محمد الوشيحي

عربة بقدونس دهست فرعون تونس

وإذا استشارني ثوار تونس فسأشير عليهم أن يبحثوا عن المسؤول الذي أمر بنقل بوعزيزي من المستشفى المتهالك، بعد أن أحرق نفسه، إلى أكبر مستشفيات تونس تحضيراً لزيارة الفرعون المخلوع، ثم سأشير بأصبعي إلى قضاة فرعون ومستشاريه القانونيين، الذين غلّفوا جرائم ربّهم بغلاف من القانون.

على أن المسؤولين الجبناء يتفقون على أمر واحد، مهما اختلفت جنسياتهم، وهو سرعة التضحية بالأعوان، الواحد تلو الآخر، لضمان البقاء.

ويا ويل الحكومات التي تتحدى الشعوب وتنتهك كراماتها، ويا ويل المسؤولين الذين يجيّرون أجهزة الدولة الأمنية لخدمتهم. يا ويلهم من الشعوب التي تنتظر لحظة إزالة «مسمار الأمان» من على رأس القنبلة.

قاعة محمد غزّاي المطيري

بعد مضي أيام من موت المغدور محمد غزاي الميموني تحت تعذيب المباحث، أستغربُ كيف لم تعتذر الحكومة إلى هذه اللحظة ولم تُدِن الجريمة! بل حتى وزير الداخلية لم يعتذر إلى الشعب ولا إلى أهل المغدور، في حين أنها الحكومة نفسها التي سارعت إلى استنكار «الاعتداء» على أحد المستفزين من أتباعها في بيانها الرسمي، وهو الذي تعرض لسجحات وكدمات، في مسرحية مكشوفة الفصول… يبدو أن سجحة هذا أغلى من دم ذاك. تبّاً لميزان الحكومة، وتبّاً لمستشاريها الذين لم ينصحوها بتدارك الموقف، وأظنهم قريباً سيندمون بعد أن «يفور الإبريق» فتتخلى عنهم الحكومة وتتهمهم بـ»تضليلها» كما هي الموضة في العالم العربي هذه الأيام، قبل أن تعلن رضوخها وإذعانها لمطالب الناس العادلة، لكن بعد أن يسقط «غطاء الإبريق» الحكومي من قوة البخار.

عموماً، لسنا بالسذاجة التي تجعلنا ننتظر من القاتل إدانة نفسه، لكننا سنطلب من نوابنا أن يطلقوا على قاعة لجنة الداخلية والدفاع في مجلس الأمة اسم «قاعة محمد غزّاي الميموني»، كي يقرأها كل وزير داخلية لاحق فور دخوله القاعة، فيتذكر جيداً حقوق المتهمين.
ويا محمد غزّاي، أقسم لك بالله أن هول الصدمة مايزال يهز أيدينا بعدما هزّ قلوبنا وعقولنا، ومازالت دموع النساء والصبايا تنهمر بعد أن تكشفت لهن التفاصيل، فقط نتمنى عليك أن تمهلنا حتى نسترد اتزاننا، وعهدٌ علينا أن نجفف دموعك في قبرك بعد أن نجبر الحكومة على تسديد الفاتورة كاملة… كاش.

سامي النصف

هل بدأ تفكيك دول المنطقة؟!

في عز فرحة شعوبنا بوصول الرئيس أوباما إلى سدة الحكم كتبت وذكرت ضمن عدة مقالات ولقاءات ان علينا العودة إلى الماضي لقراءة ما سيجري مستقبلا في المنطقة فالإدارة الأميركية الحالية «عرابها» الرئيسي هو من يمثل فكر اليسار الأميركي « زبنغيو بريجنسكي» مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس كارتر (1977 ـ 1981) الذي دعم عمليات إسقاط سلسلة من الأنظمة اليمينية وعلى رأسها نظام شاه إيران الذي رفضت عدة دول صديقة للولايات المتحدة استقبال الطائرة التي تقله قبل ان ينتهي به المطاف في مصر حيث دفن.

وتذكر صحيفة الديلي ميل البريطانية واسعة الانتشار وذات التوجه اليميني ان سقوط نظام الرئيس التونسي هو أول انعكاسات تسريبات وثائق الخارجية الأميركية (ويكيليكس) حيث تحدثت عن الفساد مما أثار حنق الشارع وحرك نقابات العمل.

ان على من استعجل وأبدى فرحه المسبق بما يجري في تونس ان ينتظر، فالتغيير الوحيد المسموح به في المنطقة هو من السيئ إلى الأسوأ، وسلسلة كتب بريجنسكي تتحدث عن الفوضى وتفكيك العديد من دول أوراسيا والشرق الأوسط وحدوث اضطرابات وحروب قد تستخدم فيها الأسلحة غير التقليدية و.. رب يوم بكيت فيه فلما صرت في غيره بكيت عليه.

ان استفتاء السودان التي أسميناها يوغوسلافيا الجديدة لن يتوقف عن خيار الدولتين بل سيمتد إلى طلب تقرير المصير لبقية أقاليم السودان وانتشار الفوضى والحروب فيه لتمتد بعد ذلك الى بقية دول منطقة الشرق الأوسط الملتهبة والتي ستستبدل الأمر الإلهي للشعوب والقبائل (لتعارفوا) بـ «لتعاركوا» ولا حول ولا قوة إلا بالله.

آخر محطة:

هناك ضرر مباشر على الكويتيين من تحول تونس العلمانية الليبرالية المستقرة سياسيا واقتصاديا الى حالة الفوضى العارمة لحقيقة وجود استثمارات كويتية عامة وخاصة في تونس تقارب الـ10 مليارات دولار.. واقبض من..!

احمد الصراف

حلمك معنا يا سيدي

تتطلب شروط النشر كتابة المقال قبل يومين، ولا أدري ما سيحدث بين ساعة كتابة وارسال هذا المقال للجريدة ونشره، ولكن تعليقا على حادثة وفاة المواطن «المطيري» في أحد المخافر، وما سبقته من وفيات أخرى ربما، لمواطنين ومقيمين لم نسمع بها، وما تبع ذلك من استقالة وزير الداخلية لفشله في «تنظيف» وزارته، فانني أعتقد أن الوزير جابر الخالد الصباح واحد من أكثر وزراء الداخلية اخلاصا وفهما لعمله، واستقالته دليل على ذلك، فقد امتلك الشجاعة لأن يسجل سابقة في تاريخ الكويت، وأن يعترف بفشله! وهنا أعتقد أن من الصعب على أي وزير قادم اصلاح هذه الوزارة التي تراكمت مشاكلها على مدى نصف قرن، من دون امتلاك التفويض الواضح من القيادة العليا بتغيير ما يشاء، مع امتلاك القدرة والنية والعلم على احداث التغيير! وأعتقد أن علة الداخلية الأساسية تكمن في ثلاث مشاكل، الأولى: جزر النفوذ المستقلة والمتعددة داخلها والتي يسيطر عليها ابناء الأسرة الحاكمة، والذين يتجنب أي وزير اغضابهم أو التدخل في عملهم، الا في أضيق الحدود لأنهم مدعّمون. ومن المهم بالتالي التقليل من هذه السياسة الى الحد الأدنى، فمحاسبة غيرهم اسهل بكثير، ويكونون عادة أكثر تمسكا بالقوانين!
والمشكلة الثانية تكمن في تشدد الوزارة غير المبرر في الكثير من الأمور، وهو التشدد الذي نراه يتكسر يوميا على صخور الرشى، مثل التشدد في اعطاء اجازات قيادة مركبات، ومنع جنسيات معينة من الزيارات العائلية وغيرها الكثير، والتي ليس من الصعب وقفها، ان توافرت النية! أما الثالثة فتكمن في التساهل المخيف وغير المبرر في التعامل مع مرتكبي المخالفات، وحتى الجرائم، نتيجة تدخل متنفذ أو توسط نائب، وقد رأينا مؤخرا كيف تدخل النائب «محمد الهايف» للافراج عن متهم باغتصاب أطفال، وغير ذلك. وطوال نصف قرن ونحن نسمع عن مئات من جرائم تهريب شحنات من الممنوعات، ولم نقرأ مرة اسم المواطن الذي أرسلت له. كما نشاهد صور مهربي مخدرات في المنافذ، ولكن ولا مرة قرأنا اسم من كفل هؤلاء وسهل قدومهم! كما يعلم الجميع بوجود متاجرين بالبشر بيننا، ولكن ولا مرة كشفت اي جهة اسم متورط واحد، فهل نحن شعب من الملائكة؟ وماذا عن كل هذا التساهل في جرائم الأمن الخطرة مثل الاعتداء المسلح على المخافر ورجال الشرطة واتلاف مركباتهم، والتي لم نسمع بتقديم أحد من اطرافها للمحاكمة حتى الآن، وطوال السنوات العشر الأخيرة على الأقل!
ومن هنا يبدأ الاصلاح!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

استقالة الخالد.. بلد يحترم شعبه

بعد أحداث ديوان الحربش.. صار عند الناس في الداخل والمراقبين في الخارج، انطباع ان المواطن في الكويت مهان، وأنه لا كرامة له خاصة بعد ان شاهدوا رجال القوات الخاصة يضربون نواب الامة، ويسحلون أساتذة الجامعة، ويداهمون البيوت الآمنة، مما اضطر عددا كبيرا من هؤلاء النواب إلى أن يتقدموا باستجواب لرئيس الحكومة لوضع حدّ لتجاوزات رجال الأمن على المواطنين، وقد وصلت رسالة النواب الى أولي الأمر من خلال نتيجة التصويت على طلب عدم التعاون، ولكن يبدو أن الله أراد أن يعجّل بالانتصار لكرامة البشر، فقدر سبحانه ما كان من ضرب مواطن كويتي ضربا افضى الى الموت، مما يعدّ انتهاكا صارخا لحقوق المواطنين وتعدياً على كراماتهم، فما كان من الأخ وزير الداخلية إلا أن يحترم تعهدا تعهد به أمام مجلس الأمة، ويقدم استقالته.
استقالة معالي وزير الداخلية لها عدة مدلولات:
ــ الأول أن الوزير يحترم تعهداته، عندما قال «لا أتشرف بإدارة وزارة تعذب المواطنين».
ــ الثاني أن الاستقالة رسالة قوية إلى كل رجال الأمن ان مثل هذه التصرفات غير مقبولة ومرفوضة في بلد ديموقراطي، المواطن فيه يمارس حقوقه وواجباته وفقا للدستور.
ــ الثالث أن هذه الاستقالة ستعطي انطباعا عند كل المراقبين في الخارج ان الكويت بلد يحترم شعبه، وان المواطن فيه له قيمة وكرامة، وأي مساس بهما يعتبر خطا احمر، وان ادى الى استقالة وزير الداخلية ابن الاسرة الحاكمة!
انا اعرف ان الشيخ جابر الخالد ذو خلق ودين، لكن هذا لا يكفي!
انا اعرف ان الشيخ جابر الخالد لديه النية الصادقة لحفظ الامن واستتبابه، لكن هذا وحده لا يكفي، انا اعرف انه جاد في تطوير اجهزة الوزارة وتحسين ادائها، لكن هذا ايضا لا يكفي! فالنية الطيبة والقلب الطيب.. كل هذا مطلوب، لكنه وحده لا يحقق المراد، بل لا بد من ارادة وعزيمة وحزم وسيطرة شاملة على كل اجهزة الوزارة حتى يتحقق الهدف المطلوب.
شيخ طيب نعم.. وزير محترم نعم.. لكن من الواضح ان بعض القيادات لا تخضع له! لذلك اعتقد أن قبول استقالته اصبح امرا حتميا، اذا اردنا ان نحفظ الأمن.
***
لفتة كريمة
رحم الله شهيد خفر السواحل، وألهم ذويه الصبر والسلوان، وغفر الله لضحية مخفر الشرطة.. وعظم أجر ذويه.
قال تعالى: «وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا» صدق الله العظيم.

سعيد محمد سعيد

يا حكام العرب… الاضطرابات قادمة!

 

(الخبز خط أحمر)… ذلك هو الشعار الذي رفعه آلاف الأردنيين يوم أمس الأول الجمعة في عمان ومدن أخرى في موجة احتجاجية على البطالة وغلاء الأسعار، وكانت المحطة الأولى لانطلاق تلك الموجة الاحتجاجية هي فترة ما بعد صلاة الجمعة.

ويوم الجمعة ذاته، الرابع عشر من يناير/ كانون الثاني 2011، شهد أولى وأكبر مفاجآت العام الجديد في العالم العربي، بعد أن أطاحت الانتفاضة الشعبية التي شهدتها تونس بالرئيس زين العابدين بن علي، ليتولى رئيس الوزراء محمد الغنوشي السلطة في تونس بشكل مؤقت، وعد فيها بتنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أعلن عنها مسبقاً بالتشاور مع قوى المعارضة.

ويبدو أن الكثير من الحكام العرب على موعد مع الاضطرابات الشعبية بعد أن ضجّت الشعوب العربية من مسكنات الألم (المؤقت) لكل الأوجاع التي تعاني منها تلك الشعوب بدءاً من الخبز انتهاءً بحقوقهم الكاملة في الحياة، وقد أوجزت صحيفة «البلاد» الجزائرية في افتتاحيتها القصيرة يوم الجمعة أيضاً التحذير من اتساع نهر الدماء في تونس وتساءلت عن سبب اغتياظ الحكومات العربية من مطالب الشعوب، فتزايد سقوط الضحايا والإفراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين مؤشر على أن الأوضاع تتفاقم من يوم لآخر، وطرحت الصحيفة عدة تساؤلات: «لماذا تغتاظ الحكومات في بلادنا العربية من مطالب الشعوب المنادية بالديمقراطية وفتح المجالين السياسي والإعلامي؟ لماذا تنفتح هذه الحكومات اقتصادياً وتنغلق سياسياً؟ ولماذا تزيد الديمقراطية من قوة الأمم والشعوب في الغرب بينما يعتبرها الحكام العرب عاملاً من عوامل تقويض الوحدة والانقسام؟

ولعلني أشرت في عمود يوم الخميس الماضي: «طبائع الاستبداد العربي المزمن… كأكبر خطر لانعدام الاستقرار»، إلى أن لا مناصّ من أن تدرك كل الأنظمة بأن تحقيق الأمن والاستقرار لا يتأتى إلا في ظل إرساء الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية… لكن ما يثير القلق بدرجة أكبر، هو أن غالبية المشاركين الخليجيين والعرب أجمعوا على أن النتيجة الحتمية هي ظهور المزيد من الاضطرابات والصدامات والتوترات خلال السنوات المقبلة، لأن الأنظمة العربية لن ولن تسمح بأن تغيّر طبائع الاستبداد.

التحذير للحكام العرب جاء واضحاً في بيان (البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان) الصادر في مطلع شهر يناير الجاري والذي أعرب فيه عن القلق البالغ لتطورات الأوضاع في عدد من البلدان العربية على خلفية ازدياد حالات الفقر وتدهور الأوضاع الاقتصادية لجموع المواطنين العرب والغلاء الفاحش، وجاء في بيان البرنامج: «في ظل انتهاج الحكومات العربية المختلفة لسياسات اقتصادية ظالمة متحيزة لفئات بعينها داخل البلدان ولا تضع في حسبانها الغالبية الساحقة فضلاً عن عجز الموازنات الحكومية العربية بسبب الفساد والرشوة والاختلاس وغيرها من الجرائم، لن يؤدي إلا لمزيد من الاحتقان الموجود أصلاً بسبب الأنظمة السياسية القابعة على قمة الهرم السياسي منذ عقود، فضلاً عن الانتهاك الممنهج واليومي لحقوق الإنسان في العالم العربي، وهو الأمر الذي ينذر بثورة جياع حقيقية لا يستطيع الأمن القبض على زمام الأمور فيها».

والنقطة الأهم في بيان برنامج النشطاء هو النداء الموجه إلى الأنظمة العربية، حيث ناشدها بضرورة المراجعة والإصلاح الحقيقي النابع من القاعدة الشعبية، وفتح حوار جاد مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني لإقرار إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي يزيل الاحتقان من جذوره، ويعيد الطمأنينة والثقة للمواطنين على اعتبار أنهم شركاء في أوطانهم