قال لي القارئ ج. عبدالله: عندما أتذكر أيام الفن الجميل والراقي الذي قدمه لنا فنانونا الكبار من الرواد، أحلم بوجود معلم يبرز إبداعاتهم ويحافظ عليها، لتتمكن الأجيال القادمة من زيارته والاطلاع على تراث أولئك الكبار وصورهم وتماثيلهم، معلم كصالة مشاهير تشبه The hall of Fame في أميركا، والتي ستكون قبلة كل مواطن ومقيم وزائر.
تذكرت كلام القارئ في اليوم التالي وأنا أطالع تقرير القبس عن الأمسية الفنية السنوية التي تقيمها «فرقة العميري» بمقرها في الدعية، والتي شارك فيها هذا العام نخبة نادرة من فناني الغناء الشعبي من أمثال سليمان العماري وخالد الملا وعبدالرضا المويل وصلاح خليفة وغيرهم من الكبار، الذين أصبحوا كالعملة النادرة. وقد وصف الزميل حافظ الشمري جزءا من الحفل بالقول «ان الفرقة قدمت فنونا بحرية ثم توالت الفنون القديمة تباعا وسط حماس الحضور واندماجهم مع الألحان والاصوات الجميلة التي تنوعت بين الحدادين والمخالف والحساوي. كما صدح سليمان العماري بصوته البحري النادر ليلهب حماس الحضور، خاصة انه يمتلك حنجرة ذهبية رسم خلالها لوحة مزهوة من الغناء الطربي المتنوع النكهات»! (انتهى).
محزن أن فنون هذه الفرقة وأنغامها، والتي كانت طوال عقود طويلة خير عون لآباء وأجداد أجيال كاملة من ابناء هذا الشعب خلال رحلات غوصهم على اللؤلؤ أو السفر التجاري البعيد المحفوف بالمخاطر، بعيدا عن الأهل لأشهر طوال، قد أصبحت الآن معيبة وحراما عزف الحانها أو الاستماع لها! كما أن التلفزيون الرسمي لا يهتم بهذا الجانب من الفن، كما صرح عبدالعزيز العميري الذي قال ان النهامة اصبح عددهم محدودا جدا، فهناك ثلاثة فقط في الكويت، والوزارة ترفض مشاركة الفرقة في المهرجانات خارج الكويت لأن «أنظمتها» تحدد عدد المشاركين بــ 14 والفرقة بحاجة الى 20 مشاركا لكي تؤدي عملا مميزا. واشاد العميري بسابق مساعدة عبدالعزيز البابطين لهم.
محزن ألا تجد فرقة العميري، في ظل ضياع الدور المفترض للمجلس الوطني للثقافة والفنون، أي دعم، خاصة ان ما يردها من «الشؤون» يقل عن 10 دنانير يوميا!
وبالرغم من استعدادنا للقيام بحملة لجمع تبرعات للفرقة، إلا أن الأمر يتطلب معالجة حاجاتها بطريقة أكثر احترافا وديمومة وحفظا لكرامة أعضائها، وعلى وزارة الشؤون والمجلس الوطني التحرك بشكل جدي لمساعدتها، قبل ان تضطر لوقف أنشطتها، فدورها الكبير يستحق أكثر من عشرة دنانير في اليوم!
أحمد الصراف