محمد الوشيحي

فبراير

الجو متعب عاطفياً. يتلف الأعصاب. مسكين يا العزوبي. ونصيحة لكل أم ابنتها فاتنة أن تمنع ابنتها من الخروج من المنزل إلى أن يزول هذا الطقس الخطر، وقد أعذر من أنذر. اللهم ألهم شبابنا وبناتنا الصبر… والحكومة تشجع على الغزل، لذا اتفقت مع رئيس البرلمان على اختطاف شهر فبراير، أقصر الشهور وأجملها، كي يتفرغ الناس للحب. وفبراير الآن محسوب علينا «دفترياً» فقط، وعملياً محسوب على رئيس البرلمان الذي استحوذ عليه بعد أن التبس عليه الأمر وظن أنه مناقصة. والصورة التي نشرها هذا «الجرنال» أمس في غاية الذكاء والشيطنة الصحافية، إذ أظهرت لنا وجوه بعض من أيّد رئيس البرلمان في سرقة فبراير، ومنهم معصومة المبارك وحسين الحريتي وآخرون، أراد الرئيس أن «يستر» عليهم عندما رفض النداء بالاسم، وليت «الجريدة» أتبعت الصورة بصورتين أو ثلاث تكشف لنا وجوه بقية النواب الذين ساهموا في سرقة فبراير من رزنامتنا.

والحكومة وعيالها النواب مثل «امرأة عزيز مصر» التي راودت سيدنا يوسف عن نفسه ثم اتهمته بالاعتداء عليها. و«امرأتنا» أقصد حكومتنا تشتكي من «المؤزمين» الذي يعطلون البلد، ثم تلغي خمسة وتسعين يوماً من عمر المجلس، في حين بحّت أصوات «المؤزمين»، الذين قدّت قمصانهم من دبر، احتجاجاً… حتى المنحة، لم يحضر للتصويت عليها إلا اثنان أو ثلاثة من عيال الحكومة في حين لم يتخلف أحد من «المؤزمين».

وما الذي بقي لم تفعله «خطة التنمية» بنا؟ حتى جمعية حقوق الإنسان حلقت في سماء التنمية، ففي كل الدنيا، جمعيات حقوق الإنسان تصطدم بالحكومات ووزارات الداخلية، أما جمعيتنا فتغني للحكومة «اتمخطري يا حلوة يا زينة» و»ادلّع يا كايدهم». ورئيس الجمعية حولها إلى شركة حكومية، وراح يكتب مقالات تهاجم خصوم الحكومة وتمتدح عيالها. وهو واحد من عيالها، بل من أنشط عيالها، ويكفيه شرف تنظيف الصالة بعد خروج الحكومة، ويكفيه مديح وكيل المراجع له.

وقبل يومين احتج بعض أعضاء الجمعية على مقالته التي كشفت بوضوح عن موقفه المكشوف أصلاً، بعد أن هوّن من جريمة قتل المغدور محمد غزاي، فهدده أعضاء الجمعية بالاستقالة ما لم يتنحّ عن الرئاسة، وأخشى على الأعضاء من أن يتهمهم وكيل المراجع بالطائفية وشق الوحدة الوطنية، رغم أن بعضهم من الطائفة الشيعية، وإن كانوا لا يلتفتون إلى مثل هذا التصنيف.

وعليّ النعمة لم أكن أتوقع في أسوأ كوابيسي أن الجمعية تضم بعض الأسماء الشامخة التي تكشفت لنا، والتي صمتت طوال هذه الفترة وتركت الجمعية تقاد إلى حظيرة الحكومة. لكن عزاءنا أنهم انتفضوا حفاظاً على سمعة الجمعية وعلى سمعتهم قبل ذلك. والحمد لله أن هذا تم قبل أن يصدر «والي» الجمعية «الليبرالي النقي» بياناً يتهم فيه محمد غزاي بإنهاك قوى معذبيه. ولولا الحياء من اللغة العربية لوضعت كلمة «ليبرالي» بين قوسين وكلمة «نقي» بين ثلاثة أقواس.

***

قلوبنا انقسمت نصفين، نصفٌ مع د. عبيد الوسمي وأم محمد غزاي ودستورنا المسلوب وفبرايرنا المنهوب وبرلماننا المضروب، ونصفٌ مع مصر وشعبها الحر، الذين أسهرونا وأقلقونا عليهم… حمى الله مصر والمصريين.

حسن العيسى

خرافة عفريت الوزير

لا يمكن وصف إجازة الفساد لمجلس الأمة بأقل من أنها «مهزلة»، وهو وصف النائب أحمد السعدون، هي مهزلة حين تصبح الأغلبية المجلسية أداة «ستر عورات» الحكومة، هي مهزلة لكنها «تراجيديا» حزينة حين أضحت المحاسبة على تعذيب وقتل المواطن محمد المطيري (وقبله مواطنون وغير مواطنين سكبت دماؤهم رخيصة ولفقت ضدهم تهم خطيرة في إدارات الإرهاب الرسمي بوزارة الداخلية، وعلمهم عند الله وعند المؤتمنين على أرواح خلق الله) صك براءة سياسية لوزير الداخلية ولحكومته.

لا يفهم من «حذف» جلسات مجلس المريدين لمشايخ الحكومة لما بعد فبراير غير أداة قتل استجواب وزير الداخلية الذي كان من المفترض تقديمه الآن، فالحكومة السامية وجماعتها من أتباع «حزب الشيوخ ابخص» في المجلس تستكثر مساءلة وزير «شيخ» بسبب تورط بعض المافيات الرسمية في جريمة قتل المطيري، فالحكومة تريدنا أن نصدق أن وزير الداخلية «سيدعك» مصباح علاء الدين وسيخرج لنا العفريت قائلاً: «لبيك شبيك إصلاح وزارة الداخلية بين يديك»! بينما نعلم أنه لا مارد علاء الدين ولا كل معجزات الجان في ألف ليلة وليلة ستكون قادرة على إصلاح دهور الاستبداد والفساد في هذه الوزارة تحديداً وبقية وزارات الدولة ومؤسساتها بصفة عامة.

من أين سيبدأ الوزير مشواره وأمامه ألف وألف خط أحمر، من خط شيوخ يمسكون بمفاصل الوزارة وهم غير القابلين للتغير والتبديل، وإذا خرج شيخ فسيأتي شيخ آخر فوق القانون، وسيأتي معه ضباط وعسكر يسألونه «شتبي طال عمرك…»!! وهناك خطوط المحسوبيات والواسطات لنواب ومتنفذين في الدولة، وهناك خطوط غياب الوعي الإنساني وأبسط مبادئ حقوق الإنسان عند الكثير من العاملين في وزارة «الشرطة في خدمة الشعب»… فمن أين سيبدأ الوزير وأين سينتهي وهو الذي امتد به العمر الوزاري إلى أكثر من أربع سنوات، والوزارة على حالها وعلى طمام المرحوم ومن سيئ إلى أسوأ.

لا جدوى من الوعود الخاوية بجني علاء الدين ولا عفريت خاتم سليمان لرتق شقوق ثوب وزارة الداخلية وأثواب الحكومة كلها، فلا توجد هناك نوايا صادقة لوقف السقوط للهاوية والناس غارقون في فرحة الألف دينار، فلنبارك لحزب المهللين للسلطة والذين «أكلوا بفقههم الفستق واللوزينج»، بتعبير أبي حنيفة لصاحبه أبي يوسف، انتصارهم في جولة جديدة من جولات الفساد النيابي… وصحة على قلوبكم.

احمد الصراف

10 دنانير لفرقة العميري

قال لي القارئ ج. عبدالله: عندما أتذكر أيام الفن الجميل والراقي الذي قدمه لنا فنانونا الكبار من الرواد، أحلم بوجود معلم يبرز إبداعاتهم ويحافظ عليها، لتتمكن الأجيال القادمة من زيارته والاطلاع على تراث أولئك الكبار وصورهم وتماثيلهم، معلم كصالة مشاهير تشبه The hall of Fame في أميركا، والتي ستكون قبلة كل مواطن ومقيم وزائر.
تذكرت كلام القارئ في اليوم التالي وأنا أطالع تقرير القبس عن الأمسية الفنية السنوية التي تقيمها «فرقة العميري» بمقرها في الدعية، والتي شارك فيها هذا العام نخبة نادرة من فناني الغناء الشعبي من أمثال سليمان العماري وخالد الملا وعبدالرضا المويل وصلاح خليفة وغيرهم من الكبار، الذين أصبحوا كالعملة النادرة. وقد وصف الزميل حافظ الشمري جزءا من الحفل بالقول «ان الفرقة قدمت فنونا بحرية ثم توالت الفنون القديمة تباعا وسط حماس الحضور واندماجهم مع الألحان والاصوات الجميلة التي تنوعت بين الحدادين والمخالف والحساوي. كما صدح سليمان العماري بصوته البحري النادر ليلهب حماس الحضور، خاصة انه يمتلك حنجرة ذهبية رسم خلالها لوحة مزهوة من الغناء الطربي المتنوع النكهات»! (انتهى).
محزن أن فنون هذه الفرقة وأنغامها، والتي كانت طوال عقود طويلة خير عون لآباء وأجداد أجيال كاملة من ابناء هذا الشعب خلال رحلات غوصهم على اللؤلؤ أو السفر التجاري البعيد المحفوف بالمخاطر، بعيدا عن الأهل لأشهر طوال، قد أصبحت الآن معيبة وحراما عزف الحانها أو الاستماع لها! كما أن التلفزيون الرسمي لا يهتم بهذا الجانب من الفن، كما صرح عبدالعزيز العميري الذي قال ان النهامة اصبح عددهم محدودا جدا، فهناك ثلاثة فقط في الكويت، والوزارة ترفض مشاركة الفرقة في المهرجانات خارج الكويت لأن «أنظمتها» تحدد عدد المشاركين بــ 14 والفرقة بحاجة الى 20 مشاركا لكي تؤدي عملا مميزا. واشاد العميري بسابق مساعدة عبدالعزيز البابطين لهم.
محزن ألا تجد فرقة العميري، في ظل ضياع الدور المفترض للمجلس الوطني للثقافة والفنون، أي دعم، خاصة ان ما يردها من «الشؤون» يقل عن 10 دنانير يوميا!
وبالرغم من استعدادنا للقيام بحملة لجمع تبرعات للفرقة، إلا أن الأمر يتطلب معالجة حاجاتها بطريقة أكثر احترافا وديمومة وحفظا لكرامة أعضائها، وعلى وزارة الشؤون والمجلس الوطني التحرك بشكل جدي لمساعدتها، قبل ان تضطر لوقف أنشطتها، فدورها الكبير يستحق أكثر من عشرة دنانير في اليوم!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

الخطيب… الجبان!

 

كان الشيخ جلال الشرقي، خطيب جامع كانو بمدينة حمد، واضحاً وصريحاً وجريئاً كعادته في مهاجمة الخطباء الذين لا يواكبون الحوادث ولا يجعلون الناس في تواصل مع ما يدور حولهم في العالم، وهم بذلك إنما يتخاذلون ولا يقومون بواجبهم الشرعي على وجهه الصحيح.

كان الشيخ الشرقي يتحدث في برنامج إذاعي مساء أمس الأول الثلثاء بمشاركة الباحث الإسلامي صلاح سلطان في إذاعة القرآن الكريم حول قضية القدس والتجاهل الكبير والواضح من قبل خطباء الجمعة في عدم التركيز على قضية المسلمين الأولى، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع أصحاب الرأي الذي لا يزال ينظر الى قضية المسلمين الأولى من باب الآمال والأمنيات الوردية، إلا أن الناس في حاجة لأن يستمعوا من خطباء الجمعة الى خطب تجعلهم في تواصل مع ما يجري في العالم الإسلامي بشكل عام، وقضايا حياتهم اليومية ومعاشهم ومصالحهم بشكل خاص.

لقد وصف الشيخ جلال الشرقي أولئك الخطباء النائمين الذين هم في وادٍ وقضايا الأمة في وادٍ!والذين يجعلون المصلين يخرجون من المساجد والجوامع وهم لا يعلمون شيئاً لا من معلومات ولا من أحكام شرعية ولا من موقف… وصفهم بأنهم نيام جبناء، وهذا الوصف يكاد يختصر آراء الكثير من عامة المسلمين عن أولئك الخطباء… حتى أن مما قاله الشيخ الشرقي بأن الناس تتابع ما حدث في تونس فيما خطيب الجمعة يتحدث عن (هطول المطر).

فيما يتعلق بقضايا جور بعض الأنظمة والحكومات وظلم الناس، فإن الكثير من الخطباء والمشايخ ووعاظ السلاطين، تناقلوا عبر مراحل متعددة من تاريخ الأمة مقولة تحريم الخروج على ولي الأمر الظالم حتى وإن كان فاسقاً ظالماً شارباً للخمر مستبداً في حكمه، فالصبر عليه وعلى حكمه أولى كما يؤمنون ويدعون، ولكنهم لا يجرأون على انتقاد أي سلطة في شأن أوضاع عامة الناس وما يتعرضون اليه من جوع وظلم واضطهاد وفساد… ذلك من باب طاعة ولي الأمر، وحتى ما يجري في بعض الدول العربية والإسلامية اليوم من حركات انتفاضية، هي في نظرهم حرام شرعاً… لأن المظلومين يجب أن يركعوا لولي الأمر الظالم ليجلد ظهورهم وحسب.

وليس صحيحاً أن يتولى خطباء الجمعة تحريض الناس وتأليب مواقفهم ضد حكامهم… لم يقل أحد بذلك، ولكن من واجبهم انتقاد الحكومات غير العادلة، ونصح ولاة الأمر ولفت نظرهم الى ما يتوجب عليهم الحذر منه.

كل الحكومات العربية اليوم محتاجة الى وقفة تعيد فيها الأنظمة حساباتها وعلاقاتها بشعوبها، وتستند على البطانة المخلصة من أبناء البلد للاستشارة والتباحث المخلص الصادق، وليس على المنافقين والدمويين والمفسدين والجلاوزة الذين سيصعدون ذات يوم، إذا وقعت الواقعة، طائراتهم وسيهربون، حتى وإن بقوا يحومون في الجو، فذلك افضل بالنسبة لهم من الوقوع في قبضة شعوب قهرها الظلم.