محمد الوشيحي


يا ويلكم

ربع الحكومة، نواباً وكتّاباً وكذاباً، يتهكمون على كتلة الا الدستور» وأعضائها ويتساءلون بسخرية: «كيف تجمعوا وهم من مشارب مختلفة»! معهم حق هؤلاء الساخرون، فنواب الحكومة كلهم «طقم صيني»، ومن «مشروب» واحد لا يتغير طعمه، فزنيفر وسلوى الجسار يحملان الفكر نفسه، والحويلة والقلاف (الذي شتمه في استجواب سابق وامتدحه في الاستجواب هذا) يحملان التوجه نفسه، ودليهي والراشد توأمان، وعدنان المطوع والمطير نظرتهما إلى الأمور واحدة، والخنفور ورولا دشتي ينطلقان من محطة واحدة، وعسكر ومعصومة لا فرق بينهما. طقم «دلال أرسلان» التي تتشابه شكلاً وتختلف حجماً.

والاستجواب هذا زلزالٌ بتوابعه، ستسقط فيه الجدران على رؤوس الكثير من النواب العقلاء ونواب «الفتاوي»، خصوصاً في الدائرتين الرابعة والخامسة، لتتحولا إلى دائرتين باللون الأحمر، ترعبان الحكومة المرعوبة أصلاً.

وهات أذنك يا صاحبي… بدأت منذ يومين أولى خطوات التنسيق بين مجموعة من الشبان الذين أدهشوا النحل بتنظيمهم وحماستهم، منهم من أنهى دراسته الجامعية ومنهم من ينتظر. أخذوا على عاتقهم التخطيط لتحسين مخرجات انتخابات الدائرة الخامسة، كونهم من أبنائها، واستخدام التكنولوجيا إلى أبعد مدى كنافذة إعلامية، وكشف الصفقات التي تتم تحت بشت الليل، وأشياء أخرى حدثوني عنها.

مدهشون هؤلاء الشبان ومرعبون، يا ويلكم منهم، وأظن أن بيت الحكومة الزجاجي سيتكسر على فولاذهم، وأظنها ستندم على أنهم تعلموا وتوسعت مداركهم وتبحروا في التكنولوجيا. وعسى أن تتشكل مجاميع مشابهة لهم في الدوائر الأخرى، وتحديداً في الدائرة الأولى التي هي بحاجة شديدة إلى الماء قبل أن تموت عطشاً، وبحاجة أشد إلى إضاءة تكسر دمس ظلامها، ولولا النائب الأصيل حسن جوهر لتصادم الناس بعضهم ببعض لشدة العتمة.

ووالله يا د.حسن جوهر، لا أدري ماذا أكتب وكيف أكتب، فموقف العدوة والحويلة أسقط من حروفي الأبجدية نصفها الجميل، ليتبقى لي فقط قليلٌ من الحروف الداكنة لزوم الهجاء والذم، فأتيت أنت بموقفك هذا لتجردني حتى من حروفي الداكنة… وها أنا أجلس على الرصيف عارياً من أي حرف يسترني في هذه الأيام الباردة.

أبا مهدي، دعني أكشف لك مضمون حديثي مع الربع في الديوانية عندما جاءت سيرتك ونحن نمسك الورقة والقلم ونحسب أصوات الفريقين والنتيجة المتوقعة… قال أحدهم: «جوهر سيمتنع، فقلبه معنا لكن عقله هناك، وهو معذور»، وقال آخر: «بل سيصوت مع عدم التعاون خوفاً على تاريخه الناصع»، وسألوني عن رأيي وهم لا يعلمون أنك أبلغتني قرارَك قبل التصويت بأيام – وبالمناسبة بقي الأمر سراً احتفظت به لنفسي، لم أكشفه حتى لأقرب المقربين إلى أن كشفته أنت بتصويتك -… فأجبتهم: «أنا متفائل بجوهر، لا لأنه يخشى على تاريخه، بل لأنه يخشى على الكويت، ولأنه أيضاً يخشى ضميرَه… هذا الرجل ضميره يرعبه».

أبا مهدي… أشعر أن التاريخ يبتسم الآن وهو يكتب عنك، بعد أن نكّس رأسه وهو يتأمل صورة بعض النواب قبل أن يمزّق صفحاتهم، لكنها الزلازل، يا صاحبي، التي تتساقط بسببها الجدران الرخوة وتثبت الجدران المتينة.

احمد الصراف

هكذا الدنيا

لأمور كثيرة في حياتنا حساسية معينة نتحرج في الحديث عنها وفيها، ولا نرغب حتى أن يذكرنا الآخرون بها! فتواجد ذوي الأصول الفارسية في الضفة الغربية من الخليج خلال السنوات الثلاثمائة الماضية، وفي العراق قبل ذلك بكثير، ومنذ البرامكة ونكبتهم، وما تلا ذلك من تاريخ طويل من الخلاف، الذي وصل ذروته في عهد عبدالناصر واختلافه مع شاه إيران وقتها، كان دائماً موضع حساسية مفرطة بين الطرفين، وكل أسبابه، وساهم في تجذر الخلاف تباين مذهبي الطرفين، إضافة إلى فوارق اللغة والعرق! وهذا الوضع نتج نتيجة الشك والجهل المتبادلين، خاصة عندما تلعب السياسة دورها في تفرقتهم. ولا تقتصر هذه الظاهرة بالطبع على منطقتنا، بل تشمل دولاً أخرى، ولكن مع تقدم المجتمعات وانصهار أقلياتها في المجتمع الأكبر وانحسار دور رجل الدين، تتلاشى تلك الفروق العرقية والمذهبية مع الوقت لتصبح غير ذات أهمية، ورأينا شيئاً من هذا بين العرب السنة والفرس المنتمين إلى المذهب نفسه، وهذا ما لم يحدث بشكل واسع مع الطرف الآخر ، ربما تعارض التقارب مع مصالح بعض السياسيين والمتنفذين ورجال الدين . وجدير بالذكر هنا أن الزواج المختلط بين اتباع مذهبي الكويت وعرقيها الرئيسيين كان أكثر شيوعاً في فترة ما، ولكنه اتجه ضد مسار التاريخ في العقود القليلة الأخيرة وأصبح الآن أكثر ندرة، على الرغم من زيادة نسبة المتعلمين، وجاء ذلك ربما بسبب زيادة عدد ونفوذ رجال الدين عند الطرفين، وزيادة مخاوف الكثيرين من مثل هذا النوع من المصاهرة، التي عادة ما تساهم في تقارب الأسر، والأفكار بالتالي!
وفي السياق نفسه، يقال إن وزير خارجية إيران الجديد، علي أكبر صالحي، ولد ونشأ في العراق، ولكن لم يثر تعيينه أي ضجة في بلده، ربما بسبب عدم تخوف النظام من ولاء الوزير، طالما أنه إيراني شيعي! ولكن الوضع كان سيكون خلاف ذلك لو كان وزير خارجية العراق مثلاً، أو أي من دولنا، من منشأ أو مولد إيراني، هنا تبدأ الحساسية بالظهور! كما أن عدداً من كبار موظفي الدولة وفي السلكين القضائي والدبلوماسي من مواليد العراق. كما أخبرني البعض أن من الطبيعي ملاحظة اللافتات المكتوبة باللغة العربية تملأ شوارع العاصمة الإيرانية ومدنها الكبرى خصوصاً في المناسبات الدينية، وليس من السهل تخيل حدوث ذلك لدينا، كما أن النسبة الأكبر من كبار رجال الدين في إيران يتكلمون العربية بصورة جيدة، ولا يتم التعامل معهم بأية حساسية، وربما العكس هو الصحيح. أما عندنا فلا أعتقد أن أياً من حكوماتنا، الخليجية على الأقل، حاولت مثلاً تعيين سفير في إيران يتقن الفارسية، على الرغم من كل حسنات القرار، وربما يعود سبب الرفض إلى حساسية مسؤولينا من الاعتراف بأن هناك من يتقن الفارسية بيننا!
نكتب لنقول إننا نعرف بأن هذا حال الدنيا، ولكن الغلبة والراحة لمن سيطر على صغائر أحقاده وجعلها من الماضي، فمصيرنا، جغرافياً على الأقل، أن نعيش مع بعضنا بسلام أو بغيره، والأفضل الاستفادة من الأمور المشتركة، ومحاولة التقليل من دور رجال الدين في التحكم بعلاقات الجوار بيننا، فقوتهم تعتمد في فرقة غيرهم وتخويف كل طرف من الآخر ومن ثم الاستفادة من كل ذلك ماديا ومعنوياً!
***
ملاحظة: يصادف اليوم عيد ميلاد المسيح، حسب التقويم الشرقي، وتضامناً مع أهالي ضحايا الاعتداء الآثم الذي تعرضت له الكنيسة القبطية في الإسكندرية، وما سبقه من اعتداء مجرم على كنيسة سيدة النجاة في العراق، فإننا نشارك الجميع عزاءهم ونعتذر لهم عن عدم قدرتنا تهنئتهم بالعيد، وعما قام به السفهاء في حقهم وحق الوحدة الوطنية والرحمة الإنسانية.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

لبيك يا مواطن!لبيك لبيك لبيك…

 

ربما يتذكر القارئ الكريم، أنني طرحت مقترحاً هاهنا ذات يوم، دعوت فيه من يرغب من المسئولين للمشاركة في مسيرة (لبيك يا مواطن)… كان ذلك في شهر أبريل/ نيسان من العام 2007، والآن، وبعد مرور 3 سنوات على المقترح، ربما أجدده اليوم داعياً الى المشاركة في تلك الفعالية (الوهمية)، لكن على الأقل، ولو من باب المصارحة مع الضمير.

الكثير من القضايا اليوم تجعل المواطن البحريني يخرج عن عقاله! وهو إن فعل، أو تحدث بكلمة تعكس ما يحمل من هموم وويلات… ربما اتهمه البعض بأنه يعادي الدولة ويحرض ضد ولاة الأمر ولربما قال عنه البعض أنه مدسوس وأنه مغرض دخيل… ذلك لأنه ربما… ربما عبر عن شيء بسيط من معاناته المعيشية.

في مقترحي الماضي، والذي أجدده اليوم للظروف المحيطة، وخصوصاً بعدما جعلنا تقرير الرقابة المالية (نتدحن قهراً) إلى حد الوجع، تمنيت أن ننظم مسيرة سلمية عظيمة مترامية الأطراف شعارها «لبيك يا مواطن»، بحيث يشارك فيها كبار المسئولين وموظفي الدولة فقط دون غيرهم، ويرددون شعارات تطالب المواطن البحريني بالصفح عن تقصيرهم، وترتفع هتافاتهم المناهضة لكل صور الفساد المالي والإداري والترهل في الأداء وسوء العاقبة بالنسبة لأولئك الذين لم يحترموا مسئوليتهم الوطنية في خدمة هذا المواطن المسكين.

(لبيك يا مواطن)… ربما يكون الشعار الأفضل… لأقوى فعالية سلمية مرخصة… وكما أشرت سابقاً، فلطالما أصبحنا نوصف بأننا شعب المسيرات، فلا ضير من أن تكون هناك مسيرات واعتصامات مضادة، لكن فيها فائدة على الأقل وفيها صراحة واعتراف بالتقصير وإعلان توبة! فالمواطن البحريني لا يريد أن يصبح مليونيراً حسب اعتقادي (بل حتى أن الغالبية العظمى من البحرينيين حين يدعون ربهم طلباً للمال يقولون بطرافة:يا الله بخمسين ألف دينار؟!)ولا أدري لماذا هذا المبلغ على وجه التحديد؟!فلا هو ينفع لشراء بيت ولا قطعة أرض، وليس في مقدوره أن يؤمن مستقبل وإن ضمن تغطية بعض المصاريف!أليس في هذا دليل على أن المواطن البحريني ليس طماعاً! أتمنى أن تدخل بعض التعديلات على هذه الدعوة بحيث تكون (على سبيل المثال):يا الله بخمسمئة ألف دينار أو نصف مليون اختصاراً! فلربما كانت الدعوة مستجابة، وحصل المراد وسعد الفؤاد… على أن تأتي من طريق الحلال فقط… وأما من يحاول أن يلف بذيله هنا أو هناك، فديوان الرقابة له بالمرصاد… لكن ماذا بعد (المرصاد)…هنا السؤال؟