سامي النصف

أن تعي معنى التضحية

الساعة الثامنة والنصف ليلة قبل البارحة الخميس، واشباح مكونة من الزملاء عدنان الراشد وعصام الفليج ووائل الحساوي واحمد الكوس ومحمد البحر وسامي الخليفي، تتحرك في احد أزقة حي الشجاعية المظلمة في غزة الصامدة للقاء خنساء فلسطين السيدة ام نضال فرحات لتروي لنا قصة استشهاد ابنائها الثلاثة: نضال ومحمد ورواد وزوج ابنتها اضافة الى استشهاد «اسطورة غزة» عماد عقل في بيتها عام 93.

ولم تكتف ام نضال بذلك بل ارسلت ابنها الرابع وسام للقيام بعملية استشهادية قائلة له: انت غالٍ الا ان الاسلام اغلى منك، وقد فشلت العملية الاستشهادية وحكم عليه بالسجن المؤبد واطلق سراحه بعد 11 عاما من الاعتقال، وتذكر ان وصيتها الدائمة له ولابنائها: اريدكم منتصرين او شهداء محمولين فوق الاكتاف.. وتثني في ختام لقائها معنا على الكويت وتقول: لولا دعمكم لضاع ابناء الشهداء.

وخرجنا الى ممرات مظلمة اخرى للقاء اعلامي وغير مسبوق مع السيدة «ام علي» التي قام ابنها الشهيد محمد عزام فراونة بالعملية الفدائية التي نتج عنها اسر الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط الذي يتم التفاوض على اطلاق سراح آلاف الاسرى الفلسطينيين كثمن لاعادته، ومرة اخرى نقف امام سيدة صلبة وحالة انسانية مؤثرة لتروي لنا كيفية استشهاد ابنها محمد.

تقول «ام علي» ان محمدا كان اقرب ابنائها الى قلبها حيث كان شديد الاعتناء بها حتى انه ما ان ينهي دراسته الجامعية حتى يقوم بمساعدتها في عملها المختص بالعناية بمعاقي الحرب، وكثيرا ما كان يخجلها امام العاملين الآخرين معها عندما يقبل رأسها ويدها ولا يغادر الا معها حال انتهاء عملها.

وتضيف انه قبل استشهاده كان كلما اكل طعاما وسألته عنه قال لها انه شهي الا ان طعام الجنة اشهى، وظل يطلب منها ان تسمح له بالاستشهاد وهي ترفض حتى بكى امامها ذات يوم فقالت له: انني وهبتك لله، وقد حضر بعد تلك الموافقة بيومين وقام بتنظيف المنزل وترتيبه واصلاح الاجهزة المعطلة فيه وشعرت شقيقته بما ينتويه فطلبت منه تأجيل ما يعتزمه لمدة شهرين حتى يحضر حفل زواجها الا انه رفض وخرج ليسمعوا بعملية استشهاده، وتقول ام علي انها تطلب من ابنائها ان يعيشوا سعداء او يموتوا شهداء.

آخر محطة:

في وقت تضحي فيه نساء العالم لاجل اوطانهن، وما سيرة خنساء الكويت، رحمها الله، التي ضحت بثلاثة من ابنائها لاجل تحرير الكويت ومعها السيرة العطرة للشهيدتين اسرار القبندي ووفاء العامر ومن سار في ركب الشهادة معهن، نسمع بقانون المرأة الاكتع في مجلس الامة الكفيل بالتضحية بمستقبل الوطن لاجل قلة من النساء.. والحديث ذو شجون..

احمد الصراف

من أم الهيمان إلى وارسو

كنت أجلس أمامه وهو يعزف مقطوعات من موسيقى فردريك شوبان. كانت أصابعه تنتقل على البيانو بسلاسة غريبة، وكنت أشعر وكأن خلجات نفسه قد تسللت الى أصابعه تشاركها رحلة الفن والسحر على مفاتيح البيانو، ولا أدري كم طال بي الوقت وأنا أتأمل تعبيرات وجهه وايماءات جسده سارحا بأفكاري بعيدا عن القاعة، فهذا ابن القبيلة العربية، ابن الصحراء اللامتناهية، ابن أم الهيمان، التي شاءت أقداره، بما امتلك من موهبة وأب غير تقليدي، أن يخرج عن نمطية بيئته ويغرد بأصابعه وموهبته النادرة خارج السرب متنقلا من حفل في الكويت الى آخر في ألمانيا مارّا بهلسنكي وفينيسيا الى ماليزيا والبحرين، حاصدا الجائرة وراء الأخرى، وهو الذي لم يتجاوز العشرين بكثير! هذا هو فيصل غازي البحيري، الذي التقطت موهبته جمعية «لوياك» في منتصف الطريق واكملت المشوار معه للعالمية لتساعده في رفع اسم الكويت عاليا في وارسو عام 2015 في المسابقة التي سيشارك فيها عازفون من جميع أنحاء العالم!
ومن اجل أن يتحقق الحلم ويصل ابن أم الهيمان الفخور الى صالة شوبان في وارسو، يتطلب الأمر دعما معنويا وماديا ليتمكن من ازالة ما علق بسمعتنا من سوء نتيجة ما بدر عن الجهلة والسفهاء منا.
من اجل ذلك ندعوكم للاتصال بـ«لوياك»، هاتف 99438097، والتبرع بما تجود به أنفسكم لمشروع ايصال فيصل البحيري الى «مسابقة شوبان العالمية لعازفي البيانو».
وقد قمت اليوم بدفع حصتي في هذا المشروع الثقافي والوطني المهم.
***
ملاحظة: موافقة البنك المركزي على تعيين السيدة شيخة البحر رئيسة للمديرين العامين في البنك الوطني، اكبر البنوك العربية واكثرها ربحية، وكأول امرأة عربية، وربما اول مسلمة، في هذا المنصب الرفيع، ما هو الا تقدير لجهودها، واعتراف بقدرة المرأة على تقلد اكبر المناصب التنفيذية.

أحمد الصراف