سامي النصف

الفارس الذي ترجل

فقدت الكويت بالامس فارسا من فرسانها الكبار، وابنا باراً من ابنائها، ورجلا وطنيا له مواقف تاريخية لا تنسى في دعم قضايا بلده، فرحم الله العم خالد يوسف المرزوق واسكنه فسيح جناته وألهم اهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وقد عُرف عن العم ابو وليد كرمه الاسطوري وشجاعته وشهامته وتبنيه الدائم لاعمال الخير ومساعداته السخية للفقراء والمساكين والمحتاجين وكان – رحمه الله – ممن يقال فيهم «لا تعرف شماله ما أنفقت يمينه»، وكانت له بوصلة سياسية تدور حيث تدور مصلحة الكويت في حين شرّق آخرون وغربوا في مواقفهم السياسية بعيدا عن تلك المصلحة.

وللراحل الكبير فكر ابداعي ثاقب استخدمه لدعم اقتصاد بلده ومشاريعه التنموية حيث تبنى قضايا الاسكان العمودي وانشاء مجمعات الأسواق ومواقف السيارات، كما تقدم في الثمانينيات بمشروع اللآلئ الذي كان يستهدف زيادة مساحة الكويت عبر استرداد الارض من البحر وتوفير آلاف القسائم للشباب بأسعار معقولة دون كلفة على الدولة، وقد توقف ذلك المشروع الرائد والواعد آنذاك بسبب عوامل الحقد والحسد والمناكفة السياسية، وقد رفض بوليد اقامة ذلك المشروع في الدول الاخرى رغم العروض المغرية التي وصلت إليه، ايمانا منه بأن فكره وعلمه وجهده مسخر لخدمة بلده قبل أي بلد آخر.

كمـــا ساهـــم الراحل الكبير بتأسيس العديد من المؤسسات والشركات الاقتصادية الضخمة التي توظف مئات الكويتيين كالبنك العقاري، وعقارات الكويت، واللؤلؤة العقارية، وشركة دار الكويت للصحافة التي تصدر جريدة «الأنباء»، كما تبرع بتأسيس مركز علمي مختص بالطب الاسلامي سمي بمركز المرحومين يوسف المرزوق ولولوة النصار.

وقد عرفت شخصيا الراحل الكبير منذ اوائل الثمانينيات عندما دعانا وبعض الاصدقاء إلى بيته العامر في اسبانيا، وقد وجدناه، رحمه الله، قمة في التواضع يخجلك بمواقفه وكلماته التي تدخل القلب من أقصر الطرق، وتجعلك تستحضر ارواح فرسان العرب التاريخيين ممن اشتهروا بالفروسية والحزم والكرم.

آخر محطة:

(1) ستفتقد الكويت كثيرا رجلا بعطاء وحكمة وذكاء ابو الوليد. وعزاء الكويت وعزاؤنا هو بالذرية الصالحة من ابنائه الكرام ممن غرس فيهم منذ الصغر الوطنية الحقة وحب الخير ونصرة المظلوم.

(2) وكم هو مؤلم لاسرة المرحوم يوسف المرزوق فقدان العم خالد وابنه وحفيده خلال فترة وجيزة، فلله ما أعطى ولله ما أخذ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

احمد الصراف

الأمين غير المعلق ولا المطلق

تولى السيد بدر الرفاعي أمانة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عام 2002. وبحكم منصبه، فانه يرأس تحرير كل اصدارات المجلس مثل: عالم المعرفة، عالم الفكر، الثقافة العالمية، ابداعات عالمية وجريدة الفنون. ويقال انه الوحيد الذي استن سنّة تقاضي «الأمين» مكافأة سنوية مقابل قيامه بعمل من صميم واجباته! كما انه يترأس، بحكم منصبه، كل مهرجانات المجلس الوطني واحتفالاته كالقرين الثقافي والمسرح ومعرض الكتاب والمهرجان الصيفي الثقافي والموسيقى وغيرها داخل الكويت وخارجها، والى هنا والأمر يتعلق بطريقة صرف ـــ ربما غير سليمة ـــ أموال المجلس على مكافآت ومنح ومصاريف غير ضرورية، وهذه لها من يراقبها، ولكن ما يزعج حقا أن جميع اصدارات المجلس الوطني متوقفة منذ ما يزيد على ستة اشهر بحجج سخيفة، الأمر الذي أثار ويثير تساؤلاً وعلامات استفهام كبيرة عن الدور الثقافي العربي الذي طالما اشتهرت به الكويت، خاصة بعد أن تخلى المجلس عن أي احتفالية فكرية، وتحولت مهرجاناته الى استضافات لأصدقاء ومقربين، وهذا لم يحدث من فراغ بل بسبب وضع غالبية أنشطة المجلس في أيد غير مؤهلة، بعد أن تم التخلص من الكفاءات من أمثال الروائيين وليد الرجيب وطالب الرفاعي، الموسيقي صالح حمدان، الممثل محمد المنصور والتشكيلي هاشم الرفاعي، اضافة لغيرهم ممن استقالوا أو طفشوا او جمدوا.
انتهت مدة الأمين العام في سبتمبر الماضي، وطلب وزير الاعلام من مجلس الوزراء عدم التجديد، وتمت الموافقة على طلبه، وتم اقتراح بعض المرشحين، ولكن قبل الموافقة على أحدهم، وكما يشاع، تدخل الشيخ أحمد الفهد، لقربه من الأمين، وطلب تجميد قرار انهاء الخدمة لأجل غير مسمى، وهنا لم يستطع وزير الاعلام فعل شيء!
ان المجلس الوطني في حالة يرثى لها، فاما تعيين من فيه الكفاءة لمثل هذا المنصب الحساس والبالغ الأهمية، الوطن مليء بهم، او الاعتراف بالعجز والتجديد للأمين الحالي ليستمر الوضع الحالي، وان بطريقة رسمية هذه المرة، فبقاء الوضع على ما هو عليه خارج المحاسبة تماما!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

برقيات

1ـــ إلى جماعة «إلا الدستور»
بعد أن أسدل الستار على استجواب رئيس الحكومة اصبح لزاما على اعضاء مجلس الامة التعامل مع هذه الحكومة وفقا للدستور، فهم ـــ وبممارسة ديموقراطية ارتضوها ـــ قدموا استجوابا لرئيس الحكومة، واعلنوا عدم تعاونهم معه. وهم كذلك ـــ وفقا للديموقراطية نفسها ـــ عليهم قبول النتيجة بحلوها ومرها! أما موضوع حسن قراءة النتيجة فهذا ليس من شأنهم بل شأن المراجع العليا في الدولة تقرر ما تشاء تجاه هذه الحكومة، سواء بابقائها ام ترحيلها! أما دعوة الاصرار على اسقاط هذه الحكومة فهذا تطرف في الممارسة لا داعي له، والافضل استغلال تداعيات الاستجواب بشكل اكثر ايجابية. ولو اجلنا استعمال حق الاستجواب الى نهاية دور الانعقاد لاكتشف الجميع ـــ من دون عناء ومن دون عناد ـــ ان هذه الحكومة عاجزة عن عمل اي شيء ولا بد ان ترحل.

2 ـــ إلى الزملاء الليبراليين
الزملاء الليبراليون يعانون من عقدة نفسية اسمها «الظاهرة الاسلامية»! فهم يحاربون كل شيء له صبغة دينية اسلامية، و«طفارتهم» أن تذكر لهم مصطلحاً اسلامياً او يشاهدوا منظراً اسلامياً. ولقد ازعجونا خلال اسبوعين ماضيين بحملتهم الصحفية ضد قانون اقره مجلس الامة بالسماح للعسكريين ـــ لمن يشاء منهم ـــ باطلاق لحيته! وهذه الحملة تدل على ضيق صدرهم بالرأي الاخر، وتؤكد ان مفهوم الحريات لديهم مفصل عليهم وعلى مبادئهم، فإن كانت الحرية تتناسب مع اهوائهم الشاذة ايدوها وطالبوا بها، وان كانت الحرية الشخصية تقض مضاجعهم اعتبروها رجعية وتخلفاً! مجلس الامة لم يضع اكثر من نصف ساعة في مناقشة هذا الاقتراح واقراره، وليبراليو الكويت اضاعوا وقت القراء ووقتهم ـــ ان كان له اهمية ـــ في مقالات ومناقشات اعطاء هذا الحق للعسكريين ـــ لمن يشاء منهم!

3 ـــ إلى كاتب «الظل»
كاتب في احدى الصحف من وارد ابو الخصيب لديه كاتب «ظل» ـــ على وزن «حكومة ظل» ـــ في الصحيفة نفسها يمدحه ويكتب فيه الاشعار، وواضح انه مغرم به لدرجة الهيام، مع ان «معزبه» هذا قد أجمعت عليه الامة بأنه أكثر الاقلام استعمالا للالفاظ السوقية والعبارات الهابطة. يقول كاتب الظل في صاحبه: «خلن عرفنا طيب ساسه»‍‍‍ (واضح ان صاحبنا شارب من شط العرب وذايق طيبه!). ويقول «طيب المواقف ترتويبه ويرويك». وأحب أذكر صاحبنا بأهم مواقف معزبه الطيبة: السكر اثناء قيادة الطائرة ـــ خيانة امانة معازيبه ـــ الاثراء من المال العام بغير وجه حق… الخ.
***
لفتة كريمة
نمى الى علمي ان مسؤولا امنيا طلب ملف جنسية صاحبنا «لفتة» للتأكد من احقيته في الحصول على الجنسية الكويتية بالتأسيس، وذلك بعد ان كثر الحديث حول استحالة هذا الحق له، وقد ثبت عدم وجود اي مؤشر لتواجده في الكويت قبل 1948.
ونقول لهذا المسؤول الامني: اذا اردتم الشهود العدول على انه لم يعرف هذه الارض الا في اواخر الاربعينات فأنا على استعداد لتزويدكم باسمائهم واسماء اقربائه من الدرجة الاولى الذين ما زالوا يحملون جنسية فيلق ابو الخصيب.
«جاك الموت يا تارك الصلاة»!

سعيد محمد سعيد

سلامة المواطن…من الجلطة؟!

 

ضمن ردود الفعل على عمود يوم الخميس الماضي :»لبيك يا مواطن»، تواردت أفكار أكثر من قارئ كريم في استخدام ذات العبارة في وصف الحالة التي أصابتهم بعد الاطلاع على ما نشرته الصحافة المحلية من تفاصيل التجاوزات المالية المخيفة التي وردت في تقرير الرقابة المالية 2009، وهي عبارة: «تلك المعلومات رفعت ضغطنا وحرقت دماءنا والله ستر أننا لم نُصبْ بجلطة»، وفي هذا تعبير تلقائي عن مدى هول المفاجأة… وإن لم تكن مفاجأة.

والسبب في أن المعلومات التي وردت في التقرير الأخير لم تكن مفاجأة يعود إلى أنه في السنوات التي سبقته، صدمنا بالمعلومات ونتائج التدقيق التي قام بها ديوان الرقابة، والتي كشفت الكثير الكثير من التجاوزات في أكثر من جهاز حكومي، وتلاه تقرير السنة التي أعقبتها، والسنة التي أعقبت سابقتها وتوالت التقارير، لكن الصدمة بدأت تتوارى وتنخفض، فما الفائدة من أن ننصدم ثم ننصدم ثم ننصدم، ولا نجد ما يفيقنا من صدمتنا من خطوات تكشف للعلن، تقديم المتجاوزين ومن ثبت عليه عبثه بالمال العام إلى المساءلة القانونية! إنما تغير نوع الصدمة، ليتحول إلى الصدمة الشديدة من جراء (جرأة) المتجاوزين ومن خان الأمانة الوطنية في تجاوزاته واستمرارها… هذه هي الصدمة الحقيقية.

ردود القراء كانت غاضبة قطعاً… وهل ما تم كشفه من تجاوزات أصلاً يبعث على الفرح والسرور! اللهم إلا في حالة واحدة، وهي تشديد الرقابة وكشف المتلاعبين بالمال العام وتقديمهم إلى القضاء بلا رحمة، وهل يستحق من لم يحترم مسئوليته الوطنية ولم يحمل أمانته في حفظ أموال الدولة أي احترام أو رحمة؟

وعلى أي حال، فصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، أعلنها صريحة في أنه لن يتم السماح بأي تجاوز أو عبث بالأموال العامة، وأن التجاوزات لن تمر دون تحقيق ومساءلة إدارية وقانونية، وهذا ما طالب به سموه اللجنة الوزارية للشئون المالية والاقتصادية بعد دراسة كل الملاحظات والمخالفات التي أوردها ديوان الرقابة المالية والإدارية في تقريره عن الوزارات والأجهزة الحكومية الخاضعة لرقابته، وأن تقدم إلى مجلس الوزراء مرئياتها وتوصياتها بشأنها تمهيداً لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية ودستورية.

ولدى المواطنين كل الحق في أن يعبروا عن حنقهم الشديد ورفع الصوت بالمطالبة بمحاسبة المتجاوزين، ففي الوقت الذي تجري المقارنات بكل سهولة ويسر على ألسنة المواطنين في شأن تعثر المشاريع الإسكانية وبطء التوجه لتحسين مستوى الأجور بل و(مرمطة) الناس على 50 ديناراً علاوة لم تعد تصلح لأن تسمى (علاوة معيشة الغلاء)، وتأخر الكثير من المشاريع الخدمية بسبب عدم توافر الموازنات المالية اللازمة، يصدر التقرير ليكشف هول الهدر والاستنزاف والعبث بالأموال العامة.

إن المتورطين، أياً كان موقعهم، لابد وأن يحصلوا على الجزاء الذي يستحقونه… فهذا الملف، ملف التجاوزات والفساد، واحد من أشد الملفات خطورة على الأوضاع في البلد… كل الأمل معقود في اللجنة المكلفة لتطبيق توجيهات سمو رئيس الوزراء على أرض الواقع، ونتمنى منها ألا تخذل (البحرين، قيادةً وحكومةً وشعباً)