محمد الوشيحي

الوزير… يغني لوردة الجزائرية

الحكومة، رغم الدم المنثور والخطأ غير المغفور، رفضت استقالة وزير الداخلية «عِنداً» بمسلم البراك، قبل أن تدلدل لسانها له وهي تفرك قبضة يدها اليمنى على كف يدها اليسرى، والوزير يغني للبراك أغنية وردة الجزائرية بكلمات عبدالوهاب محمد وألحان العظيم بليغ: «روح روح عدّ أوراق الشجر، روح روح عد حبات المطر، عد النجوم عد البشر، وتعالى تعالى هنا وتلاقيني أنا» ويغني لعلي الراشد: «ولولاك ما كان عمري اغتنى، أُنس وهَنا، ولا دندنة، ولا كنت حسيت بالربيع، في كل أيام السنة». والوزير ضَمِنَ فأمِنَ فنام. ضَمِنَ النواب فأمِنَ الكرسي فنام وترك القرعة ترعى.

وإلى هذه اللحظة لم أكتشف سر «استذباح» علي الراشد في الدفاع عن الوزير، مع أنه سوف «يلصق» بالوزير الجديد قبل أن يرتد إليه طرفه، كما هدهد سليمان. وجريدة «الراي» الشقيقة، عبر زاوية «ثرثرة» تلمّح إلى أن «طرفة بن العبد» شاعر المعلقات، وصاحب قصيدتي «يا أرنبتي» و«قطوتي يا قطوتي»، المواطن الكحّيتي، يمنّي نفسه بالمنصب، ويسوّق اسمه، ويقف على المسرح يستعرض قوامه الممشوق، كما كان يفعل غانم الصالح في مسرحية «باي باي لندن»: «هذا أنا من قدّام، وهذا أنا من ورى، وهذا أنا كلّي»، ويبدو أنه نظم قصيدة فخرٍ نونية استعداداً لهذه المناسبة: «دندونة يا دندونة، وزارتي المزيونة، فيها جبنة وصمونة، وأصغر عقد بمليونة».

وسابقاً كانوا يقولون: «رئيس الوزراء ليس المسؤول عن أحداث الصليبيخات، والأصحّ أن تستجوبوا وزير الداخلية»، واليوم يقولون: «وزير الداخلية لم يكن يمتلك السلطة الكاملة على وزارته، واليوم امتلكها وسينظفها، فامنحوه الفرصة»، أي أن علينا أن نتحمل، نحن لا هو، خطأ قبوله المنصب من دون صلاحيات، والجلوس على الكرسي لتكملة العدد بما يخالف مواد الدستور وروحه، فالمهم هو «البشت» والمسمى الوظيفي.

وغداً سيتكرر السيناريو، فتصوت كتلتا «الشعبي والتنمية» مع طرح الثقة، وسيصوت معهما عدد من نواب المعارضة، وستعقد كتلة «الوطني» أربعة اجتماعات، ثم تصوّت ناقصة، وسيرفض بعض المشايخ النواب طرح الثقة بالوزير التزاماً بـ«فتوى» نهَت عن ذلك، ووو، وسيستمر الوزير، وسيُقتل مواطنٌ آخر، فتثور ثائرة الناس، ويحتج نواب «التأزيم»، فتتشكل لجنة تحقيق برلمانية، يتنازل فيها النائب عسكر للنائب العمير، فلا فرق، وتعقد كتلة «الوطني» أربعة اجتماعات، ويبدأ سوق الحراج، وتنتشر «تجارة الدم»، فيحصل هذا على منصب لأخيه، ويحصل ذاك على عقد صيانة، ويثري الثالث والرابع والخامس، ويفشل الاستجواب، فيُقتل مواطن ثالث، فيحتج النواب، فتشكل لجنة تحقيق برلمانية، وتبدأ تجارة الدم…

وتجارة الدم ليس كمثلها تجارة، فلا رواتب موظفين ولا إيجار ولا تكلفة مواد خام ولا طاق ولا طرباق، «ارفض واربح»، ارفض طرح الثقة وستحلق فوق رأسك العصافير الملونة.

سامي النصف

الوطنية ليست مقتصرة على المعارضة

كان المجرم صدام يعتقد أن نظامه يمثل أجلّ صور الديموقراطية حيث كان يحتوي على أحزاب وانتخابات واستفتاءات ومجلس شعب، وأن ما يمثله هو وحزبه هو الحق كله كونه يدعو للحرية والاشتراكية والوحدة العربية، وهي شعارات براقة جميلة، إلا أن نظامه في حقيقته لم يكن إلا نظاما ديكتاتوريا قمعيا رغم شعاراته المدغدغة كونه يمثل «الرأي الواحد» ولا يقبل بتعدد الآراء أو ما يسمى بالرأي والرأي الآخر، الذي هو الفيصل بين الديموقراطية والديكتاتورية، ايا كانت المسميات والمؤسسات التي تتدثر بها الأخيرة.

في الكويت اختلق الأحباء من «القمعيين الجدد» الذين يدعون ويصدحون بعشق الديموقراطية والحرص على الدستور شعارا مماثلا يعكس فهمهم العقيم والسقيم للديموقراطية ملخصه إما أن تروا ما نرى وتغمضوا عيونكم وتغلقوا عقولكم عما عداه فنحن من يفكر ويقرر عنكم، او نتهمكم عبر إعلامنا الفاسد وتعليقاته الزائفة بكل الموبقات من تخوين شخصي ووطني ونسقط عليكم بالعلن ما نمارسه بالسر من عقد صفقات مشبوهة وقبض رشاوى ضخمة وبيع مواقف وضمائر واقلام في اسواق النخاسة المحلية والاقليمية و… «ليس يوم حليمة بسر» كما يقول المثل العربي.

فتحت رايات ديموقراطية الرأي الواحد الجديدة، وبأحبار اقلام ومواقع تتسم بالزور والفجور في الخصومة، يتم اطلاق ابشع الصفات على من يعلمون هم قبل غيرهم بأنهم اكثر منهم وطنية وأصفى ضميرا وأنقى سريرة، بعد ان احال اصحاب الرأي القمعي الواحد ديموقراطية القدوة الحسنة العاقلة التي رفعت شأن الكويت في السابق الى ما يقارب مصاف دول العالم الأول، إلى ديموقراطية القدوة السيئة المتأزمة القائمة التي جعلتنا نتخلف حتى عن معدلات التنمية في دول العالم الثالث القريبة والبعيدة.

وضمن مفاهيم «القمعيين الجدد» وأصحاب الرأي الواحد ان صكوك الوطنية المخبأة في جيوبهم وبين ثنايا ملابسهم لا توزع إلا على من يعارض بالصاعد والنازل، بالحق أو بالباطل، اما من يخالفهم الرأي ويرى ان مصلحة الوطن ومستقبله توجب التهدئة، فوطنيته حسب رأيهم الأوحد، في شك كبير، وضميره تتنازعه الشياطين الكفيلون هم ككهنة المعبد بتطهير ذلك الضمير المعذب وجعل صاحبه حواريا آخر من الحواريين المصطفين ـ دون عقل ـ خلفهم.

إن قصر الوطنية على المعارضة يعني اخراج اكبر الشخصيات الوطنية الكويتية واكثرها اخلاصا للبلد من مفهوم الوطنية الجديد! فهل يستطيع احد ان يزايد على وطنية شخصيات مثل عبدالعزيز الصقر وحمود الزيد الخالد ومحمد العدساني ومحمد النصف وغيرهم كثير ممن استبدلوا مفهوم المعارضة السابق بالمعارضة الإيجابية البناءة ودخلوا الوزارات والمؤسسات الحكومية وهم نظفاء المظهر والمخبر وخرجوا بمثل ما دخلوا به من سمعة طيبة وسيرة حسنة؟!

آخر محطة:

(1) تزور الكويت هذه الأيام شخصية عدلية وقانونية رائعة ممثلة في القاضي ورجل القانون منير الحداد الذي عرف عنه حكمه الشهير على صدام بالإعدام، نقول للقاضي الجليل حللت اهلا بين اهلك، وبودنا ان تتحول زيارتكم العابرة الى إقامة دائمة في بلدكم الثاني الكويت كي يمكن الاستفادة من خبراتكم القضائية والقانونية والعدلية.

(2) مرحبا بالزميلة العزيزة منى العياف التي تشتهر بوطنيتها الخالصة وحسها الاعلامي المرهف ككاتبة على صفحات «الأنباء» والجميع في انتظار مقالاتها المميزة التي تعكس مواقفها الصادقة والعاقلة في زمن قل فيه العقل والحكمة التي تمثلها ام مناف.

حسن العيسى

نحن المتغربلين معاكم

وزارات الداخلية في دول التخلف المتسلطة، والكويت ليست استثناء وإن اختلفت الدرجة، هي سيف النظام للدفاع عنه والحفاظ على هيبته، والهيبة هنا بمعنى الخوف والترويع «للرعية»، وعلى ذلك فليس من مهام تلك الوزارات المخيفة تطبيق حكم القانون، وليس من شأنها بصفة أساسية كفالة حقوق الأفراد وحماية كراماتهم، وإن حدث هذا فإنه يكون على سبيل الاستثناء، والقاعدة هي حفظ النظام ورجال النظام الذين وفرت لهم السلطة حصانة وضمانات على غير مقتضى القانون، فهم فوق القانون وفوق الشبهات، ولأجل هذا، فالعائلة الحاكمة يجب أن يكون لها نصيب الأسد في مراكز الوزارة وقياداتها، فمن غير المعقول في منطق النظام أن يوكل مسألة أمنه إلى غير أبنائه، فهم دون غيرهم أهل الثقة لأمن النظام، وهم ولا أحد سواهم يجب أن يكونوا في المراكز العليا للوزارة. ولأنهم من أبناء الأسرة الحاكمة فالسيادة تمتد من الدولة، وهي الكائن المعنوي الوحيد الذي له صفة السيادة بالمعنى القانوني، لتشمل أفراد أسرة الحكم، ومن هؤلاء الأفراد تتمدد السلطة إلى المقربين والذين يدورون في فلك أصحاب الأمر والنهي.

فهل كان من حق أي مشتبه فيه مثل القتيل محمد المطيري أن يسأل «الأشاوس» الذين هجموا عليه في مكانه إن كان عندهم أمر بالضبط والتفتيش؟ وإذا كانت «روشتة» الضبط والتفتيش جاهزة مقدماً في جيوبهم، فهل كان من حقه «نظرياً» أن يتساءل على أي أساس وعلى أي سند من حكم القانون تم الحصول عليها، غير عبارات «بناء على تحرياتنا الخاصة وعلى مصادرنا السرية»!، والله وحده العالم كيف تتم تحرياتهم الخاصة، ومن تكون «مصادرهم» السرية، وكيف يمكن الفصل بين الكشف عن الجريمة وبين خلقها ولصقها برقبة من يريدون الفتك به…!! وحين سارعت سيارة المباحث برجالها المدججين بالسلاح وأدوات الإرهاب مع الضحية والضحايا فهل كنا نتخيل ونتوهم أنه بإمكان رجل شرطة عادي توقيف هؤلاء «السوبر» أمن لأي سبب وسؤالهم، أين يتجهون وماذا يفعلون «بالجسد» الآدمي المرمى عند أقدامهم…؟ الإجابة قطعاً نافية ومستنكرة، فهم «العين الساهرة» على الأمن، والعين الساهرة هي فوق المساءلة لأنها هي القانون، ويصح لتلك الشاكلة السيئة من رجال القانون ما لا يصح لغيرهم، من كيل الصفعات والبصق على الوجوه إلى حشر «هوزات» التعذيب في مؤخرات الضحايا.

اللواء عبدالحميد العوضي علق بأن المباحث الجنائية بحاجة إلى غربلة…! بس …! بس المباحث الجنائية وحدها التي تحتاج إلى غربلة… ماذا عن قيادات في الوزارة أغمضت العين عن الاعتداء على اللواء كامل العوضي، وألغت عقوبة الحبس عن الجاني لتحل مكانها خدمة المجتمع…! «خوش خدمة» وماذا عن متهمين في قضايا الرأي وحرية الضمير مثل محمد الجاسم والدكتور الوسمي، لماذا لم تتم معاملتهما بالنهج المتسامح ذاته؟… وماذا عن تعيين شقيق النائب سعدون حماد مختاراً والنائب الفاضل عضو في لجنة المجلس للتحقيق في جريمة قتل محمد المطيري، أليس هذا عيباً كبيراً؟… ماذا عن تراخيص قيادات السيارات التي لها سعر معروف في أسواق الفساد، ماذا عن «التكاسي» الجوالة ومن الكفلاء لها… ماذا عن تجار الإقامات… ماذا عن آلاف القضايا الشائكة في وزارتكم منذ سنين «الطواعين»…؟!

ليست إدارة المباحث وحدها من تحتاج إلى غربلة… الوزارة كلها دون استثناء تحتاج إلى غربلة… وليس هذا كفاية فالدولة كلها بحاجة إلى غربلة… وحتى تأتي لحظة «الغربلة» الموعودة سنظل نحن «متغربلين» بحرياتنا وكراماتنا معكم.

احمد الصراف

خرب النصف.. فانقذوا الباقي!

تساءل الكثيرون عما يحدث في المخيمات الربيعية التي تنتشر مع دخول الشتاء، وطبعا لم يتبرع أحد بالإجابة، لكن «طراطيش» مما يجري فيها تمكن قراءته في الصحف بين الفترة والأخرى، ففي ظل كل هذا الحرمان الذي تعيشه مجتمعاتنا، والفئة العمرية من الشباب الذين يستهدفهم منظمو هذه المخيمات العقائدية، وغياب أي نوع من الرقابة عليها، بسبب سيطرة المتشددين في الجهات الحكومية المعنية، كهيئة الشباب ووزارة الشؤون، يفتح المجال لكل أنواع الاستغلال. وقد صرح أحد مسؤولي «الأوقاف» لـ القبس بأن هذه المخيمات لا تخضع للرقابة، وأن ميزانياتها ضخمة، ولا سلطة لأحد على ما يتم تلقينه للمشاركين فيها من المراهقين.
وتعليقا على ما يحدث من أفعال شائنة في المخيمات الربيعية، كتب الزميل فؤاد الهاشم قبل فترة، («الوطن» 11/14)، ما يلي: «.. من يرد تفاصيل أكثر عن موضوع «المخيمات الربيعية» التي اغتصب فيها صبية صغار، فعليه الاتصال بالزميل الإسلامي والسلفي «أ. ف»، إذ لديه الخبر اليقين بالتفصيل لتسمعوها منه، حتى يشهد شاهد من أهلها، ولكي لا يدعي هؤلاء «المطاوعة» بأن الخبر كاذب»!
وحتى الآن لم تقم لا وزارة الشؤون ولا الأوقاف ولا الجهة «الخيرية» المعنية بتكذيب الخبر! ولا ننسى أيضا ما نشر قبل ايام في كل الصحف عن توسط أحد نواب اللحى لإخراج متهم بانتهاك عرض أطفال وصاحب سوابق من المخفر، فما هو مصير الذين لا يعرفون نائبا؟
محزن أن يتعرض أطفال في مثل هذا العمر الغض، والذين يشكلون أمل المستقبل وعماده، لكل هذه الانتهاكات لخصوصياتهم، والتعرض للمؤثرات السلبية والضغط النفسي والتدريب العقائدي من قبل دعاة متطرفين، محليين وزائرين، لتلقينهم الخطر من الكلام من دون رقابة من أي جهة. وغني عن القول ان دروس هذه المخيمات ومحاضراتها، كما أكد حمد السلامة ـــ أحد محرري القبس ـــ تخلو تماما من أي أنشطة او مسابقات علمية أو ثقافية تدعو لنبذ القبلية والطائفية والتعصب! و«أنا» أجزم هنا بأنها تدعو الى عكس ذلك تماما.
فيا وزارة ويا معنيون بالشباب تحركوا، فالنصف قد خرب، عقليا وجسديا، وعلينا بإنقاذ النصف الآخر، والكويت بحاجة الى قرار يمنع أي جهة دينية من إقامة او الصرف أو الاشراف على أي مخيمات عقائدية مستقبلا!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الصامتون يتكلمون

حادثة مقتل الميموني تحت التعذيب في مبنى تابع لإدارة المباحث العامة لم تكن الأولى، وان كنا نتمنى ان تكون الأخيرة! هذه الحادثة كشفت المستور، وهذا المستور بشع وقبيح ومهول، وأنا متأكد ان مئات المواطنين والمقيمين في الكويت يتمنون ان يفتح لهم المجال للادلاء بشهاداتهم ضد ضباط وزارة الداخلية في حوادث مشابهة سابقة، لكن قدر الله لم يكن قد حان لوفاتهم، بل أكاد أجزم ان الكثير من حالات الجثث المتعفنة التي سجلت جرائم ضد مجهول هي لبعض هؤلاء الذين انيط بهم حفظ للأمن فإذا بهم يتحولون الى معول لهدم الأمن، ذكروني برجال القوات الخاصة الذين انيط بهم منع الشغب فاذا بهم في ديوان الحربش يتحولون الى مثيرين للشغب.
مقتل الميموني ليس نهاية المطاف، ويجب ألا نتوقف عنده، بل علينا ان اردنا الخير لبلادنا ان نجعل منه منطلقاً للاصلاح الشامل في وزارة الداخلية! فقد اثبتت الحادثة البشعة ان عدداً غير قليل من رجال الداخلية نزعوا صفة البشرية عنهم وتحولوا الى وحوش كاسرة لا ضمائر لها ولا احساس.
«العدل أساس الملك»، عبارة نقرأها على رؤوس القضاة في المحاكم، فان كان المواطن تلفق له التهمة وتكال له المؤامرات وترتب له الجرائم المعلبة، فأين العدل؟ بل ما حال «غير المواطن»؟
لولا ان وراء هذا الوضع الشاذ أكبرها واسمنها لما وصلت الامور من الوقاحة والجرأة الى مقتل مواطن رفض الخضوع لطلبات الابتزاز!
كم شريط سجل لرجل شريف كي يتم ابتزازه؟! كم مكالمة دبرت لامرأة طاهرة لاخضاعها لشهواتهم الحيوانية؟! كم رسالة تهديد وصلت الى رجال اعمال لتحويل اموالهم؟؟ كم وكم وكم؟
أنا أطالب مجلس الأمة ــــ لجنة حقوق الإنسان ــــ بفتح الباب أمام المواطنين والمقيمين للادلاء بشهاداتهم في ما مضى من حوادث، سنجد الطوابير واقفة أمام هذه اللجنة بعد ان ضمنت الحيادية والأمن على عيالها وقوتها، أعطوا المجال للصامتين يتكلمون، أعطوا المجال للقابضين على الجمر يتحدثون، سنجد العجب العجاب، وهنا فقط سيتم اصلاح حقيقي لوزارة الداخلية.. وهنا فقط نكون قد وضعنا قدمنا على طريق الاصلاح.. وسيقول الجميع: رحمة الله عليك يا محمد غزاي حيا وميتا.
***
لفتة كريمة
خرزة مسباح وانفلّت.. فهل وزير الداخلية الحالي قادر على نظمها من جديد؟!

سعيد محمد سعيد

مشاهد «الدولة البوليسية»… يخرب بيتك يا بِكباشي!

 

نقل أحد الصحافيين المصريين الظرفاء وهو يتواصل مع مجموعة من الزملاء عبر البريد الإلكتروني، ويتبادلون اللطائف التي تفرج شيئاً من الهموم في ظل الترقب والقلق والاحتقان الذي تشهده عدد من الدول العربية كأكبر أثر من آثار انتفاضة الياسمين التونسية، قصة أحد المخبرين المتجبرين المتسلطين الذي طالما تفاخر أمام الناس بأنه (مخبر ما يخافش من ربنا) في جلسته التي اعتاد عليها في أحد المقاهي الشعبية.

ففي ظل الوضع المقلق وأحاديث المواطن العربي المقهور المنطحن تحت سطوة أنظمة تحكم بالنار والحديد، كان ذلك المخبر جالساً مع مجموعة من رفاقه المخبرين فيما كانت شاشة التلفزيون تعرض فيلم (حسن أبوعلي)، وهو من بطولة الفنانين كريم عبدالعزيز ومنى زكي، ولمن لم يشاهده، فإن الفيلم احتوى على مشاهد كثيرة لمخبرين وضباط متجبرين يتسلطون على (من لا ظهر لهم من المواطنين) وينكلون بهم، فما كان من ذلك المخبر إلا أن تلفت يميناً وشمالاً، على غير العادة، ليقول: «يخرب بيتك يا بكباشي… هو وقته الكلام ده»! فذلك المخبر تيقن بأن مثل هذه المشاهد التلفزيونية التي تصور الدولة البوليسية، ستثير دون شك غضب الناس وحنقهم وخصوصاً أن الظروف مواتية ومهيأة للغضب والانتقام من أولئك المتجبرين الذين لا يمكن لهم – بأي حال من الأحوال – تحمل موجة انفجار غضب من تعرضوا لظلمهم وافتراءاتهم وتنكيلهم.

والغريب، أنه كان لكل زميل من الزملاء الصحافيين الذين تابعوا القصة، حكايات أخرى مماثلة… من مصر وتونس والجزائر وليبيا وفلسطين ولبنان والأردن بل ومن دول الخليج وسائر الدول العربية والإسلامية…نماذج من بشر مفترسة كان من المفترض أن يكونوا أمناء على الأوطان والشعوب، فتحولوا إلى سيف مسلط على رقاب الناس… فما من أحد يستطيع أن يتفوّه بكلمة في وجه (سيادة المخبر)، ولهذا، تصدق مقولة أن المباحث و(القراريص) في دول القانون يحتفظون بالسرية، إلا في الدول العربية التي يخرج فيها المخبر ليقول للناس أنه مخبر!

ولعل التنفيس في الصحافة العربية لم يتوقف في جبر خواطر القراء العرب بقصص تفضح سلوكيات رجال الدول البوليسية في العالم العربي، وإطلاق اليد لهم في التجبر والتسلط على بسطاء الناس والتنكيل بهم، ولعل من أبرز تلك النماذج سلسلة الكاتب الكبير محمود السعدني: «مغامرات الولد الشقي في إسطبل الحمير»، ومقالات الكاتب التونسي إبراهيم درغوثي: «مغامرات السندباد العربي في بلد الثلوج»، وغيرها من الكتابات التي كانت ترفع الرسائل تلو الأخرى إلى الأنظمة المتسلطة المستبدة لإيقاف المتجبرين البوليسيين عند حدهم و(عمك أصمخ)! حتى إذا حانت لحظة الانتفاضة، هرب المتسلط تاركاً ذيوله تداس تحت أقدام من صبروا على الظلم طويلاً.

لا يمكن إنكار أهمية دور الأجهزة الأمنية والعسكرية في تطبيق القانون واستتباب الأمن في كل الدول… العربية منها والغربية، على ألا يكونوا سيوفاً مسلطة على رقاب خلق الله…غير أن ثورة الياسمين التونسية ذاتها، جاءت بمشهد ما كان ليصدقه أحد يوماً ما في العالم العربي… فقد عبر المواطنون التونسيون عن العرفان للجيش الذي رفض إطلاق الرصاص بمسئولية وطنية صادقة على أهل البلد، فحمل أهل البلد الزهور ليضعونها في فوهات البنادق.

زهور في فوهات بنادق… أي مفارقة تلك؟