قال لي صديقي رجل الأعمال اللبناني المعروف: يا أخي لماذا تريدون أن تخربوا بلادكم؟ لماذا الإصرار على هذه الاستجوابات الخطرة، والصياح والشتم في البرلمان وتصادم السياسيين مع السلطة، والتهديد باستجوابات قادمة؟ لماذا الإصرار على تدمير بلدكم واقتصادكم، في وقت تتسابق فيه الدول الخليجية على مشاريع التنمية وخلق آلاف الوظائف، وإيجاد موارد بديلة عن النفط؟ إن ما يطالب به بعض البرلمانيين المتشددين سبق أن حرق دولا، ويجب أن تعتبروا، فالكل يحسدكم على عمران بلدكم وتقدمه تعليما وتجارة وثقافة، وعلى صندوق الأجيال القادمة وسياسات الاستثمار الحكومية الجيدة والضمان الاجتماعي وملكية الثروات القومية، ووفرة اجهزة الرقابة الإدارية والأنظمة القضائية والرخاء الاجتماعي؟ لماذا تريدون ان تخربوا وتهدموا كل ذلك من أجل وهم يسمى بالديموقراطية أو شيء من حرية القول أو ما يدعيه البعض من حرص على الدستور، ونحن جميعا نعلم بأن لا حرية مطلقة هناك في قول الحقيقة ولا ديموقراطية لدينا بالمعنى الغربي، كما أن غالبية نصوص دساتيرنا مبهمة؟ ولمَ الصراع على ما تسمونه «مكتسبات» لا تودون
التخلي عنها لمصلحة السلم المحلي والرخاء الاجتماعي؟
فرددت عليه قائلا: ومن قال لك ان الكويت كانت أصلا ستنعم بكل ما ذكرته من أمور مادية ونفسية واجتماعية ومالية لو لم تكن بها تلك النسبة البسيطة من الديموقراطية وفسحة حرية القول الضيقة تلك وذلك الدستور المبهم بنصوصه؟ وهل كنت ستضمن صلاح كل الأمور، وبقاء الأوضاع العدلية على ما هي عليه، واستمرار الاقتصاد مزدهرا والاستثمار متقدما في ظل سلطة حكومية مطلقة لا يوجد من يراقبها أو يحاسبها أو يسألها أين تذهب عائدات النفط وأين تصرف ما يحصل من الناس، وأين اختفى المواطن «فلان»، وكيف رحل التاجر الفلاني من البلاد خلال ساعتين، وهو الوقت الذي يستغرقه قطع المسافة بين مكتبه وبيته والمطار، فقط لأنه تسبب في «إزعاج» خاطر مسؤول كبير، وهذا ما حدث ويحدث في كثير من دولنا الخليجية! نعم، أتفق معك على أن الأمور وصلت لمرحلة خطرة بين الطرفين، وأن شيئا ما يجب أن يحدث لينتهي الاحتقان، ولكن لا تقل لي ان الحل يكمن في الدكتاتورية والتسلطية وتكميم الأفواه، وإلغاء الدستور، والتهديد بالعنف، فهذا قد يفيدك أنت كتاجر يرغب في تحقيق أقصى الأرباح في أقصر وقت بعيدا عن الضوضاء والتجاذبات السياسية، ولكنه ليس بالوضع المثالي ولا حتى قريب منه، والإنسان لا يعيش بالخبز وحده!!
فرد صديقي اللبناني بلهجته المحببة قائلا: يمكن معك حق!
***
• ملاحظة: بمناسبة السنة الجديدة نبارك لكل عسكريينا موافقة مجلس الأمة على القانون الفريد في تاريخ «الديموقراطيات»، والمتعلق بالسماح لهم بترك لحاهم على عواهنها! ونتمنى صدور قانون مكمل له يمنع بقية المواطنين من حلق ذقونهم!
أحمد الصراف