لا يمكن وصف إجازة الفساد لمجلس الأمة بأقل من أنها «مهزلة»، وهو وصف النائب أحمد السعدون، هي مهزلة حين تصبح الأغلبية المجلسية أداة «ستر عورات» الحكومة، هي مهزلة لكنها «تراجيديا» حزينة حين أضحت المحاسبة على تعذيب وقتل المواطن محمد المطيري (وقبله مواطنون وغير مواطنين سكبت دماؤهم رخيصة ولفقت ضدهم تهم خطيرة في إدارات الإرهاب الرسمي بوزارة الداخلية، وعلمهم عند الله وعند المؤتمنين على أرواح خلق الله) صك براءة سياسية لوزير الداخلية ولحكومته.
لا يفهم من «حذف» جلسات مجلس المريدين لمشايخ الحكومة لما بعد فبراير غير أداة قتل استجواب وزير الداخلية الذي كان من المفترض تقديمه الآن، فالحكومة السامية وجماعتها من أتباع «حزب الشيوخ ابخص» في المجلس تستكثر مساءلة وزير «شيخ» بسبب تورط بعض المافيات الرسمية في جريمة قتل المطيري، فالحكومة تريدنا أن نصدق أن وزير الداخلية «سيدعك» مصباح علاء الدين وسيخرج لنا العفريت قائلاً: «لبيك شبيك إصلاح وزارة الداخلية بين يديك»! بينما نعلم أنه لا مارد علاء الدين ولا كل معجزات الجان في ألف ليلة وليلة ستكون قادرة على إصلاح دهور الاستبداد والفساد في هذه الوزارة تحديداً وبقية وزارات الدولة ومؤسساتها بصفة عامة.
من أين سيبدأ الوزير مشواره وأمامه ألف وألف خط أحمر، من خط شيوخ يمسكون بمفاصل الوزارة وهم غير القابلين للتغير والتبديل، وإذا خرج شيخ فسيأتي شيخ آخر فوق القانون، وسيأتي معه ضباط وعسكر يسألونه «شتبي طال عمرك…»!! وهناك خطوط المحسوبيات والواسطات لنواب ومتنفذين في الدولة، وهناك خطوط غياب الوعي الإنساني وأبسط مبادئ حقوق الإنسان عند الكثير من العاملين في وزارة «الشرطة في خدمة الشعب»… فمن أين سيبدأ الوزير وأين سينتهي وهو الذي امتد به العمر الوزاري إلى أكثر من أربع سنوات، والوزارة على حالها وعلى طمام المرحوم ومن سيئ إلى أسوأ.
لا جدوى من الوعود الخاوية بجني علاء الدين ولا عفريت خاتم سليمان لرتق شقوق ثوب وزارة الداخلية وأثواب الحكومة كلها، فلا توجد هناك نوايا صادقة لوقف السقوط للهاوية والناس غارقون في فرحة الألف دينار، فلنبارك لحزب المهللين للسلطة والذين «أكلوا بفقههم الفستق واللوزينج»، بتعبير أبي حنيفة لصاحبه أبي يوسف، انتصارهم في جولة جديدة من جولات الفساد النيابي… وصحة على قلوبكم.