كلما وجد أولئك الذين تسول لهم أنفسهم بأن يمارسوا «الفساد» دون اكتراث أو مبالاة بقوانين أو بأنظمة أو بشرع في أمان وطمأنينة… كلما زاد نخرهم في مفاصل المجتمع، وكلما شكلوا تهديداً حقيقياً للتنمية… لكن مواجهة الفساد تتطلب حزماً وحسماً في توجيه ضربات قاضية للمفسدين أياً كان موقعهم في الدولة.
المجتمع البحريني اليوم في حاجة ماسة لأن تتكاتف جهود الدولة ومنظمات المجتمع المدني في مواجهة الفساد والمفسدين، وجميل أن تحتفل البحرين في التاسع من شهر ديسمبر/ كانون الأول من كل عام باليوم العالمي لمكافحة الفساد، والأجمل أن يكون هذا الاحتفال السنوي منطلقاً متجدداً لمكافحة شديدة البأس لا ترحم أولئك الذين يخونون الأمانة ويعبثون بالمال العام ويحققون المكاسب المحرّمة شرعاً وقانوناً، وجميل أن تأتي الدعوة من وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بأن تتعاون منظمات المجتمع المدني مع الوزارة في مكافحة الفساد بكل أشكاله، وهذا يتطلب من الطرفين: الوزارة ومنظمات المجتمع المدني، أن يعملوا وفق برنامج عمل متفق عليه لمكافحة جميع أشكال الفساد بالوسائل القانونية في الكشف والمتابعة وتقديم المتورطين إلى العدالة.
إن الاتفاق على الخطوط العامة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني في البحرين لتحقيق تقدم في مواجهة الفساد والمفسدين سيثمر دون شك بتوجيه ضربات موجعة لنماذج سيئة للغاية من البشر الجشعين الذين يمارسون الفساد دون مبالاة ولا خوف ذلك لأنهم كلما شعروا بأنهم في مأمن، كلما واصلوا نخرهم في جسد تنمية الوطن، لكن لابد من القول إننا في حاجة إلى مواجهة حقيقية تترجم كل الدعوات المشتركة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني إلى خطوات عملية تحظى بدعم الدولة والقانون، ولطالما أن هناك توافقاً بين الطرفين في تنظيف البلد من الفساد، فإن أي معوقات تواجه المسار يمكن تجاوزها ويمكن العمل على تلافيها.
ولابد من أن يتم تفعيل الخط الوطني الساخن لتلقي الشكاوى والملاحظات المتعلقة بحالات الفساد لمتابعتها والتأكد من حدوثها واتخاذ الإجراءات المناسبة بصددها، وهي نقطة مهمة للغاية أشار إليها معالي وزير الداخلية في تصريحه بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، لأن هذه الخدمة ستشجع الناس على فضح ممارسات الفساد على ألا يتم إهمالها أو تغافلها، وهنا تبرز المسئولية الوطنية الصادقة في عدم التستر على حالات الفساد في أي جهاز أو مرفق من مرافق الدولة بدافع الخوف أو اللامبالاة، فالمفسدون موجودون في كل المجتمعات ويتكاثرون كلما شعروا بالأمان، ونتمنى أن يكون هذا التوجه المدعوم من قبل وزارة الداخلية مكللاً بالنجاح، وأن تحظى منظمات المجتمع المدني في البحرين بالدعم لإنجاح جهودها الرامية إلى التصدي لممارسة من أكثر الممارسات تأثيراً وقتلاً للتنمية في أي مجتمع