واطلق سراحه بعد 11 عاما من الاعتقال، وتذكر ان وصيتها الدائمة له ولابنائها: اريدكم منتصرين او شهداء محمولين فوق الاكتاف.. وتثني في ختام لقائها معنا على الكويت وتقول: لولا دعمكم لضاع ابناء الشهداء.

وخرجنا الى ممرات مظلمة اخرى للقاء اعلامي وغير مسبوق مع السيدة «ام علي» التي قام ابنها الشهيد محمد عزام فراونة بالعملية الفدائية التي نتج عنها اسر الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط الذي يتم التفاوض على اطلاق سراح آلاف الاسرى الفلسطينيين كثمن لاعادته، ومرة اخرى نقف امام سيدة صلبة وحالة انسانية مؤثرة لتروي لنا كيفية استشهاد ابنها محمد.

تقول «ام علي» ان محمدا كان اقرب ابنائها الى قلبها حيث كان شديد الاعتناء بها حتى انه ما ان ينهي دراسته الجامعية حتى يقوم بمساعدتها في عملها المختص بالعناية بمعاقي الحرب، وكثيرا ما كان يخجلها امام العاملين الآخرين معها عندما يقبل رأسها ويدها ولا يغادر الا معها حال انتهاء عملها.

وتضيف انه قبل استشهاده كان كلما اكل طعاما وسألته عنه قال لها انه شهي الا ان طعام الجنة اشهى، وظل يطلب منها ان تسمح له بالاستشهاد وهي ترفض حتى بكى امامها ذات يوم فقالت له: انني وهبتك لله، وقد حضر بعد تلك الموافقة بيومين وقام بتنظيف المنزل وترتيبه واصلاح الاجهزة المعطلة فيه وشعرت شقيقته بما ينتويه فطلبت منه تأجيل ما يعتزمه لمدة شهرين حتى يحضر حفل زواجها الا انه رفض وخرج ليسمعوا بعملية استشهاده، وتقول ام علي انها تطلب من ابنائها ان يعيشوا سعداء او يموتوا شهداء.

آخر محطة:

في وقت تضحي فيه نساء العالم لاجل اوطانهن، وما سيرة خنساء الكويت، رحمها الله، التي ضحت بثلاثة من ابنائها لاجل تحرير الكويت ومعها السيرة العطرة للشهيدتين اسرار القبندي ووفاء العامر ومن سار في ركب الشهادة معهن، نسمع بقانون المرأة الاكتع في مجلس الامة الكفيل بالتضحية بمستقبل الوطن لاجل قلة من النساء.. والحديث ذو شجون..

احمد الصراف

من أم الهيمان إلى وارسو

كنت أجلس أمامه وهو يعزف مقطوعات من موسيقى فردريك شوبان. كانت أصابعه تنتقل على البيانو بسلاسة غريبة، وكنت أشعر وكأن خلجات نفسه قد تسللت الى أصابعه تشاركها رحلة الفن والسحر على مفاتيح البيانو، ولا أدري كم طال بي الوقت وأنا أتأمل تعبيرات وجهه وايماءات جسده سارحا بأفكاري بعيدا عن القاعة، فهذا ابن القبيلة العربية، ابن الصحراء اللامتناهية، ابن أم الهيمان، التي شاءت أقداره، بما امتلك من موهبة وأب غير تقليدي، أن يخرج عن نمطية بيئته ويغرد بأصابعه وموهبته النادرة خارج السرب متنقلا من حفل في الكويت الى آخر في ألمانيا مارّا بهلسنكي وفينيسيا الى ماليزيا والبحرين، حاصدا الجائرة وراء الأخرى، وهو الذي لم يتجاوز العشرين بكثير! هذا هو فيصل غازي البحيري، الذي التقطت موهبته جمعية «لوياك» في منتصف الطريق واكملت المشوار معه للعالمية لتساعده في رفع اسم الكويت عاليا في وارسو عام 2015 في المسابقة التي سيشارك فيها عازفون من جميع أنحاء العالم!
ومن اجل أن يتحقق الحلم ويصل ابن أم الهيمان الفخور الى صالة شوبان في وارسو، يتطلب الأمر دعما معنويا وماديا ليتمكن من ازالة ما علق بسمعتنا من سوء نتيجة ما بدر عن الجهلة والسفهاء منا.
من اجل ذلك ندعوكم للاتصال بـ«لوياك»، هاتف 99438097، والتبرع بما تجود به أنفسكم لمشروع ايصال فيصل البحيري الى «مسابقة شوبان العالمية لعازفي البيانو».
وقد قمت اليوم بدفع حصتي في هذا المشروع الثقافي والوطني المهم.
***
ملاحظة: موافقة البنك المركزي على تعيين السيدة شيخة البحر رئيسة للمديرين العامين في البنك الوطني، اكبر البنوك العربية واكثرها ربحية، وكأول امرأة عربية، وربما اول مسلمة، في هذا المنصب الرفيع، ما هو الا تقدير لجهودها، واعتراف بقدرة المرأة على تقلد اكبر المناصب التنفيذية.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

لا يجوز يالمهري

لا أعرف لماذا الإصرار على جعل المذهب الشيعي تياراً سياسياً، والتذرع بتسعة نوّاب وكأنهم كتلة سياسية تلتزم بموقف واحد، فمن يقبل بذلك عليه أن يقر أيضا بأن الـ40 نائبا الآخرين هم تيار وكتلة سياسية واحدة، ويجب أن يكونوا متضامنين، وأن يلتزموا موقفاً واحداً بما أنهم جميعهم من المذهب السنّي.

المذهب الشيعي هو مذهب ديني كسائر المذاهب، وعلاقة بين الفرد والخالق مجردة ولا علاقة لها بوجود سمو الشيخ ناصر المحمد أو غيره هذا هو أول السطر وآخره ولا شيء سواهما.

ولكننا في الكويت للأسف نفاجأ بأشخاص بحلّة دينية وآخرين بصبغة مالية يريدون أن يفرضوا علينا واقعاً مزيفاً يسلب أفكارنا وآراءنا لمجرد اعتناقنا مذهباً لا شأن لهم فيه لا من قريب ولا من بعيد.

فالسيد المهري الذي يوقع اسمه ممهورا بوكيل المراجع الشيعية في الكويت مازال مصراً على أن يتحدث سياسياً باسم الشيعة الكويتيين، وهو من يتخذ لهم المواقف والتحركات في كل الشؤون، متجاهلاً أن وكالته للمراجع الشيعية التي نكن لها كل التقدير والاحترام ليست سوى وكالة لجمع مبالغ الخُمس والإبلاغ عن الفتاوى والاجتهادات التي تصدر عن المراجع الكرام.

لم أكن أود أن أخوض في حوار كهذا، إلا أن تمادي السيد المهري في قوله، والذي بات يخصني وأنا لا ناقة لي ولا جمل في آرائه، أنه بات يكرر الحديث باسم الشيعة في شأن سياسي لي رأي فيه مغاير لكل ما يطرحه المهري اليوم، وما يجعلني مجبراً على الخوض في غمار هذا الحديث، وقد امتلأ البريد الوارد في هاتفي من تصريحات للمهري حول الاستجواب وعدم التعاون، وأكاد أجزم بأنها أكثر من تصريحاته في شأنه وعمله الأساسي وهو نقل آراء المراجع للشيعة في الكويت.

إن ما يحدث اليوم ليس مقتصرا على الشيعة، بل هو أمر وشأن سنّي أيضا لا أعلم من سبق الآخر فيه، ولكن ما أعلمه يقينا أنه أمر خطير، فقد اتخذ أكثر من نائب قرارهم في أزمة عدم التعاون الأخيرة بناء على فتوى دينية في حين رفض البعض الآخر من النواب تلك الفتوى، وهو ما يثبت قطعاً أن الفتاوى لا تسيّر شؤون بلد أبداً، فهي أمر مطاط قابل للأخذ أو الرد على عكس القانون والدستور الذي لا يمكن تأويله كما تشتهي الأنفس وهو ما أثبتته أزمة عدم التعاون الأخيرة.

أخيراً… فإني أكرر لا أقبل ولا يقبل أي عقل أن يشار إلى مذهب عقائدي ديني كتيار سياسي متضامن، ومن يختلف معه يكون خارجا عن الملة كما يصفه بعض الحمقى، ولا أقبل بأن يتخذ كائن من كان رأياً نيابة عن عقلي، فأنا لم أخلق لكي يفكر ويدبر الأمور عني المهري أو غيره حتى إن كان لديهم توكيل من كل أبناء المذهب، فأنا لم أمنحهم هذا التوكيل، ولزاماً عليهم أن يستثنوني من تصريحاتهم وعباراتهم السياسية.

خارج نطاق التغطية:

انتهى التصويت على عدم التعاون ولم يكتف سمو الرئيس بحصوله على 25 صوتاً من أصل 49 كي يستوعب مدى الرفض الشعبي له، وهو حرٌّ في ذلك والدستور كفل له الاستمرار، وعلينا أن نستمر في رفضنا للأخطاء بالطرق الدستورية والقانونية ولا شيء سواهما، فدستورنا هو الملاذ الآمن وأي أمر سواه لن نقبله أو نشارك فيه أبداً.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

محمد الوشيحي

الداخلية… 
بلا ملابس داخلية


وزارة الداخلية تفعل كما يفعل الطفل عندما يخطئ بالكتابة بقلمه الرصاص، فتنبّهه فيمسح خطأه بأصبعه المبللة… لا هو صحح الخطأ ولا هو حافظ على نظافة الصفحة.

ودعونا نغفل مجلس الوزراء كما أغفل «دم المواطن القتيل»، واستخسر فيه ربع سطر مما يكتبون، وتعالوا نركّز أنظارنا على وزارة الداخلية التي باتت تمتلك صواريخ عابرة للقارات، أطلقت مجموعة منها في مؤتمرها الصحافي الشهير الذي سمّاه الناس «المؤتمر الصحّاف» بعد أحداث «ديوانية الحربش»، وأمس أطلق وزيرها صواريخ أخرى… وعن نفسي، وأنا هنا أتحدث بكل رصيدي من الجدية، توقعت أن يصرّح الوزير تصريحاً أحمر فاقعاً لونه، يعتذر في بدايته، ثم يطالب بتشكيل لجنة برلمانية تساعد الداخلية في تحقيقاتها، قبل أن يتقدم باستقالته، ويتوجه إلى بيت «المغدور» لمشاركة أهله العزاء، إذ لا يمكن أن يقبل أي إنسان، مهما انخفض منسوب إنسانيته ما حدث، لكنه خيب ظني وأصدر بياناً ناقصاً: «لا يشرفني أن أقود وزارة تعتدي على المواطنين»، ونسي أن يضيف، ربما لضيق الوقت: «وبناء عليه أتقدم باستقالتي واعتذاري عما حدث». ثم تلاه بيان الوزارة التي دنّست فيه قبر القتيل.

وأظن أن وزارة الداخلية ملّت إعطاءَنا «خوازيق» نظرية فقررت تطبيقها عملياً، وها هي اليوم، بعد جريمتها، تظهر لنا مرتدية معطفاً من الفراء الفاخر، لكن الناس يعلمون أنها ترتديه على الجلد، لا شيء تحته.

ومتابعو صحافتنا من خارج الكويت أرسلوا إيميلات مغلفة بالخيبة ومربوطة بخيوط الدهشة يستفسرون: «هل صحيح أن مواطناً قضى تحت التحقيق؟»، فأجبت: «صحيح، لكن لا تهنوا ولا تحزنوا فالكويتيون سيعيدون ترتيب الحروف المبعثرة، وسينقذون وزارة الداخلية من غياهب الكذب. أمهلونا بعض الوقت وسنبهركم، أمهلونا وتفرجوا كيف يتفوق الكويتيون على أنفسهم قبل أن يتفوقوا على العرب، أمهلونا وتعلموا منا واحرصوا على الاستعانة بالورقة والقلم كي تستفيدوا».

والحكومة تسجل أرقاماً قياسية في الجرائم، الواحدة تلو الأخرى، وتقودنا بنجاح إلى «الدولة البوليسية»، وتتقدم كل يوم خطوة. وخبراء الصحة يقولون: «لا تمد يدك إلى طبق الطعام قبل أن تهضم جيداً لقمتك السابقة، كي لا ترهق المعدة فتصاب بالسمنة»، والحكومة انتفخ بطنها وتعطلت معدتها وهي تتناول الجريمة فوق الجريمة. والكارثة أنها تجهل ما يتناقله الناس في ما بينهم، وتجهل كذلك كيف تتشكّل البراكين، وأظنها في مسيس الحاجة إلى خبراء جيولوجيين ينبهونها أن عليها أن تحمل أغراضها وتهرب بأقصى سرعة.

على أنني بعد أن أشارك ذوي القتيل وأبناء عمومته العزاء، أتفهم فقدانهم أعصابهم، وأعرف أن ما حدث ليس فقط تنكيلاً بمتهم، بل وتعمّد إهانة كرامته حيّاً وتشويه سمعته ميتاً واستهتار بمشاعر ذويه والمواطنين، لكن كل هذا لا يعني أن نلجأ إلى الاقتصاص بأيدينا، فلدينا نواب يمثلوننا، هم المسؤولون أمامنا، لا وزير الداخلية.

أكرر التمني عليكم، أهل القتيل، رغم معرفتي بدرجة حرارة دمائكم، بأن لا تساهموا في إسقاط الدولة كما تفعل الحكومة ووزير داخليتها، على أن التمني هذا يمتد إلى أن يصل إلى النائب عادل الصرعاوي، بأن يتقدم باستجواب وزير الداخلية، كي يضيف إلى لوحة الا الدستور» الجميلة بعض الألوان الناقصة والضرورية. تقدم يا عادل وسنتفرغ نحن للتفكير في الفتوى التي سيستعين بها «الربع» هذه المرة للدفاع عن الحكومة… «من قُتِل في الأحمدي فلا ثائر له»، مثلاً؟

***

لا بأس عليك، معالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والحمد لله على نجاح عمليتك.