علي محمود خاجه

ثورة الكويت

الكويت دائما متفرّدة في طبيعتها وطريقة عملها ونهج مجتمعها، فما يطالب به الأشقاء العرب في أقطارهم حاليا بالعنف من أجل تحقيق العدالة والمساواة والحرية والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي حققته الكويت بالتراضي بين الحاكم والمواطنين منذ خمسين عاما تقريبا، فقدموا دستورا جعل منا كشعب كويتي حكّاماً لوطننا وقادة له لا سلطان لأحد علينا في الكويت سوى الدستور والقانون.
لكن وعلى عكس كل الشعوب العربية التي تطالب بالتغيير، فإننا كشعب كويتي نطالب بإبقاء الوضع كما هو عليه بدستور وقوانين منظمة، ولكن ثوّار الكويت وهم حكوماتها المتعاقبة هم من يرغب في تغيير الوضع الدستوري العادل القائم.
فلو سألنا عشوائيا أيا من الشعوب العربية الشقيقة الثائرة حاليا عن مبتغاها لكانت الإجابة واحدة، وهي تغيير الحاكم والحكومة في سبيل الوصول للعيش الهانئ العادل الكريم، ولو سألنا أي كويتي قرأ الدستور لما حادت الإجابة عن درب الدستور وتطبيقه أبدا، والذي يحقق العيش الهانئ العادل الكريم.
جميعنا نرغب بدستورنا ومسطرتنا الواحدة إلا حكوماتنا المتعاقبة للأسف فهي من تسعى إلى نسف هذا الدستور قسرا، فهي لا تعترف لا بقوانين ولا أحكام إلا ما يناسب ميولها، ولا يمكن أبدا فهم سلوكها أو تعقب خطاها، فعندما نفرح بمعاقبة المخطئ مثلا نجد الحكومة تستبدل عقوبته، وعندما نستنكر من أهان الحكومة ونقف بصفها للاقتصاص من المُهين نجدها تقف في صفّه، وعندما يتوعّدها مخلوق ما «بتلسيب» موظفيها نجدها تقدم مقص افتتاح منشآتها لذلك المخلوق على وسادة مخملية… ولن تنتهي أسطر انتهاكها أبدا.
هم من يرفض الدستور وهم من رفض لمدة أربعين عاما وأكثر حتى أن تقدّم نصوصه للأبناء في المدارس كي يتعرفوا على حقوقهم وواجباتهم، هم أيضا من يغلق باب المحكمة الدستورية في وجه الشعب.
نعم للأسف الشديد فإن ثوّار الكويت والمطالبين بالتغيير للأسوأ قطعا هم سلطتنا التنفيذية، وإن طالبنا بإبقاء الوضع كما هو عليه نصبح مؤزمين ومعطلين لتنمية ورقية مزعومة لم نرَ منها سوى نسب مئوية يحددها وزير وفق ما يشتهي ويهوى.

خارج نطاق التغطية:
عندما يكون أداء فريق رياضي ما هزيلا جداً، ومن خسارة إلى خسارة، ومن نكبة إلى نكبة فهل سيكون الدخول المجاني إلى الملعب مع توفير المشروبات والأطعمة محفزا للجمهور لدخول الملعب وتشجيع هذا الفريق؟ قد يوجد الجمهور نعم، ولكنه سيرحل ويكون أول من ينتقد الفريق بعد أن يشبع.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

العرب.. آخر الهنود الحمر!

جريدة «الديلي تلغراف» البريطانية الرصينة هي إحدى أهم صحف العالم، فمن ملاكها د.هنري كيسنغر ولورد كارينغتون صاحب قرار 242 الشهير، وتلك الجريدة، للمعلومة، هي التي انفردت في يوم الأحد 29/7/1990 وعبر تقرير لكبير مراسليها في الكويت باتريك بيشوب بالتنبؤ بحدوث غزو كامل للكويت لن يرده أحد يتلوه نزوح ضخم من الكويت للسعودية، وهو ما حدث.

نشرت جريدة «الديلي تلغراف» قبل يومين أن هناك ادارات ومخابرات غربية تقوم ومنذ ثلاث سنوات بدعم وتشجيع المعارضين بقصد إحداث تغيير في مصر والاكتفاء بالدعم الصوتي والمظهري للنظام القائم، وهو ما يعيد للأذهان ما حدث أواخر السبعينيات في إيران من عمل مخابراتي حيث توج بسقوط الشاه بعد حملة إعلامية غربية قوية ضده تزامنت مع أوامر صدرت لقادة الجيش بالتخلي عنه.

لا أحد يستطيع فهم ما جرى في الانتخابات المصرية الأخيرة من نتائج استفزت القوى السياسية الأخرى وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين عندما تم إسقاط «جميع» مرشحيهم مما جعلهم لا يملكون ما يخسرونه ويعملون جاهدين لإسقاط حكومة أحرقت جميع خطوط التواصل معهم ومع القوى الأخرى بشكل غير مسبوق.

ومن الأمور التي سُكت عنها وساعدت على تفاقم الأوضاع قضية «التوريث» و«الخلافة» حيث بقي ذلك الموضوع غامضا ونهبا للشائعات والأخبار المغرضة، وكان بالإمكان قفل ذلك الملف بشكل يمتص الغضب ويحسم الأمر إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث وبقي ذلك الموضوع كقميص عثمان يتاجر به من يشاء.

وضمن الأخطاء الجسيمة السكوت عن دعاوى الفساد الذي يثير حنق العامة دون معالجة، والسماح بحملات إعلامية يومية تشوه السمعة وتُسوّد صورة النظام الحاكم وحكومته، والغريب ان الإعلاميين المختصين بالتهجم على النظام في الصحف اليومية الخاصة وعلى الفضائيات التي أنشأها رجال الأعمال، هم في الأغلب من العاملين باقي الوقت في الصحف القومية والتلفزيون الحكومي، وكأن النظام يهاجم النظام.

آخر محطة:

(1): تحية من القلب للشباب والشابات ممن حافظوا على المتحف المصري والتراث الإنساني الموجود فيه، ولا عزاء لمن ترك المتحف دون حماية.

(2) يتنبأ مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق زبغنيو بريجنسكي في كتابه «الفوضى على أعتاب القرن الواحد والعشرين» الصادر أواخر التسعينيات، بأن تعم الفوضى منطقة الشرق الأوسط وان تستخدم الأسلحة النووية في بعض حروبها، الفوضى نراها هذه الأيام، وباق حرب قادمة (في الخليج!) تستخدم فيها تلك الأسلحة المدمرة.

احمد الصراف

قبل وقوع التهجير الكبير

تعرفت في منتصف السبعينات في لبنان الى الشيخ محمد مهدي شمس الدين، رئيس المجلس الشيعي الاسلامي الأعلى، وكان رجل الدين الوحيد الذي نال اعجابي لتقدمية افكاره ووضوحها، فقد انتقد وعارض، حتى وفاته في عام 2001، نظرية الخميني في موضوع «ولاية الفقيه»، وتوليه قيادة ايران. كما بذل جهدا في الحد من نفوذها في وطنه، وحذر الشيعة من الانجرار وراء الاغراءات المالية، وكان يردد أن الشيعي الحقيقي هو اللبناني الحقيقي، ومن لا خير فيه لبلده لا خير فيه لمذهبه! وما كان يردده ويدعمه الشيخ شمس الدين ينطبق اليوم الى حد كبير على الجاليات المسلمة في المهجر، فمع ازدياد أعدادهم وتورط بعضهم في أعمال ارهابية، اصبح الغرب أكثر ميلا للتشكيك في ولائهم. ففي دراسة شبه بدائية جرت في كندا، ردا على سؤال عما اذا كان هناك مواطن مسلم وكندي صالحا في الوقت نفسه، توصلوا الى أن الصعوبة تكمن أولا في الناحية العقائدية، فولاء المسلم هو لعقيدته، وليس لأي أمر آخر. كما أن لا خيار له، طبقا للنص، في ألا يكون مسلما. كما أن فؤاده، جغرافيا، يتجه نحو مكة في صلواته، كما تمنعه عقيدته من الوثوق بغير المسلم، أو أن يتخذهم أولياء. كما يتبع عادة تعليمات مرشده الديني أو الروحي. كما لا يستطيع التقيد بالنظم والقوانين الغربية في طريقة تعامله مع أهل بيته. ومن منطلق ثقافي بحت، لا يستطيع تقبل دستور الدولة الغربية التي يعيش في ظلها، وهي كندا هنا، والذي يعتمد في بعض مبادئه على تعاليم الانجيل، والذي يؤمن المسلم بأنه محرف! ولأنه، فلسفيا، غير مسموح له الايمان بحرية الفرد في الاعتقاد أو القول.
وخلاصة الدراسة أن المسلم لا يمكن الوثوق به، خصوصا أن الكثيرين من قادتهم سبق أن صرحوا بأنهم ينوون اختراق المجتمعات الغربية من الداخل، وبالتالي لا وجود لمسلم طيب، يكون في الوقت نفسه كنديا طيبا!
قد يكون هذا الكلام مبالغا، ولكنه أصبح يتداول بشكل واسع، وعدم التطرق له لا ينفي وجوده، فالعشرة أو الخمسة عشر مليون مسلم في أوروبا واميركا واستراليا وكندا يستحقون التفاتة منا، فلا يجب أن يتركوا نهبا لرجال الدين المتخلفين في نظراتهم وتفسيراتهم. ولكن ما الجهة التي يمكن ان تضطلع بهذه المهمة ومؤتمر العالم الاسلامي، ولجان وجمعيات الحوار الاسلامي المسيحي لا تستطيع حتى مساعدة نفسها، فهل التهجير الكبير المعاكس قادم لا محالة؟

أحمد الصراف