محمد الوشيحي

بو عسم

مبروك حرية الجاسم وعقبال الدكتور عبيد الوسمي، وشاي على حسابي للربع. وارفعوا أيديكم معي بالدعاء أن يفشل استجواب وزير الداخلية فيستمر في منصبه. ليش؟ كي تفور دماء الناس، أكثر من فورانها الحالي، ويسعوا إلى اقتلاع الجدار الحكومي كله لا أن يكتفوا بإسقاط طابوقة متهالكة تقع في أقصاه.
وعساكر المباحث الذين قتلوا محمد غزاي لا يتعدى دورهم دور «عساكر الإعدام»، أما المتهم الأول والمحرض الرئيسي فهو وسائل الإعلام القذر التي تُرِكَتْ تشق وحدة المجتمع، وسمحت للصوص والطائفيين بالعبث ببيوت خلق الله، إلى أن حقد الجار على جاره والزميل على زميله وانطلق عهد «تحيّن الفرص واختلاقها» وتعذيب الناس والافتراء عليهم.
وكلنا لها، أقصد كل المعارضين، فبالأمس افتروا على الزميل سعد العجمي واتهموه بقيادة سيارته تحت تأثير الخمر، وعندما اكتشفوا أنها واسعة اكتفوا باتهامه بالهرب من نقطة تفتيش ومحاولة دهس عسكري، هكذا، قرر سعد، من باب كسر الملل، دهس عسكري! وغداً سيتهمون الرئيس أحمد السعدون بالهرب من مطعم قبل دفع الفاتورة، ويتهمون الفذ مسلم البراك بإدخال ألعاب نارية منتهية الصلاحية إلى البلاد، وسيكون نصيب أستاذنا أحمد الديين تهمة التحريض على الجهاد في البوسنة، وستتهم أسيل العوضي بالشعوذة وعلاج المرضى بالزيت المغشوش، ويتهم مرزوق الغانم بالتخابر مع قبيلة مطير (يعتبرها البعض من الأعداء)، ولا أدري ما هي تهمتي لكنها بالتأكيد ستكون فضائحية من الطراز الداعر.
والناس قد تصدق مسيلمة، وقد تصدق السراب على خطوط السفر في الصيف، لكنها لن تصدق بيانات الداخلية في عهد هذا الوزير الصدوق، ولا قنوات هياتم وصحف «جوز الست». والغضب من تصرفات الحكومة وتكتيكاتها بلغ خطه الأحمر، خصوصاً بعد «قتل مواطن تحت التعذيب» ثم تشويه سمعته وهو في قبره، وقد أدركت صحيفة «الشاب العصامي» – أو «الصحيفة الزرقاء» كما أسماها الصديق الجميل بدر ششتري في حديثه معي على قناة كاظمة – مدى غضب الناس، فراحت تستخدم «الخطة باء»، أي «السحب الناعم»، وأخذت تنثر التراب على رأسها وتنوح ولا أجدعها نائحة مستأجرة على المغدور محمد غزاي، وراح حكماء بروتوكولها يبصقون على المجرمين، ألا إنهم هم المجرمون ولكن لا يعلمون، أو هم يعلمون ولكن يستعبطون كي يغطوا على جريمتهم التي ساهمت في مقتله رحمه الله، وما إن تبرد دموع الناس حتى تعاود «الحية الزرقاء» لدغها وبث سمومها.
 ***
أغرقتْ إيميلي رسائل إلكترونية تتساءل: «هل قرأت ما كتبه (وشيحي الفيسبوك)؟»، «هل أنت من يكتب المقالات في الفيسبوك تحت الاسم الفلاني؟»، هل هل هل، فدفعني الفضول إلى قراءة ما كتبه، فصفقت بكل ما أوتيت من دهشة… وفي تجمع ساحة الصفاة حيّاني أحدهم وقدّم لي نفسه: «معك فلان، وشيحي الفيسبوك»، فإذا هو شاب في مقتبل العمر، مسجل خطر على الصبايا الباحثات عن ذوي الوسامة واللباقة والأسلوب الحسن.
وقبل أيام نشرَ مقالته الأولى في جريدة «المستقبل» على صفحتها الأخيرة تحت اسم «بو عسم»، بعد أن تم اعتماده كاتباً لثلاثة أيام في كل أسبوع، الأحد والثلاثاء والخميس، وأظنه قريباً سيكون محط تنافس الصحف التي لا تصلي على سجادة «التنمية».
مقالات هذا المجرم تشبه شهر فبراير المليء بالإجازات والأعياد والخفيف على القلب، ويبدو أنه يفكر جدياً في سحب بساط الكتابة الساخرة، وكل «البُسط» من سوق الزل… ارفعوا فناجين قهوتكم تحية لإبداع هذا المجرم المبتدئ، وتابعوه لتكتشفوا أن الكويت تنافس هولندا في تنوع الورود وجمالها.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

التجارة الدينية

نشرت «الحياة» في طبعتها السعودية (12/14)، مقالاً لهاني الظاهري، تعلق بتعدد مناصب رجال الدين في الهيئات واللجان الشرعية للبنوك والشركات، وتقاضيهم نظير ذلك مبالغ تكفي لإعالة أسر كثيرة تتضور جوعاً في مختلف الدول الإسلامية! وقال انه استقى معلوماته من تقرير صدر عن المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية في السعودية، والذي ورد فيه أن الشيخ عبدالستار أبو غدة مثلا يشغل 104 مناصب «دينية» في 20 دولة، وأن الشيخ نظام يعقوبي يشغل 94 منصباً في الهيئات الشرعية موزعة على 15‏ دولة، ويشغل محمد القرى 87 منصبا.. وهكذا. وتساءل عن الآلية التي تمكن «أصحاب الفضيلة» هؤلاء من أداء مهام كل هذه المناصب في وقت واحد؟ وحاول الربط بين قدرتهم وما سبق أن تحلى به الأولياء من كرامات! وأضاف ساخرا أنه يفكر في تأسيس شركة استشارات مالية شرعية ومن ثم تدبير واسطة لاعتمادها كمرجع للتصديق على شرعية التعاملات المالية في المؤسسات المالية والبنوك، على أن يتم طرح %70 من أسهمها للاكتتاب!
ما تشكو منه السعودية موجود لدينا في الكويت بشكل صارخ، فبعض الأسماء تتكرر كثيرا، لغير سبب معروف. والغريب أن هذه المهنة الاستشارية، التي لم يكن لها وجود قبل 25 عاما، أصبحت فجأة ذات أهمية! ولا يجب هنا الادعاء بأن تعقد الحياة والتعاملات تطلب وجودها الآن، فالحقيقة أن الحياة في كل مرحلة من مراحلها كانت معقدة بمقاييس عصرها، فلماذا لم يكن لدينا في فترة الغوص على اللؤلؤ مثلا ما يماثل هذه اللجان، بالرغم من تعقيدات التعامل المالي بين تجار اللؤلؤ مع مختلف مستويات العاملين في السفينة وما يتضمنه الأمر من اقراض ورهن؟ وللتدليل على أن الوظائف الدينية أصبحت تخلق عمدا أن حجاج هذه الأيام أصبحوا فجأة بحاجة لمن يرشدهم لكيفية أداء المناسك، بالرغم من انتشار التعليم بينهم وتوافر المعلومات لديهم. فوظيفة «المطوف» لم يحتج إليها المسلمون على مدى قرون، يوم كانت الأمية تشمل الجميع تقريبا، فكيف أصبح المسلم، بعد انتشار التعليم والطباعة والكتيبات والإنترنت بحاجة إلى من يدله على المناسك؟ ولو شغّل المسلمون العرب الأجزاء العليا من رؤوسهم، على الأقل، بشكل أفضل لاكتشفوا، من خلال القراءة فقط، أنهم ليسوا بحاجة لأشياء كثيرة في حياتهم. ولكن من تعنيهم هذه الرسالة لا يقرأون هذه الزاوية أصلا!

أحمد الصراف