تعتبر إيران دولة فاحشة الثراء، ومن القلة القليلة في العالم التي تمتلك كل ثروة مائية ومعدنية وطبيعية، إضافة للثروة البشرية الكبيرة والنشطة. ولكن بالرغم من ذلك قاسى الشعب الإيراني طوال تاريخه الحديث، ولا يزال، من الفقر والظلم بسبب فساد أنظمة حكمه! وعندما قام السيد الخميني بثورته ضد الفقر وظلم السافاك وفساد الشاه وقفت غالبية الشعب معه، فرحل الشاه وانهار السافاك وأعدم قادته وفر المفسدون، وبدأت بوادر الخير تعم، ولكن لفترة لم تطل كثيرا ليكتشف الشعب الإيراني بعدها أنه استبدل نظاما قمعيا بآخر اشد قمعا، وان ملفات واساليب وسجون وأنظمة الشرطة السرية، أو السافاك لا تزال كما هي، بالرغم من تغييب قادته، وأن النظام اصبح أشد قسوة، ولكن بعباءة دينية شرعية، وأن كل ما قامت الثورة من أجل تحقيقه لم يتحقق منه شيء، على أرض الواقع، بعد ان استبدلت ببطانة البلاط الفاسدة بطانة الملالي الأكثر فسادا، بعد تلحفها بشرعية ربانية!
ولو استعرضنا أوضاع كل دول العالم الثالث التي انفجرت فيها الثروة النفطية فجأة كليبيا واندونيسيا ونيجيريا وفنزويلا والجزائر ودول عربية عدة، لوجدنا أن الكويت كانت ولا تزال الاستثناء الوحيد بينها، التي استطاعت قيادتها السياسية توزيع عائد ثروتها النفطية بشكل قريب من العدالة، وساهم ذلك إلى حد كبير في استقرار أوضاعها السياسية وحفظ امنها الداخلي، وكل ذلك بفضل حكمة وبعد نظر رجل واحد ومن تبعه في الحكم من حكماء.
ما يجري على الساحة السياسية الآن من شد وجذب يكاد يقترب من معركة «كسر عظم» بين طرفين متنازعين، أمر بالغ الخطورة وربما الأخطر في تاريخ الكويت، والعاقبة لن تكون سليمة، فمثل هذه المعارك لا تتكسر فيها فقط عظام الطرفين بل والجمهور أيضا، وسيدفع الجميع ثمنا فادحا في نهاية الأمر، فمصير شعب بكامله في الميزان. وعليه يجب ألا نكتفي بالشعور بالقلق والشكوى، بل علينا التحرك والقيام بفعل ما ليس فقط لنزع فتيل الأزمة من اجل استمرار السلم الداخلي والرخاء الاجتماعي، بل لكي تشمل عدالة الحكم الجميع على أسس أكثر رسوخا ووضوحا ليستمر الكيان والأمن والاطمئنان.
أحمد الصراف