الجو متعب عاطفياً. يتلف الأعصاب. مسكين يا العزوبي. ونصيحة لكل أم ابنتها فاتنة أن تمنع ابنتها من الخروج من المنزل إلى أن يزول هذا الطقس الخطر، وقد أعذر من أنذر. اللهم ألهم شبابنا وبناتنا الصبر… والحكومة تشجع على الغزل، لذا اتفقت مع رئيس البرلمان على اختطاف شهر فبراير، أقصر الشهور وأجملها، كي يتفرغ الناس للحب. وفبراير الآن محسوب علينا «دفترياً» فقط، وعملياً محسوب على رئيس البرلمان الذي استحوذ عليه بعد أن التبس عليه الأمر وظن أنه مناقصة. والصورة التي نشرها هذا «الجرنال» أمس في غاية الذكاء والشيطنة الصحافية، إذ أظهرت لنا وجوه بعض من أيّد رئيس البرلمان في سرقة فبراير، ومنهم معصومة المبارك وحسين الحريتي وآخرون، أراد الرئيس أن «يستر» عليهم عندما رفض النداء بالاسم، وليت «الجريدة» أتبعت الصورة بصورتين أو ثلاث تكشف لنا وجوه بقية النواب الذين ساهموا في سرقة فبراير من رزنامتنا.
والحكومة وعيالها النواب مثل «امرأة عزيز مصر» التي راودت سيدنا يوسف عن نفسه ثم اتهمته بالاعتداء عليها. و«امرأتنا» أقصد حكومتنا تشتكي من «المؤزمين» الذي يعطلون البلد، ثم تلغي خمسة وتسعين يوماً من عمر المجلس، في حين بحّت أصوات «المؤزمين»، الذين قدّت قمصانهم من دبر، احتجاجاً… حتى المنحة، لم يحضر للتصويت عليها إلا اثنان أو ثلاثة من عيال الحكومة في حين لم يتخلف أحد من «المؤزمين».
وما الذي بقي لم تفعله «خطة التنمية» بنا؟ حتى جمعية حقوق الإنسان حلقت في سماء التنمية، ففي كل الدنيا، جمعيات حقوق الإنسان تصطدم بالحكومات ووزارات الداخلية، أما جمعيتنا فتغني للحكومة «اتمخطري يا حلوة يا زينة» و»ادلّع يا كايدهم». ورئيس الجمعية حولها إلى شركة حكومية، وراح يكتب مقالات تهاجم خصوم الحكومة وتمتدح عيالها. وهو واحد من عيالها، بل من أنشط عيالها، ويكفيه شرف تنظيف الصالة بعد خروج الحكومة، ويكفيه مديح وكيل المراجع له.
وقبل يومين احتج بعض أعضاء الجمعية على مقالته التي كشفت بوضوح عن موقفه المكشوف أصلاً، بعد أن هوّن من جريمة قتل المغدور محمد غزاي، فهدده أعضاء الجمعية بالاستقالة ما لم يتنحّ عن الرئاسة، وأخشى على الأعضاء من أن يتهمهم وكيل المراجع بالطائفية وشق الوحدة الوطنية، رغم أن بعضهم من الطائفة الشيعية، وإن كانوا لا يلتفتون إلى مثل هذا التصنيف.
وعليّ النعمة لم أكن أتوقع في أسوأ كوابيسي أن الجمعية تضم بعض الأسماء الشامخة التي تكشفت لنا، والتي صمتت طوال هذه الفترة وتركت الجمعية تقاد إلى حظيرة الحكومة. لكن عزاءنا أنهم انتفضوا حفاظاً على سمعة الجمعية وعلى سمعتهم قبل ذلك. والحمد لله أن هذا تم قبل أن يصدر «والي» الجمعية «الليبرالي النقي» بياناً يتهم فيه محمد غزاي بإنهاك قوى معذبيه. ولولا الحياء من اللغة العربية لوضعت كلمة «ليبرالي» بين قوسين وكلمة «نقي» بين ثلاثة أقواس.
***
قلوبنا انقسمت نصفين، نصفٌ مع د. عبيد الوسمي وأم محمد غزاي ودستورنا المسلوب وفبرايرنا المنهوب وبرلماننا المضروب، ونصفٌ مع مصر وشعبها الحر، الذين أسهرونا وأقلقونا عليهم… حمى الله مصر والمصريين.