علي محمود خاجه

سياسة عامة وليست مصادفة!

في السبت الماضي استضافت مجموعة صوت الكويت» وعلى نطاق ضيق بعضاً من نواب المجلس، وهم رولا دشتي، وأسيل العوضي، ومرزوق الغانم، وعلى الرغم من أن سبب الاستضافة لم يكن له علاقة مباشرة بأحداث ديسمبر فإن الحديث لم ينقطع عن مناقشة هذه الأحداث ورؤية النواب الضيوف بشأنها. وقد كان أغلبية الحضور متفقة حول فداحة ما حدث باستثناء الدكتورة رولا دشتي، فهي تعتقد أن ما حدث وتحديداً في 8 ديسمبر في «ندوة الحربش» بالصليبيخات ليس بسياسة عامة للحكومة، بل هو وليد ظروف مرحلية استثنائية أرغمت الحكومة على التعسف المؤقت، وهو أمر لا يستدعي مساءلة أعلى الهرم التنفيذي ممثلاً برئيس الوزراء. طيب… ما حدث ليس بسياسة عامة ولكنه حدث استثنائي، لنناقش ذلك قليلاً لمن يؤيد رؤية رولا دشتي وكثيرين غيرها، وإليكم المعطيات: الحضور في «ندوة الحربش» لم يتجاوز الـ250 شخصاً في الداخل والخارج، وعدد القوات العسكرية فاق الخمسمئة فرد، وعلى الرغم من أن القوات إن كانت تريد حفظ النظام فحسب فلن توجد بهذا العدد المهول مقارنة بالحضور، فنهائي كأس ولي العهد يحضره عشرون ألف متفرج، وعدد القوات العسكرية في الملعب لا يتجاوز عددهم في «ندوة الحربش»، وهو الأمر الطبيعي للمحافظة على النظام. مؤتمر وزارة الداخلية الذي دلّس كل الحقائق وألقى اللوم كله على الرصيف المسكين في طريقة تشبه وللأسف أسلوب محمد الصحاف في 2003… تسخير تلفزيون الكويت الرسمي والممثل للدولة لكل من يقف مع إجراءات الحكومة دون غيرهم من النواب وأصحاب الرأي… منع القنوات الفضائية الخارجية من مقابلة أي كويتي رفض ما حدث… إغلاق مكتب «الجزيرة» وهو ما لم يحدث طوال أعوام شتم الكويت منذ تأسيسها وإلى ما قبل 8 ديسمبر… تسخير كل مساجد الدولة للحديث عن موضوع واحد ورأي واحد ورؤية واحدة… التعسف في محاسبة أصحاب الرأي من سحل في الشوارع وتكبيل بالأصفاد رغم وجودهم في المستشفيات… استبدال الحبس لحالة وحيدة مدانة قضائيا وإيقاف أمر الاستبدال ومازال المذنب حراً طليقاً حتى كتابة هذا المقال. إن لم يكن كل ما سبق هو سياسة عامة انتهجتها الحكومة، وإن لجأنا إلى الصمت فستستمر بها أكثر، أقول إن لم تكن سياسة عامة، فإنها بالتأكيد تعسف أكثر من استثنائي، بل إنه تعدى التعسف بمراحل ليصل إلى أمر أكثر من ذلك، وإن لم يكن يستحق مساءلة رئيس الوزراء فإنه على الأقل يستلزم أن تستمع الكويت إلى ردوده خصوصاً ممن ضُرب وسُحل في 8 ديسمبر.

سامي النصف

حقائق تحت شمس الدستور

يذكر الرئيس جيفرسون، احد الآباء الحكماء المؤسسين للولايات المتحدة، في كتاب ذكرياته ان سبب نجاحهم في خلق مشروع الوحدة الفيدرالية للدول الأميركية التي كانت العلاقة بينها أوهن من خيط العنكبوت، أنهم طلبوا من بعض النواب ان يحضر ويوافق والبعض الآخر ان يحضر ولا يعترض والبعض الثالث ان يبقى في بيته، وجميع تلك التكتيكات السياسية مقبولة في خارج الكويت وداخلها دون تخوين احد لأحد أو الطعن في وطنيته.

وعليه فإن عدم اكتمال النصاب في جلسة رفع الحصانة لا تلام عليه الحكومة التي حضرت ولا بعض النواب الذين تواجدوا في المجلس ولم يحضروا، وهو امر سبق ان استخدم من قبل نفس الجماعة المعترضة على ذلك التكتيك السياسي إبان اعتراضهم على عرض قوانين الخصخصة وغيرها، وعليه لا يمكن ان تصبح نفس الاداة حلالا محبذا عندما يستخدمها زيد وحراما مطلقا عندما يستخدمها عبيد.

في جميع بلدان العالم دون استثناء، هناك دائما أماكن لاجتماع الرجال بها مساء، تاركين المنازل لربات البيوت لتدريس الأبناء أو تحضير العشاء وغيرها من امور منزلية، وتسمى تلك الأماكن في الكويت بالدواوين وفي بلدان اخرى بالمقاهي وغيرها من المسميات، وبالطبع لا يقوم صاحب الديوانية في الكويت أو المقهى في مصر ولبنان وفرنسا.. إلخ بأخذ إذن من السلطات لذلك التجمع الاجتماعي اليومي المعتاد.

تلك الرخصة للدواوين لدينا والمقاهي وغيرها لديهم لا تعني على الاطلاق القبول بإخراجها عن مقاصدها «كاجتماعات عامة» لعدد محدود من الناس الى وضعية اخرى هي «التجمعات السياسية الحاشدة» التي تتطلب عندنا وعندهم موافقة السلطات التي تحدد لها أماكن وأوقاتا لا تخرج عنها، كما توفر لها رجال أمن يضمنون السلامة وعدم الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة ولا يسمح لتلك التجمعات بأن تخرج عن اهدافها او اوقاتها او اماكنها كي لا ينتهي الأمر بالاشتباكات التي تحدث بين المتجمهرين وقوات الأمن كما يحدث في أرقى الدول الديموقراطية.

إن الحفاظ على الدستور يعني الحفاظ على روحه ونصه وأحكام المحكمة الدستورية كحال الحكم الصادر في 9/10/2006 والذي نص على الاستجوابات، والمسؤولية السياسية تقع على «الوزراء فرادى»، وأن مساءلة رئيس الوزراء اليوم أو بعد عام او مائة عام مختصة بالسياسات العامة التي تناقش في مجلس الوزراء وهو السبب الذي جعل دستورنا يمنع وبشكل استثنائي عن الديموقراطيات الأخرى، تقلد رئيس الوزراء اعمال اي وزارة او يسمح بطرح الثقة به، ان المحذور في محاسبة الرئيس عن اعمال الوزير هو ان بعض الوزراء قد يعمدون في القادم من الايام والأعوام بالتواطؤ مع بعض اعضاء مجلس الأمة الى القيام بما يقوم به بعض الوكلاء هذه الأيام من تعمد الاخطاء وتسريبها للنواب كي يستجوبوا الوزراء الذين لا شأن لهم بها، اي قد يتعمد مستقبلا الوزراء ارتكاب الاخطاء لعلمهم بأن المحاسبة لن توجه لهم بل للرئيس.

 آخر محطة:

مع نهاية العام يكثر في العالم المتنبئون بما سيحدث في بلدانهم، وعادة ما تخطئ وتصيب تلك التنبؤات، الغريب عدم وجود كويتيين متنبئين بما سيحدث في بلدنا في العام المقبل والاعوام اللاحقة رغم سهولة ذلك التنبؤ واستحالة الخطأ فيه، فهناك ازمات سياسية متلاحقة متحركة لا تنتهي وبلد واقف تمر عليه سفن وقطارات وطائرات الجيران مسرعة الى الأمام.. وكل عام وانتم بخير.

احمد الصراف

نصوص

بالرغم من كل ما تمر به البلاد من أحداث صعبة، إلا أن من المهم في الوقت نفسه ألا ننسى الوضع المأساوي الذي يمر به التعليم، والذي تسبب فيه، بقدر أو بآخر، كل وزراء التربية، مما أدى إلى هذا الدمار التعليمي الذي نعيشه! نقول ذلك بالرغم من الجهود التي تبذلها الوزيرة الحمود لإصلاح مسيرة التعليم، إلا أن الوضع لا يزال يحتاج إلى كثير من الشجاعة والمثابرة، خاصة انها تعمل في ظروف سياسية غير عادية، فنظامنا لا بالديموقراطي ولا بالسلطوي، وهو وضع لا يملك المسؤول فيه غير الشعور بأنه مقيد برغبات وأوامر أكبر منه. وغني عن القول إن التخلي عن المسؤولية لن يؤدي إلى تغيير في العملية التربوية والتعليمية.
للشاعر والأديب خليفة الوقيان نصوص أدبية رائعة، ومنها النص التالي: «إن هناك خلطا بين مفهومي الإبداع والثقافة، فحين تذكر الثقافة تنصرف الأذهان نحو الإبداع. ويظن أن غير المبدعين لا علاقة لهم بالثقافة، أو هي منقوصة لديهم، وهذا وهم، لأن المبدعين هم الأقل ثقافة، لأنهم يعتقدون انهم يحققون باعمالهم الإبداعية إنجازات تغنيهم عن بذل الجهد لتعميق ثقافتهم. ثم إن اجهزة الإعلام تعمق لديهم الإحساس بتضخم الذات. أما المثقفون غير المبدعين فهم بعيدون عن آلة الإعلام المضللة، وقديما كان الأدب يعرف بأنه الأخذ من كل فن بطرف، وهذا التعريف يصدق على الثقافة، وإن كان تقليديا، ويعود السبب في تحديد تعريف معين للثقافة إلى كونها متسعة الأرجاء تستغرق العادات والتقاليد والقيم والموروثات وانماط السلوك والإنتاج فكريا كان أو ماديا. وقد تعددت الجهات المسؤولة عن الثقافة، فهي لا تقتصر على وزارة الثقافة! بل تمتد لتشمل الأجهزة المعنية بالتربية والتعليم والآثار والعمارة وشؤون الشباب ومؤسسات المجتمع المدني.. إلخ. والمشكلة الأساسية لا تكمن في تعدد المشروعات والبرامج الثقافية التي يتم إنجازها، بل تكمن في غياب الاستراتيجية الثقافية أو الرؤية الفكرية، فما الذي نريده لمجتمعنا وامتنا؟ هل نريد تهيئة الأجواء وتمهيد السبل للعودة إلى الماضي عملا وسلوكا؟ أم نريد الدخول في القرن الحادي والعشرين مثل بقية الأمم مع المحافظة على هويتنا العربية والإسلامية. والجواب، إن تحديد الهدف هو الذي ينبغي أن يحكم واضعي المشروعات والبرامج الثقافية. ومن أهم المقومات والشروط التي ينبغي أن يتحلى بها الراغبون في تفعيل الدور التنويري للثقافة عدم الشعور بالاحباط واليأس والإصرار بأن لا خيار لنا سوى الإصرار على زرع الشموع في الطرقات التي تجتاحها جحافل الظلام، فإن لم نصل إلى نهاية النفق، فسوف يصل ابناؤنا..! ولعل قدر أمتنا أن تواجه في كل قرن بموجة فكرية ترى أن الخروج من مأزق الحاضر المأزوم لا يكون إلا في العودة الرومانسية إلى الماضي، ولعل قدرنا هو أن نصر على الخروج من المأزق، ولا يكون ذلك بالهروب إلى الماضي، بل بالمواجهة، ومن ثم الاتجاه نحو المستقبل»! انتهى.
بالرغم من جمال النص إلا أنه ليس بالسهل، وخاصة لطلبة في الرابعة عشرة من العمر، فقد أصاب أولياء الأمور بالحيرة، وهم يحاولون شرح مضمونه لأبنائهم. وما هذه إلا نوعية المقررات التي تحتاج إلأى إعادة النظر فيها، غير البلاوي الأخرى.

أحمد الصراف