سامي النصف

إلى أبناء القبائل عامة ومطير خاصة

في التسعينيات لاحظت ظاهرة خطيرة جدا هي بدء عمليات تحريض منظمة للشباب الاسلامي الملتزم وارساله لافغانستان والشيشان وكوسوفو ليقتل ويُقتل، بينما يبقى من حرضه آمنا في بيته وعند اهله لا يصيبه ضرر، تصدينا حينها لتلك الظاهرة التي لم تتوقف للاسف الا بعد ان دفعنا ضريبة الدم عام 2005، وقد غضب منا بعض الاحبة آنذاك الا انهم عادوا وبعد تكشف الحقائق ليوافقونا الرأي وهو ما سعدنا به.

تتكرر هذه الايام ظاهرة التحريض والتأجيج لشبابنا اليافع متخذة اتجاها آخر ومستقصدة هذه المرة شباب القبائل الكرام ودفعهم نحو التحرك للداخل لا الخارج في عملية لا مصادفة فيها بل هي امور منظمة، حيث نقرأ على بعض المنتديات الشهيرة التي تتشكل فيها عقول الشباب، مقالات محرضة كالتي كان عنوانها «الى ابناء القبائل عامة ومطير خاصة» وأتى ضمنها «يا حكومتنا اذا تريدين حربا فنحن لها وهي حرب نخوضها انتصارا لكرامتنا» ومثل هذا المقال كثير، ومما يظهر ان الامر مخطط له وبشكل متعمد حقيقة ان المعرفات التي تدعو للحرب والضرب والعصيان والاقتتال الاهلي جميعها مسجلة حديثا وبأسماء محرضة كالمقاتل والمناضل وسيف القبائل، وبالطبع لا يعلم احد ان كانت هذه المعرفات كويتية أم عدوة للكويت وهو الامر المرجح.

ان القبائل وشبابهم وعبر تاريخهم الناصع كانوا اقرب لعمود الخيمة التي يستظل بها البلد، وقبيلة مطير تحديدا التي وجه لها مقال وخطاب الفتنة هي الاكثر قربا ونسبا مع القائمين على البلد، وهي اول من حاز اعلى المناصب الوزارية بعد رئاسة الوزراء ابان تولي ضيف الله شرار نائب الرئيس، كما ان لها في الحكومة الحالية وزيرين يمثلان خُمس الوزراء الشعبيين من غير ابناء الاسرة الحاكمة، فهل ينطلي على احد بعد ذلك اكذوبة ان تلك القبيلة الكريمة مستهدفة في البلد؟!

وأقسم بالله انني لو كنت اعلم ان لابناء القبائل الكرام مصلحة وفائدة فيما يحدث لكنت اول قلم يسخّر لنصرتهم، وقد سبق لي ان انتقدت اطروحات السيد جويهل في اكثر من مقال، الا ان الحقيقة الجلية تظهر أنهم ـ لا المحرضين المستفيدين ـ المتضرر الاكبر مما يحدث، فالكويت الممزقة والمنقسمة هي بلدهم والسمعة السالبة التي يحاول المحرضون إلصاقها به هي سمعتهم وسمعتنا معهم، ولا نطلب منهم الا التهدئة وعدم الاستماع لمن ينوي الضرر ببلدهم وقبله بهم.

آخر محطة:

1 – بعد ان طال التحريض والتأجيج ابناء القبائل الكرام، تم توجيه معول التحريض والهدم لابناء البدون الشرفاء حيث كتب من يسمي نفسه محمد العنزي من لندن، مقالا في نفس المنتدى عنوانه «الكويتيون البدون وجبة لاسماك القرش الاسترالية» ادعى ضمنه انه كان على مدار اسبوعين على اتصال مع 67 من البدون الكويتيين كانوا ينوون التوجه بحرا الى استراليا الا انهم غرقوا في تلك الرحلة، مؤججا المشاعر ومحملا الكويت مسؤولية وفاتهم، وعندما رُد عليه بحقيقة ان جميع الضحايا، كما تناقلت وكالات الانباء، من الايرانيين والعراقيين ومن ثم لا يجوز تحميل الكويت مظلمتهم، اغلق الموضوع وكله يهون ما دام الامر تحريضا في تحريض وكذبا في كذب..!

2 – ما اسهل ان تمشي مع التيار في زمن الدغدغة والانفعال والجنون، وما اصعب ان تحكم ضميرك وعقلك والا تجامل على حساب وطنك وأحبتك حتى لو غضب بعضهم، فالايام كفيلة، كما ذكرنا في بداية المقال، بكشف عدوك من صديقك ومن يضحك معك ومن يضحك عليك.

احمد الصراف

حج عام 1953 وتبرع 1935

كانت والدتي، ولا تزال، تحدثني بين الحين والآخر عن مشاهداتها وعظيم انطباعاتها عن الحج وعن الرهبة والخشوع اللذين كانا يسيطران على مشاعرها كلما دخلت أجواء الحرم المكي الحرام بساحاته الواسعة التي تمتد الى ما لا نهاية، وأرضيات الرخام التي تبدو كصفحة ماء رقراق، والممرات المظللة والأعمدة الباسقة التي تجعل الأسقف فوقها تبدو وكأنها من دون عمد، ورائحة التاريخ الرهيب التي تملأ بعبقها المكان حاملة اسرار صراعات وحروب ودماء، وزهد وسطوة وتعطش للعبادة والسلطة معا! وكنت دائما اصغي اليها وأعلق على أقوالها بأن ما رأته وما شعرت به قليل جدا أو لا شيء مقارنة بما زخر به المكان من أحداث جسام وتقلبات لا يمكن للعقل العادي الإحاطة بها من خلال زيارة أو اثنتين أو حتى عشر للمكان.
وضمن هذا السياق سبق أن قامت مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» الأميركية في عام 1953 بإجراء تحقيق مصور عن موسم حج ذلك العام، وقام مراسلها الباكستاني بالتقاط مجموعة من الصور النادرة والمعبرة التي يمكن من مجرد النظر اليها تصور حجم التغير الذي طرأ على تلك البقعة خلال الستين سنة الماضية، ومقارنتها بالوضع الحالي لمدينة مكة ومنطقة الحرم. وبالرغم من قصر المدة نسبيا بحسابات التاريخ، فانه ليس من الصعب ملاحظة أن موسم حج ما قبل نصف قرن فقط لا علاقة له بتاتا بما يحدث الآن، فقد كان بسيطا بشكل عام إلى درجة كبيرة، وكان موقع مقام سيدنا إبراهيم، مختلفا تماما. كما يلاحظ من الصور الرقم الضئيل للحجيج وسهولة تحركهم وصغر مشعر رمي الجمرات الذي لم يكن قطر حلقته يزيد على الأمتار الخمسة أو الستة. كما أن المنطقة بكاملها كانت متربة ومعرضة للفيضان عند أول عاصفة مطرية. وفي بحر ألوان ملابس الحجاج والمباني كانت ألوان إعلانات الكوكا كولا هي الوحيدة الصارخة والبارزة، مع برادات بيع قنانيها في وسط الحرم. وكانت الحمير هي وسيلة النقل الأساسية سواء للحجاج او لنقل لحوم الأضاحي.
وفي هذا الصدد أيضا ورد في ملحق جريدة «حضارة السودان» الصادر في 1935/3/14 كشف أولي بتبرعات السودانيين «لإعانة» ساكني المدينة المنورة، حيث بلغ مجموع التبرعات 223 جنيها. وكان أكبر متبرع هو السردار المهدي، الذي دفع مائة جنيه، وكان لافتا للنظر وجود اسم «هنري جيد» بين اسماء المتبرعين، وهو وجيه سوداني كان معروفا في وقته، كما كان للجنيه قيمته الكبيرة وقتها. وربما جاءت تلك التبرعات نتيجة مجاعة أو حالة قحط اصابت المدينة في سنتها أو قبلها، وتلت تلك التبرعات قوائم تبرع أخرى شملت سكان مكة أيضا. وكان الحجاج السودانيون موضع ترحيب دائم من أهل الحجاز، ربما لكرمهم أو لما كانوا يحملونه معهم للحج من هدايا واطعمة، وكان يطلق عليهم «أولاد عباس». ويذكر أن الملك عبدالعزيز بن سعود نجح في السيطرة على منطقة الحجاز وتوحيد مملكته عام 1932.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

نواب للأمة وللحكومة

أخوه نواب في مجلس الأمة نجحوا في دوائرهم باستحقاق وجدارة، حيث معظمهم مؤهلون علميا، وبعضهم ذوو خبرة برلمانية طويلة، لذلك اعتبر المراقبون وصولهم الى البرلمان اضافة ايجابية تساهم في تحسين ادائه. ما حدث خلال الأشهر الماضية خيب آمال هؤلاء المراقبين عندما أصبح بعض هؤلاء كالمطوع والمبارك والزلزلة نوابا للحكومة ومدافعين عنها في الطالعة والنازلة، مما جعل البعض يصفهم بالناطق باسم الحكومة!!
ان الاعتدال في الطرح لا يعني رفض كل ما يصدر من المعارضة، فما حدث ويحدث اليوم ان بعض الكتل تطالب بالاعتدال والعقلانية، ثم تقف مع الطرف الحكومي بحجة تطرف المعارضة وحدة طرحها وعدم عقلانيته!! ولعل تصريحات سيدهم بالأمس وتابعه الوكيل، تؤكد كيف اصبحوا ناطقين بلسان سموه، بل تعدوا ذلك الى المطالبة بضرب المعارضة واستعمال أعنف الوسائل التأديبية معهم. وأنا أعرف ان منهم عقلاء لا يقبلون بلعب هذا الدور لأنه لا يناسبهم ولا يناسب تاريخهم المشرف، لكن يبدو ان في الأمر سرا نجهله!! قد تكشفه الأيام وقد لا تكشفه، لكن ما نجزم به هو ان الأمر غير طبيعي! صحيح ان ايران جارة ولها تأثيرها، والعراق جار كذلك وما يجري فيه يؤثر كذلك فينا شئنا أم أبينا، لكن لو أخذنا هذا في اعتباراتنا لما أصبحنا دولة حرة ومستقلة!!
***
«لفتة كريمة»
الكويتي بالتأسيس أو الذي يحمل جنسية أولى، هو الذي أثبت للجنة الجنسية ان له تواجدا في الكويت قبل عام 1920.
وأنا أسأل «لفتة»، الذي ينكر قدوم والده (يرحمه الله) الى الكويت عام 1948بجواز سفر عراقي، أين كان والدك يسكن في عام 1940؟ ما في داعي أسأل عن عام 1920 أو عن فترة الثلاثينات!!
هل سكنتم في شرق؟ أم في جبلة؟ أم في المرقاب؟
هل أنتم قرويّة من أهل الساحل الجنوبي؟ أم من عريب دار حول واره وأم قدير والمناقيش؟ هل أنتم من أهل الجهراء؟ هل سكنتم فيلكا؟
لا يمكن لكويتي بالتأسيس الا وسكن الكويت في احد هذه الأماكن وله تاريخ وله جيران!! اذكر لي واحدا من اقربائك حتى لو يجمعك معه الجد العاشر سكن الكويت قبل 1945!!
اذاً كيف حصلت على الجنسية الأولى؟ ومنا الى الأخ وزير الداخلية الذي يحسن تطبيق القوانين حتى الملغى منها بحكم دستوري. خذ هذا كاش يا بونواف.
عزيزي القارئ اعذرني لما كتبت، لأن هذا النكرة تخصص بشتم أبناء الحمايل وأهل الديرة حتى انه وصف نواب الأمة بأقذع الألفاظ.. فمثل هذا يستحق منا ما سيأتيه!!

محمد الوشيحي

حزّوا رقبة امه

صباح الخير أبا عمر، أستاذ محمد عبدالقادر الجاسم… صباح الخير دكتور عبيد الوسمي… هي غمّة ستجرفها سحابة تلقي بها هناك.

***

شيخ الدين المصري محمود عامر تحمّس قليلاً فأفتى: «يجب أن تُقطع رقبة المعارض المصري محمد البرادعي – الذي ينوي الترشح لمنصب الرئيس – لأنه دعا إلى العصيان المدني»، فانتشرت فتواه كالنار في المخازن قبل الجرد، كحال كل الفتاوى الشاذة، وتداول الناس اسمه وفتواه، وخرج من ظلمات الصفوف الخلفية إلى واجهات الإعلام، فتحمّس أكثر فأفتى: «والشيخ القرضاوي أيضاً يجب أن تُحصَد رقبته لأنه يدعو إلى العصيان المدني».

ولو تُرك أخونا محمود عامر يسير في طريقه دون أن يعترضه أحد فلن أستبعد أن يطلق فتوى نووية: «أعضاء حزب الوفد يجب أن تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وأعضاء الحزب الناصري يجب أن يُرجموا رجم الزانية…»، وستتوالد فتاواه كالقطط، وبالتأكيد ستدور كلها حول القطْع و»الحصْد» والتنكيل والتعزير والرجم، ولن تجد فيها فتوى عن وجوب رعاية النشء أو الأيتام ولا تشجيع البحوث الطبية والعلمية ولا مساعدة الشباب على الزواج، ولن يحض على توفير فرص عمل للشبان الخريجين، ولا ولم ولن، فكل هذا لا يجذب الأضواء، ولا حتى «لمبة مئة شمعة».

ولو رزق الله أميركا بـ»محمود عامر أميركي» لكانت رقبة أخينا باراك أوباما ملقاة في سلة قمامة البيت الأبيض، ولو رُزقت فرنسا بمثله لكان رأس ساركوزي معلقاً على قوس النصر في شارع الشانزليزيه، وستمتلئ أوروبا بالرؤوس المعلقة، فالمعارضة هناك لا تدعو إلى العصيان المدني فقط، بل إلى محاسبة الرئيس وجرجرته في المحاكم، كما هي حال جاك شيراك وتوني بلير… ولسوء حظهم أنهم يعيشون في دول علمانية عليهم لعنات الله.

والقطع والتنكيل والتعزير وبقية «الشلة»، تزاحم كريات الدم الحمراء في عروق العرب، لا علاقة لها بالدين إطلاقاً، إلا أن بعض المشايخ ألبس هذه الغرائز الرومانسية عمامة ووضع في يدها «مسباح».

وقد ذُهلَ الضباط المصريون الذين شاركوا في حرب اليمن – واليمن منبع العرب كما تعلمون – في ستينيات القرن الماضي، من طريقة تفاهم اليمنيين بعضهم مع بعض، إذ كان القتل هو الخيار الأول، ثم يأتي التفاهم بعد ذلك. وفي إحدى الليالي، ضاق المكان بمجموعة من السياسيين اليمنيين، كلهم من فريق واحد، فطلب رئيس الاجتماع من ثلاثة من المجتمعين أن يخرجوا كي يتمكن من بدء الاجتماع، فشعر أحد المطرودين بالإهانة فأطلق شتيمة أثناء خروجه، فصرخ رئيس المجموعة: «حزّوا رقبة أمه»، وبالفعل أمسكوا به وحزّوا رقبته، فثار شقيقه، فتوجّه إلى بيت «رئيس المجموعة» في منتصف الليل، وسحبه من فراشه، وحز رقبته، وترك رأسه مرمياً في «الحوش» أمام الزوجة والأطفال، فقامت قيامتهم، وراحوا يتبادلون الحز، كما يتبادل اللاعبون أعلام منتخباتهم، وكلهم أعضاء فريق واحد، والسبب ضيق المكان، أو عدم توافر كراسي بالعدد الكافي.

وفي الكويت، ظهر علينا الشيخ – المصري أيضاً – عبدالرحمن عبدالخالق يطالب بعدم استجواب سمو رئيس الوزراء، بحسب ما تأمر به الشريعة، كما يرى هو! ومعنى هذا أن دستور الكويت مخالف للشريعة الإسلامية لأنه يسمح بمساءلة الرئيس، وكان الأولى أن يطالب «عالمنا» المفضال بإلغاء الدستور من الأساس، وحز رقبة كل من يدعو إلى المحافظة عليه. ولو كانت الظروف تسمح لكانت فتواه «أجمل» من هذه وأكثر رومانسية، لكن الجود من الموجود، واسمحوا لنا على القصور… ما يجي منك قصور يا بو عبدالخالق.

احمد الصراف

كلمات.. كلمات

تعتبر كلمة Attitude من الكلمات التي يُكثر الأميركيون من استخدامها في تحديد رأيهم في شخص أو أمر ما. وبالرغم من أن معنى الكلمة في اللغة العربية هو «موقف، أو وضع»، فإن هذه الترجمة قاصرة، ولا تعطي الكلمة حق معناها. ولمزيد من الإيضاح لأنفسنا، كما لغيرنا، نورد الأمثلة التالية:
1 – عندما تنكسر البيضة بقوة فعل خارجية، فإن الحياة تنتهي هنا، ولكن عندما تنكسر البيضة بقوة فعل داخلية، فهنا تبدأ الحياة، والأمور العظيمة تبدأ دائما من الداخل، وهذا ما يعنيه «الموقف أو الأتتيود»!
2 – وغالبا يا «أم عزيز» من الأفضل أن نفقد بعضا من «الأنانية»، أو الأنا بداخلنا ونحتفظ بمحبة عزيز، من أن نفقد محبة «هذا» العزيز، لأننا فضلنا الاحتفاظ بالأنا! وهذا هو الأتتيود!
3 – وقال لصديقه لا أدري لماذا نحن بحاجة إلى كل دور العبادة هذه إن كان الإله في كل مكان؟ فرد عليه هذا قائلا إن الهواء أيضا في كل مكان، ولكننا نحتاج في أحيان كثيرة للمراوح لتحركه، هذا ما يسمى بالأتتيود!
4 – وعندما نثق بشخص علينا أن نثق به بصورة كاملة وتامة، ففي النهاية سنحصل على أحد أمرين: إما درس لا يُنسى في الحياة أو صديق لا يُعوّض! وهذا ما قاله السير إدمون هيلري، أول قاهر لقمة افرست في التاريخ، سنة 1953، في وصف علاقته بـ «تنزينغ نوكاي» الذي ساعده في الوصول إلى القمة، والذي وضع حياته بين يديه وحمل أمتعته طوال الطريق.
5 – قال الجندي لقائده بصوت يملؤه اليأس: سيدي، إن الأعداء يحيطون بنا من كل جانب! فرد القائد: ممتاز، نستطيع الآن الهجوم بأي اتجاه نريد! هذا هو الاتتيود.
6 – من أسوأ الأمور في الحياة أن تتعلق بشدة بشيء ما تعلقا شديدا، ففقد هذا الشيء يورث ـ عادة ـ ألما شديدا، وبالتالي من الأفضل أن نعيش وحيدين، فإن فقدنا الوحدة امتلكنا كل شيء! وهذا هو الأتتيود!
هل فهمتم شيئا؟ أنا شخصيا لم أفهم ما يكفي، ولا أزال بحاجة لمزيد من الأمثلة.
* * *
(مترجَم بتصرف من الإنترنت)

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

شلون توقفون معاهم؟

لا أفهم أبدا كم الانتقادات الموجهة للتيار المدني من قبل «اللي يسوى واللي ما يسوى» حول الموقف الساسي للتيار أو رموزه البرلمانية الحالية أو حتى السابقة وتياراته السياسية المتعددة الأشكال والمتسقة الأهداف. فما إن بدأت حملة ما يسمى بـ»إلا الدستور» وموقف التيارات المدنية المؤيد للقضية، وأكرر للقضية وليس الأشخاص حتى توجهت كل السهام نحو التيار المدني بمضمون واحد، وبألفاظ متعددة تتفاوت ما بين النقد المحترم، وهو النادر من الحالات، وقلة الأدب والوقاحة والشخصانية في غالب ما تابعت ورأيت وقرأت. وكأن الوقوف مع الدستور سُبة أو إهانة لمجرد أن من يتستر به اليوم هم جمعٌ غفير أكثرهم من اللادستوريين بالأفعال والمواقف… نعم لا أحد ينكر أن حملة «إلا الدستور» اليوم ينضوي تحتها الفرعي والمنتهك للدستور وغير الراغب بوجوده أساسا، وغيرهم من متشدقين بالدستور لمجرد معارضة ما سواه مع مصالحهم، نعلم ذلك جيدا، ولكن هل يعني هذا أن نتخلى عن الدستور لمجرد انضمام بعض المتكسبين، وإن كانوا الأكثرية اليوم؟! لقد دعمنا في مناسبات سابقة الحكومة، وهي كما يعلم الجميع آخر من يتحدث عن الدستور والالتزام به، والشواهد أكثر من أن يكفيها مقال واحد، وأيضا ادعى المدّعون آنذاك أننا حكوميون لمجرد تمسكنا بالدستور، وكانت الحكومة في صفنا في ذلك الحين. كل الشواهد والتجارب تثبت أننا لسنا مع أحد سوى الدستور أيا كان جمهوره، فنحن الثابت الوحيد والبقية متغيرة، ففيمَ العجب من مسلكنا اليوم أو أمس أو غدا مادمنا دائما مع الدستور وهو شريعة وطننا الراسخة؟ هذا من جانب… ومن جانب آخر فإني لاأزل عند رأيي بألا يكون هناك أي عمل مشترك من قبل التيار المدني تحت لواء الدستور مع أي منتهك له، بدءا برئيس الحكومة وانتهاء بالفرعيين أو المتعدين على حرياتنا، فليطالب من يريد بالدستور والالتزام به وبنصوصه، لكن دعونا لا نرحب بمهينيه، وليعملوا بمفردهم كي لا يكونوا عبئا علينا مستقبلا، فاليوم هايف والطبطبائي والمسلم والحربش وغيرهم مع الدستور وبعد أسبوع سيبدأ اعتداؤهم عليه تزامنا مع رأس السنة واحتفالاتها الخاصة والعامة، وسيتعدون على حريات الدستور ضاربين بما يسمونه اليوم «إلا الدستور» عرض الحائط، وغدا سيقف الفرعيون في وجه الدستور إن تم تطبيق القانون، وأقول القانون لا العنف ضد الفرعيات. دعونا نخلص لدستورنا وننزهه من شوائب ترغب في أن ترقى على أكتافنا اليوم لتنهش دستورنا غدا. خارج نطاق التغطية: هناك قانون يمنع الحديث بالهاتف المتنقل في أثناء القيادة، وآخر يمنع القيادة دون ربط حزام الأمان، ماذا لو كنت أنت يا عزيزي القارئ تقود مركبتك وأنت تتحدث في الهاتف دون ربط حزام الأمان، فيستوقفك شرطي مرور ويعتدي عليك بالضرب المبرح أمام المارة بحجة عدم التزامك بالقانون؟ أمر مقزز نعم، ولكنه حدث في 8 ديسمبر 2010 في الكويت، فضرب أهل الكويت وأهينوا بحجة عدم التزامهم بالقانون، وأكررها إن كان البعض قد فرح فيما حدث فليفرح هو وشأنه الخاص، لكن لن نقبل أبدا بأن يقال إن ما حدث في ذلك اليوم أمر سليم أو صحيح.

سامي النصف

تدمير الأوطان في سبع خطوات مضمونة!

بعض البديهيات التي هي كالنهار لا ينفع الاقناع فيها إذا ما احتاجت الى دليل، فهناك قوى متصارعة في العالم تسر وتسعد بمن يجعل بلده ملعبا آخر لصراعاتها المدمرة كما يحدث أمام أعيننا في بعض دول المنطقة المبتلاة التي لشعوبها باع أطول منا كثيرا في الحضارة الانسانية والتقدم والرقي والديموقراطية، ومع ذلك سمحوا لنيران الفتنة المدمرة ان تدخل الى أوطانهم وتفرق بين شعوبهم وتحرقها بالتبعية.

لاشك في أن تلك الرغبات الشريرة تتحول الى حقائق مدمرة على الأرض تدفع أثمانها الباهظة الشعوب المغرر بها دما وقتلا وخرابا عبر أدوات لازمة لا غنى لتلك اللعبة الجهنمية عنها، ونعني بذلك بعض المؤججين القابضين في السر وبعض الاتباع البسطاء المغرر بهم، ولا يتوقع أحد بالطبع ان يقف المتورطون بمثل تلك الألعاب فوق جبل او وسط ساحة الصفاة ليصرخوا او يصرحوا بالقول: «نعم، لقد قبضنا الأموال لحرق وطنكم».. بل عليهم ان يبرروا ويمرروا أفعالهم بغطاء الوطنية المدغدغ والجميل.

1 ـ وأولى خطوات حرق الأوطان تمر عبر الطعن في مرجعيات البلد السياسية والأساسية التي تقف على مسافة واحدة من الجميع ومتفق عليها بين الناس، فهذه قيادة تتهم دون وجه حق ودون دليل بأنها لا تودهم وتقف خلف زيد او عبيد، وتلك قيادة عميلة أجيرة، وثالثة غير دقيقة في أقوالها وتريد شراء البلد بالقطاعي، ويتواصل طعن المرجعيات حتى تعم الفوضى وتنتشر القلاقل الى مرفق القضاء وإلى المرجعيات الدينية ورجال المجتمع البارزين من أصحاب السمعة الحسنة كشيوخ القبائل والقيادات الوطنية، فجميعهم عرضة للتخوين والتشكيك ماداموا لم يمشوا بطريق الفتنة ومخطط الهدم وتلك الخطوة الأولى هامة جدا لتقديم البلد لقمة سائغة لأعدائه بحجة حمايته والحرص على مصلحته.

2 ـ نشر ثقافة الشعور الكاذب بالظلم، فمحاسبة متعد على القانون في المحاكم بعد ان يمنح حق الدفاع كاملا يروج على ان المقصود به شريحة عزيزة وكريمة من المجتمع الكويتي، اي يختزل الآلاف بشخص تعدى على القانون ولا يقال انه حتى ابناء الأسرة الحاكمة وأبناء الشرائح الأخرى بالأمس واليوم والغد يودعون كالآخرين السجون متى ما تصادموا مع القانون.

3 ـ وضمن نشر ثقافة الظلم الكاذب وإفشاء مفهوم الدولة غير العادلة الذي هو أمر أساسي في تدمير الأوطان، المطالبة بتشريعات مدغدغة وغير عقلانية في البرلمان، فإن لم تتحقق كي لا نصبح أضحوكة للأمم، أشيع ان سبب ذلك الرفض هو الظلم وعدم العدالة.

4 ـ تصوير الأمور بغير حقيقتها وتسويد الصورة بالمطلق، فالجميع يسرق والجميع يبوق، وجعل الكويت أقرب لتورابورا المدمرة او الصومال الجائعة مع تسويق أحلام وردية للناس ستقوم الساعة قبل ان يحققها أحد، وكل ذلك لتشجيع الاحباط ودفع الجموع للفوضى والخروج على الشرعية وعلى الدولة.

5 ـ خلق وبأكذوبة كبرى رأي عام «مصنع» غاضب ومحبط عبر منتديات فاسدة تفبرك الردود وتقدح بالعقلاء والحكماء والأكفاء ومحبي الوطن وتمدح المحرضين والمدغدغين ومن يروم بالوطن شرا ثم تشتكي ـ يا للعجب ـ من ظاهرة الإعلام الفاسد!

6 ـ تبديل الوطنيين الحقيقيين عبر الهجوم عليهم وإلصاق الأكاذيب بهم بساسة زائفين تصنعهم تمثيليات البطولة الفارغة المصنعة في مختبرات وحاضنات الدول الأخرى.

7 ـ خلق عمليات خداع اعلامي وبصري عبر تحريك جموع قليلة تشتم الآخرين في وسائل الإعلام وتواجه رجال الأمن وتدغدغ وتحرض دون ان يعرف احد إن كانوا مواطنين أم لا، مخلصين أم مأجورين.

آخر محطة:

العزاء الحار لآل الصقر الكرام بفقيدهم الكبير المرحوم وائل جاسم الصقر الذي لم تكن تراه إلا هاشا باشا وكان قلبه أبيض لا يحمل الضغينة لأحد، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

احمد الصراف

نرجسية طارق

المثقف هو الملتزم والمتواضع الذي يمتلك المعرفة. والالتزام يشمل اللفظ والتصرف السليمين واحترام ثقافة ومعتقد الآخر وانتماءاته. اما التواضع فيأتي من زيادة المعرفة، فكلما زادت شعرنا بقلة ما نعلم. ويبقى المثقف مثقفا والعالم عالما حتى يقولا انهما يعرفان!
كان لا بد من هذه المقدمة تعليقا على المقال الأخير الذي كتبه الكاتب المصري طارق حجي، الذي يصف نفسه بالمثقف، والذي تهجم في جزء منه علينا، والذي يتبين منه مدى احتقاره لثقافات الغير وانتماءاتهم. وسنضع كلماته وجمله «غير المهذبة» بين قوسين، لنبين مدى نرجسيته!
«.. منذ شهور كتب عني واحد من أبناء منطقة (الخليع الغربي)* مقالين دبجهما بالثناء والمديح والإكبار والإجلال ونشرهما في واحدة من صحف منطقة (الخليع العربي) ولما لم أعره التفاتا، عملا مني بمقولة نابليون ذائعة الصيت: ليس المهم أن تمدح، وإنما المهم معدن الذي مدحك، فقد شعرت حقيقة أن مديح مثل هذا يضر أكثر مما ينفع، ويهين أكثر مما يكرم، وينقص أكثر مما يضيف. فلما ضربت الصفح عن المديح ومسطره، ثم قفيت بتجاهل أكثر من عشرة طلبات منه للقاء(!) تضافرت موروثاته الثقافية، فقام بعمل فريد من نوعه، إذ ألف ولفق وفبرك مراسلات زعم أنها تبودلت بيني وبينه، وكذا بيني وبين بعض ربعه، وكلها مراسلات كان هو المرسل الأساس لها من حساب لي كنت قد أعلنت أنه تعرض لقرصنة إلكترونية قبيل حمى المراسلات غير الصحيحة مطلقاً التي كان هو (ولا أحد إلا هو) وراءها، وهو في حالة هياج اشتهر به أهل منطقة (الخليع الغربي) عندما يحدث تجاهل لهم. والأدهى، أن بعض (مواطني الخليع)، ركبوا مركبه، و(هتفوا بالنهيق) الذي كان يهتف به، وصالوا وجالوا، في معركة وهمية بسيوف خشبية يدافعون فيها عن شرف لم يوجد أصلا، وفي مواجهة ضربة اصطنعها وزيفها وزورها صغيرهم (وكلهم صغير) الذي كال لي ذات يوم المديح في (مقالين مقززين)، فشعرت بغضاضة أن يأتي مديح عملي ممن لا يحمل (جزءا من ألف جزء من مؤهلات من يجوز أن يكون لأعمالي مادحا أو قادحا)، فأوليته ظهري وأعرضت ونأيت بجانبي ومضيت كأن لم يمدحني أبدا، فما معنى أن يمدح «شخص» لم (تقترب الحضارة والمدنية منه) أعمالا صدرت عن كبرى دور النشر الدولية، وتم توقيع نسخ منها في محافل دعت اليها واحتضنتها كبريات الجامعات العالمية؟ أزين هذا أم شين؟! بل ألف شين وشين. وفي يناير 2010 (احتضنت) كلية دراسات الشرق الأوسط في كلية الملك بجامعة لندن محاضرة لي مع حفل توقيعي لأول نسخ من كتابي «القوقعة العربية» والذي صدر في المملكة المتحدة والولايات المتحدة في الشهر نفسه. وبعد المحاضرة وأثناء توقيعي لنسخ من الكتاب الذي أشرت اليه، تقدمت سيدة من (ذات الموضع الذي ينتسب اليه معدّ الرسائل)، بل والمعركة كلها، إذ لم تكن هناك في الحقيقة معركة، فالمعارك لا تكون إلا بين الأنداد، تقدمت هذه السيدة (س. أ) والتي هي مثله تعيش غرب (الخليع الغربي، رغم أن أصولها مثل أصوله من شرق منطقة الخليع)، تقدمت، وبيدها ثلاث نسخ من كتابي اشترتها يومئذ! ومع ذلك فقد التحقت بابن جلدتها الذي تلاعب بالمراسلات المزعومة والتي تبادلها مع موقع الكتروني لي، أعلنت قبلها أنه سرق في عملية قرصنة الكترونية. السيدة التي (تقدمت منحنية) ترجو توقيعي على النسخ التي اشترتها من كتابي الذي احتفلت جامعة لندن بصدوره – السيدة نفسها تشارك ابن جلدتها في الحملة الدون كيشوطية على إنسان جريرته الكبرى أنه رآها ونفرا من رهطها كما هم ـ في الحقيقة ـ (عراة من كل ثقافة وحضارة ومدنية)، وأن أموال التاريخ كله لا يمكن أن تستر (عوراتهم الفكرية والثقافية والحضارية)». انتهى!
ولو قارنا النص أعلاه، المتدني في أسلوبه والنرجسي في نبرته، والذي نشر في 12/18 على موقع «مركز الدراسات والأبحاث العلمانية»، بنصوص الرسائل التي سبق وأن أرسلها لنا ولسابق «اصدقائ‍ه» ممن حاولوا فقط الاستفسار منه عن حقيقة تلك الرسائل، والذين نالهم ما نالنا من مقذع شتائمه، والذي اتهمنا بــ «فبركتها»، لما وجدنا اي فرق في اسلوب الكتابة المقزز والمنفر في عنصريته الفارغة. ونترك للتاريخ الحكم على هذا المدعي الذي لم يقم حتى الآن بتأكيد أي من تساؤلاتنا عن علاقته بــ «قسم الدكتوراه»! في جامعة اكسفورد، وكيف أصبح رئيسا لمجلس إدارة شركات شل الهولندية في عام 1988، وفق سيرته الذاتية على الإنترنت!

***

• يقصدني هنا، ومقالاتي عنه نشرت في أبريل 2009، فكيف اغضب منه بعد 16 شهرا؟!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

عبيد وخالد وخالد

قصة حقيقية…

هنا كان يجلس ثلاثة من الطلبة الكويتيين، هنا كانت تفوح رؤوسهم حماسة وتشتعل قلوبهم وطنية. هنا في عام 1999 كانوا يجتمعون في هذا المقهى الذي يتوسط "جورج تاون"، قلب العاصمة الأميركية "دي سي"، في شارع "ام ستريت"، وعلى مقربة من المكان الذي تم فيه تصوير فيلم الرعب الأميركي الأشهر "ذي اكسورست" عام 1973، الذي يتحدث عن "جنّي" يأتي من صحراء الشرق الأوسط ليسكن جسد فتاة من أهل هذه المنطقة الأميركية، ويقال إنه أثناء التصوير وبعده حدثت مصائب غريبة أطلق عليها الناس وصف "لعنة جورج تاون"… هنا كان الثلاثة يتسامرون ويتناقشون عن الشأن الكويتي، وعن أوضاع أهلهم وديرتهم.

الأول هو الدكتور عبيد الوسمي، الخبير الدستوري، والثاني خالد الطاحوس، عضو مجلس الأمة، والثالث خالد الفضالة، أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي السابق… عبيد، الأكبر سناً، كان يدرس الدكتوراه، وكان حديثه منصبّاً على أهمية تطبيق القوانين واحترام الدساتير، وكان يشدد على أنه لو تم تطبيق مواد الدستور الكويتي لكنّا وكانت الكويت، وخالد الطاحوس كان يتحدث عن حرية الرأي والتعبير وحقوق العمال والبسطاء، وخالد الفضالة، الأصغر سناً، كان يتحدث عن حقوق الإنسان وعن أهمية الوحدة الوطنية وعن وجوب حماية المال العام والدفاع عنه.

الطريف أن كلّاً منهم كان ينتمي إلى قائمة طلابية مختلفة، في انتخابات طلبة الجامعة، فالوسمي كان عضواً في قائمة "المستقلة"، والطاحوس كان عضواً في "المعتدلة"، والفضالة كان عضواً في "الوحدة الطلابية"، إلا أنهم الثلاثة كانوا يحرصون على الخروج سوياً، يسعون في طرقات أميركا ومناكبها.

والطريف أيضاً، أن كلّاً منهم نجح في انتخابات الجامعة، واحداً بعد الآخر، وهو أمر نادر الحدوث، إذ اعتاد الطلبة أن تسيطر قائمة ما على الانتخابات لسنوات، ثم تتفوق عليها قائمة أخرى تستمر لسنوات، لكنّ "الثلاثة" كسروا القاعدة… فعبيد نجح عام 98، ونجح الطاحوس عام 99، ونجح الفضالة عام 2002 في الانتخابات الجامعية. أما الأطرف، فهو أنهم، الثلاثة، بعد تخرجهم، ورغم اختلاف توجهاتهم، لا يؤمنون بهذه الحكومة.

كانت أجسادهم في أميركا، على بعد تسع أمانيّ وسبعة أحلام من الكويت، حيث قلوبهم. كان الواحد منهم، وهو هناك، يتظاهر بحاجته لتعديل قميصه وشدّه إلى الأسفل، كي ينهض من كرسيه ويمد رقبته إلى الكويت فيسرق نظرة يطمئن بها على أوضاعها.

جمع الثلاثة رصيداً من العلم، ليصرفوه في الكويت وعلى الكويت… تخرّجوا وعادوا إلى حيث حطت عصافير أحلامهم، لكنهم نسوا، يا للأسف، أثناء رحلة العودة أن يرموا أمانيّهم وأحلامهم من نوافذ الطائرة، أثناء عبورها فوق المحيطات لتلتهمها الأسماك… لم يدركوا وقتذاك أنهم سيصطدمون بجزاري الأماني وسفّاحي الطموحات… لم يعرفوا أن الشهادات والعلم والوطنية والحماسة والنبوغ وطموح الشباب كلها ستتكسر على حدود "الفاكس الطائفي" الذي كلما استعرت طائفيته انحنت الحكومة له ولصاحبه… لم يتخيلوا أن الجاهل الذي يشتم أعراض الناس ستعتبره الحكومة "شخصية مهمة في الرأي العام"، وستتعامل معه – الحكومة – كما يتعامل الحلّاق مع "المعرس"، فتتكفل بتفريكه وتدليكه… لم يتوقعوا أن قنوات العهر الدرامي التي تحولت إلى قنوات عهر سياسي تخصصت في بث الأكاذيب والافتراءات، ستتعهد الحكومة "بتقشير" الموز قبل أن تمدّه إليها… لم يتصوروا أن "الرِّمّة ذا العِمَّة" سيكون "سيد" الأحداث.

لم يتخيلوا كل ذلك ولم يتوقعوه، فتم سجنهم، هم الثلاثة، تباعاً، الواحد تلو الآخر، كما حدث في انتخاباتهم الجامعية… فهل تلبّسهم "جنّي" الشرق الأوسط وأصابتهم لعنة جورج تاون؟ أم هي لعنة حب الكويت؟

***

أستاذنا محمد عبدالقادر الجاسم لم تغب عنا، وأنت الحاضر الغائب، لكنه الغبار الذي أعمى أعيننا فطلبنا ماءً لتنظيفها فأعطونا مزيداً من الغبار… كم اشتقناك واشتقنا قلمك يا رجل.

أبا عمر، سيصلك فارسنا الدكتور عبيد الوسمي لمؤانستك، تدبّرا أمرَكما إلى أن يصل بقية "الربع"… عن أوضاعنا تسألان؟ نطمئنكما، انقلبت الحياة ملهىً لا يحتمل ضجيجه إلا الراقصات وأزواجهن والطبالون وبقية أعضاء الفرقة، ونهض الجمهور يرقص فامتلأ المسرح بـ"النقوط".

***

رحم الله الإنسان وائل جاسم الصقر، هادئ الطباع خفيض الصوت بطيء الحديث نظيف السريرة، وألهم ناشر هذه الجريدة وآل الصقر الكرام وأصدقاءه ومحبيه الصبر والسلوان.

سامي النصف

التهدئة مطلب ومكسب للجميع

زار الصحافي في جريدة «الرياض» مازن السديري الكويت وكتب انطباعاته الشخصية عنها، ومما ذكره انها من أفضل وأجمل البلدان التي زارها، وقد أعجب ـ كما كتب ـ بالنهضة العمرانية التي لا تقل عن مثيلاتها بالخليج، والخدمات التعليمية والصحية والاسكانية والحريات الممنوحة للناس وتشريعات الحفاظ على كرامة المرأة، وقد كنا وبحق بحاجة لشهادة طرف محايد لتذكيرنا بخطأ الاعتقاد أننا نعيش في خرابة مهضومة حقوق الناس بها.

ان أهم سؤال يجب ان يطرح هذه الأيام هو: ماذا نريد حقا لهذا البلد ومستقبل أبنائه؟ أي هل نريد «صومال» أو «رواندا» أو أي وطن ممزق ومدمر آخر؟ أم نريد وطنا جميلا متفائلا يسعد الناس به حاضرا ومستقبلا؟ أهمية هذا السؤال تنبع من اننا اذا ما حددنا الهدف الذي نريد سهل بعد ذلك ايجاد الوسائل المناسبة للوصول إليه.

فللكويت الهادئة الآمنة الجميلة وسائل ومسالك، وللكويت المشتتة المتأزمة المتمزقة المحترقة وسائل ومسالك كذلك، فطريق اعمار البلد وديمومته وسط الأخطار المحيطة به يتطلب من الجميع الدعوة للهدوء وعدم تصعيد الخلاف الى حدود لم تعتدها الكويت منذ نشأتها الأولى، والحفاظ على هيبة السلطة واحترام رجال الأمن مسؤولية الجميع فلم تضع الهيبة ويفقد الاحترام في بلد من البلدان الا وتلاهما الخراب والدمار واسألوا اخوتنا الأحبة في العراق ولبنان.

ولا نحتاج في هذا السياق للتذكير بما عشناه جميعا دون استثناء إبان الغزو الصدامي الغاشم الذي لم يمض عليه ـ للعلم ـ إلا سنوات قليلة، لقد سَلِمنا آنذاك و«لن تسلم الجرة في كل مرة»، ان الاختلاف والاحتراب والتخندق الداخلي أشد خطرا علينا بمرات عديدة من غزو صدام الذي وحّدنا وانتهى في أشهر قليلة، بينما تظهر التجارب الحية والمعيشة ان خلاف الاخوة أشد ضراوة من غزو الخارج ويستمر الصراع بينهم عادة لعقود بل لقرون فانتبهوا لأنفسكم يا اخوة الوطن من كل الشرائح والفئات.

ان الشعب الكويتي لا يختلف في مكوناته العرقية والدينية والطائفية والاجتماعية، بل حتى في مكونات جيناته وكروموزوماته عن شعوب دولنا الخليجية الشقيقة، فلماذا استفرادنا دونهم بالاشكالات الأمنية والسياسية التي تمهد ـ متى ما تركناها تكبر وتستفحل ـ لتحويلنا الى ملعب آخر من ملاعب الصراعات الأهلية. لقد كشف موقع ويكيليكس عن تقرير خطير أرسلته السفارة الأميركية في الكويت قبل عام فقط نشرته الزميلة «الوطن» يذكر أن الكويت مكان مهدد للغاية أمنيا، ألا يدعونا ذلك التقرير المهم الى تناسي الخلاف ورص الصفوف وتوحيد الكلمة قبل «وقوع الفاس بالراس» والندم حين لا ينفع الندم؟! الاجابة واضحة ولا تحتاج الا الى تفعيل التواد والتواصل بيننا، فالكويت وطننا جميعا.

آخر محطة:

(1) توقف الندوات والندوات المضادة انقذ الكويت من التمزق الطائفي إبان فتنة ياسر الحبيب فما الذي خسرناه حقا من ذلك الايقاف؟ لا شيء على الاطلاق وان كنا قد كسبنا وحدة الوطن.

(2) الشكر للنواب الأفاضل من قادة تجمع «إلا الدستور» على ايقافهم الندوات والمرجو ممن يزايد عليهم من المرشحين ان يتوقفوا كذلك، فقد تستطيع خداع بعض الناس بعض الوقت ولكنك لا تستطيع خداع الجميع طوال الوقت، وكلنا نعلم «البير وغطاه» يا.. مرشحين!