محمد الوشيحي

دولة الكويت البدوية

يروى أن شاباً مناضلاً لاتينياً قال له جلادوه وهم يقودونه إلى حبل المشنقة: «ماذا تريد أن تقول قبل شنقك؟»، فأجابهم وابتسامة الواثق تحتل مساحات وجهه: «لم أخضع للذل طوال حياتي، وأنتم أكثر من يعلم ذلك، واليوم سأُشنق وأموت فترتفع قدماي فوق رؤوسكم».

***

الحكومة اليوم لا تميز بين رائحة الورود ورائحة البلاستيك المحترق، ولا تتلذذ بالأطعمة، فالخائف تختلّ حواسه. وهي اليوم في وحل، وكلما تحركت غاصت قدماها فيه أكثر، ووسائلها الإعلامية تتصرف بعصبية، فتارة تلجأ إلى التزوير، وتارة إلى التبرير، وتارة ثالثة تعمد إلى التغرير. ويوم أمس وصلني إيميل يعرض الصور المنشورة في جريدة الشاب العصامي حول مسرحية «بو جعل»، وكيف تم «تركيب» الصور و»تزويرها».

وأحد نواب الحكومة «العقلاء»، يعتقد، بكل ما أوتي من «ترقيع»، أن من حق الحكومة أن «تُرضي» النواب ليصوّتوا لصالحها، لكنه لم يشرح لنا كيف يمكن أن ترضيهم، هل تدسّ في جيب الواحد منهم «كاكاو» كما نفعل مع أطفالنا الغاضبين لنرضيهم، مثلاً؟ وبماذا أرضته هو؟ وهل يمكن أن نفسر مواقف العدوة والحويلة ومزيد ودليهي (هؤلاء الأربعة يقاومون الغرق في طوفان ناخبيهم الغاضبين، وسيصوتون بالامتناع، باستثناء دليهي الذي سيؤيد، والامتناع يعادل التصويت بمنح الثقة. طبعاً ما لم تتغير المواقف، فالأيام في شهرها التاسع) أنه تم إرضاؤهم؟ وليته شرح لنا كيف يمكن لأحد المتخاصمين إرضاء القضاة/النواب؟

ولم أضحك كما ضحكت على الحكومة وهي تريد إعادتنا إلى «حياة البداوة»، بعد أن تمدّنّا، على عكس حكومات كوكب الأرض كلها، إذ استضافت إحدى أدواتها الفضائية مجموعة من شيوخ القبائل، وهي تعلم أن مسمياتهم باتت «شرفية» – مع التقدير لشخوصهم والاحترام لمكاناتهم الاجتماعية – بدلاً من محاربة التعنصر القبلي، وهي التي ضربت الفرعيات بيد من حقد وعصا من سفه، سابقاً، واليوم تعزز القبلية وتتكفل بخيامها!

وسيدنا يوسف عليه السلام، أجمل رجال الأرض منذ بدء الخليقة إلى يوم يبعثون، وأشهر بدويٍّ عرفه التاريخ، شكر ربه وهو يخاطب أخوته: «وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ».

والبداوة فيها من الشرف ما فيها، لكنها لا تبني الدول ولا توفّر لها الأسمنت، ولا تعترف بقوانين البلدية. وأهم ما في البداوة الترحال خلف الكلأ ومطاردة البرق، ويبدو أن حكومتنا، التي تظهر لسانها للقرن الواحد والعشرين، ستأمرنا قريباً بنقل خيامنا على ظهور الإبل كي تقودنا إلى عين ماء نتقاتل عليها مع الآخرين.

***

نصيحة: إذا كنت جائعاً وتبحث عن «طعام صحي»، فعليك بتناول «مدونة ولادة»، فهي غنية بالفيتامينات وألذ من الفواكه وأطعم من الحلويات. ولو مَنعت «ولادة» الدخول إلى مدونتها إلا «باشتراك شهري» كما تفعل الفضائيات الرياضية لكنتُ أنا أحد أوائل المشتركين في باقتها… «ولادة شكراً» فقد أثبتِّ لنا، بالدليل الجميل، أن هناك من يستطيع ضمّ الوطن واللغة الراقية والشعر العميق والصياغة الممتعة والصدق والنقاء وحب الحياة على صدره، دون أن يقع شيءٌ منها.

لا تطوفكم «مدونة ولادة» لا أبا لكمُ، لكن احذروا السمنة…

http://walladah.blogspot.com/

احمد الصراف

درس إيران ووضعنا الداخلي

تعتبر إيران دولة فاحشة الثراء، ومن القلة القليلة في العالم التي تمتلك كل ثروة مائية ومعدنية وطبيعية، إضافة للثروة البشرية الكبيرة والنشطة. ولكن بالرغم من ذلك قاسى الشعب الإيراني طوال تاريخه الحديث، ولا يزال، من الفقر والظلم بسبب فساد أنظمة حكمه! وعندما قام السيد الخميني بثورته ضد الفقر وظلم السافاك وفساد الشاه وقفت غالبية الشعب معه، فرحل الشاه وانهار السافاك وأعدم قادته وفر المفسدون، وبدأت بوادر الخير تعم، ولكن لفترة لم تطل كثيرا ليكتشف الشعب الإيراني بعدها أنه استبدل نظاما قمعيا بآخر اشد قمعا، وان ملفات واساليب وسجون وأنظمة الشرطة السرية، أو السافاك لا تزال كما هي، بالرغم من تغييب قادته، وأن النظام اصبح أشد قسوة، ولكن بعباءة دينية شرعية، وأن كل ما قامت الثورة من أجل تحقيقه لم يتحقق منه شيء، على أرض الواقع، بعد ان استبدلت ببطانة البلاط الفاسدة بطانة الملالي الأكثر فسادا، بعد تلحفها بشرعية ربانية!
ولو استعرضنا أوضاع كل دول العالم الثالث التي انفجرت فيها الثروة النفطية فجأة كليبيا واندونيسيا ونيجيريا وفنزويلا والجزائر ودول عربية عدة، لوجدنا أن الكويت كانت ولا تزال الاستثناء الوحيد بينها، التي استطاعت قيادتها السياسية توزيع عائد ثروتها النفطية بشكل قريب من العدالة، وساهم ذلك إلى حد كبير في استقرار أوضاعها السياسية وحفظ امنها الداخلي، وكل ذلك بفضل حكمة وبعد نظر رجل واحد ومن تبعه في الحكم من حكماء.
ما يجري على الساحة السياسية الآن من شد وجذب يكاد يقترب من معركة «كسر عظم» بين طرفين متنازعين، أمر بالغ الخطورة وربما الأخطر في تاريخ الكويت، والعاقبة لن تكون سليمة، فمثل هذه المعارك لا تتكسر فيها فقط عظام الطرفين بل والجمهور أيضا، وسيدفع الجميع ثمنا فادحا في نهاية الأمر، فمصير شعب بكامله في الميزان. وعليه يجب ألا نكتفي بالشعور بالقلق والشكوى، بل علينا التحرك والقيام بفعل ما ليس فقط لنزع فتيل الأزمة من اجل استمرار السلم الداخلي والرخاء الاجتماعي، بل لكي تشمل عدالة الحكم الجميع على أسس أكثر رسوخا ووضوحا ليستمر الكيان والأمن والاطمئنان.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

تطهير الجسم الصحفي

عندما تكتشف وزيراً ينتهك القوانين ولا يحترم المواثيق فإنك كنائب في البرلمان تقدم له استجوابا لوضع حد لهذه الانتهاكات. لكن كيف السبيل الى علاج انتهاكات المواثيق الصحفية التي تحدث يومياً في صحفنا المحلية؟ أنا لا أتحدث هنا عن هفوات زملائنا، ولا عن زلات البعض مما يحتمل ويطوف، لكن أتحدث عمن ابتلي به الجسم الاعلامي وأصبح سُبة في جبين صحافتنا المحلية، بسبب سوقية عباراته وشتمه المستمر لكل من خالفه! بعض هؤلاء صار يُستخدم لتحقيق أجندات معازيبه فيستدعى لمقابلة صحفية وتوجه إليه أسئلة محددة ليقول ما يراد له ان يقول من شتم فلان وتسفيه علان والكذب ــــ من دون استحياء ــــ على عباد الله!! البعض يريد ان يعطي هالة يرسمها حول القلم الصحفي، ويرفض المساس به بحجة الخوف من تقييد حرية الكلمة وتكميم الأفواه، وهذا خلط للمفاهيم!! فالقلم الذي لا يحترم مهنته ولا يحترم الرأي الآخر ويستقي عباراته من قاموس الشوارع هذا قلم لا يشرفنا وجوده بيننا، وليس من المهنة في شيء!! بعض هؤلاء الصحافيين لا يستطيع ان يغير من أسلوبه الهابط لانه اعتاد هذا الأسلوب منذ أن بدأ في مسك القلم، وبعضهم سيرته وخلفيته لا تساعدانه على ان يكون ذا قلم رزين!! هكذا! لنأخذ على سبيل المثال لا الحصر أحد هؤلاء عندما يتحدث عن الوطنية وحب الكويت، وهو من سرق ميزانية الديوان الأميري، وعندما اكتشف أمره وزير الديوان وطرده صب عليه جام غضبه في مقالاته ولم يردعه كون الوزير ابن الحاكم!! صحافي آخر يتحدث عن الاخلاق من منظوره الضيق، وهو من تحلل منها عندما قاد طائرته وهو «ثمل» يشوف الواحد عشرة فألزموه بتقديم استقالته !!
صحافي آخر ساءه أن يرى ابنه يصلي في المسجد فخاف ان يتربى على أخلاق الإسلام فكتب الى وزير الداخلية يطالبه بمنع ابنه من الذهاب الى المسجد حتى لا تتصل به الجماعات الارهابية!!! صحافي آخر قالوا له ان عمك مريض بالسل في البصرة، فجيء به الى الكويت بفيزا زيارة وعولج في مستشفى الصدري لكن قضاء الله لا مرد له فانتقل الى جوار ربه ــــ يرحمه الله ــــ ودفن في مقبرة الصليبخات، وعندما قيل له لماذا لم تعمل عزاء لعمك قال: عمي عراقي وأنا جنسيتي كويتي أولى شلون اسوي عزاء..؟!
لكن السؤال: شلون اذا اجتمعت كل هالمساوئ في قلم صحافي واحد..؟!
***
لفتة كريمة
الزميل اسامة سفر كتب بالأمس يقول ان دعوتي لوجود ميثاق شرف بين الكتاب الصحافيين تتعارض مع بعض ماكتبته لاحقاً!!
وأقول للزميل ان نقل سطرين مما كتبته أنا وتقصده أنت سيوضح الصورة لي وللقارئ حتى نعرف المقصود وموطن الخلل ولن أتردد في الاعتراف والاعتذار، لكن كل خوفي أنك اعتبرت انتقادي للنواب الزلزلة ومعصومة والقلاف خروجا عما دعيت اليه في ميثاق الشرف!!
ولك تقديري كقلم محترم في كل الأحوال.

سعيد محمد سعيد

حتى لا يعيش أصحاب «الفساد» بأمان

 

كلما وجد أولئك الذين تسول لهم أنفسهم بأن يمارسوا «الفساد» دون اكتراث أو مبالاة بقوانين أو بأنظمة أو بشرع في أمان وطمأنينة… كلما زاد نخرهم في مفاصل المجتمع، وكلما شكلوا تهديداً حقيقياً للتنمية… لكن مواجهة الفساد تتطلب حزماً وحسماً في توجيه ضربات قاضية للمفسدين أياً كان موقعهم في الدولة.

المجتمع البحريني اليوم في حاجة ماسة لأن تتكاتف جهود الدولة ومنظمات المجتمع المدني في مواجهة الفساد والمفسدين، وجميل أن تحتفل البحرين في التاسع من شهر ديسمبر/ كانون الأول من كل عام باليوم العالمي لمكافحة الفساد، والأجمل أن يكون هذا الاحتفال السنوي منطلقاً متجدداً لمكافحة شديدة البأس لا ترحم أولئك الذين يخونون الأمانة ويعبثون بالمال العام ويحققون المكاسب المحرّمة شرعاً وقانوناً، وجميل أن تأتي الدعوة من وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بأن تتعاون منظمات المجتمع المدني مع الوزارة في مكافحة الفساد بكل أشكاله، وهذا يتطلب من الطرفين: الوزارة ومنظمات المجتمع المدني، أن يعملوا وفق برنامج عمل متفق عليه لمكافحة جميع أشكال الفساد بالوسائل القانونية في الكشف والمتابعة وتقديم المتورطين إلى العدالة.

إن الاتفاق على الخطوط العامة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني في البحرين لتحقيق تقدم في مواجهة الفساد والمفسدين سيثمر دون شك بتوجيه ضربات موجعة لنماذج سيئة للغاية من البشر الجشعين الذين يمارسون الفساد دون مبالاة ولا خوف ذلك لأنهم كلما شعروا بأنهم في مأمن، كلما واصلوا نخرهم في جسد تنمية الوطن، لكن لابد من القول إننا في حاجة إلى مواجهة حقيقية تترجم كل الدعوات المشتركة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني إلى خطوات عملية تحظى بدعم الدولة والقانون، ولطالما أن هناك توافقاً بين الطرفين في تنظيف البلد من الفساد، فإن أي معوقات تواجه المسار يمكن تجاوزها ويمكن العمل على تلافيها.

ولابد من أن يتم تفعيل الخط الوطني الساخن لتلقي الشكاوى والملاحظات المتعلقة بحالات الفساد لمتابعتها والتأكد من حدوثها واتخاذ الإجراءات المناسبة بصددها، وهي نقطة مهمة للغاية أشار إليها معالي وزير الداخلية في تصريحه بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، لأن هذه الخدمة ستشجع الناس على فضح ممارسات الفساد على ألا يتم إهمالها أو تغافلها، وهنا تبرز المسئولية الوطنية الصادقة في عدم التستر على حالات الفساد في أي جهاز أو مرفق من مرافق الدولة بدافع الخوف أو اللامبالاة، فالمفسدون موجودون في كل المجتمعات ويتكاثرون كلما شعروا بالأمان، ونتمنى أن يكون هذا التوجه المدعوم من قبل وزارة الداخلية مكللاً بالنجاح، وأن تحظى منظمات المجتمع المدني في البحرين بالدعم لإنجاح جهودها الرامية إلى التصدي لممارسة من أكثر الممارسات تأثيراً وقتلاً للتنمية في أي مجتمع