احمد الصراف

أصحاب الرسالة الخالدة

آمن حزب البعث طوال تاريخه الدموي والمأساوي بشعار «أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة»! وشارك الكثيرون الحزب في تأييدهم للشعار والاعجاب به، ولكن لا أحد من هؤلاء عرف يوما، أو يعرف الآن، شيئا عن مضمون أو فحوى، أو حتى الخطوط العريضة لتلك الرسالة الخالدة! فهل يعني ذلك أننا الأمة الوحيدة التي لها رسالة خالدة «سرية» وبقية أمم الأرض «كخه» مثلا، وبلا رسالة؟
أما بخصوص الشق الأول من الشعار والمتعلق بـ «أمة عربية واحدة»، فهذا لا شك حلم يراود مخيلة الكثيرين، ولكن دون تحقيقه الصعاب الكثيرة، وأولها فشلنا، ككويتيين ومصريين وعراقيين وسوريين في أن نكون كويتيين ومصريين وعراقيين وسوريين في المقام الأول. فخلق هوية وطنية واضحة وخلق مواطن صالح منتمٍ لوطن محدد أمر سابق لأي وحدة بين اي كيانين. فالوحدة المصرية السورية وغيرها من محاولات الوحدة الأخرى فشلت، ليس لأن الصهيونية والاستعمار وقوى «الاستكبار» الأخرى كانت ضدها، بل لأن عوامل الفرقة كانت أصلا في أطراف الوحدة نفسها، إضافة إلى أن محاولات الوحدة تلك كانت فوقية وليست نتيجة رغبة شعبية، والهوية هنا لا تعني البطاقة الشخصية، بل ما هو أعمق من ذلك بكثير! فكم هي نسبة العرب من دول شمال افريقيا ومصر والسودان والمشرق الذين يودون الحصول على تصريح أو اذن هجرة لأوروبا والعالم الغربي؟ لا شك أن معرفة النسبة، لو تم إعلانها، سيشكل صدمة لأصحاب الرسالة الخالدة!! ونحن بحاجة لأن نكون مواطنين كويتيين صالحين قبل أن نكون بمراحل كثيرة عربا وحدويين أو طالبي وحدة مع «الأشقاء» الآخرين!
وبهذا الصدد، نشرت «الإيكونومست» البريطانية الرصينة قبل فترة مقالا تحليليا عن «عالم العرب، والعوامل المشتركة بينهم»، ورد فيه أن العالم العربي، وهي تسمية مضللة، يتكون من 22 كيانا، وينتمي لأعراق وطوائف وملل وديانات وأصول متنوعة من مصريين اقباط ولبنانيين موارنة وسوريين أرثوذوكس وبربر مغاربة وجزائريين ومسيحيين أفريقيين ووثنيين سودانيين وعراقيين كرد وسريان واشوريين ويمنيين يهود وبيض وسود وسودانيين مسلمين إضافة لعرب الجزيرة! ويمتد هذا العالم من المحيط الأطلسي وحتى الخليج، ومن الصحراء الأفريقية جنوبا وحتى تخوم هضبة الأناضول شمالا، وبالتالي فإن اي تعميم عمن يسمون بالعرب، وخبراتهم، وغرائزهم وأساليب عيشهم وسياساتهم ومعتقداتهم يجب أن يتم التعامل معه بحذر كبير. فان تقول انك عربي يشبه أن تقول أنك أوروبي، فالهوية هنا غير واضحة! فمن الصعب أن تقنع سودانيا مسيحيا أو وثنيا لا يتكلم العربية أو من بربر جبال المغرب أنه عربي، وأنه عضو في الجامعة، فهو سيسخر من ذلك حتما.
وبالرغم من ان الغالبية تتكلم العربية إلا أن من الصعب على السوري «العادي» أن يفهم ما يقوله المغربي «العادي» مثلا، فالحدود التي تقسم الدول العربية لم تحددها تاريخيا الفروق الاثنية أو الدينية بين الدول العربية، بل هي من صنع الدول الاستعمارية التي كانت تحكم المنطقة. وبالرغم من ان غالبية العرب يدينون بالإسلام فان غالبية المسلمين ليسوا بعرب، وبالرغم من أن الإسلام يعطي العرب شعورا قويا بالانتماء إلا أنه عامل تفريق في الوقت نفسه، إما بسبب الفروق المذهبية بينهم أو بسبب عدم إيمان الكثير من المتشددين دينيا بالقوميات السياسية. كما أن العالم العربي يشكو من قلة محاولات الوحدة بين كياناته، ودور الجامعة العربية لم يزد يوما عن محاولة عقد لقاءات لمناقشة الاختلافات بين الاعضاء والاستمرار في مناقشتها دورة بعد اخرى.
ولو نظرنا لفسيفساء الشعوب العربية لما وجدنا لباسا موحدا أو طعاما مشتركا يجمعهم، أو ملامح قريبة من بعضها. وحتى الدول الخليجية الأقرب من غيرها لبعضها البعض تختلف شعوبها في غالبية مظاهرها الداخلية والخارجية وفي العادات والطعام، وحتى في الأهواء والرغبات. ويقول كاتب المقال ان قناة الجزيرة ربما قامت بدور في تقارب العرب أكثر من اي جهة أخرى.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

خلط الأوراق

كنت دائما انتقد كثرة تقديم الاستجوابات.. وكنت اقول إن هذه الاداة الرقابية فقدت اهميتها وهيبتها بسبب الاسلوب الذي تمارس فيه!!
ما حدث في ديوان الحربش امر آخر.. فمع اعتراضنا ع‍لى الكثير من الالفاظ والعبارات التي وردت ع‍لى لسان بعض المتحدثين من نواب وغيرهم، الا ان ردة فعل القوات الخاصة كانت غريبة وغير طبيعية!
ذكرت رأيي في ما حدث في ديوان الحربش في المقال الماضي واليوم أسجل رأيي في ردات الفعل البرلمانية والرسمية.
اعتقد أن تقديم استجواب لسمو رئيس الوزراء امر مستحق، فلكل فعل ردة فعل تكافئه في المقدار وتعاكسه في الاتجاه، لكن لا نجعل هدف الاستجواب اسقاط سموه!! فقد اصبح واضحا وجود رغبة سامية للحفاظ عليه، وعلينا احترام هذه الرغبة، لكن يجب ان تصل رسالة برلمانية قوية لهذه الحكومة خلاصتها «لا لهذه الممارسات»، ويجب ان يعاقب من استغل وجود هذه الرغبة السامية فبالغ في الاذى.. واثخن في الجراح من دون مبرر‍‍!!
انا افهم ان الرغبة السامية تريد تطبيق القانون واعادة هيبته له!! ولكن اكاد اجزم ان ما حدث لم يكن هو مراد هذه الرغبة وهدفها. انا افهم ان الرغبة السامية ساءها ما سمعت من تجاوز لفظي في بعض كلمات البعض وخطاباته، لكن افهم ايضا واجزم ان اهانة نواب الشعب واهدار كرامتهم بالطريقة التي تمت لم تكن ضمن هذه الرغبة!!
انا افهم ان سموه اراد ان يحافظ على سموه وذلك حرصا على استقرار الحكم وحفاظا على هيبته لكن ذلك لم يكن تأييدا للتجاوزات واهدارا للكرامات.
الخلاصة.. الرغبة السامية نحترمها ونجلها ونقدرها ونعمل بمقتضاها، لكن لا نخلط الاوراق، فنجعل من احترام هذه الرغبة مدخلا للمزيد من التجاوزات واهدار للكرامات متذرعين بمقولة:‍ سمعاً وطاعة!! فمنذ ان وجدنا على هذه الارض شعب الكويت يحب حاكمه وحاكمه يحترم شعبه ويحافظ عليه. فيا سمو الامير يدنا بيدك ولاء وتأييدا في منع التجاوزات سواء من الحكومة او من النواب. وحفظك الله ذخراً وسنداً لابنائك.
***
(لفتة كريمة)
بعض الزملاء كانوا يصنفون من الليبراليين والوطنيين وحماة الدستور، اليوم كتاباتهم انتقادا لمن يدافع عن الدستور ويحافظ عليه و«صلّعوا» عندما حمت الحديدة!!
اخر تقليعة احد هؤلاء، «صلع» هو الاخر، لكن بشكل اخر عندما كتب بالامس يطالب بالسماح ببيع الخمور والمسكرات في بلادنا!! ولو نعطيه فرصة شوية طالب بالهوايل!!
صج اللي يختشوا ماتوا!!

سعيد محمد سعيد

في رحاب الحسين «ع» (3)

 

بين يوم العاشر من العام 61 للهجرة ويوم العاشر من العام 1432 الجاري فارق زمني قدره 1370 عاماً…ترى، كيف يمكن توظيف نهضة الإمام الحسين عليه السلام ومبادئها الإسلامية والإنسانية الرفيعة لإسقاطها على وقتنا المعاصر؟ وهل من المنطقي القول، كما يحلو للبعض أن يثير، أنه من الخطأ والشرك وفساد العقيدة أن يستمر إحياء ذكرى عاشوراء؟ وهل إحياء عاشوراء هو للطم والبكاء والنحيب فحسب وإثارة العداوات والحزازيات بين أبناء الأمة – كما يؤمن أصحاب النظرة الأحادية ومؤيدي الخط الأموي – أم أنها نهضة متجددة لها بعدها الديني والاجتماعي والوطني والإنساني؟ لعلني أوفق للإجابة على تساؤلات كثيرة من خلال هذه السلسلة.

@@@

من بين علماء المسلمين الذين حملوا مسئولية شرح أهداف النهضة الحسينية والسر في بقائها واستمرارها حية في قلوب بني الإسلام الأحقاء، هو الشيخ جمال الدين الأفغاني رحمه الله، الذي اختزل في عبارة قصيرة كبيرة (السر الكبير) في الجذوة المشتعلة للمبادئ الحسينية، ذلك لأنها استمدت – على الدوام – روحها من روح الإسلام العظيم حين قال: «الإسلام، محمدي النشأة والأصل… حسيني البقاء والاستمرار»، ولو استعرضنا آراء علماء المسلمين المعتدلين ذوي المسئولية الشرعية النقية في (تقديس) النهضة الحسينية، لتطلب منا ذلك فصولاً طويلة.

إن أولئك العلماء، قبل غيرهم من أتباع الديانات الأخرى طبعاً، كانوا ينظرون إلى جوهر النهضة الحسينية وأبعادها التأثيرية في إعادة الحيوية الإيمانية إلى نفوس المسلمين، وليس إلى ما يحاط بها اليوم من ممارسات وآراء مختلفة بعضها من سخافتها، وصل إلى حد اعتبارها خروجاً على ولاة الأمر، وأن الحسين «ع» خرج عن حدّه ليقتل بسيف جدّه، وربما كان ذلك (البعض) يتمايل ظفراً حين تتنامى إلى مسامعه أصوات التكبير التي نقلها التاريخ… فقتلة الحسين «ع» كانوا يكبرون لأنهم قتلوا حفيد النبي محمد «ص» حتى قال الشاعر خالد بن معدان (وقيل الشاعر الكميت بن زيد):

جاؤُوا بِرَأْسِكَ يا بْنَ بِنْتِ مُحَمّدٍ

مُــتَــزَمِّــلاً بِــدِمــائِـه تـزمـيـلا

ويُـكَـبِّـرونَ بِـأَنْ قُـتِـلْـتَ وإنّـمـا

قَـتَـلـوا بـِـكَ الـتّـكْبيـرَ والتّهْليـلا

أخطر ما يخيف المناوئين للمد التأثيري لمبادئ الإمام الحسين (ع) في حياة الأمة، هي تلك الديناميكية التي تعيد بني الإسلام إلى امتثال التعاليم الإسلامية، ولا أدل على ذلك من أن كل الحملات التشويهية التي كانت ولاتزال تستهدف عاشوراء الحسين «ع» تسقط الواحدة تلو الأخرى، وتتبعها رغم ذلك، حملات أخرى يعلم أصحابها أنهم ساقطون لا محالة وفاشلون! فكيف يستطيع أولئك النفر من حجب أساس النهضة الحسينية التي نكرّرها في عبارته عليه السلام: «وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً، إنما خرجت لطلب (الإصلاح في أمة جدي) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر»، لهذا، كان المد الإلهي السماوي هو الحافظ والضامن لبقاء مبادئ الحسين (ع) الذي قال عنه جده المصطفى (ص): «حسين مني وأنا من حسين… أحبَّ الله من أحبَّ حسيناً».

ليس مهماً أبداً الاستمرار في توجيه الاتهامات المبرمجة للإحياء العاشورائي بأنه: «شرك أكبر بعبادة الحسين (ع) دون الله والتوجه له بالدعاء، ذلك أن الله سبحانه وتعالى بارك هذه النهضة لأنها قدمت الدماء لرفع راية الإسلام ولتعلو في وجه الطواغيت والمفسدين والمارقين! أو أن هناك من يحج إلى كربلاء عوضاً عن الكعبة المشرفة، أو أن هناك من يرفع اللوحات التي تدّعي أنها صوراً للإمام الحسين (ع) أو لأئمة أهل البيت عليهم السلام (أنا شخصياً ضد تلك الصور وضد من يقدسها وضد من يروّج لها وضد من يرفعها في المآتم ومواكب العزاء)»، المهم يا سادتي الكرام، أن يغوص كل مسلم في التبحث العميق في مضامين وأهداف النهضة الحسينية، وليس فيما يقوم به الناس من إحياء… فالممارسات الدخيلة في الشعائر مآلها الفناء، لكن الذكرى باقية إلى أبد الآبدين.

وسنكمل الحديث معاً أيها الأحبة في رحاب الإمام الحسين (ع).

محمد الوشيحي

مشياً على الاقدار


حكايتي مع قلمٍ غير عاقل…

أصبحنا متهمين مقدماً إلى أن تتدبر الحكومة تهمة تليق بكل منا على حدة… نتجول مشياً على الأقدار في اتجاه الغد، والغد يقف هناك ويداه خلف ظهره، يخبئ في إحداهما عصا مزينة بمسامير، وفي الأخرى وردة يحرسها سبعون شوكة مما تعدون.

وقلمي أتعبني… أنا أريد أن أصبح واحداً من العقلاء، أو أن ابتعد عن قافلة «المجانين» على الأقل، وهو يضع سبابته وإبهامه على شواربه ويهمهم «يا عيب الشوم»، ثم يرمي بذاكرتي في حضني بقسوة، ويتمنن عليّ: «تذكّر يا محمد، كم كنت أدفعك إلى رصيف السياسة فترفض في أحيان كثيرة، وتجرني من يدي إلى «البست»، أو المسرح، لنرقص وأنت تلصق فمك في أذني وترفع صوتك ليخترق ضجيج الموسيقى وصخب الراقصين، وتشير بأصبعك (انظر إلى عينيها «الغيفاريتين» الثائرتين، لا ينقصهما إلا قبعة «تشي»، تمعّن بركانَ شفاهها وحممه المكتنزة)، وأنا أنصت إليك بكل ما أوتيت من مجاملة… تذكّر يا محمد كم مرة طلبت مني أن أصدم صبية بكتفي كي أوقع حقيبة يدها فتسارع أنت وترفع حقيبتها متظاهراً (بالجنتلة)… تذكّر يا محمد كم قهقهنا، أنت وأنا، على رصيف المقالات، في الساعة الأخيرة من الليل، أنا أتحدث عن مآثر السرير ومحاسن اللحاف، وأنت تقسم أن تعصر الليل حتى آخر نجمة»، يصمت قليلاً ثم يندفع متحدثاً بصوت خفيض ليحرّك فيّ نخوتي «الكويت هناك، انظر إليها، انقطع صوتها ولم تعد تقوى على البكاء بعد أن استنزفت رصيدها كله على فقدان ابنتها «الحرية»… انظر إليها وهي تشمّ رائحة ثياب ابنتها المغدورة وتتلمس ألعابها، انظر إليها وهي تتكئ على الحائط جاحظة العينين فاقدة الإحساس والعقل، لا تعرف أحداً من المحيطين بها، انظر إلى الكويت التي لا تريد منك ولا من غيرك، إلا أن ترشدوها إلى مكان قبر ابنتها «الحرية» كي تبكي عليها عن قرب، وعن لمس، وعن حضن، وأنت تريد أن تمسح آخر قطرة من إنسانيتك لتصبح (عاقلاً)».

طمأنتهُ: «سأحتاط، لا تخف عليّ، سأفعل كما يفعل زميلي الكبير عبداللطيف الدعيج، وأتظاهر أنني ضد ضرب الناس بالهراوات، فأقذف الحكومة بحصاة صغيرة، أحرص على ألا تصيبها، قبل أن ألتفت إلى المعارضة وأدهن فوهة بندقيتي وأصوبها عليهم… ها هو محسوب على من يرفض استعمال العصا، رغم كل حروفه ونقاطه وفواصله الحكومية، ها هو أبو راكان يسامر العقلاء ويتناول معهم الفراولة، رغم أنه ليس من عشاق «التنمية»، ولا يعاني ألماً في محفظته، لكن يبدو لي أن ما يؤلمه هو «عرقٌ» قصير لا يصل إلى المناطق كلها.

التفتّ إلى القلم لأستشف ردة فعله، فإذا هو يتبسم شماتة، ويهز رأسه: «ألم تكتب في الدعيج معلقة يوماً ما؟ ألم تحفر الخنادق لتدافع عنه في الدواوين؟».

نفثت دخان سيجارتي إلى الأعلى لعله يجيب عن أسئلته المكدسة، لكن خصمي / قلمي أصر على سماعها، كعادته، لتذكيري بها كعادته يوماً ما. فانتزعت كلماتي بأظافر القرف: «شوف، نحن في زمن جويهلي، ما نجلبه من السوق على أنه برتقال، يتضح لنا على المائدة أنه حنظل، والعكس بالعكس، ولا أحتاج إلى تذكيرك أنني لست طبيب أشعة يكشف عن العروق ويميّز فصائل الدم. ثم يا سيدي، كم من أشياء سقطت من يدي ومن عيني… لم أعد أكترث بالخسائر، ولا بسقوط التماثيل العملاقة… وأظن أن تمثال أبي راكان لا يكترث بعيني».

أتعبني هذا القلم، قاتله الله، كلما سلكت طريقاً سدّه… أتعبني وهو يتقمّص شخصية خادم المتنبي الذي ذكّره ببيت شعره الخالد (الخيل والليل والقوات الخاصة وجريدة الوطن…) فانثنى عائداً فقُتِل… تبّاً للأقلام والخدّام، وعاش أبو راكان.

احمد الصراف

«شاتوه» سالمية.. و«شاتوه» سلوى!

كتب الزميل العراقي عبدالله السكوتي الحكاية التالية، ولا أدري مدى صحة ذلك، والتي «بطلها» رئيس وزراء العراق الأسبق نوري السعيد، حيث قال إن مجلس النواب في عهد السعيد صوّت مبدئيا على قرار إغلاق الملاهي والحانات والنوادي الليلية، لكن الحكومة اختارت عدم الامتثال للقرار، وجادل السعيد النواب عدة مرات للعدول عن التصويت النهائي، فلم يوافقوه على ذلك، وكانوا مصممين على موقفهم! وقبل اتخاذ القرار النهائي دعا السعيد النواب إلى داره لتناول طعام العشاء، وأمر من يقوم على خدمتهم بغلق جميع المرافق الصحية والحمامات، وأولم لهم بما لذّ وطاب من مشروبات وطعام، وحين أراد النواب الذهاب إلى الحمامات وجدوها مقفلة، هذا بعد سمر طال أمده. واحتج نوري السعيد بشتى الحجج ليبرر غلق حمامات قصره، فما كان من النواب إلا استخدام الحديقة لقضاء الحاجة، فدبت بينهم الفوضى والروائح الكريهة والمناظر غير السارة، وحين عاد النواب من الأعيان والشيوخ ألحوا على نوري السعيد معرفة سبب تصرفه الغريب. فقال: أنتم تريدون إغلاق النوادي الليلية والمراقص والملاهي، وحينها سيفعل الناس ما فعلتم، وستمتلئ الشوارع والأزقة والمناطق السكنية بمن يريد ممارسة ما تمليه عليه غريزته، وسيصبح «الميدان» في كل المناطق، وستكون المشارب هي الطرق، فلماذا لا تدعوا الأمر مقنناً، وله أماكن يرتادها روادها؟ حينها اقتنع النواب وألغوا تصويتهم على القرار!
ولو نظرنا إلى أوضاع دولنا لوجدنا أن غالبيتها تعيش حالة شديدة من النفاق المخزي! فهي تعلم إلى أين يسافر مواطنوها عند أول فرصة وعطلة وإجازة سنوية، وتعلم جديا لماذا يسافر هؤلاء ولأي غرض، لكنها اختارت ان تكون كالقرود التي «لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم»، وتُصر على المكابرة، وتخاف من «البعض» وتتردد في تقنين تناول المشروبات مثلا، وهي هنا ايضا تعلم تمام العلم أنها تتوافر في كل ميدان، وأن من يود الشرب فلن يعدم الوسيلة، لكن بمخاطرة أمنية وصحية كبيرة وبثمن مبالغ فيه، فبورصة أسعار المشروبات الروحية معروفة وأنواعها معروفة، حتى الجهات التي تقوم بتهريبها، وهي المستفيد الأكبر من هذا الحظر، تكاد تكون معروفة. كما تنتشر في طول البلاد وعرضها مصانع «تقطيره»، فهناك «شاتوه» سالمية و«شاتوه» سلوى وغير ذلك. وأقسام الحوادث في المستشفيات أكثر الجهات، علما بما يحدث آخر الليل من مدمني المخدرات ومتناولي «الزفت» من المشروبات! لكن هذا قرار الأمة «المتخلفة»، وعلينا الانصياع له.

أحمد الصراف

سامي النصف

إلا العبث بالدستور

بدأ العبث بالدستور عندما أوشكنا على تأليه النائب وجعله بمنزلة من لا يسأل عن أعماله قط.

وبدأ العبث بالدستور عبر الرفض المتكرر لإنشاء لجنة قيم، كحال جميع الديموقراطيات الأخرى، تحاسب وتعاقب مخالفي القوانين من النواب، وهم من يفترض قسمهم وأبجديات عملهم أن يكونوا على رأس حماته.

وبدأ العبث بالدستور عندما استخدم كوسيلة للتأجيج والتحريض وترك العمل تحت قبة البرلمان للتجمع خارجه.

وبدأ العبث بالدستور عندما خالفنا نصوصه وتوصيات آبائه المؤسسين ورفضنا تعديله وتطويره ليواكب متغيرات العصر فأوشكنا على قتله بحجة حمايته.

وبدأ العبث بالدستور عندما جعلناه وسيلة لتدمير الهيكلية الوظيفية العامة للدولة، عندما ترك النائب كرسي التشريع والرقابة واستبدل به كرسي الوساطة والمحسوبية.

بدأ العبث بالدستور عندما دمرنا الأسرار الوظيفية الواجبة عبر عقد يقوم بين النائب والموظف على مبدأ «سرب لي وأرقيك»، فأصبحت الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية أقرب لبيوت الزجاج التي يرى المارون عورات أهلها مكشوفة.

والعبث بالدستور بدأ عندما خلقت علاقة مصلحية بين بعض النواب وبعض العاملين في الأجهزة الرقابية بالدولة، فيسلط النائب الجهاز الرقابي على هذا الوزير الذي لا يحبه أو ذاك المسؤول الذي لا يريده فـ «يطيره» ويحصد الموظف في المقابل المكاسب والترقيات.

والعبث بالدستور بدأ عندما تمت مخالفة مواده الصريحة التي تدعو لعدم التفريق بين الناس بسبب معتقدهم (المادة 29) فتم حرمان المسيحي وغيره من أصحاب الديانات الأخرى من حق الحصول على حق المواطنة حتى لو بقي هو وأحفاده ألف عام أو يزيد.

والعبث بالدستور بدأ عندما سن البعض تشريعات ما أنزل الله بها من سلطان، ولم تشهد لها البشرية مثيلا في تاريخها يقصد منها الدغدغة وإعادة انتخاب النائب على حساب إفلاس الدولة وتدمير مستقبل أجيالها المقبلة.

والعبث بالدستور بدأ عندما أصبح وسيلة للاثراء الفاحش غير المشروع «وعلى عينك يا تاجر».

والعبث بالدستور بدأ عندما بدأت عمليات محاسبة المسؤولين على الهوية لا على القضية، فمن نوده، وكما حدث، لا يحاسب حتى لو سرق ميزانية وزارته في شنط كبيرة، ومن نستقصده إن لم نجد مأخذا عليه نحاسبه على ثقب الأوزون.

والعبث بالدستور بدأ عندما قامت علاقة انتهازية غير صحية بين بعض رجال السلطة الثانية وبعض رجال السلطة الرابعة.

والعبث بالدستور بدأ عندما تم القفز على مبدأ فصل السلطات الذي هو أحد أهم مواد وأعمدة الدستور.

والعبث بالدستور الذي تنص مواده على احترام القوانين والمساواة بين المواطنين بدأ عندما قبل بعض النواب أن يكون وصولهم الى المجلس عبر انتخابات فرعية محرمة شرعا ومجرّمة قانونا.

والعبث بالدستور بدأ عندما جعلناه، وبعد نصف قرن من مولده، هزيلا خائفا وكأنه لا يزال في الصف الأول حضانة ديموقراطية.

آخر محطة:

 (1) أحد مظاهر العبث بالدستور جعله وسيلة للأزمات المتلاحقة التي تعصف بالبلد.

(2) أحد مظاهر العبث بالدستور تحويله من التجربة القدوة في المنطقة الى القدوة السيئة.

(3) أحد مظاهر العبث بالدستور تخصيص 20 سكرتيرا للنائب الكويتي، بهذا المقياس: كم سكرتيرا يحتاج النائب الصيني؟!

احمد الصراف

أليس والوزير غيت

ورد في موقع الـ«بي.بي.سي» على الإنترنت في أكتوبر الماضي خبر عن إقامة معرض يضم صورا وقطعا اثرية عديدة عن الرحلة التاريخية التي قامت بها الأميرة أليس، آخر حفيدات الملكة فيكتوريا، للمملكة العربية السعودية في عام 1938، مع بداية الاكتشافات البترولية فيها. وبالرغم من أن الرحلة التي صاحبها زوجها فيها، لم تكن رسمية فانها حظيت باهتمام كبير من الدولتين، وقد استغرقت ثلاثة اسابيع تخللتها زيارات لواحات ومدن منها مكة، ولكن لم يسمح لها بالتصوير هناك. وقد عادت الأميرة أليس من رحلتها بحصيلة من الذكريات والصور النادرة التي تجاوزت 320 صورة، وربما تعتبر واحدة منها أول صورة للملك عبدالعزيز بالألوان. كما أن هناك صورة فريدة أخرى تجمع الملك بأبنائه فيصل وسعود وعبدالله، وقد اقيم معرض كبير في جامعة اكتسر البريطانية لهذه الصور التي تمت استعارة الكثير منها من مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في مدينة الرياض.
وفي الفيلم الوثائقي الذي أنتج عن المعرض والصور، ورد أن الأسرة المالكة السعودية اقامت للأميرة أليس عددا كبيرا من الولائم والحفلات التي حضرتها وأفراد أسرتها وجمع غفير من الرجال، وإنها كانت في الغالب المرأة الوحيدة بينهم، وهذا ما كانت عليه الحال قبل 70 عاما تقريبا، أما الآن فإننا نجد أن الفصل بين الرجال والنساء في الولائم أصبح أكثر تشددا!
وهنا نتساءل: ما الذي حدث لنا ولمجتمعاتنا؟ وكيف كنا بكل تلك الأريحية، واصبحنا، بفضل الصحوة، بكل هذا الانغلاق؟ ألم تكن مجتمعاتنا إسلامية قبل 70 عاما وأصبحت الان فقط كذلك؟
***
ملاحظة: تعليقا على تسريبات الـ «ويكيليكس»، صرح وزير الدفاع الأميركي بالتالي: تسعى كل حكومات العالم للتعامل معنا لأن في مصلحتها القيام بذلك، وليس لمحبتها أو ثقتها بنا، أو لأنها تعتقد أن بإمكاننا حفظ أسرارها. وكل، أو بعض الحكومات تتعامل معنا لأنها تخافنا، واخرى لأنها تحترمنا، ولكن الغالبية لأنها بحاجة لنا، لأننا، وببساطة، دولة لا يمكن الاستغناء عن التعامل معها! وبالتالي فإن الدول الأخرى ستستمر في التعامل والعمل معنا، وهذا يعني أننا سنستمر في تبادل المعلومات الحساسة بعضنا مع بعض!
هل وصلت رسالة الوزير؟

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

هيا بنا نزلق

الحكومة نفذت رغبة النواب و»مدّت يدها» إليهم، لكنها كانت تحمل عصا. عساها الكسر. أقصد العصا طبعاً، لأن يد الحكومة لا تُكسر بل يد النائب الشجاع وليد الطبطبائي. والطبطبائي هو الذي «زلق» (أي تزحلق) فانكسرت يده، كما تقول قيادات الداخلية في مؤتمرها «الصحّاف»، أو الصحافي، نسيت الياء. وهو مؤتمر من أجمل المؤتمرات الصحافية في التاريخ، إذ سمح بتلقي اتصال يتيم من النائبة سلوى الجسار، والحمد لله أن الأمور لم تلتبس عليها فتظن أن المؤتمر برنامج سهرة فتطلب أغنية.

والخبير الدستوري الفذ د. عبيد الوسمي – أنعم به من شنب ودماغ وقلب – «زلق» هو الآخر فأغمي عليه. والعساكر الثلاثة الذين كانوا يسحبونه من رجله وبأيديهم هراوات، كانوا يقولون «اسم الله اسم الله»، كما يبدو من حركة شفاههم في الصورة. والنائب عبدالرحمن العنجري زلق هو الآخر، لكن على الزرع لا على الرصيف. والصحافي محمد السندان الذي تغيرت معالم وجهه، وما يزال يستمتع في سريره الأبيض في مستشفى الصباح، هو الآخر «زلق»، والهراوات المرفوعة في أيدي العساكر في وجوه الشعب ونوابه كانت لإزالة قشور الموز المتناثرة، والصورة التي يظهر فيها عسكري يمسك بدشداشة الطبطبائي كانت خوفاً من أن يزلق الطبطبائي.

والداخلية لا تكذب، أبداً، لأنها بنت الحكومة التي أحسنت تربيتها، و»اقلب الجرّه على تمّها تطلع الداخلية لأمها»، وللأسف لم أكمل متابعة مؤتمر الداخلية الصحافي، وغيّرت القناة قبل أن أسمع من أحد القيادات العسكرية «إن جمهور الندوة رمانا بالقنابل اليدوية واستشهد منا ثلاثة وثلاثون عسكرياً، وتمالكنا أعصابنا، وقلنا «الله يسامحكم»، ثم تحرك النائب جمعان الحربش بدباباته ودهسنا وكسر أربعة أضلع فينا و»عدّيناها»، وعندما حلقت طائرات الجمهور فوق رؤوسنا، رمينا قشور الموز وهربنا فـ»زلق» الشعب ونوابه. ومن لا يصدق فليسأل النائب المتدين حسين القلاف. هو مثلنا لا يكذب».

ومن اليوم، سنتمرن «معدة وظهر» قبل حضور أي ندوة، وسنحفر خنادق «فيتنامية»، وسنرتدي «الواقي ضد الرصاص»، كي لا يزلق أحدنا فتخترق قلبه رصاصة طائشة عاقة… واليوم كان الغضب على شكل استجواب لرئيس الحكومة، وغداً قد نبني خياماً للندوات، كخيام الأعراس، نجتمع فيها، فتضيق بالناس وتفيض، فننصب أخريات، وقد يستشهد مواطن من حضور الندوة، أو نائب، أو ناشط أو كاتب، وقد نعلن العصيان المدني، وقد تتوقف الدراسة، وقد تتعطل مصالح الناس، وقد تتوقف الحياة، وقد وقد وقد، وإن «قداً» لناظره قريب… فالشعوب الحرة لا تُهزم.

والآن نوابنا فسطاطان، فسطاط يدافع عن كرامة الناس فيتعرض للسياط، وفسطاط عينه على «التنمية» والبطاط. والنواب المؤيدون لاستجواب رئيس الحكومة وعدم التعاون معه شارفوا على بلوغ العدد المطلوب (يجب ألا يقل عن 25 نائباً)، وإلى هذه اللحظة لم يحدد «التجمع السلفي» موقفه، هل هو مع كرامة الناس أم مع «التنمية»، والنائب علي العمير يرفع راية الكرامة ويتحدث عن التنمية، والنائب خالد العدوة اقترض من رئيس البرلمان – المتواري عن الأنظار والأسماع – تصريحاً من تصريحاته المدهونة بالفازلين، والتي تخلو من أي خبر ومبتدأ، لكنها «جملٌ اسمية» على كل حال. ثم أعلن العدوة لاحقاً تأييده الاستجواب، لكننا لن نثق به ما لم يدفع «ديبوزيت»، أو «مقدم ربط كلام»، و»يوقّع» على شرط جزائي في حال تراجع – كالعادة – عن كلامه، لدواعي «التنمية».

والنائبة د. أسيل العوضي تعطي هذه الأيام دروساً في «المرجلة والثبات على المبادئ»، وللنواب الذين لم يحددوا مواقفهم إلى هذه اللحظة حصصٌ مجانية عند أسيل.

وأهم تصريح بعد ليلة «الزلق» كان للنائب «التنموي» عسكر العنزي «أطالب بزيادة مكافأة الطلبة»، نشرته «جريدة الشاب العصامي» باهتمام «مالغ»، وأظن أن عسكر في يوم الاستجواب سيطالب بدعم علف المواشي… على أن ما أذهلني هو ركوب فريق الحكومة، كلهم بدون استثناء، في حافلة الكذب الجماعي. لم يستحِ أحدٌ منهم من أحد… الكذب هنا على المكشوف، عرضة للذباب… اللهم سلّط عليهم من «يزلقهم» تحت قيادة وزير الداخلية ذي التاريخ العسكري المشرف أثناء الغزو عندما كان رئيساً للأركان.

سامي النصف

إلا التدمير

لم تحترق لبنان وتدخل في حرب اهلية دامت 17 عاما الا بعد ان ضربت هيبة الدولة ومنع الجيش وقوى الأمن من النزول الى الشارع لفرض الأمن، كما لم يبدأ القتل والتدمير في العراق الا بعد ان حل الجيش وضاعت هيبة الدولة، فهل هذا المطلوب عمله في الكويت كي تسيل الدماء انهارا؟!

ومن يحاول ترويج مبادئ التأجيج وبث الفوضى في البلاد هذه الايام سبق له الاضرار بالبلاد والعباد تحت دعاوى جميلة مدغدغة واحلام ليلية وردية تنتهي بنا بكوابيس نهارية مرعبة، فتجمعات الدواوين التي يراد لنا العودة السريعة لها لم تأت لنا بالديموقراطية آنذاك بل جلبت لنا جيش صدام، فهل هذا هو مطلب ومراد الشعب الكويتي؟!

وسافرت قبل مدة في جولة اعلامية استخدمت خلالها شركة الطيران المصرية للقاهرة ثم اللبنانية لبيروت والاردنية لعمان والكويت وفي جميع تلك الشركات الحكومية المدرجة على قائمة الخصخصة وجدت احدث انواع الطائرات واكثرها امنا وافضلها خدمة، فلم يقم احد لديهم بمثل ما قامت به جماعتنا من الغاء صفقة تحديث الطائرات بحجة الخصخصة المتباكى عليها متناسين ان الطائرات تشترى بالاقساط التي تدفع من مداخيلها وارباحها ومن سيشتري الشركة في حال خصخصتها سيتحمل تلك الاقساط فهل يريد من دمر «الكويتية» وجعلها أثرا بعد عين ان يدمر الكويت كذلك باجتهاداته الخاطئة؟!

وفي القاهرة دعاني الاصدقاء لجلسة جميلة في احدى فلل «مدينة الورود» بمحافظة 6 اكتوبر، وفي مقابلها قارب اكبر مول في الشرق الاوسط والمسمى بـ «ارابيا مول» على الانتهاء وفي ارجاء مصر آلاف المشاريع المماثلة التي قامت على معطى تسهيل الدولة حصول الشركات العقارية والمطورين على الاراضي العامة عبر انظمة عدة منها الـ «B.O.T» في وقت تم فيه قتل مشاريعنا الخاصة وخنق مشاريع السكن الاهلية بسبب قوانين اصدرها نفس التوجه السياسي، فهل نصدق اجتهادهم الخاطئ الآخر الذي قتل التنمية في بلدنا ام نصدق ما تراه اعيننا في البلدان الاخرى من جنات خلقتها المليارات الكويتية التي هاجرت إليهم بسبب التشريعات القاتلة التي صدرت؟!

وضمن متابعتنا السياسية للديموقراطيات الاخرى التي دفعت بلدانهم الى التوجه سريعا للأمام في وقت تسببت تجربتنا الديموقراطية في التحرك سريعا الى الخلف وجدت فروق عدة تسبب فيها بعض اخطاء مجتهدينا، منها: 1 – تعديلهم وتطويرهم الدائم لدساتيرهم، 2 – وجود لجان قيم تحاسب وتعاقب النواب ولا تجعلهم فوق المحاسبة، 3 – استجواباتهم تتم في دقائق على القضية وتصيب المخطئين من المسؤولين بينما تصيب استجواباتنا التي تقوم على الهوية المصلحين منهم، 4 – استجواباتهم هادئة لا يعلم بها احد واستجواباتنا اقرب لعروض سيرك في يوم عيد، فهل عقلاء الديموقراطيات الاخرى على خطأ، رغم الانجاز، واجتهادات حكماء ديموقراطيتنا على صواب رغم الاخفاق؟!

آخر محطة:

واضح من الامثلة السابقة أنه ليس كل مجتهد مصيبا، واننا بحاجة للتواضع قليلا والاعتراف بالخطأ، فليس من العدل ان نحرق وطننا ونحيل امننا الى خوف ليثبت لنا مرة اخرى خطأ مسارنا هذه الايام.

احمد الصراف

سجلات سلف المجلس

خلال نصف قرن تقريباً لم أدخل مبنى البرلمان أكثر من ثلاث أو أربع مرات، ولكني ساهمت بفاعلية في أن يكون للمرأة مكانها فيه عضوة عاملة تحت قبته، وثبت صدق حدسنا، فقد تفوق اداؤهن على زملائهن بأشواط، وخاصة النائبة رولا دشتي التي خسرت اللجنة الاقتصادية خبرتها الكبيرة، عندما لم يتم انتخابها عضوة فيها، ربما بتكتيك حكومي.
المهم انه تصادف خلال زيارتين لي للمجلس قبل سنوات عديدة رؤيتي لظاهرتي وصول أو مغادرة بعض كبار المجلس، وقد فوجئت من كل ذلك العدد من الموظفين والسكرتارية المشاركين في وداع أو استقبال هؤلاء الكبار، وكيف كانوا يقومون «بفتح الأبواب والطريق» لهم بإشارات من أيديهم، وكأن شاغل المنصب ليس شخصا شعبيا يكون اليوم هنا وغدا في مكان آخر. ولم أود وقتها التعليق على ما رأيته، لولا ما أخبرتني به سيدة كريمة ومعروفة بأنشطتها الخيرية والتعليمية والثقافية، قبل أيام عن استمرار تلقيها دعوات صادرة من المجلس باسم زوجها، الذي سبق أن كان وزيرا ومسؤولا محاسبيا كبيرا، لحضور احتفالات المجلس الرسمية بمناسبة أو بأخرى، على الرغم من ان زوجها توفي قبل أكثر من ست سنوات!
وتقول السيدة إنها أشرت على آخر دعوة وردتها طالبة من أمانة مجلس الأمة، التي ربما أصبحت للأبد من نصيب السلف، إرسال كل الدعوات مستقبلا إلى نادي «مقبرة الصليبخات»، حيث يرقد زوجها هناك! ولكنها غيرت رأيها، بعد ان سئمت من تذكير أمانة المجلس المتخلفة، المرة تلو الأخرى، بضرورة رفع اسم المرحوم زوجها من قوائم الدعوات!
وسؤالنا هو: كيف يكون لأمانة سر وسكرتارية المجلس كل هذا العدد الكبير من الموظفين، ولا يقوم أحد بمراجعة سجل دعوات الشخصيات بين الفترة والأخرى وتعديل ما يلزم فيها؟ نتمنى على الرئيس الخرافي محاسبة المسؤول عن هذا التقصير المخجل في حق الأصول والبروتوكول، والأهم من ذلك مشاعر الغير.

أحمد الصراف