محمد الوشيحي

خدّام المجتمع

يبدو أن وزير الداخلية متأثر جداً ببرنامج الكاميرا الخفية، فما إن استقال حتى استدار «يو تيرن» ورجع فوق حدر وهو يضحك ويشير بأصبعه إلى الكاميرا المختبئة خلف الشجرة. وطبعاً هو وزير إصلاحي بشهادة النواب العقلاء.

وأنصح الناس، خصوصاً النساء، بالتوقف عن قراءة تفاصيل جريمة قتل محمد غزاي على أيدي مجرمي المباحث، كي لا تتقطع حبال قلوبهن. ويقول مواطن: «كانت شقيقتي تقود سيارتها عندما لمحت دورية الشرطة فأجهشت بالبكاء رعباً رغم أن أحداً لم يتعرض لها»، ويضيف: «كانت شقيقتي تتابع كل ما يُنشر عن جريمة قتل محمد غزاي، فتسألني مذهولة: معقولة عندنا ناس بهذه البشاعة؟»، والحمد لله أنها لم تتابع قضية المصري الذي «اعترف» باختطاف مراهقة باكستانية وقتلها بعد أن اغتصبها، ليتبين لاحقاً أنها هاربة مع صديقها، ولم تقرأ كذلك حكاية الحدث السعودي، وبقية جرائم بعض منتسبي المباحث، وأكرر «بعض المنتسبين» الذين تفوقوا على الشيطان وأذاعوا بيانهم رقم واحد.

وأنصح هذه الشابة أن لا تقرأ حكاية أحد كبار السن الكويتيين – التي لم تنشرها الصحافة بعد -مع المباحث، ما دفعه إلى الوقوف أمام مبنى مجلس الأمة قبل أيام والصراخ: «احموني من المباحث أنا وأبنائي وبناتي قبل أن أتحول إلى انتحاري»، وقصة هذا الشايب تبكي أحجار الأهرامات، سأتحدث عنها في المقالة المقبلة ما لم تنشرها الصحف.

ومع كل ذا، فالوزير إصلاحي، وكل يوم يمر نتأكد من «إصلاحيته» التي لا تخرّ منها المية من بين يديها ولا من خلفها، خصوصاً بعد أن عيّن شقيق النائب سعدون حماد مختاراً في إحدى المناطق. وصاحبنا المختار من ذوي السيرة العطرة، إذ لن يسمح له ضميره الحي بنقل أي صوت انتخابي إلى المنطقة ما لم يكن من سكانها.

وللمصادفة جاء هذا التعيين بعد يوم واحد من «تزكية» النائب سعدون حماد عضواً في اللجنة البرلمانية التي ستحقق مع وزير الداخلية وقيادييها. وأنعم بها من لجنة. والمضحك، أنه في يوم تعيين «صاحبنا المختار» استقال العميد كامل العوضي مدير عام الهجرة بعد أن وافقت الحكومة على استبدال عقوبة النائب السابق بادي الدوسري، الذي اعتدى عليه بالشتم والضرب، من الحبس ثلاثة أشهر إلى «خدمة المجتمع».

وأنا لست من المعترضين على استبدال الحبس بخدمة المجتمع، بل على العكس، الحبس لن يفيدنا كما تفيدنا خدمة المجتمع، لهذا أتمنى أن أشاهد بادي الدوسري صباحاً وهو يحمل سطلاً ويرتدي «البلسوت» ويصبغ أسوار المدارس، ومساءً يحمل كيساً بلاستيكياً وينظف الشوارع والشواطئ… خدمة مجتمع.

والطريقة نفسها – أي استبدال الحبس بخدمة المجتمع – استخدمت مع الشيخ صباح المحمد، وخلال أيام ستمتلئ الشواطئ بأصدقاء الحكومة، خدّام المجتمع، يرتدون البلسوتات ويحملون أكياساً سوداء، فالحكومة لا تعرف «الغشمرة» في القانون، ورئيسها يردد مراراً وتكراراً «القانون يُطبق على الكبير قبل الصغير».

وسمّعوني زغروطة، يرحم أبوكم سمعوني زغروطة، بعد أن أصبحت أقصى أمانينا أن نموت في حادث سيارة أو بطلقة رصاصة، بعيداً عن أيدي بعض مجرمي المباحث (لا يعني هذا أن كل رجال المباحث مجرمون) و«شوايتهم» وتشويههم سمعتنا بعد موتنا. على أن المسؤول الأول عما تم هو وسائل الإعلام «المدعومة» وبعض النواب العقلاء، وسأشرح ذلك لاحقاً.

حسن العيسى

غسلوا أيديكم من هذه الحكومة

من غير المفهوم أن يتردد أعضاء العمل الوطني في كتلة «إلا الدستور» في حسم موضوع استقالة وزير الداخلية، لا خلاف أن الوزير لم يرضَ بجريمة تعذيب وقتل محمد المطيري، وأنه لم يكن موافقاً في الماضي على أي من أعمال التعذيب التي تجري على قدم وساق في إمبراطورية «دون كيلوني»، وهو رجل المافيا صاحب النفوذ في مؤسسات الدولة في فيلم العراب، هذه مسألة محسومة ولا أحد يحمّل الوزير وزرها، لكنه يتحمل سياسياً وأدبياً في كل الظروف، مثل تلك الجرائم البشعة التي يرتكبها رجال يفترض أنهم حماة القانون، وهم في الحقيقة ليسوا إلّا مجرمين يتلقون أوامر التصفيات الجسدية من رؤسائهم المجهولين حتى هذه اللحظة، ونتمنى أن تكشف تحقيقات النيابة ولجنة التحقيق بمجلس الأمة عن «دون كليونيات» وزارة الداخلية. كان أولى لسمو رئيس الوزراء قبول استقالة وزير الداخلية بمجرد تقديمها، ولو حدث أنه لم يقدمها لكان يتعين على سموه إقالته دون تردد، فماذا يعني اليوم الإصرار على رفض الاستقالة وحشر الدولة في استجواب للوزير لم يكن له داعٍ لو تم قبول استقالته المستحقة؟

هل هي مسألة عناد وغطرسة حكومية وغياب أبسط مبادئ الحصافة السياسية أم ماذا تكون؟! استقالة الوزير أو إقالته ستعني أن القيادة السياسية لم تكن ترضى عن أبشع انتهاك لحقوق الإنسان، وخروج الوزير هو أبسط تعبير للتكفير عن «خطيئة» الوزارة، وما أكثر خطاياها… لكن الحكومة وأتباعها من حملة الدفوف والطيران في مجلس الأمة وصحافة «نستقبل الهدايا» دون خجل، تكابر دون مبرر، وتفتح على نفسها أبواب المساءلة السياسية لرئيس الحكومة ذاته دون مقتضٍ..! ليت الأمور وقفت عند هذا الحد من المكابرة والعناد، فوزير الداخلية عين أخيراً شقيق النائب سعدون حماد مختاراً، وهذا النائب عضو في لجنة التحقيق في ملابسات قتل المواطن المطيري! فسرها لنا يا سعادة الوزير! اشرح لنا طال عمرك ماذا يحدث؟ عضو مجلس يحقق في قضية ضرب مفضٍ إلى الموت متهم فيها ضباط يتبعون وزارتك، وتقوم أنت بتعيين شقيق «محقق وقاضٍ» حكماً في منصب مختار… هل تفهم «الحياد» القانوني وحكم العدالة بهذا المعنى وإلّا فكيف تفسر مثل هذا التعيين! سأكرر مقولة د. عبدالله النفيسي، فلنغسل اليد من حكومتنا.

احمد الصراف

الخراب الزراعي والحيواني

لم تتعرض جهة لسوء الاستخدام كالحيازات الزراعية وقسائم تربية الماشية (الزرائب)، إضافة لما صاحب توزيعها مجانا من فضائح تعلقت بشراء ذمم نواب أو تنفيع البعض الآخر! كما استغلت هذه القسائم للحصول على أعلاف مدعومة وبيعها في السوق السوداء. أكتب ذلك مع بدء هيئة الزراعة حملة تفتيش للتأكد من صحة استغلال هذه المزارع والزرائب في الأغراض المخصصة لها. وأكاد أجزم، من واقع خبرتي البسيطة، أن أكثرها، وخاصة الزرائب، مخالف لشروط الاستغلال. أما ما صدر عن الهيئة من تهديد بوقف الدعم وقطع الكهرباء عن المخالف منها، فقد سبق ان سمعنا عنه الكثير، ونتمنى أن تكون الهيئة هذه المرة جادة بعد أن بلغ سيل المخالفات في كل قطاع الزبى وأبو أبو الزبى! ولكن حتى لو طبقت الهيئة عقوباتها، من دون مصادرة الحيازة، فلن يتغير الكثير، فبإمكان هؤلاء تدبير أمورهم من غير دعم مادي أو كهرباء يسهل الحصول عليها من الجار. وبالتالي لا يمكن ضبط الأمور بغير تفعيل بنود العقد وسحب الحيازة من المخالف، فاشتراط احتفاظ المالك بخمسين خروفا مثلا لا يزيد ثمنها على 5000 دولار، لكي تستمر حيازته لعقار يزيد ثمنه على المليون دولار، أمر مضحك! وبالتالي يتطلب الأمر انقلابا كاملا في سياسة منح هذه الحيازات واستغلالها، لفرز المستثمر الجاد من مستغل المكان كاستراحة أو لتأجيره الى الغير، علما بأن لا صحة لمدعي مالكيها من أنهم يوفرون «الأمن الغذائي» للبلاد، فما يأتي منها لا يسد حتى يمثل شيئا مقارنة بالحاجة الفعلية للحوم والخضروات. كما أن مخالفات البناء في هذه الأماكن كثيرة، ومساكن العمال فيها تفتقد شروطا صحية عدة. أما الوضع الأمني فحدث ولا حرج، فالهيئة بحاجة لقوة امنية كبيرة لترافقها أثناء التفتيش، وإلا عرضت حياة أفرادها للخطر، فعالم المزارع والزرائب، في جزء كبير منه، يقع خارج دولة القانون، سواء بمخالفاته أو برفضه دفع إيجارات الدولة، وحادثة تعذيب المرحوم محمد المطيري في احداها، وتكرار ورود اسم «الجواخير» في صفحة الحوادث، خير دليل على وضعها الأمني الخرب، فمتى نرى الحزم؟

***
ملاحظة: الشكر لكل من يعلق على ما أكتب، وحيث إنه ليس من السهل الرد على الجميع، فالرجاء ممن يريد إجابة عن تعليقه مراسلتي على عنواني الإلكتروني أدناه.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

أبعاد لقاء جلالة الملك برؤساء المآتم

 

لا شك في أن لقاء جلالة العاهل برؤساء وإداريي مآتم قرى البحرين يوم أمس الأول الثلثاء، له أكثر من بعد مهم للغاية، ولعل أبرز هذه الأبعاد هو تعزيز التواصل بين القيادة الرشيدة ومختلف مكونات المجتمع البحريني، وما يترتب على هذا التواصل من مساحات شاسعة للتعبير عن الرأي وتبادل المشورة في جو من الاحترام والثقة والتعاون بين أبناء البحرين كما أكد جلالته حفظه الله.

لقد كان موسم عاشوراء هذا العام متميزاً من جميع النواحي، بل من اللازم الإشارة الى أن مواسم عاشوراء السابقة كانت تشهد تميزاً ملحوظاً عاماً بعد عام، ليس من ناحية توفير ما أمكن من تسهيلات خدمية حكومية لإنجاح الموسم فحسب، بل من ناحية تضافر الجهود الحكومية والأهلية في التنظيم والقيام بالأدوار، وهنا، يشرفنا أن نرفع جزيل الشكر والثناء الى جلالة العاهل حفظه الله ورعاه لإتاحة الفرصة لممثلي المآتم لحضور هذا اللقاء الكريم، ولتقدير جلالته للجهود والتسهيلات التي قدمتها وزارات ومؤسسات الدولة للمشاركين في الموسم الذي شهد تعاوناً كريماً لإحياء هذه المناسبة الدينية المكانة العالية ذاتها في نفوس المواطنين.

ومن الأبعاد المهمة للقاء، والتي يجب استثمارها بصورة تسهم في تغيير الأفكار المغلوطة عن دور المأتم الحسيني، هو احترام الاختلاف في وجهات النظر، وفي الوقت ذاته، إعطاء الفرصة للجميع للتعبير عن رأيهم وإبداء المشورة، وهذه النقطة تحديداً، لفت جلالته إليها بالقول إن المشورة موضع تقدير، وهذا يعني أن يكون المنبر الحسيني منطلقاً لطرح القضايا التي يتوجب إيصالها الى قيادة البلاد، ولكن بالصورة التي يمكن من خلالها تحقيق مصلحة الوطن والمواطنين.

ومن هذا البعد، يمكن أن نفهم بجلاء، أن القضايا والملفات المهمة والمطالب المشروعة حين يتناولها المنبر الحسيني، فإنها تأتي بثمارها إذا كان أسلوب الطرح والمعالجة يرقى الى مستوى تقديم المصلحة العليا من جهة، وتفهم المسئولين المعنيين لحسن نوايا هذا الطرح من جهة أخرى… وكلما انعدمت الثقة، كلما تضاعفت احتمالات النفور والصدام التي ينتج عنها وضعاً مضطرباً.

لقد تميز الكثير من الخطباء هذا العام في تناول قضايا ومواضيع ذات صلة بالحياة اليومية:السياسية والثقافية والاجتماعية والفكرية، بصورة تعكس الرغبة في الخروج من الأزمات وإنهاء المشكلات القائمة، لكن هذا الطرح، يلزم أن يقابل من الجهات المعنية بسعة صدر ونوايا حسنة، وأن يتعامل كبار المسئولين المعنيين في مختلف الأجهزة الحكومية مع هذه الحالة الصحية من باب (القيام بالمسئولية الوطنية لخدمة المجتمع)، وهذا ما طرحه جلالة العاهل بقوله إن البحرين لن تألو جهداً في سبيل تسهيل جميع الإجراءات المتصلة بالمناسبات الدينية والمساعدة في إحيائها بما يحقق أهدافها في ترسيخ قيم التضامن والمحبة والتعاون بين أبناء البحرين جميعاً.

إذاً، الخطاب المنبري المعتدل البعيد عن التحريض والتأليب والكراهية والتصادم، والمخلص في طرح قضايا الناس وإيصالها الى القيادة، هو أصل المنبر الحسيني الذي يشيع المحبة والتلاقي وتجاوز المحن والخلافات، وهذا هو العهد دائماً في الرسالة المنبرية… كل الشكر لجلالة العاهل المفدى، ولكل الجهات التي أسهمت في نجاح الموسم، ونسأل الله أن يعيد الجميع على هذه المناسبة العزيزة، والبحرين، ملكاً وحكومةً وشعباً، في تقدم ورفعة وأمن وسلام.